ليبيا: بريطانيا تلوّح بفرض عقوبات دولية ضد قائد ميليشيات مسلحة

حفتر يحشد قواته في «الهلال النفطي» بعد تسجيل انخفاض حاد في الإنتاج

وزير داخلية حكومة الوفاق مع السفير البريطاني في طرابلس أمس
وزير داخلية حكومة الوفاق مع السفير البريطاني في طرابلس أمس
TT

ليبيا: بريطانيا تلوّح بفرض عقوبات دولية ضد قائد ميليشيات مسلحة

وزير داخلية حكومة الوفاق مع السفير البريطاني في طرابلس أمس
وزير داخلية حكومة الوفاق مع السفير البريطاني في طرابلس أمس

لمح فرانك بيكر، سفير بريطانيا لدى ليبيا، أمس، إلى احتمال إعلان مجلس الأمن الدولي اتخاذ إجراءات عقابية ضد إبراهيم الجضران، قائد الميليشيات المسلحة التي هاجمت منطقة الهلال النفطي، وكشف عن اتصالات تجريها بريطانيا مع دول مجلس الأمن في هذا الخصوص. وتزامنت هذه التصريحات مع استمرار الجيش الوطني الليبي في حشد قواته تمهيدا للقيام بعملية عسكرية، إذ قالت مصادر عسكرية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» إنها باتت وشيكة للغاية لاستعادة السيطرة على المنطقة.
واعتبر بيكر في تصريحات نقلها المكتب الإعلامي لمؤسسة النفط الليبية، عقب اجتماعه مع رئيسها مصطفى صنع الله، أن «الهجوم على منطقة النفط مأساة لليبيا ولشعبها بكل ما للكلمة من معنى».
ووصف بيكر، الجضران ضمنيا بأنه إرهابي، بقوله «هناك إرهابيون قاموا بتدمير هذه المنطقة المهمة لليبيا ولشعبها، فهذه الموارد ملك لكل الشعب الليبي، وهي الآن تدمر من قبل قائد إرهابي وبعض الأفراد الآخرين، بما في ذلك مواطنون أجانب، وهذا ليس أمرا جيدا».
وبسؤاله عما يمكن أن تقدمه الحكومة البريطانية من جهود ودعم لإضافة أسماء أخرى إلى لجنة العقوبات الليبية، التابعة لمجلس الأمن الدولي، قال بيك إن حكومة بلاده «تعارض بشدة كل ما يحصل مؤخرا في المنطقة... ونحن الآن في اتصال مع شركائنا الدوليين، بما في ذلك أصدقاؤنا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نيويورك، قصد مناقشة الإجراءات، التي يمكن أن نتخذها بصورة جماعية لمساعدة ليبيا في هذا الخصوص. وقد بدأت بلادي المناقشات بهذا الشأن»، مشيرا إلى أن هناك مجموعة من الخيارات لكنه رفض الكشف عنها. كما أعرب عن أمله في أن تعود الشركات النفطية البريطانية في المستقبل للمساهمة في استخراج النفط الليبي واستغلال موارده.
من جهته، واصل الجضران هجومه على المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، واتهمه بأنه يحاول السيطرة على الحكم في ليبيا، وتوظيف ثرواتها لصالح دول معينة تدعمه. كما اتهم قوات الجيش بقصف منطقة الهلال بالبراميل المتفجرة واستهداف خزانات النفط، قبل أن يجدد دعوته إلى مؤسسة النفط الليبية لممارسة أعمالها في منطقة هلال النفط، شريطة أن تقوم ميليشياته بتأمينها.
بدوره، دعا جهاز حرس المنشآت النفطية، التابع للجضران، الهلال الأحمر الليبي إلى تسلم عدد من الأسرى التابعين للجيش، زاعما أنهم سلموا أنفسهم للجهاز. وأكد الجهاز في بيان مقتضب أن الأسرى «يعاملون معاملة حسنة، وعلى الهلال الأحمر التواصل لتسلمهم بشكل رسمي»، مشيرا إلى أن هذه هي الدفعة الثانية من الأسرى الذين يطلق سراحهم.
في غضون ذلك، أعلنت شركة «راس لانوف» لتصنيع النفط والغاز أنه تم إخماد النيران في حظيرة خزانات شركة الهروج، بعد انهيار الخزان رقم 12. وتصريف كميات كبيرة من البترول، وانحصار النيران في الخزان رقم 2 الذي كاد يتسبب في احتراق باقي الخزانات.
وقال مصدر متخصص في مجال النفط إن إنتاج ليبيا من الخام انخفض إلى حدود تتراوح ما بين 600 - 700 ألف برميل يوميا، بعد أن كان يتجاوز أكثر من مليون برميل يوميا، وذلك بسبب الاشتباكات التي عرفها مرفأي راس لانوف والسدر. مشيرا إلى أن مؤسسة النفط تبحث في خيارات لتحويل بعض الصادرات النفطية من راس لانوف إلى البريقة والزويتينة. لكن الجيش الوطني قال إنه يستعد لتنفيذ هجوم مضاد لاستعادة راس لانوف والسدر، موضحا أنه نفذ سلسلة من الضربات الجوية ضد فصائل معادية في المنطقة.
إلى ذلك، نفت قيادة القوات الأميركية العاملة في أفريقيا «أفريكوم» سقوط عدد من الضحايا المدنيين في غارة جوية، شنتها القوات الأميركية بتنسيق مع حكومة الوفاق الوطني بالقرب من بني وليد، في السادس من الشهر الحالي، ما أسفر عن مقتل أربعة مسلحين من تنظيم داعش. وقالت «أفريكوم» في بيان لها إنها أجرت مراجعة شاملة في أعقاب التقارير التي تدعي وقوع خسائر في صفوف المدنيين نتيجة هذه العملية، مشيرة إلى أن هذه المراجعة حددت أن مزاعم سقوط ضحايا مدنيين «ليست موثوقة».
من جهة ثانية، قال متحدث عسكري إن مفجرا انتحاريا كان يرفع علما أبيض قتل أربعة من أفراد قوات الأمن في شرق ليبيا في مدينة درنة أمس عندما قاد سيارته الملغومة باتجاه مجموعة من الجنود.
وقال أحمد المسماري، المتحدث باسم ما يعرف بالجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، إن سيارة شيفروليه بيضاء اقتربت من الجنود في وسط درنة، وطلبت مغادرة منطقة القتال. لكن الانتحاري فجر الشحنة الناسفة.
ويقاتل الجيش الوطني الليبي للسيطرة على درنة آخر مدينة في شرق ليبيا خارج قبضته بعد أن شن هجوما بريا على تحالف من القوات المحلية والمتشددين الشهر الماضي.



سكان صنعاء يتخوفون من انهيار معيشي جراء التصعيد مع إسرائيل

البوابة التاريخية لمدينة صنعاء القديمة لطَّخها الحوثيون بشعار «الصرخة الخمينية» (إ.ب.أ)
البوابة التاريخية لمدينة صنعاء القديمة لطَّخها الحوثيون بشعار «الصرخة الخمينية» (إ.ب.أ)
TT

سكان صنعاء يتخوفون من انهيار معيشي جراء التصعيد مع إسرائيل

البوابة التاريخية لمدينة صنعاء القديمة لطَّخها الحوثيون بشعار «الصرخة الخمينية» (إ.ب.أ)
البوابة التاريخية لمدينة صنعاء القديمة لطَّخها الحوثيون بشعار «الصرخة الخمينية» (إ.ب.أ)

تزداد مخاوف السكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء يوماً بعد آخر من التدهور المستمر والحاد للأوضاع الإنسانية والمعيشية والأمنية جراء مواصلة جماعة الحوثيين تصعيدها العسكري في الجبهات وشن هجماتها المتكررة ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، إضافة إلى استمرار التصعيد المتبادل بين الجماعة وإسرائيل.

ويخشى السكان من أن يؤدي التصعيد المستمر بين الغرب وإسرائيل من جهة، والجماعة الحوثية المدعومة من إيران من جهة أخرى إلى مزيد من المعاناة، خصوصاً وأن الملايين من اليمنيين يعيشون منذ سنوات عدة حالة من البؤس جراء ما وصلت إليه أوضاعهم المعيشية من تدهور حاد جراء الانقلاب والحرب واستمرار سياسات الفساد الحوثية وأعمال النهب والتجويع.

ومنذ بدء الضربات الأميركية والبريطانية وما لحقها من ضربات إسرائيلية وتهديدات تل أبيب للحوثيين بردٍ أوسع، يعيش اليمنيون في صنعاء حالة من الترقب والقلق والخوف؛ خشية حدوث دمار مُشابه لما حدث في لبنان وقطاع غزة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وأكد سكان في المدينة الخاضعة للحوثيين لـ«الشرق الأوسط» رفضهم القاطع السلوك الحوثي الذي يستدعي الضربات العسكرية لاستهداف ما تبقى من المنشآت الحيوية لليمن دون اكتراث لمعاناتهم، حيث يعانون صعوبة العيش، وغلاء الأسعار، وفساد الجماعة، وانقطاع الرواتب، وتدهور الحالة الأمنية والاقتصادية وتفشي البطالة.

ويرافق هذه المعاناة التي يعيشها سكان صنعاء حالة من الاستياء والغضب جراء التجاهل الحوثي المتعمد للأوضاع الإنسانية المتدهورة وانشغال الجماعة بمواصلة التصعيد العسكري على كل الاتجاهات وتحشيد السكان من مختلف الأعمار للتجنيد والتعبئة العسكرية.

وفي حين وصف السكان في صنعاء الضربات الإسرائيلية والغربية على مدينتهم ومدن أخرى بأنها «اعتداءات سافرة وانتهاك صارخ للسيادة وتدمير لما تبقى من مقدرات البلاد»، يؤكدون في الوقت نفسه أن المدنيين البسطاء هم من يدفع الثمن الأكبر للتصعيدات العسكرية الحالية، وكذا الحرب التي سبق وأن أشعلتها الجماعة الحوثية منذ انقلابها التوافق الانتقالي في اليمن.

استغلال مستمر

يتحدث حمدي، وهو اسم مستعار لموظف حكومي بصنعاء، عن حالة من السخط والغضب الشعبي الواسع نتيجة السلوك الحوثي المتجه نحو مزيد من التصعيد والحرب، وتدمير ما تبقى من مقومات الاقتصاد اليمني.

ويقول: «بينما كنا ننتظر بفارغ الصبر مع دخول العام الميلادي الجديد سماع أخبار تُبشّـر بالخير وبالتوصل لحل سياسي يُنهي المعاناة، فاجأتنا الجماعة الحوثية بمزيد من التصعيد الذي استدعى الضربات العسكرية واستغلال ذلك لمواصلة استهداف السكان ونهب أموالهم وتجنيدهم قسرياً».

بائع متجول يعرض ملابس شتوية مستعملة للبيع في صنعاء (إ.ب.أ)

ويتساءل حمدي قائلاً: «كيف نستطيع إقناع الجماعة الحوثية التي تسعى لتعقيد مسار السلام وإطالة أمد الحرب بأننا كـيمنيين مللنا من الصراع ومن أجواء الرعب والموت والدمار والمعاناة على مدى السنوات الماضية».

ويؤكد أن الأغلبية العظمى من اليمنيين في صنعاء وغيرها من المدن يطمحون دائماً إلى السلام وصرف المرتبات وعودة الخدمات الأساسية كافة إلى ما كانت عليه قبل الانقلاب والحرب وإنهاء كل أشكال التعسف بحقهم.

تبعات الحرب

مع توالي الضربات الإسرائيلية والغربية على صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الحوثيين، يشير عبد الله، وهو مالك محل تجاري في صنعاء، إلى أنه لم يعد بمقدوره وكثير من السكان تحمل تبعات أي حرب مقبله لأنهم باتوا عاجزين تماماً عن تأمين العيش لأطفالهم بسبب الأوضاع البائسة التي خلفها الانقلاب والحرب المستمرة.

ويؤكد أن الضربات الأخيرة على مبنى وزارة الدفاع ومجمع العرضي في صنعاء قد ألحقت بمتجره الخاص ببيع الأواني المنزلية أضراراً بالغة؛ لكون أغلبيتها مصنوعة من الزجاج والفخار وتعرَّضت للكسر بفعل ذلك.

شخص يتسوق الملابس الشتوية المستعملة في إحدى أسواق مدينة صنعاء القديمة (إ.ب.أ)

ويأمل مالك المتجر أن ينجح المجتمع الدولي في ممارسة الضغط على قادة الجماعة الحوثية لإرغامهم على وقف كل أشكال التصعيد التي قد تجر اليمن واليمنيين إلى مزيد من الفوضى والمعاناة الإنسانية.

وتأتي مخاوف سكان صنعاء في وقت تحذّر فيه المنظمات الإغاثية الدولية من تأثيرات إنسانية كبيرة على اليمن جراء استمرار التصعيد العسكري.

وفي أحدث بيان له، حذّر برنامج الغذاء العالمي من أن وضع الأمن الغذائي في اليمن بات مثيراً للقلق على نحو خطير، كاشفاً عن معاناة وصعوبات كبيرة يواجهها نحو 61 في المائة من الأسر اليمنية التي شملها آخر استطلاع أثناء الوصول إلى الغذاء الكافي.

وذكر أن التحديات الاقتصادية ونقص التمويل وتعليق المساعدات الغذائية في معظم المناطق تحت سيطرة الحوثيين، بالإضافة إلى ندرة الأنشطة المدرّة للدخل، كانت العوامل الرئيسية وراء هذا الوضع المقلق.