لافروف وبولتون ناقشا ملف الجنوب السوري «خلف أبواب مغلقة»

موسكو نفت انسحابها من اتفاق «خفض التصعيد»

TT

لافروف وبولتون ناقشا ملف الجنوب السوري «خلف أبواب مغلقة»

تكتمت موسكو على نتائج جلسة محادثات مطوّلة أجراها وزير الخارجية سيرغي لافروف، أمس، مع مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جون بولتون، وركزت -وفقاً لتسريبات- على الملفات الخلافية العالقة بين البلدين. وشغل ملف تطورات الوضع في الجنوب السوري حيزاً مهماً منها، وسط تكهنات باقتراب الطرفين من التوصل إلى اتفاق على ترتيبات الوضع في المنطقة بعد انتهاء العمليات العسكرية الجارية فيها.
وخلافاً لعادتها في مثل هذه اللقاءات، تجنبت الخارجية الروسية أيّ حديث مع الصحافيين بعد لقاء لافروف وبولتون، اللذين انتقلا مباشرةً إلى الكرملين للقاء الرئيس فلاديمير بوتين. وكان لافتاً أن بوتين تعمّد خلال استهلاله المحادثات الإشارة بشكل عابر إلى الخلافات بين الطرفين من دون أن يتوقف عند الملفات المعقدة، التي جرت مناقشتها في الشق المغلق من اللقاء. وقال بوتين خلال استقباله بولتون، إن علاقات موسكو وواشنطن «ليست في أحسن حال نتيجة للصراع السياسي داخل الولايات المتحدة».
مشدداً على أن موسكو «لم تسعَ أبداً إلى المواجهة مع واشنطن، واقترح مناقشة سبل تطبيع العلاقات بين البلدين». معرباً عن الأمل في وضع الخطوات الأولى لتحسين العلاقات. وأعرب بولتون بدوره عن أمل مماثل، مضيفاً أن الرئيس دونالد ترمب «ملتزم بهدف الحفاظ على الاستقرار في العالم».
وفي حين تركزت الأنظار على الملفات الثنائية المعقدة وآفاق ترتيب قمة روسية أميركية يُنتظر أن تنعقد في هلنسكي الشهر المقبل، في مسعى لإطلاق صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، فإن مصادر مطلعة قريبة من الخارجية أفادت بأن الموضوع السوري كان حاضراً بقوة خلال اللقاء مع لافروف، وأن الطرفين بحثا «آليات مشتركة للحفاظ على استقرار الوضع في المنطقة بعد انتهاء العمليات العسكرية فيها». ولمحت إلى «تفاهم على أطر عامة لتجديد اتفاق خفض التصعيد في المنطقة الجنوبية، تأخذ في الاعتبار مستجدات الموقف فيها».
وتزامنت محادثات بولتون في موسكو مع قيام وزارة الدفاع الروسية بنفي صحة معطيات تحدثت، أول من أمس، عن انسحاب روسيا من اتفاق خفض التصعيد في المنطقة الجنوبية في سوريا. وأفاد بيان الوزارة بأن «المزاعم التي نُسبت إلى صفحة زائفة في شبكات التواصل الاجتماعي تحمل اسم (قاعدة حميميم) عن انسحاب روسيا من اتفاقية منطقة خفض التصعيد جنوب سوريا، مناقضة للواقع ولا أساس لها».
وأوضح أن قاعدة حميميم الروسية في سوريا «لا تملك مواقع أو صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي»، مشيراً إلى أن كل المعلومات المتعلقة بعمل القوات الروسية في سوريا «لا يجري الإعلان عنها إلا عبر ممثلين عن وزارة الدفاع ومصادرها الإلكترونية الرسمية فقط». وكانت وسائل إعلام تركية قد نقلت عن صفحة إلكترونية تحمل اسم القاعدة الروسية أن روسيا تعد اتفاق خفض التصعيد في الجنوب لاغياً، وأشارت في الوقت ذاته إلى سريان مفعول اتفاق مماثل في منطقة إدلب.
وأثارت الأنباء ارتباكاً حول الموقف الروسي، علماً بأن الاتفاق تم التوصل إليه العام الماضي بين روسيا والولايات المتحدة والأردن، و«لا يمكن لروسيا أن تعلن تقويضه منفردة» وفقاً لتعليق متحدث عسكري روسي.
وتنتظر موسكو بعد محادثات لافروف وبولتون، زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي ينتظر أن يركز خلالها على الوضع في الجنوب السوري، علماً بأن الأردن كان قد أبلغ روسيا في وقت سابق بأنه لن يسمح بتكرار موجات اللجوء عبر المنطقة الحدودية في حال اندلعت عمليات عسكرية واسعة النطاق في الجنوب السوري. وقالت مصادر روسية لـ«الشرق الأوسط»، إن موسكو تسعى إلى تسريع جهود التوصل إلى تفاهمات كاملة مع واشنطن وعمّان على ترتيبات الوضع في المنطقة خلال المرحلة المقبلة، وأنها تأخذ بالاعتبار المصالح الأمنية والوطنية للأردن.
على صعيد آخر، جددت روسيا في ختام رئاستها لمجلس الأمن الدولي، دعوتها للأطراف المعنية لضرورة بناء هيكلية أمنية جديدة في الشرق الأوسط، في إطار مبادرات روسية سابقة في هذا الاتجاه.
وقالت الخارجية الروسية، في بيان، إن مجلس الأمن عقد بمبادرة روسية، جلسة تحت عنوان «الاستعراض الشامل للأوضاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، بهدف وضع مقاربات مشتركة للمجتمع الدولي لتسوية النزاعات في المنطقة بالطرق السياسية والدبلوماسية.
وأضافت أن سيرغي فيرشينين المندوب الروسي للجلسة ونائب وزير الخارجية، ركز في كلمته على ضرورة تشكيل هيكلية السلام والأمن في الشرق الأوسط باستخدام الطاقات الخلاقة للمبادرات الروسية المطروحة، وتطرق إلى عدم وجود بديل عن تسوية القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وشدد على أهمية الحفاظ على اتفاق إيران النووي كونه آلية فريدة لمنع الانتشار النووي.
وأضافت أن الجانب الروسي أطلع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على الجهود التي تبذلها روسيا وغيرها من ضامني عملية آستانة لحل الأزمة السورية، مشيراً إلى أولوية العمل المشترك في مجال مكافحة الإرهاب وإعادة إعمار مناطق سوريا المحررة.
ميدانياً، نقلت قناة «آر تي» التلفزيونية الروسية، عن مصادر في الجيش وفصائل المعارضة، أن عملية درعا ستكون وفق محاور في الجزء الشرقي للمحافظة وصولاً إلى كماشة مشابهة لما حصل في الغوطة. وأشارت المصادر إلى تشابه بين العمليتين في طريقة التمهيد والقصف. وأكدت المصادر أن الجيش سيعمل لفصل منطقة اللجاة إلى مناطق وقضمها تباعاً، وهو ما يسهل المهمة خصوصاً لصعوبة المنطقة عسكرياً بالنظر إلى وعورتها وضيق تضاريسها.
ووفقاً للمصادر فإن العملية العسكرية بدأت بمحور ينطلق من الحراك وصولاً إلى المسيفرة والسهوة، وقرى بصرى الحرير ومليحة العطش والمليحة الغربية والمليحة الشرقية، وتمكنت القوات المهاجمة من إعادة فتح طريق إزرع - السويداء، مشيرة إلى أن الأولوية في الفترة المقبلة ستكون معبر «نصيب» مع الأردن، والهجوم سيكون من 3 محاور: الأول من مركز درعا، والثاني من إزرع، والثالث من بصرى الشام.
وللبدء بالعملية سيسعى الجيش السوري إلى محاولة سريعة للسيطرة على 3 أحياء داخل مدينة درعا هي: درعا البلد، وطريق السد، والمخيم، وستكون المدينة نقطة تجمع وغرفة عمليات تشرف على الأعمال القتالية. وترى مصادر في فصائل المعارضة أن العقدة الأساسية تتمثل في المناطق الغربية مثل كفرشمس والحارة وهجة، وهذا يعتمد على وجود اتفاق إقليمي بما فيه إسرائيل للقيام بعملية في تلك المنطقة وعودة كاملة لنقاط الجيش على الحدود مع إسرائيل.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.