العراق: «تيار الحكمة» يرفض العودة إلى صيغة «التحالف» الشيعي

ترحيب من علاوي وتيارات سنيّة بمبادرة العبادي لعقد «لقاء وطني»

أطفال عراقيون في متنزه بمدينة الصدر في بغداد في ثاني أيام عيد الفطر أمس (أ.ف.ب)
أطفال عراقيون في متنزه بمدينة الصدر في بغداد في ثاني أيام عيد الفطر أمس (أ.ف.ب)
TT

العراق: «تيار الحكمة» يرفض العودة إلى صيغة «التحالف» الشيعي

أطفال عراقيون في متنزه بمدينة الصدر في بغداد في ثاني أيام عيد الفطر أمس (أ.ف.ب)
أطفال عراقيون في متنزه بمدينة الصدر في بغداد في ثاني أيام عيد الفطر أمس (أ.ف.ب)

تواصلت الاتصالات والتحركات على خط تشكيل التحالفات بين الكتل السياسية العراقية تمهيداً لتكوين كتلة نيابية قادرة على تأمين ثقة البرلمان برئيس جديد للحكومة عقب الانتخابات النيابية الأخيرة التي لم تُفرز فائزاً واضحاً. وكان لافتاً أمس، أن زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم دعا إلى اختيار تشكيلة وزارية من «التكنوقراط المتخصص»، سواء كان مستقلاً أم سياسياً، معتبراً أن «الأغلبية الوطنية» تمثل حلاً واقعياً ومقبولاً لبعض إشكالات النظام السياسي.
وجاء ذلك في وقت دعا إياد علاوي، زعيم «ائتلاف الوطنية»، إلى عقد لقاء وطني موسع للإسراع في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ). وقال: «ائتلاف الوطنية»، في بيان صحافي أمس: «نؤكد على ضرورة عقد لقاء وطني موسع للقوى الفائزة بعد دعوة وجهها رئيس مجلس الوزراء (حيدر العبادي) وبحضور الإخوة الكرد، ونثمن عالياً مبادرة وجهود سماحة مقتدى الصدر في هذا الإطار وحرصه على تحقيق الإجماع الوطني». وأضاف «ائتلاف» علاوي: «مع مرور الوقت وللحاجة الماسة لحسم ملف النتائج تمهيداً لبدء المرحلة التي تليها التي تتمثل بمشاورات الاتفاق على الشكل العام للبرنامج الحكومي من خلال الحوار الوطني المقبل وركائزه، يدعو ائتلاف الوطنية الجهات المعنية إلى الإسراع في حسم التحقيقات التي تتعلق بعمليات التزوير والتلاعب التي شهدتها الانتخابات لغرض تصحيح المسار الانتخابي».
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد دعا عشية عيد الفطر إلى عقد مؤتمر وطني لبلورة الأفكار والإسراع بدعوة البرلمان إلى الانعقاد واستكمال الإجراءات الدستورية لتشكيل الحكومة المقبلة.
في غضون ذلك، قال عمّار الحكيم في خطبة صلاة عيد الفطر: «من الخطأ العودة إلى المعادلة القديمة وتوقّع الحصول على نتائج أفضل، فالاصطفافات المذهبية والقومية لا تستطيع إنتاج حكومة وطنية تلبي طموحات شعبنا».
وتعليقاً على عبارة «الأغلبية الوطنية» التي وردت في خطبة الحكيم، أوضح القيادي في «تيار الحكمة» محمد جميل المياحي لـ«الشرق الأوسط»، أنها تعني أن «يتشكل تحالف واسع يمثل الكتلة الأكبر، ويضم قوى مختلفة من المكوّنات العراقية العربية بشقيها الشيعي والسني وقوى كردية تؤلف الحكومة، في مقابل قوى أخرى من المكونات نفسها تذهب إلى المعارضة». واستبعد المياحي «العودة إلى صيغة التحالف الوطني في هذه الدورة، مثلما كانت عليه الحال في الدورات السابقة»، علماً بأن هذا التحالف كان يجمع بين صفوفه «أغلبية القوى الشيعية الممثلة في البرلمان». ورأى أن «المشكلة لا تتعلق بالتحالف الشيعي فقط، إنما الأمر ينطبق على القوى السنية والكردية، فعليها أيضاً أن لا تتكل طائفياً أو قومياً، نريد أن نخلق جبهتي موالاة ومعارضة في البرلمان ممثلة من جميع القوى السياسية».
وتابع: «لدينا اليوم نحو 12 ائتلافاً كبيراً تمثّل المكونات العراقية، لكننا لا نريد أن يكون الجميع في الحكومة، يكفي أن يكون نصف هذا العدد ومن مختلف المكونات في الحكومة والنصف الآخر يذهب إلى المعارضة».
وعلّق المياحي على الاتفاق الأخير بين تحالف «سائرون» الذي يتزعمه مقتدى الصدر و«الفتح» (فصائل «الحشد») الذي يرأسه هادي العامر، فقال: إن «ما تم بين الاثنين حتى الآن هو اتفاق وليس تحالفاً. التحالف الموقع أطرافه (سائرون) و(الوطنية) و(الحكمة)». وحصل تيار «الحكمة» على 19 مقعداً برلمانياً في الانتخابات الأخيرة وحل في المركز السادس في تسلسل الائتلافات العربية الفائزة.
وفي إشارة إلى احتمال التحاق تحالف «النصر» الذي يتزعمه العبادي و«دولة القانون» الذي يتزعمه نوري المالكي بتحالف ثلاثي بين «سائرون» و«الفتح» و«الحكمة»، قال المياحي: «هناك خمسة تحالفات رئيسية شيعية، وليس بالضرورة أن تجتمع جميعها وتشكل الكتلة الأكبر. يكفي أن يجتمع ثلاثة منها وتُشكّل الحكومة ويذهب الباقون إلى المعارضة». ويُتوقع أن يعلن تحالف «سائرون» و«الحكمة» و«الفتح» نفسه الكتلة الأكبر في البرلمان، تاركاً لتحالفي «النصر» (العبادي) و«دولة القانون» (المالكي) خيار الانضمام إلى المعارضة في البرلمان المقبل.
لكن مصدراً قريباً من حزب «الدعوة الإسلامية» استبعد إمكانية حصول اتفاق بين جناحي «الدعوة» المتنافسين، العبادي - المالكي، متحدثاً عن احتمال ذهاب المالكي إلى المعارضة السياسية في حال أخفق في إقناع القوى الشيعية الأخرى بعقد تحالفات مع كتلته. وقال المصدر الذي فضّل عدم الإشارة إلى اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إن المالكي «يتمنى على الأرجح الانضمام إلى تحالف سائرون – الفتح وبقية القوى الشيعية، لكن ذلك احتمال غير وارد مع معارضة مقتدى الصدر وتيار الحكمة إلى حد ما. ولذلك؛ ربما لن يجد المالكي أمامه سوى خيار المعارضة».
ويتفق هاشم الحبوبي، نائب الأمين العام لحزب «الوفاق» بزعامة إياد علاوي «ائتلاف الوطنية»، على عدم وجود إمكانية لإحياء الصيغة السابقة لـ«التحالف الوطني الشيعي»، لكنه يرى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «جميع القوى السياسية زاهدة في موقع المعارضة، وأخشى أن ذلك سيعقّد الأمور ويطيل في عمر (مفاوضات) الاتفاق على شكل الحكومة».
وكان المكتب السياسي لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، نفى أمس ما تناقلته وسائل إعلام حول «التحاق» ائتلاف «دولة القانون» بتحالف «سائرون - الفتح».
وقال مسؤول المكتب السياسي ضياء الأسدي، في بيان، إن «‏وسائل إعلام تكذب وتدلس، نسبوا لي تصريحاً بترجيح التحاق دولة القانون بتحالف (سائرون – الفتح)»، نافياً أن يكون قد قال ذلك.
في غضون ذلك، رحّبت قوى سنيّة بالدعوة التي وجهها حيدر العبادي قبل أيام إلى القوى السياسية بهدف الاجتماع والاتفاق على تشكيل الحكومة المقبلة، حيث أعلن رئيس «تحالف القرار» أسامة النجيفي، أمس، عن استعداده للمشاركة في الاجتماع. وقال النجيفي في بيان صادر عن «تحالف القرار»: «تعقيباً على دعوة رئيس مجلس الوزراء لقادة القوى السياسية لعقد اجتماع بعد عيد الفطر المبارك، نؤكد دعم هذه الدعوة لعقد حوار وطني موسع»، مشيراً إلى «ضرورة مشاركة الجميع وعدم استثناء أحد». وأكد النجيفي «استعداده الشخصي للمشاركة في الاجتماع كرئيس لتحالف القرار وعرض مشروع وطني لمعالجة الأوضاع في العراق»، مشدداً على أن «الواجب الوطني والمسؤولية الأخلاقية تستوجب استنفار كل الجهود من أجل تفكيك المشاكل ومعالجتها وفق مصلحة الشعب».
كما أعلن رئيس تحالف «عابرون» وزير الكهرباء قاسم الفهداوي هو الآخر، أمس، تأييده دعوة العبادي، وقال في بيان، إن «تحالف عابرون يعلن تأييده دعوة رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي إلى عقد اجتماع مع القوى السياسية الوطنية من أجل حوار شامل يضع رؤية جديدة». وشدد على «ضرورة الاتفاق على تشكيل حكومة عابرة للتخندقات تُراعى فيها مصلحة الوطن والمواطن».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.