وزير الأمن الإسرائيلي يطالب بالعودة إلى اغتيال قادة «حماس» و«الجهاد»

حشد بالدبابات وبطاريات القبة الحديد في محيط قطاع غزة

شابان فلسطينيان يطلقان طائرة ورقية  تحمل «خرقة» مشتعلة عند حدود غزة (أ.ب)
شابان فلسطينيان يطلقان طائرة ورقية تحمل «خرقة» مشتعلة عند حدود غزة (أ.ب)
TT

وزير الأمن الإسرائيلي يطالب بالعودة إلى اغتيال قادة «حماس» و«الجهاد»

شابان فلسطينيان يطلقان طائرة ورقية  تحمل «خرقة» مشتعلة عند حدود غزة (أ.ب)
شابان فلسطينيان يطلقان طائرة ورقية تحمل «خرقة» مشتعلة عند حدود غزة (أ.ب)

في الوقت الذي تتصاعد فيه التهديدات العلنية من المسؤولين السياسيين والعسكريين، بتنفيذ عملية حربية جديدة في قطاع غزة، شوهدت أرتال من الدبابات الإسرائيلية تنقل من قواعدها في المنطقة الوسطى والجنوب إلى محيط قطاع غزة، برفقة شاحنات تنقل عشرات البطاريات لمنظومة «القبة الحديدية»، التي تطلق صواريخ مضادة للصواريخ. وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن هذا التحرك العسكري جاء ليوضح لقادة «حماس» و«الجهاد الإسلامي» مدى جدية التهديدات، ويبقي لهم فرصة أخيرة «لوقف إطلاق طائرات ورقية حارقة أو بالونات متفجرة».
وأكدت هذه المصادر أن «هناك قناعة لدى التنظيمين الفلسطينيين، بأن الجيش الإسرائيلي ليس معنيا بالحرب، وأنه سيرفض تنفيذ رغبة القيادة السياسية اليمينية بشنها؛ لكن الجيش الإسرائيلي أيضا لم يعد يحتمل أن تتعاطى قوات سلاح الجو فيه مع طائرات ورقية، وهي تصر على التخلص منها فورا، حتى لو كان الثمن إعلان الحرب».
ومع أن أوساطا سياسية تؤكد أن هناك جهودا عربية من مصر وغيرها، وجهودا دولية أيضا لمنع التدهور إلى الحرب، فإن القادة السياسيين الإسرائيليين يواصلون توجيه التهديدات. فقد قال وزير الأمن الداخلي، غلعاد أردان، أمس الخميس، إنه من المرجح جدا أن يشرع الجيش الإسرائيلي في عملية عسكرية شاملة وواسعة النطاق في قطاع غزة، في الأسابيع أو الأشهر القريبة المقبلة، بهدف ردع الفصائل الفلسطينية عن إطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل. واقترح أردان العودة فورا إلى سياسة الاغتيالات بحق قادة «حماس» و«الجهاد»، وكذلك قتل كل من يطلق طائرة ورقية حارقة. وقال أردان: «يجب استهداف كل من يطلق الطائرات الورقية». وهذا ما عبرت عنه أيضا، وزيرة القضاء الإسرائيلية، أييليت شكيد، التي قالت: «لا يوجد فرق بين طائرة ورقية و(القسام)، ونحن لا نحتاج إلى احتواء الطائرات الورقية».
وباشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية شن حملة إعلامية عالمية، لدمغ «حماس» وبقية الفصائل المسلحة، تمهيدا لكسب الرأي العام العالمي في حال التدهور نحو الحرب. وباشر الجيش الاقتراب في غاراته من مطلقي الطائرات الورقية. وبعد أن كان يطلق القذائف بطريقة لا تقتل أيا منهم، أعلن الناطق العسكري، أمس الخميس، أن قواته قصفت موقعا محاذيا تماما لمجموعة شبان جنوبي قطاع غزة، وهم يستعدون لإطلاق الطائرات.
وقال المحلل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إن «من يلتقي سياسيين وعسكريين إسرائيليين اليوم، يدرك أن الطريق إلى جولة أخرى من القتال في قطاع غزة أصبحت أقصر من أي وقت مضى.
فليلة تبادل إطلاق النار على الحدود مع قطاع غزة في مطلع الأسبوع، تشير إلى تغير جوهري في الوضع الأمني هناك. فقد أصبحت إسرائيل و(حماس) الآن في واقع مختلف تماماً عما كان عليه في قطاع غزة طوال السنوات الأربع، منذ نهاية عملية (الجرف الصامد) في 2014».
وقال المحلل العسكري لصحيفة «يسرائيل هيوم»، يوآف ليمور، إن «(حماس) غيرت سياستها، وهذا يحتاج إلى تغيير إضافي في الموقف الإسرائيلي.
وقد غيرت (حماس) سياستها لسببين مركزيين: السبب الأول هو تغيير السياسة الإسرائيلية فيما يخص (إرهاب الطائرات الورقية)، فقد استغرقت إسرائيل وقتاً طويلاً للغاية في الرد على هذه الظاهرة، واعتبار الطائرات الورقية إرهابا يجب العمل ضده.
ولكن عندما حدث ذلك؛ بدأت بتحرك منهجي تضمن إطلاق النار بالقرب من مطلقي الطائرات الورقية، وبالقرب من السيارة التي تقلهم، وكذلك مهاجمة أهداف (حماس) في غزة، ولكن من دون أن توقع بهم إصابات.
وأما السبب الآخر، فهو الضائقة الداخلية لدى (حماس) في غزة. فمنذ بدأت الأحداث حول السياج لديها أكثر من 150 قتيلا، ونفذ الجيش الإسرائيلي نحو 100 هجوم ضد أهداف التنظيم. وفي المقابل ليس لديها أي إنجاز، ولم يُصب أي إسرائيلي؛ في هذا الوضع تبحث (حماس) عن شيء لتمتلكه، ووضع خطوط حمر واضحة أمام إسرائيل، مثل الإعلان عن أن (القصف سيُقابل بالقصف)، وضعته بصفتها من يدافع عن غزة في وجه إسرائيل. ووفقا لتقديرات الجيش الإسرائيلي، تحاول حماس التمادي بالتصعيد في قطاع غزة إلى (الخط الأحمر) الذي من شأن إسرائيل عدم السماح بتخطيه، وذلك بغية إرغامها على شن عملية عسكرية شاملة، حيث يرجح الجيش أن (حماس) تخطت الخطوط الحمر، ما يعني أن هناك تقديرات للهجوم».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.