طولوس مصطفى: 10 ملايين إندونيسي يدرسون العربية

رئيس اتحاد المدرسين يتحدث عن انتشارها وطرق تدريسها

د. طولوس مصطفى في مؤتمر لدعم اللغة العربية
د. طولوس مصطفى في مؤتمر لدعم اللغة العربية
TT

طولوس مصطفى: 10 ملايين إندونيسي يدرسون العربية

د. طولوس مصطفى في مؤتمر لدعم اللغة العربية
د. طولوس مصطفى في مؤتمر لدعم اللغة العربية

الدكتور طولوس مصطفى هو الأمين العام‏ لاتحاد مدرسی اللغة العربية في إندونيسيا‏. وكان قد درس العربية في جامعة الأزهر الشريف، وحصل على ماجستير من المعهد الدولي بالخرطوم التابع للمنظمة العربية للثقافة والعلوم (أليسكو)، ثم نال الدكتوراه في آداب اللغة العربية من جامعة تيان بإندونيسيا.
في هذا الحوار مع «الشرق الأوسط»، يتحدث د. مصطفى عن مهام اتحاد مدرسي اللغة العربية في هذا البلد، وعن واقع العربية، التي يتحدث بها زهاء 10 ملايين نسمة، وطرائق تدريسها وهو إلزامي في المدارس والجامعات الإسلامية في إندونيسيا.
> ما أهداف تأسيس اتحاد مدرسي اللغة العربية في إندونيسيا؟
- أنشأنا اتحاد مدرسي اللغة العربية منذ 1999، ومن خلال هذا الاتحاد نبذل جهدنا في تطوير تدريس اللغة العربية، ونتعاون من خلاله مع جهات كثيرة، كمركز الملك عبد الله الدولي لخدمة اللغة العربية في الرياض، الذي أنشأ مركزاً عندنا تنظَّم فيه ندوات وملتقيات ثقافية.
وكان اتحاد مدرسي اللغة العربية عند تأسيسه يقتصر على أساتذة الأدب العربي بالجامعات، والآن أصبح يضم كل مدرسي اللغة العربية بمختلف المراحل الدراسية من الابتدائي حتى الجامعة. وبلغ حالياً عدد المسجلين بالاتحاد نحو ألف مدرس، وغير المسجلين أكثر من ذلك بكثير.
> متى دخلت اللغة العربية إلى إندونيسيا؟
- دخلت اللغة العربية إلى إندونيسيا مع دخول الإسلام في القرن الأول الهجري. وأود التأكيد هنا أن الإسلام دخل إلى إندونيسيا بالسلم وليس بالحرب، فدخلت اللغة العربية إندونيسيا عن طريق القرآن.
> ما تقديركم لعدد الدارسين للغة العربية في إندونيسيا؟
- يقدَّر عدد الذين يتعلمون اللغة العربية في جميع مراحل التعليم بالمدارس والجامعات زهاء 10 ملايين نسمة يتعلمون اللغة العربية. لكنّ هناك أيضاً من يتعلمون في المساجد.
> خضعت إندونيسيا للاستعمار الهولندي، فهل كان مسموحاً بتعليم العربية وتعاليم الإسلام إبان الاستعمار؟
- كان تدريس اللغة العربية بجهود ذاتية إبان حقبة الاستعمار الهولندي.
> منذ متى أصبح تدريس اللغة العربية رسمياً في نظام التعليم الإندونيسي؟
- بعد الاستقلال 1945 دعمت الحكومة الإندونيسية تدريس اللغة العربية في المدارس والجامعات، وأنشأت مدارس وجامعات جديدة، وأصبح لدينا نوعان من التعليم: تعليم تابع لوزارة التعليم العالي، وتعليم تحت وصاية وزارة الشؤون الدينية. والتعليم في كلا النظامين يشمل المراحل الدراسية كافة من المرحلة الابتدائية إلى الجامعة. يعني تعليم إسلامي تشرف عليه وزارة الشؤون الدينية، وتعليم عام تحت إشراف وزارة التعليم العالي.
> هل تدريس اللغة العربية إلزامي في كلا النظامين؟
- اللغة العربية إلزامية في المدارس والجامعات الخاضعة لإشراف وزارة الشؤون الدينية. أما في مدارس وزارة التعليم العالي والمدارس العامة فتدريسها اختياري. ومن هنا كما تلاحظون يكون تدريس اللغة العربية في إندونيسيا لفهم وشرح الدين في مدارس وجامعات وزارة الشؤون الدينية، بينما تُدرَّس كاختصاص في الجامعات.
> هل يجد حَمَلة الشهادات باللغة العربية سواء الليسانس أو الدراسات العليا فرص عمل في تخصصهم؟
- فرص العمل كثيرة في المدارس بجميع مراحلها: ابتدائية، وإعدادية وثانوية، وفي أقسام كليات الأدب العربي.
> ما مكانة اللغة العربية بالنسبة إلى اللغة الرسمية في إندونيسيا؟
- اللغة الرسمية في البلاد هي اللغة الإندونيسية، وهي لغة الدولة والتعليم والاقتصاد وكل مناحي الحياة، بينما اللغة العربية تعد من اللغات الحية في المدارس والجامعات، ولكن ليس في الحياة الاجتماعية، فهي ليست لغة الشارع الإندونيسي. العربية لتعليم الدين فقط، الدارسون في المعاهد يقرأون الكتب الدينية والأدبية باللغة العربية، وكثير من الخطباء في المساجد يقرأون القرآن بالعربية، ولكن شرح الدين يكون باللغة الإندونيسية.
> هل يوجد تعاون عربي- إندونيسي لتعليم اللغة العربية بإيفاد مدرسين عرب لجامعاتكم أو بعثات تعليمية لطلاب إندونيسيين لدول عربية؟
- نعم، المدرسون الإندونيسيون يدرسون في الدول العربية منذ القدم، سواء في مكة المكرمة أو الأزهر الشريف، فعلاقتنا بالأزهر قديمة جداً حتى في عهد الاستعمار، واستمرت بعد الاستقلال، وأسهمت الدول العربية كثيراً في تعليم اللغة العربية، مثلاً الحكومة السعودية أنشأت معهد العلوم الإسلامية والعربية بجاكرتا منذ فترة بعيدة، وتكفلت السعودية بإرسال مدرسين إلى المعهد، وهي تغطي كل النفقات من رواتب المدرسين والكتب وغيرها، وهذا له دور كبير في نشر اللغة العربية.



جولات ميدانية شبابية تعيد اكتشاف دروب القاهرة التاريخية

جولات «تمشية» توفر معلومات دقيقة وحكايات تاريخية موثقة بأسلوب سرد مشوق (صفحة المعز لدين الله على الفيسبوك)
جولات «تمشية» توفر معلومات دقيقة وحكايات تاريخية موثقة بأسلوب سرد مشوق (صفحة المعز لدين الله على الفيسبوك)
TT

جولات ميدانية شبابية تعيد اكتشاف دروب القاهرة التاريخية

جولات «تمشية» توفر معلومات دقيقة وحكايات تاريخية موثقة بأسلوب سرد مشوق (صفحة المعز لدين الله على الفيسبوك)
جولات «تمشية» توفر معلومات دقيقة وحكايات تاريخية موثقة بأسلوب سرد مشوق (صفحة المعز لدين الله على الفيسبوك)

لا تدور أحداث التاريخ في الكتب فقط، ولا ترويها مقتنيات المتاحف وحدها، ولا يقتصر استكشافها على الزيارات الروتينية التقليدية لأمكنة بعينها؛ فثمة شوارع وأزقة تجسد جواهر مخفية، يفوح منها أريج الزمن، وتحمل بين جنباتها ملامح الحضارات القديمة.

وانطلاقاً من هذه الرؤية عرفت القاهرة أخيراً تنظيم جولات سياحية جماعية ومنتظمة سيراً على الأقدام إلى شوارعها التاريخية ومواقعها العتيقة؛ حيث أسست مجموعة من شباب الآثاريين والباحثين المصريين صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تدعو أبناء المدينة إلى هذه الجولات بعنوان «تمشية»، ليتنقلوا بشغف بين ممرات الماضي سيراً على الأقدام مسترشدين بمصاحبة المتخصصين.

جواهر معمارية ومبانٍ تاريخية وسط صخب المدينة (صفحة سراديب على فيسبوك)

ولاقت هذه المبادرات الشبابية المستقلة إقبالاً لافتاً من جانب المصريين إلى حد أن حصدت عبر مواقع التواصل مئات الآلاف من المتابعين الشغوفين بمعرفة تاريخ بلادهم، وفق الأثري حسام زيدان مؤسس صفحة «سراديب»: «قمت بالتعاون مع اثنين من المؤرخين، وهما إبراهيم محمد ومصطفى حزين، بإطلاق هذه المبادرة بهدف رفع الوعي الأثري وإعادة اكتشاف بعض أحياء القاهرة وشوارعها الخلفية ذات العبق التاريخي، والزاخرة بالمعالم الأثرية».

وتساهم «سراديب» وغيرها من الصفحات والـ«جروبات» الإلكترونية في تنمية الحس السياحي عند المواطنين، وربطهم بتاريخ بلادهم بحسب زيدان: «كثير من المصريين لا يعرفون القدر الكافي عن حضاراتهم، ولم يسبق لهم زيارة أماكن ووجهات سياحية مهمة يأتي إليها السياح من مختلف دول العالم؛ فأردنا أن نحقق لهم ذلك وننشر الثقافة الأثرية بينهم».

تكونت صداقات بين أعضاء الجولات (صفحة المعز لدين الله الفاطمي على فيسبوك)

ويضيف زيدان لـ«الشرق الأوسط»: «تتميز هذه الجولات بأنها تعتمد في الأساس على السير على الأقدام، ما يتيح فرصة أكبر لتأمل كل التفاصيل، والاستمتاع بالملامح الإنسانية والمعمارية المتفردة في هذه الأماكن، وتختلف عن الزيارات الفردية بأنها توفر معلومات دقيقة وحكايات تاريخية موثقة من متخصصين يقدمونها عبر أسلوب سرد علمي مشوق؛ حيث ينغمس الجميع بشغف في قلب الحضارات القديمة التي شهدتها مصر، في جولات مُنظمة بعناية».

الجولات تجتذب العشرات (صفحة المعز لدين الله الفاطمي على فيسبوك)

وفيما «يرتبط اهتمام الكثير من المصريين بالمناطق الأثرية الشهيرة مثل الأهرامات، وقلعة صلاح الدين، فإنها تأخذهم إلى مناطق أخرى مهمة للغاية بالقاهرة العتيقة على غرار (باب الوزير)، و(الدرب الأحمر)، و(أسوار قلعة صلاح الدين)، و(صحراء المماليك)، و(سفح المقطم) و(الإمام الشافعي)». وفق زيدان.

ويشير مؤسس صفحة «سراديب» إلى أن «هذه المبادرات تسهم في إجادة التعامل مع السياح الأجانب، وتنشيط السياحة من خلال الحسابات الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يقوم الزوار بنشر صورهم في الأماكن التاريخية، مع شرح لتفاصيل المكان بلغات مختلفة، وفوجئنا بأشخاص من دول أجنبية مختلفة يراسلوننا ويطلبون تنظيم (تمشية) مماثلة في شوارع القاهرة عند زيارتها».

جولة في قلب القاهرة يصاحبها شرح علمي مبسط (صفحة سراديب على فيسبوك)

وتعد صفحة «شارع المعز» على «فيسبوك» واحدة من الصفحات الأكثر نشاطاً في تنظيم جولات «التمشية»، يقول أحمد صابر مؤسس الصفحة لـ«الشرق الأوسط»: «التاريخ لا يُحكى فقط في الأماكن البعيدة، المعزولة، لكنه يعيش أيضاً بين الناس في أماكن صاخبة وحيوية، وعلينا أن نقدرها جيداً، ونستمع لحكاياتها، لذلك ننظم جولات على الأقدام في شوارع القاهرة، المليئة بالمساجد والأسبلة والبيوت والمقابر الأثرية وغير ذلك».

ويلفت إلى أن «الكثير من الأشخاص يمرون على هذه المباني يومياً، لكنهم لا يعرفون حجم عظمتها وندرتها، ومنها (شارع المعز) الذي اتخذناه رمزاً للصفحة لكننا نتجول في مختلف أنحاء المدينة».

وأضاف صابر: «تتيح الصفحة - التي تضم عدداً كبيراً من خبراء الآثار والباحثين - للمنضمين للتمشية الاستكشاف الغامر الذي يتجاوز المألوف للمناطق التاريخية، ويحكي عن عالم لم ير معظم الناس مثله في الدول المختلفة، ففي مصر حضارات أضافت الكثير للإنسانية».

الجولات الميدانية تربط المصريين بتاريخ بلادهم (صفحة المعز لدين الله الفاطمي على فيسبوك)

وتحت عنوان «تعالوا نعرف مصر» أسست خبيرة ترميم الآثار دكتورة ندى زين الدين جروباً آخر للتمشية، يحتفي بزيارة الأماكن غير المعروفة والأحياء المصرية العتيقة، التي تعدها موطن الأصالة المصرية، وتقول زين الدين لـ«الشرق الأوسط»: «نزور أحياء مثل المنيرة، والناصرية، والضاهر، وشبرا، والزمالك، ومن خلال التمشية فيها نسرد تاريخ الحي وكل ما له علاقة بالآثار والفلكلور والفن والعمارة».

الأحفاد يتطلعون إلى استكشاف حضارة الأجداد (صفحة المعز لدين الله الفاطمي على فيسبوك)

وتتابع: «كما نحتفي بالسياحة البيئية؛ حيث تتجه بعض جولاتنا إلى مناطق بعينها تشتهر بأنشطة معينة، وهو ما أعتبره كنزاً آخر من كنوز مصر».

وتعتبر زين الدين استكشاف هذه المناطق عبر السير على الأقدام «فرصة لاستنشاق عبق التاريخ، مع ممارسة الرياضة المفضلة للكثيرين، خصوصاً في الشتاء؛ حيث نخرج في التاسعة صباحاً في العطلة الأسبوعية، وتكون القاهرة في ذلك الوقت غير مزدحمة».