نمو صادرات اليابان يضعها في مرمى نيران الرسوم الأميركية

طوكيو تنقد الحمائية وتحذِّر من تفشي الإجراءات الانتقامية

أظهرت بيانات وزارة التجارة اليابانية نمواً للصادرات في مايو بأسرع وتيرة في أربعة أشهر ما قد يثير حفيظة الولايات المتحدة (غيتي)
أظهرت بيانات وزارة التجارة اليابانية نمواً للصادرات في مايو بأسرع وتيرة في أربعة أشهر ما قد يثير حفيظة الولايات المتحدة (غيتي)
TT

نمو صادرات اليابان يضعها في مرمى نيران الرسوم الأميركية

أظهرت بيانات وزارة التجارة اليابانية نمواً للصادرات في مايو بأسرع وتيرة في أربعة أشهر ما قد يثير حفيظة الولايات المتحدة (غيتي)
أظهرت بيانات وزارة التجارة اليابانية نمواً للصادرات في مايو بأسرع وتيرة في أربعة أشهر ما قد يثير حفيظة الولايات المتحدة (غيتي)

أعلنت الحكومة اليابانية، أمس (الاثنين)، نمو صادراتها خلال شهر مايو (أيار) الماضي بنسبة 8.1% سنويا ليصل حجمها إلى 6.3 تريليون ين (57.2 مليار دولار)، مدعومة بالطلب القوي على المنتجات اليابانية في الصين، لتواصل الصادرات اليابانية نموها للشهر الـ18 على التوالي. ورغم انخفاض حجم العجز التجاري الأميركي مع اليابان، فإن نمو صادراتها القوي قد يثير حفيظة الإدارة الأميركية المتحفزة، ويضع بكين في مرمى الاستهداف من قبل واشنطن.
وأعرب «تقرير اليابان التجاري السنوي»، الذي أصدرته وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية، عن القلق من الممارسات الحمائية لإصلاح الاختلالات الاقتصادية، في نقد مستتر للسياسة التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد فرض التعريفات الجديدة. محذراً من التأثير السلبي لاتخاذ إجراءات انتقامية ضد سياسة دولة واحدة، مضيفاً أن اليابان ستسعى لحل القضايا التجارية التي تعتمد على القواعد الدولية وخصوصاً قواعد منظمة التجارة العالمية.
كما أكد التقرير، ضرورة العلم أن التأثير السلبي سينتشر عالمياً من التحول إلى سياسة تجارية تقييدية لتصحيح الاختلالات الاقتصادية، واتخاذ إجراءات انتقامية واحداً تلو الآخر.
وحسب البيانات الصادرة، أمس، فقد زادت صادرات اليابان في مايو بأسرع وتيرة في أربعة أشهر بفضل ارتفاع شحنات السيارات ومكوناتها ومعدات أشباه الموصلات، في مؤشر على أن الطلب العالمي يزداد قوة.
وزادت الصادرات اليابانية الشهر الماضي بما يتجاوز متوسط تقديرات لزيادة سنوية بنسبة 7.5% في توقعات اقتصاديين استطلعت «رويترز» آراءهم. وفي أبريل (نيسان) زادت الصادرات بمعدل سنوي قدره 7.8%.
ومن المرجح أن تواصل الصادرات النمو بفضل زيادة الطلب على معدات التصنيع والسيارات ومكوناتها، لكن الفائض التجاري لليابان مع الولايات المتحدة يجعل منها هدفاً محتملاً لسياسات الحماية التجارية التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وارتفعت صادرات اليابان إلى الولايات المتحدة 5.8% على أساس سنوي في مايو، صعوداً من معدل سنوي بلغ 4.3% في أبريل بفعل زيادة شحنات مكونات السيارات.
وزادت واردات اليابان من الولايات المتحدة 19.9% على أساس سنوي، مع نمو الواردات من الطائرات والفحم الأميركي، إلا أن خبراء قالوا إن «التأثير مؤقت» ولا علاقة له بالتوتر التجاري الحالي بين البلدين.
ونتيجة لذلك، تراجع الفائض التجاري لليابان مع الولايات المتحدة 17.3% على أساس سنوي إلى 340.7 مليار ين (3.08 مليار دولار)، وهو أقل فائض مسجل منذ يناير (كانون الثاني) 2013.
ومن المستبعد أن يعفي انخفاض الفائض التجاري مع الولايات المتحدة اليابان من انتقاد البيت الأبيض، في الوقت الذي زادت فيه إدارة الرئيس دونالد ترمب رسوماً جمركية بهدف خفض العجز التجاري الأميركي ومكافحة ما تقول إنها سياسات تجارية غير عادلة.
وتطالب حكومة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، واشنطن بإعفاء اليابان من الرسوم الأميركية الجديدة التي قررت إدارة الرئيس ترمب فرضها على واردات بلاده من منتجات الصلب والألمنيوم في مارس (آذار) الماضي.
وكشفت بيانات وزارة المالية أن إجمالي العجز التجاري الياباني في مايو بلغ 578.3 مليار ين (5 مليارات دولار). وهذا العجز أكبر بثلاث مرات مما تم تسجيله العام الماضي وأتى بعد فائض تجاري على مدى شهرين متتاليين.
وعلق تاكيشيمي مينامي، كبير خبراء الاقتصاد لدى معهد «نورينتشوكين» للأبحاث، أن «العجز مرده زيادة مفاجئة في الواردات من الولايات المتحدة»، مشيراً إلى زيادة مشتريات اليابان من الطائرات الأميركية الصنع بأربعة أضعاف.
كما أشار مينامي إلى ارتفاع قوي في أسعار النفط، ما يزيد من كلفة الواردات اليابانية، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. إلا أنه شدد على أنها «زيادة مؤقتة غير مرتبطة بسياسات التجارة»، مستبعداً أن تكون اليابان تعزز مشترياتها من المنتجات الأميركية في الوقت الذي تنتهج فيه واشنطن سياسة تجارية حمائية.
وأشار مينامي إلى أن «الصادرات ستزداد لفترة، لكن علينا الحذر من أي إجراءات حمائية أو تباطؤ محتمل للاقتصاد الأميركي القوي، وكيفية تفاعل الأسواق الناشئة مع الزيادة في معدلات الفائدة الأميركية».
في الوقت نفسه، تقلص فائض اليابان مع الصين، أكبر شريك تجاري لها، بنحو 10.4%، بينما ازدادت الصادرات بنسبة 13.9%.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»