مصر: رفع أسعار الوقود قبل العام المالي الجديد

توقعات بعودة ارتفاع معدل التضخم

ارتفاع تكاليف وسائل النقل المختلفة في مصر
ارتفاع تكاليف وسائل النقل المختلفة في مصر
TT

مصر: رفع أسعار الوقود قبل العام المالي الجديد

ارتفاع تكاليف وسائل النقل المختلفة في مصر
ارتفاع تكاليف وسائل النقل المختلفة في مصر

أعلنت مصر، أمس، عن زيادات جديدة في أسعار الوقود، وهو القرار الثالث بزيادة الأسعار خلال أسابيع قليلة بعد ارتفاع تكاليف الكهرباء وثمن تذكرة مترو الأنفاق، الأمر الذي يمثل ضغوطاً على الطبقات الوسطى والدنيا التي تعاني منذ 2016 من ضغوط تضخمية.
وقبل أيام من بدء العام المالي الجديد، الذي يبدأ في يوليو (تموز) وينتهي في آخر يونيو (حزيران)، قررت الحكومة أمس زيادة أسعار الوقود بنسب تتراوح بين 17.5 في المائة و66.6 في المائة. واشتملت الزيادات على رفع سعر السولار الذي يعد وقود وسائل النقل الرخيصة التي تعتمد عليها الفئات محدودة الدخل، والذي زاد بنحو 52 في المائة، وأسطوانة البوتاجاز التي تمثل وقود المنازل لشرائح واسعة من محدودي الدخل أيضاً، ارتفع سعرها الرسمي بنحو 66 في المائة، بجانب زيادة أسعار بنزين 92 وبنزين 80 وغاز السيارات، والمازوت للصناعة باستثناء الصناعات الغذائية والكهرباء والإسمنت.
وعلى أثر زيادات أسعار الوقود أعلن رئيس الوزراء المصري الجديد، مصطفى مدبولي، عن زيادة تعريفة ركوب وسائل النقل الرخيصة (السرفيس) والمرتفعة التكلفة (التاكسي) بما يتراوح بين 10 - 20 في المائة.
ومنذ يوليو 2014 قامت الحكومة بتطبيق أربع زيادات في أسعار الوقود، كما أعلنت في العام ذاته عن خطة للتحرير التدريجي لأسعار الكهرباء. وتأتي تلك الإجراءات ضمن برنامج اقتصادي تتبناه الحكومة يهدف للوصول بأسعار الطاقة لتكلفتها الحقيقية والحد من عجز الموازنة.
لكن هذه الإجراءات انعكست بقوة على تكاليف المعيشة للقاعدة الواسعة من المصريين، حيث زادت أسعار السولار خلال تطبيق هذا البرنامج الاقتصادي بنحو 400 في المائة.
وفي مايو (أيار) الماضي رفعت مصر أسعار تذاكر شبكة مترو الإنفاق في مصر بمعدلات تصل إلى 250 في المائة، ثم أعلنت هذا الشهر عن زيادات في أسعار الكهرباء على مختلف شرائح الاستهلاك بمتوسط 26.6 في المائة خلال السنة المالية التي تبدأ في يوليو 2018.
كما كشفت الجريدة الرسمية في مصر الشهر الحالي عن قرار وقعه رئيس الوزراء السابق، شريف إسماعيل، لزيادة أسعار مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي بما يصل إلى 46.5 في المائة، وهي ثاني زيادة في أقل من عام.
لكن الحكومة ترى أن إجراءات رفع أسعار الطاقة والخدمات العامة ضرورية للسيطرة على نفقات الموازنة، خصوصاً في ظل أسعار البترول العالمية، وقال وزير البترول المصري، طارق الملا، أمس لوكالة «رويترز»، إن الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود ستوفر للميزانية 50 مليار جنيه (2.8 مليار دولار).
وتتطلع الحكومة لخفض عجز الموازنة خلال العام المالي 2018 - 2019 إلى ما يساوي 8.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 9.8 في المائة متوقعة للعام المالي الحالي.
وتجاوزت أسعار النفط العالمية خلال العام المالي الحالي توقعات الحكومة وقت أن وضعت موازنة هذا العام، حيث تقول إنها كانت تتوقع أن يكون متوسط سعر برميل خام برنت 55 دولاراً، لكنها تقدر الآن متوسط السعر في هذا العام بـ60 دولاراً، وترجح أن يكون متوسط سعر الخام العام المقبل 67 دولاراً، ويساهم ارتفاع أسعار النفط العالمية في زيادة الضغوط على الحكومة لرفع أسعار الوقود المحلي، لتتمكن من تحقيق مستهدفاتها بشأن كبح عجز الموازنة.
وقال وزير المالية المصري محمد معيط، في بيان أمس، إن «استمرار الأسعار العالمية للبترول كما هي الآن كان يتوقع معها أن ترفع فاتورة الدعم إلى 180 مليار جنيه، أي ضعف مخصصات دعم الوقود بالموازنة العامة... ولذا تم اتخاذ قرار تحريك أسعار الوقود».
وأشار إلى تبني الدولة مؤخراً حزمة من التعديلات الضريبية تتكلف ما يقرب من 60 مليار جنيه (نحو 3.3 مليار دولار) لتخفيف حدة الضغوط الاجتماعية على المواطنين، التي تشمل رفع حد الإعفاء الضريبي من ضريبة الدخل من 7200 جنيه شهرياً إلى 8000 جنيه، ورفع حدود الخصم الضريبي على الدخل للجميع إلى نسب تصل إلى 85 في المائة.
وعاش المصريون تحت ضغوط تضخمية قوية في أعقاب تعويم صادم للعملة المحلية في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2016، حيث تجاوز معدل التضخم السنوي مستوى 30 في المائة خلال العام 2017.
وتأتي الزيادات الأخيرة في أسعار الخدمات العامة والوقود بعد هدنة التقاط أنفاس من التضخم المرتفع، مع هدوء وتيرة التضخم السنوي خلال الأشهر الأخيرة ليصل في مايو (أيار) إلى 11.4 في المائة، لكن الارتفاعات الجديدة ستزيد معدل التضخم من جديد.
وتعليقاً على زيادات الوقود، قالت ريهام الدسوقي، خبيرة اقتصادية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «التأثير سيكون محدوداً نسبياً على التضخم السنوي من 13 - 14 في المائة حسب درجة زيادة الأسعار في الشهرين المقبلين».
وأضافت: «أعتقد أن قدرة الشركات على زيادة الأسعار ستكون محدودة في الأجل القصير، والزيادة ستكون تدريجية وموزعة على الشهور المقبلة... الأثر على المستهلكين سيكون أكبر على أصحاب الدخول الدنيا والمتوسطة، بحسب الزيادة في تكاليف المواصلات والسلع الاستهلاكية».


مقالات ذات صلة

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)
ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)
TT

الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)
ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أمس (الثلاثاء)، ميزانية عام 2025 بإيرادات متوقعة عند 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، ونفقات بقيمة 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، وعجز بـ101 مليار ريال (26.9 مليار دولار).

وتظهر أرقام الميزانية المحافظة على الاستدامة المالية والاستمرار في تنفيذ الإصلاحات لتعزيز قوة الاقتصاد.

وقال ولي العهد في كلمة عقب إقرار الميزانية، إن المملكة ستواصل العمل على تنويع وتوسيع القاعدة الاقتصادية وتعزيز متانة مركزها المالي. وأضاف أن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة ويوجِد فرصاً غير مسبوقة.

وأكد الأمير محمد بن سلمان استمرار مساهمة الإنفاق الحكومي في تنويع الاقتصاد من خلال التركيز على تمكين القطاعات الواعدة، وتعزيز جذب الاستثمارات، وتحفيز الصناعات، ورفع نسبة المحتوى المحلي والصادرات غير النفطية. كما شدد على الاستمرار في تحقيق كامل برامج «رؤية 2030» والاستراتيجيات الوطنية، وتعزيز دور القطاع الخاص لزيادة مساهمته في المشاريع الاستثمارية، ما يمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام. وشدد على أن «المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل رؤية المملكة 2030»، معتبراً أن الإصلاحات التي قامت بها المملكة «انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية، نتيجةً لتبني الحكومة سياسات مالية تساهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي».