مواجهات ساخنة في تاريخ المونديال على خلفية صراعات سياسية

الاتحاد الدولي لكرة القدم يمنع خلط السياسة بالرياضة ولكن بعض المواجهات تفرض نفسها

ألمانيا الغربية – المجر (كأس العالم 1954 في سويسرا)
ألمانيا الغربية – المجر (كأس العالم 1954 في سويسرا)
TT

مواجهات ساخنة في تاريخ المونديال على خلفية صراعات سياسية

ألمانيا الغربية – المجر (كأس العالم 1954 في سويسرا)
ألمانيا الغربية – المجر (كأس العالم 1954 في سويسرا)

يضع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) العديد من القواعد الصارمة لمنع تدخل السياسة في كرة القدم لكن الخلافات السياسية أحيانا ما تلقي بظلالها القاتمة على المونديال بسبب قرعة البطولة وطبيعة اللعبة التي تفرض فوز طرف واحد في أي لقاء في كثير من الأحيان.
وعندما يحدث ذلك في كأس العالم تأخذ هذه المباريات منعطفا مختلفا ويكون الاهتمام بها في البلدين المتنافسين ربما مماثلا لأهمية الفوز بكأس العالم.
ولن تخلو البطولة المقبلة في روسيا من مباريات ذات طابع سياسي كتلك بين المغرب وإيران في المجموعة الثانية.
فالمغرب قطع علاقته الدبلوماسية بإيران الشهر الماضي بسبب مساندة الأخيرة لجبهة البوليساريو الساعية لاستقلال الصحراء المغربية.
وقال المغرب إن إيران وحليفها حزب الله يساندان البوليساريو بالتدريب والأسلحة عن طريق السفارة الإيرانية في الجزائر.
ورغم صعوبة مهمة المغرب أو إيران في مجموعة تضم معهما إسبانيا المدججة بالنجوم والبرتغال بطل أوروبا، سيكون لمباراة الفريقين طابعا خاصا.
ونستعرض معكم أهم المباريات التي أخذت طابعا سياسيا في كأس العالم.

ألمانيا الغربية – المجر (كأس العالم 1954 في سويسرا)
بعد انتهاء الحرب العالمية وانقسام ألمانيا سيطرت أميركا وحلفاؤها على الجزء الغربي بينما كان الاتحاد السوفيتي يسيطر على ألمانيا الشرقية ودول شرق أوروبا ومن بينها المجر.
ولم تكن هناك عداوة بين البلدين لكنها كانت مواجهة بين فكرين سياسيين وهما الشيوعية والليبرالية.
لعبت ألمانيا الغربية ضد المجر مرتين في هذه النسخة انتهت الأولى لصالح المجر الفريق الأقوى عالميا في ذلك الوقت وبطل الأولمبياد فيما انتصرت ألمانيا الغربية في النهائي لتحصد اللقب.
وقال يواخيم فيست المؤرخ والصحفي الالماني "الفوز بكأس العالم كان بمثابة تحرير الألمان مما كان يثقل كاهلهم عقب الحرب العالمية الثانية... الرابع من يوليو تموز كان بداية تأسيس الجمهورية الألمانية".

ألمانيا الغربية – ألمانيا الشرقية (كأس العالم 1974 في ألمانيا الغربية)
شهدت البطولة الظهور الوحيد لألمانيا الشرقية في كأس العالم ويشاء القدر أن تكون ألمانيا الغربية هي المضيفة.
وشهدت البطولة غياب قوى غرب أوروبا مثل إنجلترا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال بينما ربما كان الوجود الأكبر لدول شرق أوروبا الشيوعية في ذلك الوقت بتأهل يوغسلافيا وبولندا وبلغاريا.
ووقعت الألمانيتان في مجموعة واحدة وعندما حانت المواجهة في هامبورج كانتا ضمنتا التأهل إلى الدور التالي.
وكانت المباراة بين طرفين أحدهما محترف وهو ألمانيا الغربية وأغلب تشكيلته تضم لاعبي بايرن ميونيخ الفائز بكأس اوروبا على حساب أتليتيكو مدريد.
بينما على الجانب الاخر كان يعمل لاعبو ألمانيا الشرقية في أعمال أخرى بجانب كرة القدم لكنها كانت تملك فريقا قويا أغلبه من ماجدبورج الفائز بكأس أبطال الكؤوس الاوروبية على حساب ميلان الايطالي قبل ذلك بأكثر من شهر بقليل بالإضافة إلى حصولها على برونزية أولمبياد 1972 في ميونيخ.
وانتهت المباراة بفوز المانيا الشرقية 1-صفر بهدف يورجن شبارفاسر تحت أنظار 1500 مشجع من ألمانيا الشرقية تم اختيارهم من قبل السلطات الشيوعية للسفر إلى هامبورج بالقطار لكنهم شجعوا ألمانيا الغربية.
وقال شبارفاسر الذي هرب إلى ألمانيا الغربية في 1988 أي قبل عام واحد من انهيار سور برلين "انطلقت شائعات بمكافآت كبيرة لي بهدف الفوز بالحصول على سيارة ومنزل ومبلغ مالي لكن هذا لم يكن حقيقيا".

الأرجنتين – هولندا (كأس العالم 1978 في الارجنتين)
كانت الأرجنتين واقعة تحت حكم الديكتاتور خورخي رافائيل فيديلا وقرر يوهان كرويف أسطورة الكرة الهولندية عدم السفر مع المنتخب إلى البلد المستضيف.
وزادت التكهنات عن السبب الحقيقي وراء رفض كرويف السفر هو معاداته للديكتاتورية واليمين المتشدد لكن قبل نحو عشرة أعوام تحدث لاعب برشلونة السابق عن السبب الحقيقي وراء عدم مشاركته في البطولة.
وقال كرويف إنه تعرض وعائلته لعملية خطف فاشلة في برشلونة قبل نحو خمسة أشهر من البطولة وكان أطفاله يذهبون إلى المدرسة بصحبة الشرطة ويذهب هو إلى مباريات برشلونة ومعه حارس شخصي.
وأضاف الراحل كرويف "كل هذه الأمور تغير وجهة نظرك للعديد من الأشياء. هناك لحظات في الحياة تكتشف فيها أهمية بعض القيم الأخرى. كانت لحظة لترك كرة القدم ولم استطع اللعب في كأس العالم".
لكن ربما السبب وراء الطابع السياسي للمباراة هو دخول إحدى المحطات التلفزيونية الهولندية إلى الأرجنتين بحجة تغطية كأس العالم لكنها أنتجت تقريرا عن أمهات المفقودين السياسيين وهو التقرير الذي لفت الانتباه لجرائم فيديلا.

الأرجنتين – إنجلترا (كأس العالم 1986 في المكسيك)
في أبريل نيسان 1982 اجتاحت القوات الأرجنتينية جزر فوكلاند الواقعة تحت الحكم البريطاني التي تبعد 300 ميل عن الأرجنتين.
وتسبب الصراع الذي استمر لعشرة أسابيع في قتل أكثر من 900 شخص من الجانبين واستسلمت الأرجنتين يوم 14 يونيو حزيران.
وبعد ذلك بأربعة أعوام التقت الارجنتين وإنجلترا في دور الثمانية في كأس العالم بالمكسيك وكانت بقايا حرب فوكلاند ما زالت باقية وتحدث دييجو أرماندو مارادونا عن أن لاعبي الأرجنتين دخلوا المباراة "وهم يفكرون في أخواننا الذين تم قتلهم كما يتم صيد العصافير".
وأحرز مارادونا هدفين في شباك إنجلترا أحدهما ربما هو الأفضل في تاريخ كأس العالم والأخر أحرزه بيده ووصفه بأنه "يد الرب"، محاولا إصباغ العدالة على ما فعله.
لكن الحديث عن فوكلاند لم ينته ففي مباراة ودية ضد سلوفينيا استعدادا لكأس العالم 2014 رفع لاعبو الارجنتين صورا تؤكد أحقية البلاد في فوكلاند، وهو ما أثار غضب فيفا بسبب توظيف السياسة في كرة القدم.

إيران – أمريكا (كأس العالم 1998 في فرنسا)
عندما أجريت قرعة المجموعات للبطولة ووقعت أمريكا وإيران في المجموعة السادسة وصف رئيس الاتحاد الأميركي المباراة بأنها ستكون "أم المباريات" بسبب سوء العلاقات بين البلدين منذ أحداث الثورة الإيرانية وأزمة الرهائن.
وأقيمت المباراة في ليون وربما كانت المرة الأولى في تاريخ كأس العالم التي يتم التقاط صور الفريقين قبل انطلاق المباراة وهما معا.
وانتصرت إيران 2-1 لتودع أميركا البطولة لكن المباراة مرت بسلام في النهاية على الرغم من كل المشاكل التي أحاطت بها خارج وداخل الملعب ومنها أوامر علي خامنئي المرشد الأعلى للاعبي إيران بعدم الذهاب لمصافحة المنتخب الأميركي.

البرتغال – أنجولا (كأس العالم 2006 في ألمانيا)
قبل استقلالها في 1975 عاشت أنجولا تحت الحكم البرتغالي لنحو 500 عام وكانت العلاقة سيئة بين البلدين.
وألغيت مباراة ودية بينهما في 2001 بعد طرد أربعة لاعبين من أنجولا بسبب التدخلات العنيفة ومع إصابة هيلفر فيسنتي في الدقيقة 67 وانتهاء تغييرات أنجولا قرر الحكم إلغاء المباراة والنتيجة تشير إلى تقدم البرتغال 5-1.
وفي ألمانيا أحرز بيدرو باوليتا هدفا في الدقيقة الرابعة كان كافيا لفوز البرتغال 1-صفر وأكمل الفريقان المباراة بدون أي حالات طرد.


مقالات ذات صلة

«آر دبليو. إن آر إكس» يلفت الأنظار في كأس العالم للرياضات الإلكترونية

رياضة سعودية الفريق التركي تألق بشكل واضح في البطولة (الشرق الأوسط)

«آر دبليو. إن آر إكس» يلفت الأنظار في كأس العالم للرياضات الإلكترونية

لفت الفريق التركي «آر دبليو. إن آر إكس» الأنظار في مرحلة «سوڤايڤر ستيج» ضمن منافسات «ببجي موبايل».

لولوة العنقري (الرياض)
رياضة سعودية النجم البرازيلي لنادي الهلال السعودي استمتع بوقته وآزر الفرق البرازيلية المنافسة في كأس العالم (الشرق الأوسط)

نيمار يلفت الأنظار في كأس العالم للرياضات الإلكترونية

تواجد النجم البرازيلي ولاعب نادي الهلال السعودي نيمار، السبت، في سيف أرينا ببوليفارد رياض سيتي، وحضر منافسات كأس العالم للرياضات الإلكترونية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عالمية ملعب سانتياغو بيرنابيو مرشح لاستضافة مونديال 2030 (إ.ب.أ)

ملعبا ريال مدريد وبرشلونة مرشحان لاستضافة مونديال 2030

اقترح الاتحاد الإسباني لكرة القدم 11 ملعبا لاستضافة مباريات كأس العالم 2030... بينها ملاعب أندية ريال مدريد وبرشلونة وأتليتيكو مدريد.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية غراهام بوتر (د.ب.أ)

بوتر يرفض الحديث عن ترشيحه لتدريب إنجلترا

تفادى غراهام بوتر، مدرب سابق لفريقي تشيلسي وبرايتون، التحدث عن التكهنات التي تربط اسمه بتولي تدريب المنتخب الإنجليزي لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة سعودية لُعبت الأربعاء 7 مواجهات بنظام الإقصاء (الشرق الأوسط)

«كونتر سترايك» تشعل منافسات كأس العالم للرياضات الإلكترونية

انطلقت، الأربعاء، منافسات بطولة «كونتر سترايك 2» ضمن فعاليات كأس العالم للرياضات الإلكترونية والتي يتنافس فيها 15 من نخبة فرق العالم على لقب البطولة.

لولوة العنقري (الرياض) هيثم الزاحم (الرياض)

في أي عمر يتألق الأبطال الأولمبيون؟

تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
TT

في أي عمر يتألق الأبطال الأولمبيون؟

تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)

هناك الكثير من العوامل التي تدخل ضمن مساعي الرياضيين الأولمبيين للحصول على الذهب، أبرزها المواظبة على التدريب وقضاء سنوات من الصرامة والشدة مع النفس، لكن عمر الرياضي أيضاً يعد أحد أهم هذه العوامل، وفق فريق بحثي من جامعة واترلو الكندية، استخدم الإحصائيات لمعرفة متى يبلغ أداء الرياضيين الأولمبيين في سباقات المضمار والميدان ذروته؟

ووفق نتائج الدراسة المنشورة في دورية «سيجنيفيكنس» (Significance) يتدرب معظم الرياضيين عادةً على مدار عدة سنوات للوصول إلى أفضل أداء ممكن لديهم أو ما يعرف بـ«ذروة الأداء» في سن معينة، قبل أن يتراجع مستوى الأداء تدريجياً.

قال ديفيد أووسوجا، طالب الماجستير في علوم البيانات بجامعة واترلو، والباحث الرئيسي للدراسة: «على عكس الرياضات الأولمبية الأخرى مثل كرة القدم، والتنس، التي لها منافساتها رفيعة المستوى خارج نطاق الألعاب الأولمبية، فإن دورة الألعاب الأولمبية هي أكبر مسرح يتنافس فيه رياضيو سباقات المضمار والميدان».

عبد الرحمن سامبا العدّاء القطري (الأولمبية القطرية)

وأضاف في بيان، نشر الأربعاء، على موقع الجامعة: «نظراً لأن الألعاب الأولمبية تقام مرة واحدة فقط كل أربع سنوات، يجب على الرياضيين في سباقات المضمار والميدان، أن يفكروا بعناية في متى وكيف يجب أن يتدربوا لزيادة فرص تأهلهم للأولمبياد لأقصى حد، بينما يكونون في ذروة الأداء الشخصي لهم». وتضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي.

قام باحثو الدراسة بتنظيم مجموعة بيانات الأداء الرياضي الاحترافي، سنة بعد سنة، لكل رياضي مسابقات «المضمار والميدان» الذين شاركوا ضمن المنافسات الفردية في دورات الألعاب الأولمبية، منذ دورة الألعاب التى أقيمت في عام 1996 في أتلانتا بالولايات المتحدة.

حلل الباحثون البيانات التي أخذت في الاعتبار خمسة عوامل: «الجنس، والجنسية، ونوع المسابقة الرياضية، ومدة التدريب الرياضي على مستوى النخبة المتميزة من الرياضيين، وما إذا كان هذا العام هو العام الذي عقدت فيه مسابقات الأولمبياد أم لا».

ووجدوا أن متوسط ​​عمر مشاركة الرياضيين الأولمبيين في ألعاب المضمار والميدان ظل ثابتاً بشكل ملحوظ لكل من الرجال والنساء على مدى العقود الثلاثة الماضية: أقل بقليل من 27 عاماً.

وهو ما علق عليه أووسوجا: «من المثير للاهتمام أن تحليلنا أظهر أن متوسط ​​​​ العمر للوصول إلى (ذروة الأداء) لهؤلاء الرياضيين كان 27 عاماً أيضاً».

ووفق النتائج، فإنه بعد سن 27 عاماً، هناك احتمال تبلغ نسبته 44 في المائة فقط، أن تكون لا تزال هناك فرصة أمام المتسابق للوصول إلى ذروة الأداء الرياضي، ولكن ​​في الأغلب ينخفض هذا الرقم مع كل عام لاحق لهذا السن تحديداً.

وقال ماثيو تشاو، الباحث في الاقتصاد بالجامعة، وأحد المشاركين في الدراسة: «العمر ليس العامل الوحيد في ذروة الأداء الرياضي»، موضحاً أن «الأمر المثير حقاً هو أننا وجدنا أن مدى وعي الرياضي بتوقيت البطولة، يساعد على التنبؤ بأدائه الرياضي بجانب درجة استعداده لها». وبينما يؤكد الباحثون أن تحليلهم نظري في الأساس، فإنهم يأملون أن تكون النتائج مفيدة لكل من الرياضيين والمشجعين.

ووفق أووسوجا فإن أهم النقاط التي نستخلصها من هذه الدراسة، هي أن «هناك قائمة من المتغيرات تساعد في التنبؤ بموعد ذروة الأداء لدى الرياضيين الأولمبيين».

وأضاف: «لا يمكنك تغيير سنة الألعاب الأولمبية، أو تغيير جيناتك، أو جنسيتك، ولكن يمكنك تعديل أنظمة التدريب الخاصة بك لتتماشى بشكل أفضل مع هذه المنافسات الرياضية».

وأشار تشاو إلى أن هذا النوع من الأبحاث يظهر لنا مدى صعوبة الوصول إلى الألعاب الأولمبية في المقام الأول، مضيفاً أنه «عندما نشاهد الرياضيين يتنافسون في سباقات المضمار والميدان، فإننا نشهد وفق الإحصائيات كيف يكون شخص ما في ذروة أدائه البدني، بينما يستفيد أيضاً من توقيت المنافسات ويكون محظوظًا للغاية».