قلقٌ في لبنان من تحذير صندوق النقد الدولي من خطورة الوضع الاقتصادي

وزير المال قلل من خطورة التقرير ودعا إلى الإسراع في تشكيل الحكومة

TT

قلقٌ في لبنان من تحذير صندوق النقد الدولي من خطورة الوضع الاقتصادي

ارتفع منسوب القلق في لبنان حيال الوضع الاقتصادي والمالي، في ظلّ تحذير صندوق النقد الدولي من التباطؤ في ضبط الوضع المالي، ودعوته لاعتماد سياسة تهدف إلى استقرار الدين العام قياساً على الناتج المحلّي، والخوف من أن يؤدي ذلك إلى تبخّر المساعدات والقروض التي نالها لبنان خلال مؤتمر «سيدر»، في وقت قلل فيه المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة سعد الحريري من أبعاد هذا التقرير، وأوضح أن المعلومات التي استند إليها التقرير «سبقت مؤتمر سيدر والتعهدات التي قطعها لبنان للحدّ من عجز الموازنة»، وهذا الأمر كان موضع نقاش بين الرئيس اللبناني ميشال عون ووزير المال علي حسن خليل.
وأكد المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي أن لبنان «يحتاج إلى ضبط مالي فوري وكبير، لتحسين القدرة على خدمة الدين العام الذي تجاوز 150 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية 2017». وقال الصندوق في بيان إن المديرين التنفيذيين «اتفقوا مع فحوى تقييم للخبراء، على حث لبنان في فبراير (شباط) على التثبيت الفوري لأركان سياسته المالية عن طريق خطة ضبط تستهدف استقرار نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي، ثم وضعها على مسار نزولي واضح».
وقلل وزير المال علي حسن خليل من خطورة تقرير الصندوق الدولي، وقال بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون: «وضعت رئيس الجمهورية في صورة التقارير الدولية عن الوضعين النقدي والمالي وتصنيف لبنان»، مشيراً إلى أن «التقارير عكست استقراراً عاماً على رغم الصعوبات التي يمر بها لبنان، لكن الأمر يحتاج إلى الإسراع في إنجاز تشكيل الحكومة لمواكبة متطلبات المرحلة وتحدياتها».
وتعدّ نسبة ديون لبنان إلى ناتجه الإجمالي، ثالث أكبر نسبة من نوعها في العالم. وشدد صندوق النقد الدولي، على أن «ضبطاً مالياً فورياً وكبيراً يعد ضرورياً لتحسين القدرة على خدمة الدين، وهو ما سيتطلب التزاماً سياسياً قوياً ومستداماً». وجدد تقديراته «لنمو اقتصادي منخفض بين 1 و1.5 في المائة في 2017 و2018»، مؤكداً أن «المحركات التقليدية للنمو في لبنان تقبع تحت ضغط في ظل الأداء الضعيف لقطاعي العقارات والإنشاءات، ومن المستبعد أي انتعاش قوي قريباً».
وأكد الخبير المالي والاقتصادي الدكتور مروان إسكندر لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوضع الاقتصادي في لبنان غير مطمئن، في غياب أي إصلاحات في بنية المالية العامة». ورأى أن الحكم «لم يدخل إصلاحات جوهرية تؤدي إلى ضبط الإنفاق وتعزيز النمو، باستثناء تخفيض 5 في المائة من كل أرقام الميزانية، فيما العجز لا يزال يفوق ملياري دولار سنوياً»، مشيراً إلى أن «الحديث عن فائض مالي بقيمة 483 مليون دولار غير واقعي، لأن الأرقام تثبت أن العجز لا يزال بحدود ملياري دولار».
غير أن هذه التقديرات خالفها الدكتور نديم المنلا، مستشار رئيس الحكومة سعد الحريري للشؤون الاقتصادية، الذي أوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «صندوق النقد الدولي يجري محادثات سنوية مع الدولة اللبنانية، وهذه المشاورات التي ارتكز إليها التقرير حصلت قبل 4 أشهر، أي قبل انعقاد مؤتمر سيدر، والآن هم يعرضون على المجلس آراءهم». ولفت المنلا إلى أن «التقرير يشير بوضوح إلى أنه إذا طبق لبنان مقررات سيدر يصل إلى برّ الأمان، وهذا ما ترتكز إليه سياسة الحكومة في المرحلة المقبلة».
وأمام الإفراط في الرهان على ما سيحققه لبنان عبر مؤتمر «سيدر» من نمو اقتصادي وإطلاق مشاريع إنمائية، وخلق فرص عمل على نطاق واسع، حذّر مروان إسكندر من أن «أي أموال لن تأتي عبر (سيدر) في غياب الإصلاحات المطلوبة، ما دام أن صندوق النقد الدولي ينظر بسلبية إلى أرقام الميزانية العامة وميزان المدفوعات». ولفت إلى أن «المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أبلغت القيادات اللبنانية صراحة بأن أي مساعدات أوروبية أو أجنبية للبنان مرهونة بالإصلاحات الجذرية». ونبّه إسكندر إلى أن «لبنان بات في وضع صعب جداً، والإدارة الحالية أضعف من أن تنتج حلولاً تتلاءم ومقررات مؤتمر سيدر»، مذكراً بأن «النمو الاقتصادي لن يكون بالقروض، بل بالاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتغيير سياسة الدولة في معالجة مكامن الهدر مثل ملفات الكهرباء والماء والبنى التحتية وغيرها».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.