موسكو: الوجود الأجنبي في سوريا يعرقل التسوية

لافرنتييف لا يستبعد نشر الشرطة العسكرية الروسية في الجنوب

TT

موسكو: الوجود الأجنبي في سوريا يعرقل التسوية

حملت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، على التحركات العسكرية الأميركية في سوريا، وقالت إن الوجود العسكري الأجنبي في هذا البلد يعرقل البحث عن حل سياسي للأزمة.
واتهمت زاخاروفا، واشنطن، بالعمل على تأجيج الوضع في سوريا، وقالت خلال إفادتها الصحافية الأسبوعية إنه تم استهداف القوات السورية والقوات الرديفة لها ليلة 18 يونيو (حزيران) الحالي جنوب شرقي البوكمال في محافظة دير الزور، الأمر الذي أسفر عن مقتل عشرات العسكريين. وأضافت أن نفي الولايات المتحدة صلتها بهذا القصف لا يقلل من خطورة تداعيات هذه التحركات.
ولفتت الدبلوماسية الروسية إلى أن «استمرار الوجود الأجنبي في سوريا يوفر لأعداء الحكومة السورية قناعة بأنهم ما زالوا قادرين على الانتقام لهزيمتهم، ما يقلص احتمال مشاركتهم البناءة في عملية البحث عن حل سياسي للأزمة، كما يحافظ الإرهابيون على أمل استئناف الفوضى واستعادة المواقع المفقودة».
وشددت زاخاروفا على أهمية التحرك الحاسم في هذه الظروف «في اتجاه التسوية السياسية في سوريا على أساس القرار الدولي رقم 2254 ونتائج مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي، التي تقضي بالحفاظ على سيادة واستقلال سوريا ووحدة أراضيها».
وأكدت أن روسيا لا تزال تبذل جهودها في هذا الاتجاه بالتعاون مع شركائها في محادثات آستانة، ومع الأطراف المعنية الأخرى والأمم المتحدة والحكومة والمعارضة السورية.
وجددت التحذير من «تحضيرات لاستفزازات جديدة باستخدام الكيماوي في سوريا». وأوضحت أن موسكو تتوقع انطلاق حملة إعلامية جديدة حول استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل السلطات السورية ضد المدنيين و«هذا ببساطة نشاط مدفوع الأجر. وبالطبع، نتلقى إشارات مفادها أن مثل هذه الاستفزازات يجري الإعداد لها».
في السياق، أعلن المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، أحمد أوزومجو، أن التقرير بشأن الاستخدام المحتمل للأسلحة الكيماوية في مدينة دوما السورية قد يتم نشره الأسبوع المقبل.
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الرسمية عنه «نتوقع أن يكون التقرير جاهزاً قريباً... عندما أقول قريباً، فإن ذلك قد يحدث في الأسبوع المقبل أو نحو ذلك»، مضيفاً أنه لم يتم بعد تحديد موعد نهائي للإفراج عن التقرير.
على صعيد آخر، قال المبعوث الخاص للرئيس الروسي بشأن سوريا ألكسندر لافرنتييف إنه لا يستبعد نشر وحدات من الشرطة العسكرية الروسية في منطقة «تخفيف التصعيد» بمحافظتي درعا والقنيطرة جنوب سوريا.
ورأى أن «هذه ممارسة جيدة للغاية عندما تقدم الشرطة العسكرية الروسية المساعدة في الحفاظ على النظام والأمن بمناطق معينة. لذا، بطبيعة الحال، إذا لزم الأمر، سيتم اتخاذ قرار نشر قوات إضافية من الشرطة العسكرية الروسية، التي تتكون بشكل رئيسي من مواطنينا الروس - السنة، الذين لديهم علاقات ممتازة مع السكان المحليين».
وأضاف: «إذا كان هذا القرار ضرورياً، فسيتم اتخاذه، لكن هذه ليست سوى أداة مساعدة».
وقال لافرينتيف «نحن نفضل تسوية الأوضاع بالكامل جنوب سوريا بالطرق السلمية».
وأضاف أنه في حال تم نشر نقاط مراقبة وتفتيش للشرطة الروسية، فإن مهمتها سوف تنحصر في تقديم المساعدة للمحافظة على التهدئة، مشيراً إلى أن لدى موسكو أسباباً لتتوقع «تعاون المعارضة المعتدلة مع النظام لمحاربة الإرهابيين جنوب سوريا».
وقال لافرينتيف إن «جبهة النصرة» وتنظيم داعش لا يزالان ينشطان في جنوبي سوريا وإدلب.
سياسياً، أبلغ المبعوث الرئاسي الروسي، وسائل إعلام، في ختام لقاء ممثلي الدول الضامنة بالمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا في جنيف أنه «في الوقت الراهن، توجد على طاولة دي ميستورا قائمة الحكومة المقترحة لتشكيل اللجنة الدستورية، ولم تقدم المعارضة حتى الآن اقتراحاتها». ورأى أن المعارضة السورية ستقدم لائحتها «في أقرب وقت وربما خلال أسبوع»، لافتاً إلى أن «زملاءنا الأتراك يحتاجون بعض الوقت لمناقشة هذه المسائل». وزاد أن العمل بعد ذلك «سوف يبدأ لوضع قائمة المجتمع المدني. وهنا يبقى لنا مجال للمزيد من التشاور. لكن أتوقع أننا خلال أسبوعين أو ثلاثة سنصل إلى فهم حول هذه المسألة الحساسة الصعبة».
وأكد لافرينتيف على «الأهمية الخاصة لإنهاء تشكيل اللجنة الدستورية الآن، لأن الأوضاع على الأرض تتغير للأفضل. الأوضاع في الغوطة الشرقية وفي حمص مستقرة. يرجع الناس إلى بيوتهم.... نحن نرى أن الأوان قد آن لتفعيل الجهود في المسار السياسي التفاوضي».
وأعرب لافرينتيف عن رؤية بلاده لضرورة تمثيل المعارضة السورية بشكل واسع في اللجنة الدستورية المرتقب تشكيلها.
ورأى أن محادثات دي ميستورا مع ممثلي الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) كانت «أولية، لكنها وضعت أساساً جيداً للمضي في مسألة تشكيل وعمل اللجنة الدستورية السورية»، موضحاً أن الأطراف لم تضع أمامها شرط التوصل إلى أي اتفاقات محددة في هذا اللقاء، كان من المهم بالنسبة لنا أن نرى أين نحن الآن، ما هي مواقف الدول الضامنة الثلاثة والمبعوث الخاص للأمم المتحدة كمنسق، حتى نتمكن من الذهاب إلى تشكيل لجنة دستورية.
وأعرب عن ارتياح للنتائج، مضيفاً: «تم وضع قاعدة جيدة وكافية للتقدم إلى الأمام، هذا هو الهدف الذي نريده، لكي لا نؤجل تشكيل هذه اللجنة إلى فترة



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».