بعدما وضعت خلفها الانتقادات وبلغت الدور ثمن النهائي من كأس العالم للمرة الأولى منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، تتطلع روسيا المضيفة إلى حسم صدارة المجموعة الأولى عندما تواجه أوروغواي، اليوم، فيما يلتقي منتخبا السعودية ومصر في مباراة شرفية من أجل حفظ ماء الوجه بعد أن خرج ممثلا العرب من المنافسة مبكراً.
وضمن المنتخبان تأهلهما إلى ثمن النهائي على حساب ممثلي العرب، مصر والسعودية، اللذين خسرا في الجولتين الأوليين وودّعا النهائيات.
وتأمل روسيا التي دخلت النهائيات على وقع الانتقادات والتخوف من تكرار سيناريو جنوب أفريقيا، المنتخب المضيف الوحيد الذي انتهى مشواره عند الدور الأول عام 2010، أن تؤكد المستوى الذي قدمته في مباراتيها ضد السعودية ومصر حين فازت بنتيجة كبيرة، في الأولى 5 - صفر وفي على الثانية 3 – 1، بفضل تألق دينيس تشيريتشيف (3 أهداف) وأرتيم دزيوبا (هدفان).
وقلب لاعبو المدرب ستانيسلاف تشيرتشيسوف، الأمور رأساً على عقب منذ صافرة بداية النسخة الـ21 من المونديال، وخالف المنتخب الذي دخل البطولة كأدنى المصنفين عالمياً بين المنتخبات الـ32 المشاركة (في المركز 70)، التوقعات، لاسيما بعد فشله في تحقيق أي فوز طيلة 8 أشهر و7 مباريات متتالية، وهو أمر لم يحصل في تاريخ البلاد والاتحاد السوفياتي.
ورغم خوضه النهائيات بفريق خالٍ من النجوم، ويعاني من الإصابات التي دفعت بمدافع سسكا موسكو المخضرم سيرغي إيغناشيفيتش، 38 عاماً، إلى العودة عن اعتزاله الدولي لمساعدة بلاده، حافظ تشيرتشيسوف على هدوئه وتعامل مع الضغط بروح النكتة، على غرار ما حصل عندما رد على سؤال لأحد الصحافيين الألمان قبيل البطولة: «الضغط؟ أحياناً لا أفهم الصحافيين. هل تسألون عن ضغط دمي؟».
وطالب المدرب لاعبيه، عشية المباراة الافتتاحية، بتجاهل الانتقادات الموجهة إليهم، مؤكداً: «يجب أن نستوعب كل الانتقادات وتحويلها إلى شيء إيجابي».
ووفّى تشيرتشيسوف، 54 عاماً، بوعده حين قال إن كل شيء سيتغير في حال تمكن روسيا من الفوز على السعودية، وتحول من شخص مغضوب عليه إلى «بطل» وسائل التواصل الاجتماعي وحديث الجميع، إذ تلقى اتصال تهنئة من الرئيس فلاديمير بوتين بعد المباراة الأولى، وأعد مطعم في سان بطرسبورغ بيتزا على اسمه، وفي المدينة ذاتها احتلت صورته جداراً بأكمله.
وبعد الفوز على مصر ونجمها العائد من الإصابة محمد صلاح، أشاد الموقع الرياضي «سبورتس» بـ«تشيرتشيسوف الذي قام بكل شيء بشكل مثالي مجدداً»، مضيفاً: «شهد المنتخب الروسي أكبر تحول في تاريخه».
ووصل الأمر بالموقع إلى حد السؤال عما إذا كان «تشيرتشيسوف تعمد تحقيق نتائج سيئة في المباريات الودية لخداع خصومه في المونديال؟».
وقال المدافع أندريه سيمينوف: «لم يؤمن أحد بنا لكن الجميع يريد منحنا ميدالية منذ الآن».
ومن المؤكد أن الإشادات ستتضاعف في حال نجح رجال الحارس الدولي السابق في تخطي لويس سواريز وأدينسون كافاني ورفاقهما في المنتخب الأوروغواني بطل العالم مرتين (1930 و1950) على ملعب سامارا، اليوم.
ويحتاج البلد المضيف إلى التعادل فقط للبقاء أمام أوروغواي بفارق الأهداف، كون الأخيرة اكتفت بانتصاريها على مصر والسعودية بهدف في كل مباراة.
والمعضلة التي تواجه روسيا وأوروغواي هي هوية المنتخب الذي سيكون بانتظار كل منهما في ثمن النهائي. وحسب السيناريو المنطقي ودون مفاجآت، ستكون بطاقتا المجموعة الثانية من نصيب إسبانيا والبرتغال، بطلة أوروبا، مع نجمها كريستيانو رونالدو الذي سجل 4 أهداف في مباراتين حتى الآن.
وتتصدر إسبانيا، بطلة مونديال 2010 وكأس أوروبا 2008 و2012، المجموعة بأربع نقاط وبفارق نقاط اللعب النظيف عن البرتغال المتعادلة معها في كل شيء. وتتواجه إسبانيا في الجولة الأخيرة أيضاً مع جارها المغربي الذي خرج من السباق بعد خسارته مباراتيه الأوليين، فيما يخوض رونالدو ورفاقه مواجهة ضد إيران التي تتخلف عنهم بفارق نقطة.
لقاء هامشي بين السعودية ومصر
وفي فولغوغراد يأمل منتخبا السعودية ومصر في تعويض خروجهما المبكر من الدور الأول عندما يتواجهان في مباراة شرفية، اليوم، في الجولة الأخيرة من المجموعة الأولى.
بعد سحب قرعة النهائيات في ديسمبر (كانون الأول)، استبشر المنتخبان خيراً، خصوصاً لغياب منتخب من الوزن الثقيل عن المجموعة كالبرازيل وألمانيا وإسبانيا وفرنسا، بيد أن مشوارهما كان سيئاً من حيث النتائج ومخيباً إلى حدٍّ ما لجهة الأداء.
المنتخب المصري وبعد مباراة مقبولة دفاعياً أمام أوروغواي خسرها في الدقيقة قبل الأخيرة، انهار خلال ربع ساعة في الشوط الثاني ضد روسيا (1 - 3)، ولم يكن نجمه محمد صلاح العائد من الإصابة قادراً على انتشاله.
أما السعودية فتعرضت لخسارة قاسية عندما اهتزت شباكها بخمسة أهداف نظيفة أمام روسيا افتتاحاً، قبل أن تتحسن نسبياً وتخسر أمام أوروغواي بهدف، بخطأ من حارسها محمد العويس.
على الجهة السعودية، حسّن المنتخب الأخضر من وضعه نسبياً في المباراة الثانية بعد تغييرات أجراها مدربه الأرجنتيني خوان أنطونيو بيتزي على التشكيلة الأساسية التي خاض بها المباراة الأولى.
وقال بعد مباراة أوروغواي: «ربما لم يكن أداؤنا كافياً لتحقيق نتيجة أردناها، لكن استحوذنا كثيراً على الكرة ونقلناها جيداً، الهدف الذي سُجل في مرمانا كان سيئ الحظ. لكننا لا نملك إمكاناتهم، لم نستطع المعادلة لكننا سيطرنا على اللعب».وكان بيتزي الذي قاد تشيلي إلى لقب «كوبا أميركا» 2016، ووصافة كأس القارات 2017، قد تولى مسؤوليته في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بدلاً من مواطنه إدغاردو باوزا الذي أمضى شهرين فقط على رأس المنتخب.
وفي آخر تمرين في سان بطرسبورغ، أول من أمس، واصل لاعب الوسط تيسير الجاسم، برنامجه العلاجي بعدما أظهرت الفحوص التي أجراها الجمعة، تعرضه لشد من الدرجة الثانية في العضلة الخلفية للفخذ الأيسر.
وبعد 12 سنة من الغياب، تأهلت السعودية إلى النهائيات للمرة الخامسة في تاريخها بعد 1994 عندما بلغت الدور الثاني، و1998 و2002 و2006، وفي 15 مباراة حتى الآن، فازت مرتين فقط وخسرت 11 مرة.
وفي الجانب المصري قال الأرجنتيني هكتور كوبر مدرب المنتخب، بعد التمرين الأخير في معسكره بمدينة غروزني الشيشانية: «نحاول أن نستعيد عافيتنا، فالخروج من الدور الأول شكّل ضربة قوية. نتمنى أن نكون أفضل ولا أعذار لدينا».
وعن إمكانية إجراء تغيير أو منح اللاعبين تعليمات خاصة لهذا الديربي العربي، أضاف: «اللاعبون الـ23 جاهزون وسأختار الـ11 الأنسب. هدفنا واحد وهو الفوز... لا تعليمات خاصة، فالأمر لا يخرج عن كونها مباراة كرة قدم. هذه مباراة في كأس العالم، والفريقان سيخوضانها بشكل منضبط».
وعما إذا كان سيستعين ببعض اللاعبين المحترفين في الدوري السعودي، رأى مدرب فالنسيا الإسباني وإنتر الإيطالي السابق: «لا أفكر أين يحترف اللاعب، فهذه ليست ميزة إذا كان في السعودية أم لا».
وسيتحدد مصير كوبر مع المنتخب بعد النهائيات، وهو الذي قاد مصر إلى نهائي كأس الأمم الأفريقية 2017 بعد غياب عن البطولة القارية منذ 2010، وإلى نهائيات كأس العالم بعد غياب 28 عاماً.
وقال المدرب المخضرم: «معظم اللاعبين لم يصل إلى مستوى عالمي في مسيرته. هذه أول بطولة دولية نخوض معتركها. حتى أنا، هذه أول تجربة لي في كأس العالم. أعتقد أنها أول مرة يلعبون في ملاعب ممتلئة والضغط العصبي كبير عليهم. تراكم الخبرات يمكن البناء عليه».
وستكون المواجهة الثالثة بين منتخبين عربيين في تاريخ النهائيات، بعد لقاء السعودية والمغرب في مونديال 1994 (فاز الأخضر 2 - 1)، والسعودية وتونس في مونديال 2006 (تعادل 2 – 2).
وقال رئيس الاتحاد المصري هاني أبو ريدة: «من الطبيعي أن أي مباراة بين طرفين عربيين تحظى بحساسية شديدة».
وتتجه الأنظار إلى الحارس المصري عصام الحضري الذي سيصبح في حال مشاركته، أكبر لاعب في تاريخ المونديال عن عمر 45 عاماً. وبقي الحضري في الجولتين الأوليين بديلاً لمحمد الشناوي، لكن مع إقصاء الفراعنة، يُتوقع أن يلعب ضد السعودية ليحطم رقم الحارس الكولومبي فريد موندراغون الذي شارك في مونديال 2014 عن 43 عاماً و3 أيام.
ودفعت مصر ثمن إصابة صلاح في نهائي دوري أبطال أوروبا بين فريقه ليفربول الإنجليزي وريال مدريد الإسباني، فغاب عن مواجهة أوروغواي ثم سجل من نقطة الجزاء ضد روسيا. وترك صلاح غروزني مكرماً من الرئيس رمضان قديروف الذي منحه المواطنة الشيشانية الفخرية.
وكانت آخر المواجهات بين المنتخبين السعودي والمصري في البطولة العربية عام 2007 عندما فازت مصر 2 - 1 في القاهرة.