وزير خارجية المغرب يجري مباحثات مع المبعوث الأممي إلى الصحراء

TT

وزير خارجية المغرب يجري مباحثات مع المبعوث الأممي إلى الصحراء

أجرى ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي، أمس، في الرباط مباحثات مع هورست كوهلر، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، الذي يزور المغرب في إطار جولته الإقليمية الثانية، التي قادته إلى الجزائر وموريتانيا ومخيمات تندوف (جنوب غربي الجزائر)، مقر جبهة البوليساريو.
وأفادت وكالة الأنباء المغربية بأن كوهلر سيزور أيضاً الأقاليم الجنوبية للمغرب، «حتى يتمكن عن كثب من معاينة الجهود المبذولة في مجال التنمية الاجتماعية - الاقتصادية في المنطقة»، دون ذكر أي تفاصيل عن فحوى المباحثات التي أجراها المبعوث الأممي في الرباط.
وتأتي هذه الجولة الإقليمية بعد اعتماد القرار «2414» في 27 أبريل (نيسان) الماضي، الذي جدد من خلاله مجلس الأمن تأكيد تفوق المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وأبرز أن الواقعية وروح التسوية يُعدّان ضروريين من أجل إحراز تقدم نحو إيجاد حل سياسي واقعي وعملي، ودائم للنزاع الإقليمي حول الصحراء، كما أن القرار جدد بشكل واضح دعوة الدول المجاورة، وبشكل صريح الجزائر، إلى «تقديم مساهمة مهمة في الالتزام أكثر من أجل التقدم نحو حل سياسي».
وحسب وكالة الأنباء المغربية، فإن قرار مجلس الأمن 2414 حول الصحراء المغربية جاء ليقدم توضيحات لثلاث نقاط أساسية، تتعلق الأولى بالوضع التاريخي والقانوني لشرق المنظومة الدفاعية، وباستفزازات جبهة «البوليساريو». وبخصوص هذه النقطة بالتحديد أكد مجلس الأمن وضع المنطقة الواقعة شرق المنظومة الدفاعية باعتبارها عازلة تخضع لاتفاقيات وقف إطلاق النار، ولا يمكن أن تكون بها أنشطة مدنية أو عسكرية.
وتحدد النقطة الثانية الهدف من المسلسل السياسي، وهو «التوصل إلى حل سياسي واقعي، عملي ودائم قائم على التوافق»، وهو ما ينسجم مع الحل السياسي، الذي اقترحه المغرب في إطار المبادرة المغربية للحكم الذاتي. أما النقطة الثالثة فتحدد بوضوح الفاعلين إلى تقديم مساهمة في المسلسل، وإبداء التزام أكبر من أجل التوصل إلى حل سياسي، وبالتالي فإن قرار مجلس الأمن يؤكد وضع الجزائر كفاعل وطرف معني يتعين عليه الانخراط بشكل قوي في البحث عن حل سياسي.
وفي الجانب الإنساني، جدد قرار مجلس الأمن دعوته للجزائر للوفاء بالتزاماتها الدولية إزاء سكان مخيمات تندوف، عبر دعوتها مجدداً بمباشرة تسجيل اللاجئين في مخيمات اللاجئين بتندوف، مع التأكيد على ضرورة بذل مجهودات في هذا الصدد.
وبخصوص الاستقرار الإقليمي، وضع مجلس الأمن النزاع حول الصحراء في سياقه الإقليمي، من خلال الاعتراف بأن تسوية سياسية لهذا النزاع ستمكِّن من تعزيز التعاون بين بلدان المغرب العربي، وتُسهِم في استقرار وأمن منطقة الساحل.
ويؤكد المغرب أنه لا حل لقضية الصحراء خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه، ومبادرة الحكم الذاتي، التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها، والاستفادة من الدروس التي أبانت عنها التجارب السابقة بأن المشكل لا يكمن في الوصول إلى حل، وإنما في المسار الذي يؤدي إليه.
في السياق ذاته، نسبت وكالة أنباء جبهة «البوليساريو» لكوهلر قوله، عقب لقائه إبراهيم غالي الأمين العام للجبهة، أن المباحثات التي أجراها مع غالي وأعضاء الوفد المفاوض مكَّنَتنه من «التعمق في كثير من الصعوبات الكامنة في هذه المسألة».
وأضاف كوهلر: «الأمين العام عَبَّر لي عن أمله بأن تلتزم الأمم المتحدة بالوعود المقطوعة، وتطبيق كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن من أجل إيجاد حل للقضية». وتابع كوهلر موضحاً: «لاحظنا من خلال القرار (2414) أن تخفيض مدة التمديد لـ(مينوروسو) فرصة لخلق ديناميكية وطريقة تفكير جديدة، ونقطة تحول قد تؤدي في نهاية المطاف، بعد كثير من المباحثات، إلى إيجاد حل يرضي الطرفين، ويزيل العراقيل عن عقبة التنمية في شمال أفريقيا»، حسب المصدر ذاته.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.