كرواتيا... بلد الألف جزيرة والبحيرات المتلونة

طبيعتها ومزاراتها تستهوي عشاق الاستجمام والرومانسية

لا يزال تأثير الإمبراطورية الرومانية واضحاً في مدينة بولا
لا يزال تأثير الإمبراطورية الرومانية واضحاً في مدينة بولا
TT

كرواتيا... بلد الألف جزيرة والبحيرات المتلونة

لا يزال تأثير الإمبراطورية الرومانية واضحاً في مدينة بولا
لا يزال تأثير الإمبراطورية الرومانية واضحاً في مدينة بولا

قد لا تكون قصورها بفخامة قصور فيينا ومتاحفها، وقد لا تقارن أسواقها بأسواق باريس التي تفيض بالعلامات العالمية والأسماء التي توجه مسارات الموضة، لكنّها حتماً تشكّل مشهدا سياحيا خاصة لا يُفوت. بروعة جزرها وسحر بحيراتها وجبالها وشواطئها فإنها بمثابة درة طبيعية تزيدها مياه البحر الأبيض المتوسط والبحر الأدرياتيكي تلألؤا.
هذه هي كرواتيا، وجهة سياحية تستحق الاكتشاف لمن لا يعرفها أو لم يفكر في زيارتها.
تقع في جنوب شرقي أوروبا ولا يزيد عدد سكانها عن 4.29 مليون نسمة. رغم كل ثرائها السياحي الطبيعي، ظلت بعيدة عن الأنظار لعقود، إلى أن فضت رداء الشيوعية. حينها خرجت عن لحاف دولة يوغسلافيا، وأعلنت استقلالها ليبدأ اقتصادها بالنّمو بوتيرة متسارعة، خصوصا بعد أن أمست عضواً في الاتحاد الأوروبي، محتفظة بعملتها الـ«كونا» ولم تستبدلها باليورو، الذي تستخدمه إلى جانب عملتها الخاصة. يعادل اليورو نحو 7 كونا أو أكثر بقليل.
- بوتقة تاريخية وثقافية
يقال بأن سكانها وصولوا إليها في بداية القرن السابع الميلادي، إلا أن هذه المعلومة تبقى غير موثوقة، فبعض النظريات الأخرى تقترح أن يكون وصولهم قد حصل ما بين القرنين السادس والتاسع. كما وصلها خليط من السلاف والصرب، ونشأت على أرضها إمبراطوريات غازية من رومانية وعثمانية وهابسبورغ مجري الهيمنة إلى جانب تدخلات فرنسية وبريطانية وألمانية نازية وإيطالية فاشية، قبل أن تقع تحت سيطرة الاتحاد السوفياتي سابقاً.
كسبت كرواتيا من هذا الخليط السياسي والثقافي ثراء سياحيا من حيث المعالم ووفرة الآثار التي ما يزال بعضها ظاهراً، كما انعكست على مطبخها الذي تنوع وتشعب رغم غلبة الأطباق الإيطالية والمأكولات البحرية اكتسبت مع الوقت «نكهة وعبقا كرواتيا» كما يقولون. ويتحدث الكروات في المناطق السياحية القليل من الإنجليزية لأن اللغتين الألمانية والإيطالية أكثر تحدّثا.
- بنية تحتية سياحية
تبقى البنية التحتية السياحية في كرواتيا بسيطة مقارنة بالدول الأوروبية المجاورة لها، إلّا أنّها تُعتبر جيدة ومهيأة سياحيا. السفر إليها ليس باهظ الثمن وفي الوقت ذاته سهل. فرغم أنها لا تدخل ضمن الدّول في اتفاقية شينغن ذات الحدود والفضاءات المفتوحة فإنها تقبل تأشيرتها طالما ختمت من إحدى الدول الموقعة على الاتفاقية. وعبر جاراتها يُمكن للسائح العبور إليها، من سلوفينيا وإيطاليا والمجر. ومن الممتع أن يخوض من رغب زيارتها وجاراتها هذه المغامرة بالسيارة لاكتشاف جمال الطبيعة من جهة، ولسهولة التنقّل والتجوّل فيها من دون قلق من جهة ثانية. بالإضافة إلى كل هذا، تتوفر على السكن التقليدي في فنادق أو شقق معدة خصيصا للإيجار، لكنّ النصيحة هي أن يحجز السائح غرفته في أي فندق مسبقاً وقبل السفر حتى لا يفاجأ، وهناك طرق مختلفة للحجز، عبر الشبكة العنكبوتية أو المكاتب السياحية. فمع الطفرة السياحية التي تعيشها كرواتيا في السنوات الأخيرة تتوفر شقق جديدة ومؤثثة في مواقع خلابة قبالة البحر سواء الأدرياتيكي أو الأبيض المتوسط.
- شواطئ وبحيرات ومدن قديمة
إلى جانب الشواطئ البكر والبحيرات التي تختلف ألوان مياهها من بحيرة إلى أخرى، تمتاز المدن والقرى الكرواتية بأحياء قديمة تثير الانتباه بأزقّتها الضيقة المتداخلة ومعمارها القديم. في كل ركن منها تنتشر مطاعم ومعارض ومتاجر حديثة.
يزدان الجو العام في كرواتيا بالهدوء والإحساس بالأمان والنظام وإمكانية السهر والتجوال حتى وقت متأخر من الليل، حيث تتوفر معظم الخدمات في المناطق السياحية، بما في ذلك رحلات على متن القوارب والمراكب طول اليوم. وقد لا يزيد سعر المقعد للفرد الواحد عن 5 يوروات.
من أجمل المدن الكرواتية وأشهرها في خريطة البلاد السياحية هي دوبروفنيك Dubrovnik وجزيرة كرك KRK ومدينة سبليت Split ومدينة بولا (Pula) ويتوسطها المدرج الروماني المطل على البحر الأدرياتيكي، الذي يعود تاريخ تشييده إلى القرن الميلادي الأول. ولا يزال يُعتبر حتى اليوم جوهرة معمارية، يحتضن أكبر مسرح موجود في مدرج روماني من بين المتاحف الستة المتفرقة في دول العالم. مسرح يستوعب 20 ألف متفرج، ويُستخدم اليوم كسينما في الهواء الطلق، كما يستضيف فعاليات متنوعة مثل هوكي الجليد وأسواق الطعام وغيرها من المهرجانات الموسيقية. كما تنتشر في المدينة أبنية قديمة تستحق الاستكشاف مثل قوس سيرجي وبوابة هرقل ومعبد أغسطس (آب) ويعتبر من أهم المعابد الرومانية المحفوظة في العالم.
- معجنات وأسماك ومكتبة ضخمة
> تتفنن المطاعم والمطابخ الكرواتية في تقديم المأكولات البحرية لا سيما الأسماك المشوية وتعتبر من الوجبات الصحية والشهية في آن معاً، إلى جانب مختلف أنواع المعجنات. فأهل كرواتيا يبدعون في تقديم مختلف أنواع المعجنات الإيطالية مثل البيتزا الكانولي والخبز المحشو، ويقدمون أجود أنواع الحلويات وألذّها وفي مقدمتها المثلجات بمختلف أنواعها ونكهاتها.
> تتميز بحيرات كرواتيا بتلوّن مياهها بشتّى الألوان حسب تغير التضاريس خصوصاً تلك المحاطة بالجبال. أمّا شواطئها البحرية فرملية ومعظمها صالح للسباحة والاستمتاع بأشعة الشمس كما فيها الكثير من الأماكن الصالحة لصيد الأسماك.
> في كرواتيا نحو 1000 جزيرة مختلفة الحجم كما لون المياه فيها، وتتميّز أيضاً بتنوع المناظر الطبيعية المحيطة بها، فبعضها صخري وبعضها رملي وفيها بحيرات مالحة وأخرى عذبة. أُضيف إليها في عام 2009 جزيرة جاليسنجاك (جزيرة الحب) حين التقط برنامج «غوغل إيرث» صورة خلابة لجزيرة بشكل قلب، تقع في قناة باشمان قبالة ساحل كرواتيا، وسرعان ما اكتسبت شعبية كبيرة بسبب شكلها هذا. ولم يمر سوى وقت وجيز حتى جذبت سياحا قدموا خصّيصاَ لمعاينتها عن قرب والاستمتاع بروعة الاستجمام في مياهها الزرقاء وشواطئها المرصوفة بالحصى. وتتوزّع فيها الجزر التاريخية ذات الشهرة العالمية كجزيرة Kosljun التي تقع قبالة كرك وتغطي مساحة 6.5 هكتار وتضم أنواعا نادرة من النباتات.
> يسكنها رهبان من الفرنسيسكان، وبها متحف ومكتبة ضخمة، من ضمن محتوياتها حتى وقت قريب النسخة الأصلية لأطلس بطليموس الذي طبع في مدينة البندقية. وقد نُقل أخيراً إلى المتحف الوطني في العاصمة الكرواتية زغرب فيما تحتفظ الجزيرة بصورة منه.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تُعوّل مصر على اجتذاب مزيد من السائحين، عبر مشاركتها في فعاليات سياحية دولية، أحدثها «سوق السفر العالمي» (WTM)، التي افتتح خلالها وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، جناح بلاده المُشارك في الدورة الـ43 من المعرض السياحي الدولي، الذي تستمر فعالياته حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بالعاصمة البريطانية لندن.

ووفق فتحي، فإن وزارته تركّز خلال مشاركتها بالمعرض هذا العام على إبراز الأنماط والمنتجات السياحية المتعدّدة الموجودة في مصر، واستعراض المستجدات التي تشهدها صناعة السياحة في مصر.

هدايا تذكارية بالجناح المصري (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، فإن «الجناح المصري المشارك شهد خلال اليوم الأول إقبالاً من الزوار الذين استمتعوا بالأنشطة التفاعلية الموجودة به، والأفلام التي تُبرز المقومات المختلفة والمتنوعة للمقصد السياحي المصري، كما شهد اليوم الأول عقد لقاءات مهنية مع ممثّلي شركات السياحة والمنشآت الفندقية المصرية».

وتشارك مصر هذا العام بجناح يضم 80 مشاركاً، من بينهم 38 شركة سياحة، و38 فندقاً، بالإضافة إلى شركتَي طيران، هما: شركة «Air Cairo»، وشركة «Nesma»، إلى جانب مشاركة محافظتَي البحر الأحمر وجنوب سيناء، وجمعية «الحفاظ على السياحة الثقافية».

وصُمّم الجناح من الخارج على شكل واجهة معبد فرعوني، مع شعار على هيئة علامة «عنخ» (مفتاح الحياة)، في حين صُمّم الجناح من الداخل على شكل صالات صغيرة للاستقبال، بدلاً من المكاتب (Desks).

وتمت الاستعانة بمتخصصين داخل الجناح المصري؛ لكتابة أسماء زائري الجناح المصري باللغة الهيروغليفية على ورق البردي، وبشكل مجاني خلال أيام المعرض، بجانب عازفة للهارب تعزف المقطوعات الموسيقية ذات الطابع الفرعوني.

جانب من الإقبال على جناح مصر في «بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعدّ «سوق السفر العالمي» معرضاً مهنياً، يحظى بحضور كبار منظّمي الرحلات، ووكلاء السياحة والسفر، وشركات الطيران، والمتخصصين في السياحة من مختلف دول العالم.

واقترح فتحي خلال لقائه بوزيرة السياحة اليونانية إمكانية «الترويج والتسويق السياحي المشترك لمنتج السياحة الثقافية في البلدين بعدد من الدول والأسواق السياحية، لا سيما أن مصر واليونان لديهما تكامل سياحي في هذا الشأن». على حد تعبيره.

واستعرض الوزير المصري المقومات السياحية المتعددة التي تتمتع بها بلاده، كما تحدث عن المتحف المصري الكبير، وما سيقدمه للزائرين من تجربة سياحية متميزة، لا سيما بعد التشغيل التجريبي لقاعات العرض الرئيسية الذي شهده المتحف مؤخراً.

فتحي خلال تفقّده للجناح المصري بـ«بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتوقّع الوزير المصري أن تشهد بلاده زيادة في أعداد السائحين حتى نهاية العام الحالي بنسبة 5 في المائة عن العام الماضي، خلال مؤتمر صحافي عقده في المعرض، وأشار إلى أهمية السوق البريطانية بالنسبة للسياحة المصرية، حيث تُعدّ أحد أهم الأسواق السياحية الرئيسية المستهدفة، لافتاً إلى ما تشهده الحركة السياحية الوافدة منها من تزايد، حيث يصل إلى مصر أسبوعياً 77 رحلة طيران من مختلف المدن بالمملكة المتحدة.

وأكّد على أن «مصر دولة كبيرة وقوية، وتدعم السلام، وتحرص على حماية حدودها، والحفاظ على زائريها، وجعْلهم آمنين، حيث تضع أمن وسلامة السائحين والمواطنين في المقام الأول، كما أنها بعيدة عن الأحداث الجيوسياسية»، لافتاً إلى أن هناك تنوعاً في جنسيات السائحين الوافدين إلى مصر من الأسواق السياحية المختلفة، حيث زارها خلال العام الحالي سائحو أكثر من 174 دولة حول العالم.

الجناح المصري في «بورصة لندن» للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأعرب فتحي عن تفاؤله بمستقبل الساحل الشمالي المصري على البحر المتوسط، وما يتمتع به من مقومات سياحية متميزة، خصوصاً مدينة العلمين الجديدة، ومشروع رأس الحكمة بصفته أحد المشروعات الاستثمارية الكبرى التي تشهدها منطقة الساحل الشمالي، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يجذب هذا المشروع أكثر من 150 مليار دولار استثمارات جديدة، ويساهم في إضافة ما يقرب من 130 ألف غرفة فندقية.