ضربت موجات تسوماني غلاء الأسعار الأبراج التجارية في طهران مرة أخرى مع عودة سفينة العملة المحلية إلى دوامة التراجع أمام الدولار لتعود العاصمة الإيرانية إلى أجواء الاحتجاجات نتيجة تفاقم المشكلات الاقتصادية.
ونزل إلى الشوارع أمس عدد كبير من تجار شارع «جمهوري» وسط طهران بعدما هوى الريال الإيراني إلى مستوى قياسي منحدرا مجددا مقابل الدولار الأميركي في السوق غير الرسمية، ومواصلا خسائره، وسط مخاوف من عودة العقوبات الأميركية على أثر انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مايو (أيار) الماضي من اتفاق بشأن البرنامج النووي لطهران.
وأشارت تقارير المواقع الإيرانية في الأيام القليلة الماضية إلى تأثر سوق السيارات والعقارات بموجة غلاء الأسعار، مما انعكس سلبا على سوق السلع.
ونشرت أمس وكالات أنباء ومواقع إخبارية إيرانية مقاطع مصورة من احتجاجات بدأت بـ«مركز علاء الدين التجاري» و«مركز تشارسو» وسط القلب التجاري للسلع الإلكترونية وهواتف الجوال في العاصمة الإيرانية طهران.
وتشنج الشارع الذي يفصل بين منطقتي بهارستان مقر البرلمان وباستور مقر الحكومة (محل إقامة المرشد الإيراني). وبحسب التقارير، فإن التجار أعلنوا انضمامهم للقطاعات الغاضبة من تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
ونظم التجار وقفات احتجاجية وأطلقوا هتافات تندد بارتفاع سعر الدولار، فضلا عن شعارات تطالب السلطة الإيرانية بوقف التدخلات الإقليمية؛ لا سيما في سوريا، والاهتمام بالشؤون الداخلية للمواطن الإيراني.
وأفاد موقع «جماران» المقرب من مكتب خامنئي بأن الشرطة فرقت مجموعات المحتجين في شارع «جمهوري».
بدوره، قال وزير الاتصالات، محمود أذري جهرمي، إنه توجه إلى شارع «جمهوري» أمس بعد انتهاء الاجتماع الحكومي، وأعلن عن تعهد الحكومة بتوفير ما تحتاجه سوق الأجهزة الإلكترونية من الدولار، بالتزامن مع تهديدات وجهها إلى «من يريدون استغلال سوء الأوضاع الاقتصادية».
وأفادت وكالة «رويترز» نقلا عن موقع الصرف الأجنبي «Bonbast.com» الذي يتابع السوق غير الرسمية، بأن الدولار عُرض بسعر يصل إلى 87 ألف ريال، مقارنة مع نحو 75 ألفاً و500 ريال يوم الخميس الماضي؛ وهو آخر يوم تداول قبل عطلة نهاية الأسبوع في إيران.
وقالت وكالة أنباء «إيسنا» الحكومية إن الدولار ارتفع إلى 87 ألف ريال أمس من نحو 74 ألفاً قبل نهاية الأسبوع في السوق السوداء، وحملت عدة مواقع إيرانية تقارير مماثلة، إلا أن مواقع إيرانية أشارت إلى تخطي الدولار حاجز 90 ألف ريال أمس. وتابعت الوكالة نقلا عن تجار وباعة الدولار أن ارتفاع السعر في الأسواق غير الرسمية سببه توقف الحكومة والبنك المركزي عن ضخ الدولار في الأيام القليلة الماضية.
وتتراجع العملة منذ شهور بسبب الأداء الاقتصادي الضعيف، والصعوبات المالية في البنوك المحلية، والطلب الكثيف على الدولار بين الإيرانيين القلقين من انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي وتجدد العقوبات الأميركية على طهران بما قد يقلص صادرات البلاد من النفط وغيره.
وتدخل بعض العقوبات حيز التنفيذي بعد مهلة «تصفية أعمال» تبلغ 90 يوما وتنتهي في 6 أغسطس (آب) المقبل، وأهمها العقوبات التي تستهدف قطاع البترول، بعد مهلة 180 يوما تنتهي في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وضعف الريال من نحو 65 ألف ريال قبيل إعلان ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق أوائل مايو الماضي، ومن 42 ألفاً و890 في نهاية العام الماضي. وتهدد خسائر العملة بتعزيز التضخم والإضرار بمستويات المعيشة والحد من قدرة الإيرانيين على السفر إلى الخارج.
وفي محاولة لكبح التراجع، أعلنت السلطات الإيرانية في أبريل (نيسان) الماضي أنها ستوحد سعري صرف الدولار بالسوقين الرسمية والسوداء عند 42 ألف ريال مع حظر التداول بأي سعر آخر ومعاقبة من يخالف ذلك بالحبس. لكن الخطوة لم تقض على السوق غير الرسمية، لأن السلطات تتيح مبالغ أقل بكثير من العملة الصعبة عبر القنوات الرسمية مقارنة مع متطلبات المستهلكين. ويقول المتعاملون إن كل ما حدث هو أن السوق الحرة أصبحت سرية.
أتى ذلك في حين قال المتحدث باسم الحكومة محمد رضا نوبخت، أول من أمس، إن الحكومة ضخت منذ منتصف مارس (آذار) الماضي 9 مليارات و700 مليون دولار بهدف احتواء أزمة الدولار.
بموازاة الدولار، تأثرت سوق الذهب؛ حيث سجلت سبائك الذهب الإيرانية أسعارا قياسية أمس وارتفعت من 16.4 مليون إلى نحو 28.2 مليون.
شبح الاحتجاجات يعود إلى طهران مع استمرار انهيار الريال
تجار هتفوا ضد تدخلات النظام الإقليمية وتجاهل وضع المواطنين بعد ارتفاع سعر الدولار
شبح الاحتجاجات يعود إلى طهران مع استمرار انهيار الريال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة