سكان صنعاء يترقبون معركة الحديدة ويعدّونها نصف الطريق إلى العاصمة

مقاتل تابع للقوات اليمنية المشتركة يطلق النار خلال تحرير الحديدة (إ.ب.أ)
مقاتل تابع للقوات اليمنية المشتركة يطلق النار خلال تحرير الحديدة (إ.ب.أ)
TT

سكان صنعاء يترقبون معركة الحديدة ويعدّونها نصف الطريق إلى العاصمة

مقاتل تابع للقوات اليمنية المشتركة يطلق النار خلال تحرير الحديدة (إ.ب.أ)
مقاتل تابع للقوات اليمنية المشتركة يطلق النار خلال تحرير الحديدة (إ.ب.أ)

يترقب سكان العاصمة صنعاء عملية «النصر الذهبي» التي أطلقتها القوات اليمنية المشتركة والتحالف الداعم للشرعية، أول من أمس (الأربعاء)، لتحرير الحديدة ومينائها، وسط أجواء اغتباط لدى أغلب المواطنين، يرافقه في المقابل، تصاعد في منسوب الهلع لدى أتباع الميليشيات الحوثية، واستمرار من قبل قياداتهم في حملات التحشيد والاستدراج للقتال، وجمع الأموال، والاستثمار الطائفي للمعونات الدولية.
وفي حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، عبّر عدد من سكان العاصمة اليمنية عن ابتهاجهم جراء الأنباء الواردة من الساحل الغربي، التي تتضمن تقدم القوات المشتركة والتحالف الداعم لها جنوب الحديدة، مؤكدين أن تحرير هذه المدينة الساحلية واستعادة مينائها الحيوي، هو نصف الطريق نحو تحرير صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة للجماعة الحوثية، فضلاً عن أنه سيشكل - كما يقولون - بداية النهاية للانقلاب، واستعادة مؤسسات الدولة من قبضة الميليشيات. ويعتقد «محمد. ي» الموظف في قطاع الاتصالات أن معركة الحديدة، ستكون نقطة مفصلية في مسار تحرير اليمن ممن وصفها بـ«ميليشيات إيران»، حيث إنها، من وجهة نظره، ستؤدي إلى حرمان الجماعة الانقلابية من مصادر دخل مالي ضخمة تجنيها جراء سيطرتها على واردات ميناء الحديدة والرسوم الجمركية، إضافة إلى ما يتيحه لها ذلك من استيلاء على المعونات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية وتوجيهها لأتباع الجماعة ومسلحيها.
ويشاطره الرأي في ذلك «قاسم. ج» وهو ضابط عسكري متقاعد، ويضيف بقوله: «الحديدة هي الرافعة الحقيقية لبقاء الجماعة وصمودها، على صعيد تهريب الأسلحة، ليس عبر ميناء الحديدة، وحسب، ولكن عبر عدد من النقاط البحرية الممتدة على طول الساحل الغربي لليمن والمعروفة بأنها منافذ لتهريب الأسلحة والممنوعات». أما «إبراهيم. ن» وهو صاحب متجر في أحد الأحياء الجنوبية لصنعاء، فيرى أن تحرير الحديدة «حجر الزاوية لإسقاط عرش الإمبراطورية المالية للجماعة الحوثية، كما أنه يعني - على حد قوله - «بداية النهاية للجماعة والقضاء على مشروعها، الذي أرهق اليمنيين وقاد إلى تدمير دولتهم».
ورغم الفرحة البادية على وجوه أغلب السكان في صنعاء، باقتراب نهاية الحوثيين في الساحل الغربي، فإنهم يتخوفون من عدم الحسم السريع لمعركة الحديدة، وما يمكن أن يترتب عليه ذلك من توقف عمل الميناء، وانقطاع تدفق السلع والوقود إلى صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة للميليشيات. وحول هذه المخاوف يقول «جميل. ص» وهو أحد الموظفين في القطاع التجاري: «أتمنى أن تحسم المعركة سريعاً، وأن تحرص القوات المشتركة وقوات التحالف على منع الميليشيات من ارتكاب أي حماقات من شأنها أن تعطل عمل ميناء الحديدة، من قبيل تفجيره وتدميره قبل فرارهم».
ويعتقد «صالح ب.» وهو طالب جامعي، أن الميليشيات الحوثية ستحول سكان صنعاء وبقية المدن إلى رهائن لديها، لاستنزافهم والاحتماء بهم، بخاصة وأنها كما يقول: «ستعمل على إقامة منافذ جمركية على مداخل صنعاء وعمران وذمار، لفرض ضرائب وجمارك جديدة، على السلع المقبلة من الحديدة، كما عملت في شأن البضائع المقبلة من ميناء عدن وبقية المناطق الخاضعة للشرعية».
ويقترح زميله «محمد. ل». وهو ناشط حقوقي ومتطوع في مجال العون الإنساني، أن الحل الأمثل هو «أن تتسارع وتيرة العمليات العسكرية بعد تحرير الحديدة، نحو صنعاء، لإنقاذ السكان من القمع والممارسات الإرهابية التي ستتواصل بحقهم من عناصر الجماعة الحوثية، وعدم إعطاء الميليشيات أي فرصة لترتيب أوراقهم في بقية المناطق الخاضعة لهم».
وفي الوقت الذي تروج فيه الجماعة الحوثية عبر وسائل إعلامها، أن تحرير الحديدة وسيطرة الشرعية اليمنية وقوات التحالف الداعم لها على ثاني أكبر موانئ البلاد، الهدف منه حصار صنعاء ومنع الدواء والغذاء والوقود على السكان بدأت بوادر أزمة وقود في صنعاء، بالتزامن مع إقبال الناس على تخزين المواد الغذائية خشية من ارتفاع أسعار السلع وتحسباً لمنع الجماعة الحوثية لدخول البضائع، بعد أن تخسر ميناء الحديدة وعائداته المالية الضخمة.
وفي حين تطغى على أغلب سكان صنعاء انشغالاتهم بالتحضير للعيد، فإن جلساتهم ونقاشاتهم، يتصدرها دائماً الحديث عن معركة تحرير الحديدة بين مستبشر ومتخوِّف من تداعياتها قريبة الأمد، كما أصبح مضمون رسائلهم المتبادلة عبر برامج التواصل وتطبيقات التراسل الفوري، يدور في فلك المعركة وتطوراتها الميدانية، بعيداً على رقابة الميليشيات الحوثية وأجهزتها القمعية.
وباستثناء التواصل الضروري بين أغلب سكان العاصمة وأتباع الجماعة الحوثية، أصبح المنتمون إلى الجماعة - كما يقول «سليم. ر» الموظف في القطاع المصرفي - يعيشون حالة عزلة عن بقية فئات المجتمع، لذلك، يبقى الحديث في المجالس والأماكن العامة بعيداً عن أخبار معركة الحديدة، إلا بعد تأكد الحاضرين من عدم وجود أي شخص من أتباع الحوثي.
في غضون ذلك، دفعت حالة الهلع المتصاعدة في أوساط عناصر الجماعة وقياداتها، جراء تضييق الخناق عليهم في الحديدة، إلى تكثيف التحركات من أجل حشد المجندين، وتسخير كل الأساليب المتاحة من أجل الاستقطاب والتجنيد، وجمع الأموال لدعم الجبهات، والقوافل الغذائية.
وفي هذا السياق، سخرت الجماعة الانقلابية المنظمات والجمعيات الطائفية التي أنشأتها، للاستيلاء عبرها على المعونات الدولية الإنسانية، من أجل تكثيف جهودها في أوساط الفئات الفقيرة، لتوزيع السلال الغذائية وملابس العيد، تحت عناوين طائفية ومن أجل إقناع الأهالي بإرسال أبنائهم إلى جبهات القتال.
وذكر سكان في الأحياء المحيطة بصنعاء، أن عناصر المنظمات الحوثية طرقوا منازلهم لتقديم مواد غذائية، أو ملابس، من المعونات التي قدمتها المنظمات الدولية، وكانوا يقولون لهم أثناء إن المساعدات هي هدية لهم من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بمناسبة رمضان وحلول العيد، أو أنها مقدمة من رئيس مجلس حكمهم الصريع صالح الصماد.
كما أفاد موظفون في القطاع الصحي، لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة الحوثية استولت على أغلب الدعم الإنساني الدولي في المجال الطبي والصحي المقدم إلى أرياف العاصمة صنعاء (محافظة صنعاء) وقامت ببيعه وتجهيز قوافل غذائية بثمنه للمجهود الحربي في جبهة الساحل الغربي.
وذكرت المصادر أن عناصر الميليشيات الحوثية، أقدموا على شحن أسلحة وذخائر ضمن القوافل الغذائية، على متن سيارات نقل مدنية، خشية أن يتم استهداف الإمدادات من قبل طيران تحالف دعم الشرعية، قبل أن تصل إلى الحديدة.
إلى ذلك، أكد مجندون انشقوا عن الميليشيات وعادوا إلى صنعاء من الحديدة، في حديث معهم لـ«الشرق الأوسط» أن قيادات الجماعة المسؤولين عنهم أمروا بفصلهم ووقف رواتبهم الشهرية، فيما ذكر بعضهم أنهم وصلوا إلى قناعة تامة بعدم جدوى القتال مع الجماعة التي لا هدف لها، على حسب تعبيرهم، سوى أن تدفعهم إلى الموت في معارك خاسرة ومحسومة سلفاً.
كما أفادت مصادر محلية في صنعاء، وأخرى موالية لحزب «المؤتمر الشعبي» بأن عدداً من أحياء العاصمة صنعاء شهدت إطلاق نار متبادلاً بين عناصر الميليشيات، ومجندين تابعين لهم هربوا من معركة الساحل الغربي، وقرروا العودة إلى منازلهم، فيما تسعى الجماعة إلى اعتقالهم وتقديمهم إلى محاكمات عسكرية بتهمة ما تسميه «الفرار من الزحف»، وهي تهمة كان زعيمها الحوثي أمر بأن تواجه بالإعدام.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.