بداية القرن الـ20 شهدت ولادة مشجعات كرة القدم (تورسيدوراس) بالبرازيل

لا يزال العنصر النسائي يشكل أقلية بين مشجعي رياضة كرة القدم، ولكن تشهد أعداد الفتيات والسيدات المهتمات بالرياضة ازديادا في كثير من الدول، وخصوصا في البرازيل؛ حيث أصبح الأمر جديرا بالملاحظة، سواء في الشوارع أو في الملاعب الرياضية من خلال الحضور.
جرى جمع آخر البيانات المتاحة عن المشجعات في البرازيل في عام 2012 بواسطة بلوري كونسلتوريا، وهي شركة استشارات من ولاية بارانا جنوبي البلاد، أظهرت الأرقام أن 68.9 في المائة من النساء البرازيليات يشجعن أحد الأندية، وفي تلك الفترة، وصل عدد المشجعات في البلاد إلى 67.600.000.
يحظى نادي فلامنغو بأكبر عدد من المشجعين في البلاد، وكذلك أكبر عدد من المشجعات البالغ عددهم 14.100.000، يأتي في المركز الثاني في الأندية ذات أكبر عدد من المشجعات نادي كورينثيانز (11.800.000)، يليه ساو باولو (7.000.000)، وفقا لأبحاث شركة بلوري.
تجدر الإشارة إلى أن الكلمة المستخدمة في البرازيل لوصف المشجع هي «تورسيدور» (أي الشخص الذي يقبض بيده)، ويرجع أصل هذه التسمية إلى وجود النساء في الاستاد في بداية القرن الـ20؛ حيث اعتدن الذهاب إلى المباريات مرتديات الفساتين والقفازات والقبعات، ونظرا لارتفاع درجات الحرارة، كان بعضهن يخلعن القفازات عندما يشعرن بالقلق بشأن المباراة، فيقمن بالقبض عليها، وأطلق على هؤلاء المشجعات «تورسيدوراس» الاسم المؤنث لـ«تورسيدور»، وأصبحت الكلمة من مصطلحات كرة القدم في البرازيل.
قالت كاسيا سانز، مشجعة نادي كروينثيانز التي تبلغ من العمر 31 سنة: «كانت هناك زيادة في أعداد السيدات اللاتي يذهبن إلى الاستاد لاهتمامهن بكرة القدم ومعرفة أسرارها». بدأت كاسيا في الذهاب إلى الاستاد عندما كانت في الجامعة، ولكن كانت كرة القدم تمثل لها شغفا دائما؛ حيث أضافت: «لدي صور من طفولتي كنت أرتدي فيها قمصانا لأندية مختلفة».
لم يتوقف تشجيع كاسيا على حبها لأحد الأندية، فهي بالفعل تتبع الفريق الذي تشجعه، فقد حضرت نحو 30 مباراة لنادي كورينثيانز في بطولات محلية ودولية. كما تشاهد مباريات كورينثيانز على شاشة التلفزيون أو تستمع إليها عبر الإذاعة، وتقرأ عن النادي في الصحف وعلى الإنترنت. ولدى سؤالها عن شعورها بعد الانضمام إلى عالم كرة القدم، أجابت: «إنه شعور لا يمكن تفسيره».
ولكن تعتقد كاسيا أن هناك اختلافا بين النساء اللاتي يشجعن أندية والنساء اللاتي يذهبن فقط إلى مباريات كأس العالم، وأشارت قائلة: «في مباريات المنتخبات القومية تختلف المشجعات، فهن يذهبن إلى هناك من أجل الاحتفالات».
في الحقيقة الكثير من النساء اللاتي لا تثير فضولهن كرة القدم لفترة طويلة يصبحن مشجعات متحمسات في فترة كأس العالم، وخصوصا في الأيام التي يلعب فيها منتخب البرازيل؛ حيث تمتلئ الشوارع والمطاعم والمقاهي بمشجعات «تورسيدوراس» الموسميات المتحمسات.
توافق برونا بلاميري على أن بطولة كأس العالم تجذب مزيدا من السيدات إلى الاستاد وإلى مشاهدة المباريات على التلفزيون أيضا، وقالت برونا: «أعتقد أنه في فترة كأس العالم تصبح النساء أكثر اهتماما بالمباريات من البطولات الأخرى»، معترفة بأنها تتابع المنتخب القومي أكثر من ناديها المحلي.
وأكدت سامنتا ريبيرو قائلة: «أشاهد المباريات فقط، ولكن لدي صديقات يعرفن كيف يتناقشن حول تشكيل الفريق كما يفعل الرجال»، وأضافت أنها اعتادت الذهاب إلى الاستاد مع شقيقها، وأنها تحب البيئة المليئة بالمتعة التي تقدمها كرة القدم، وأيضا التفاعل الذي تحققه بين الناس.
تتذكر جوليانا الكونشيل أن العنف في الاستاد أبعد كثيرا من النساء عنه، لا سيما أثناء البطولات الوطنية في البرازيل، ولكنها تؤكد على أن شعبية الرياضة تزداد بين النساء. هناك كثير من النساء اللاتي يشجعن كرة القدم وكثير منهن يتخذن الأمر على محمل الجدية».
تقول سيلفانا مارتينز إن ست فتيات يعشن في منزلها، هي وأخواتها، وجميعهن من عشاق كرة القدم. وأضافت: «أشاهد جميع مباريات كورينثيانز على التلفزيون، ودائما ما تذهب شقيقتي الصغرى إلى الاستاد».
كرة القدم تتطور حتى تصبح أحد مشاريعهن في البرازيل، لا يتوقف دور النساء على مقاعد المشجعين، بل أيضا في الملاعب وفي الكثير من المواقع داخل الأندية، على سبيل المثال في نادي فلامنغو تولت امرأة هي باتريشيا أموريم منصب الرئيس للنادي من عام 2010 إلى 2012، وكانت سيسيلايد دو أمور ليما، التي اشتهرت باسم سيسي، لاعبة شهيرة في فترة التسعينات، عندما نافست على بطولتي كأس عالم لكرة القدم النسائية، وحصلت على لقب أفضل هدافة في بطولة عام 1999، وفي الوقت الحالي، أشهر لاعبة برازيلية هي مارتا فييرا دا سيلفا، التي فازت بلقب أفضل لاعبة في العالم من «الفيفا» لخمسة أعوام متتالية من 2006 إلى 2010.
تقول بياتريس أندراد، مسؤولة التسويق في نادي سانتوس لكرة القدم: «إن كرة القدم سوق مفتوحة أمام النساء.. لم أشعر بتحيز مطلقا، ربما لأنني لم أنتبه»، وتشير بياتريس إلى أن النادي الذي خرج منه بيليه، ونيامار كان له وجود مستمر في حياتها؛ حيث قالت: «يشجع جميع أفراد عائلتي نادي سانتوس».
حصلت بياتريس على الماجستير في إدارة الأعمال في مجال كرة القدم من جامعة ليفربول، وماجستير في الدراسات المتقدمة في الإدارة الرياضية والتكنولوجيا من اللجنة الأولمبية الدولية، وتعمل في نادي سانتوس منذ يناير (كانون الثاني) عام 2013، وهي مسؤولة عن البحث عن رعاة، وعن عمليات التبادل التجاري.
وأضافت: «جميع الأقسام بها كثير من السيدات، في التسويق، نشكل 50 في المائة من الموظفين»، وأوضحت أيضا أن اللاعبين اعتادوا التعامل مع النساء اللاتي يعملن معهم قائلة: «إنهم يتعاملون مع طبيبات نفسيات وإخصائيات تغذية، ونحن نعرف كيف نحترم مجالهم».
تتذكر بياتريس أصعب لحظة مرت بها في حياتها العملية التي كانت عام 2009، عندما عملت في نادي برازيلي آخر، هو كوريتيبا، وفي العام الموافق لمئوية النادي، شهد النادي هبوطا إلى القسم الثاني من البطولة البرازيلية: «كانت لدينا مشكلات مع العنف وجرت معاقبة النادي.. وفي حين كنا نتطلع إلى الاحتفال هبط النادي».
وماذا عن أفضل لحظة؟ أجابت: «أهتم بالمشروعات المتعلقة ببيليه، وكنت أعددت نصا يجب أن يقرأه بيليه في فيديو سيُعرض لصالح حملة جديدة، وعندما قرأ النص الذي أعددته عن مشواره الرياضي، وجدته متأثرا. وكانت رؤية بيليه متأثرا بسبب شيء كتبته أمرا خاصا للغاية».
بالنسبة لبياتريس، دائما ما يكون أكبر تحد في النادي هو القيام بأشياء من أجل إسعاد المشجعين. واستطردت: «نتولى مهمة إسعاد المشجعين الصغار حتى يستمتعوا بما يقدمه النادي».