وزير يمني يستعرض في جنيف انتهاكات الحوثيين ضد سكان الحديدة

تضمنت مئات الحالات بين قتل وإصابات وتعذيب واعتقال وتفجير منازل

TT

وزير يمني يستعرض في جنيف انتهاكات الحوثيين ضد سكان الحديدة

قال وزير حقوق الإنسان اليمني محمد عسكر، إن وزارته رصدت 279 حالة قتل و374 حالة إصابة بحق المدنيين بينهم نساء وأطفال ارتكبتها الميليشيات الحوثية في الحديدة، وذلك قبل إطلاق العملية العسكرية الأخيرة لتحريرها واستعادة مينائها من قبل الحكومة الشرعية، وبإسناد من التحالف الداعم لها.
وقال الوزير في ندوة أقامتها وزارته على هامش أعمال الدورة الـ38 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف والتي خصصت لاستعراض الوضع الإنساني بمحافظة الحديدة تحت عنوان (كيف نحمي الحديدة)، إن الميليشيات «اختطفت الصحافيين والناشطين والسياسيين والأكاديميين»، وأن وزارته رصدت 862 حالة اعتقال و384 حالة إخفاء قسري و58 حالة تعذيب في سجون الميليشيات أدت إلى مقتل 11 معتقلا جراء التعذيب وتفجير سبعة منازل تابعة للمعارضين للجماعة.
وأشار الوزير عسكر إلى الإجراءات المتبعة قبل وأثناء العمليات العسكرية لحماية المدنيين في الحديدة، ومنها التزام التحالف والحكومة اليمنية بتطبيق مواد القانون الدولي الإنساني والمراجعة الشاملة للأهداف العسكرية والتأكد من توافقها مع القانون الدولي الإنساني ومراجعة كل الوثائق والإجراءات المتعلقة بالتخطيط والتنفيذ العملياتي وإحالتها للفريق المشترك لتقييم الحوادث بشكل فوري لاستكمال الإجراءات والإعلان عن النتائج.
كما استعرض وزير حقوق الإنسان أهم الوقائع التي تم توثيقها لانتهاكات ميليشيا الحوثي في إعاقة وصول المساعدات الإغاثية إلى ميناء الحديدة وكذا المبادرات والمطالبات التي تقدمت بها الحكومة الشرعية والأمم المتحدة بجعل ميناء الحديدة محايدا وهو ما رفضته الميليشيا الانقلابية أكثر من مرة.
وطالب الوزير عسكر المجتمع الدولي بالضغط على الميليشيات الانقلابية لإخلاء مدينة الحديدة من السلاح أو القبول بالسلام... داعياً جميع الأطراف إلى حماية المدنيين وتوفير ممرات إنسانية آمنة للنازحين... مثمنا المبادرة الإنسانية التي أعلن عنها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وجمعية الهلال الأحمر الإماراتي بتنفيذ جسر بحري وبري لإغاثة السكان في الحديدة.
وجاءت تصريحات عسكر، غداة بيان للممثل المقيم للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراند قالت فيه إن «مئات الآلاف من المدنيين في الحديدة معرضون لأخطار جسيمة»، معبرة عن القلق الأممي جراء تدهور الأوضاع الإنسانية المحتمل بسبب المواجهات العسكرية.
وذكرت غراند أن 25 في المائة من أطفال الحديدة يعانون من سوء التغذية الحاد، وأنه إذا تم تعطيل الدعم الغذائي الذي يوفره شركاء العمل الإنساني، فإن ذلك يعرض حياة نحو 100 ألف طفل للخطر.
ولفتت إلى أن الحديدة كانت واحدة من مراكز التفشي لوباء الكوليرا في العام الماضي، وهو التفشي الأسوأ للكوليرا في التاريخ الحديث... وقالت: «مستوى ودرجة المعاناة الإنسانية تدفعنا لشدّة الألم».
وكشفت عن أن الشركاء جهزوا عشر نقاط للخدمات الإنسانية يقومون فيها بتوزيع صناديق الطعام وأطقم مستلزمات الطوارئ للأسر النازحة، وقالت: «أعددنا كميات مخزونة مسبقاً من الوقود الكافي للمساعدة في تشغيل مضخات المياه ومحطات معالجة المجاري وتشغيل المستشفيات، ونقوم يومياً بالمساعدة في توفير أكثر من 46 مليون لتر من المياه، كما تم إرسال 11 فريقا صحيا إلى المرافق الصحية في الحديدة».
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» قالت في بيان مماثل، الجمعة، إن أكثر من 5 آلاف أسرة في الحديدة فر أفرادها من منازلهم منذ مطلع الشهر الجاري، خوفاً على حياتهم جراء الأعمال القتالية.
وترفض الميليشيات الحوثية، حتى الآن، الانصياع لمطالب الأمم المتحدة بالانسحاب من المدينة وتسليم مينائها، وسط جهود ما زالت مستمرة من قبل المبعوث الأممي مارتن غريفيث، لإقناع قادة الجماعة بالموافقة على مقترحه الرامي إلى تجنيب المدينة أي معارك تؤدي إلى تدميرها والعودة إلى طاولة المفاوضات.


مقالات ذات صلة

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.