بعد التضييقات الإعلامية... المعارضة التركية تجد خلاصاً في وسائل التواصل الاجتماعي لحملاتها الانتخابية

منذ الإعلان عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي تجرى بعد أسبوع بالتحديد في تركيا، واكبت وسائل التواصل الاجتماعي الحملات الانتخابية للأحزاب ومرشحي الرئاسية، بل وتحولت إلى أكثر الوسائل قوة وتأثيرا. السبب يعود على انتشارها السريع. وقدمت خدمة قوية للمعارضة التي لا تتمتع بفرصة كبيرة للنفاذ إلى الناخبين عبر وسائل الإعلام التقليدية التي بات أكثر من 92 في المائة منها يخضع بشكل مباشر، أو غير مباشر لسيطرة حزب العدالة والتنمية الحاكم، بحسب ما تظهر إحصائيات المجلس الأوروبي.
ليس غريبا أن يصطدم كل من يتصفح «غوغل» أو غيره من المواقع من أنحاء العالم بإعلانات الأحزاب السياسية، ولا سيما المعارضة، التي وجدت ضالتها في وسائل التواصل الاجتماعي الأوسع تأثيرا وانتشارا، حيث استطاع حزب «الجيد» أحدث الأحزاب السياسية في تركيا والذي تتزعمه مرشحة الرئاسة المنافسة للرئيس رجب طيب إردوغان أن يوظف ببراعة وسائل التواصل في الدعاية لنفسه.
وعلى سبيل المثال وضع الحزب إعلانا للسائحين الذين يبحثون عن حجوزات بالفنادق لقضاء العطلات في تركيا يبشرهم بأنهم سيجدون الكثير من الغرف الشاغرة إذا لم يتمكن إردوغان من الفوز بالرئاسة حيث سيترك القصر الضخم المكون من 1100 غرفة الذي بناه إردوغان لنفسه ليقيم فيه بعد انتخابه رئيسا في عام 2014 بتكلفة 650 مليون دولار.
وأبدى الحزب إبداعا كبيرا في توظيف مواقع التواصل الاجتماعي في بلد تحظر فيه السلطات نحو 175 ألف موقع إلكتروني من «ويكيبيديا» إلى مواقع صحف معارضة وغيرها، مما دفع المواطنين إلى اللجوء إلى تطبيق «في بي إن» من أجل الدخول إلى المواقع المحظورة، ووجه الحزب رسالة إلى المواطنين تقول: «لا داعي لإهدار أموالكم، فبعد رحيل إردوغان عن الحكم ستتاح لكم جميع المواقع على الإنترنت دون حظر».
أما أكبر المؤشرات الكاشفة عن قوة الإعلام الجديد وتوظيفه في الحملات الضخمة، فكان تريند «تمام» الذي اجتاح «تويتر» بعد أن قال الرئيس التركي في أحد لقاءاته إنه على استعداد لترك منصبه إذا قال له الشعب «تمام» بمعنى «كفى»، إذ سارع معارضوه إلى التغريد بكثافة بلغت أكثر من مليون تغريدة في خلال ساعات قليلة بالوسم (#تمام)، الذي تحول إلى شعار لحملة حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة الانتخابية.
وفي المقابل أطلق مؤيدو إردوغان وسم (#دوام) لتأكيد رغبتهم في استمراره لكن الوسم لم يجذب إلا سوى نحو 200 ألف تغريدة فقط.
وعلى الرغم من وجوده داخل السجن بتهم تتعلق بدعم الإرهاب، استطاع المرشح الرئاسي عن حزب الشعوب الديمقراطي (المؤيد للأكراد) صلاح الدين دميرتاش أن ينفذ إلى ناخبيه عبر تغريدات على «تويتر» عبر محاميه الذي ينقل رسائله إلى مؤيديه.
وكان دميرتاش، المحامي المدافع عن حقوق الإنسان البالغ من العمر 45 عاما والذي ينفي جميع التهم الموجهة إليه الذي تصل عقوباتها إلى 142 عاما، هو الأمل الرئيسي للتقدميين المعارضين لإردوغان في السنوات القليلة الماضية حيث كان منافسا له في انتخابات الرئاسة في 2014 وقاد حزبه مرتين في عام 2015 لدخول البرلمان بعدد كبير من المقاعد. وتم سجنه إلى جانب 12 نائباً برلمانياً من حزبه في 2016 وسط حملة موسعة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) من العام نفسه.
كما عقد دميرتاش أول مؤتمر جماهيري منذ أسبوعين عبر «تويتر» و«فيسبوك» و«إنستغرام» نظمه محاموه من خلال وسم (#اسأل دميرتاش) للمرة الأولى التي تشهد فيها الانتخابات التركية هذا الأسلوب في الدعاية.