عمال توصيل وجبات الإفطار في تحدٍّ مع الوقت والزحام بالقاهرة

يواجه عمال توصيل الطلبات في المطاعم تحدياً كبيراً خلال شهر رمضان لإيصال وجبات الإفطار إلى الزبائن وقت أذان المغرب، فالجميع يريد طعامه وقت انطلاق المدفع، وتعلن المطاعم حالة الطوارئ طوال الشهر، وتضع استراتيجية لمواجهة زحام توزيع الوجبات في وقت واحد، خلال نحو 45 دقيقة تمثل توقيتاً حرجاً قبيل انطلاق المدفع، ولا يختلف الأمر كثيراً خلال وجبات السحور، بينما يلجأ عمال التوصيل إلى ابتكار وسائلهم الخاصة للإسراع في إيصال الطلبات في وقت قياسي.
أحمد منصور، شاب عمره 19 سنة، لا يزال طالباً في المرحلة الثانوية، يعمل في توصيل الطعام بأحد المطاعم الشعبية الشهيرة بوسط القاهرة لادخار نفقات دراسته، يساعده جسده النحيف في سرعة الوصول إلى الزبائن، وهو يُنجز عمله سيراً على الأقدام، بينما يستخدم زملاؤه الدراجات النارية أو الهوائية، لكنّه يعتبر عمله سيراً على قدميه ميزة كبيرة يستفيد منها إلى أقصى درجة ضمن استراتيجيته الخاصة لإيصال وجبات الطعام إلى الزبائن في وقت قياسي قبيل انطلاق مدفع الإفطار.
يقول أحمد منصور لـ«الشرق الأوسط»: «لعملي هذا ميزة كبيرة، فأنا أتولّى توصيل طلبات الزبائن القريبين من المطعم في الشوارع المجاورة، وأستفيد من ذلك كثيراً، وهو بالطبع أسرع، فإذا كان العميل يقطن مثلاً على بعد شارعين أو 3 شوارع، واستخدمت دراجة نارية أو هوائية سأضطر للالتزام بإشارات المرور، وأيضاً قد أضطر للالتفاف لقطع عدة شوارع إضافية كي أكون في الاتجاه الصحيح لسير المركبات، حتى لا أسير عكس الاتجاه، في حين أن موقع العميل يمكن الوصول إليه سيراً على الأقدام مسافة صغيرة وبسرعة أكبر».
حالة الطوارئ التي تعلنها المطاعم خلال شهر رمضان، تبدأ مبكراً بتوظيف عدد أكبر من عمال توصيل الطلبات، إذ يعملون خلال الشهر الكريم فقط، ويتمكن بعضهم من الاستمرار في العمل بعد نهاية الشهر، الذي يكون فرصة كبيرة لإثبات تميزهم وسرعتهم في توصيل الوجبات.
يقول محمود فتحي، مدير توصيل الطّلبات في أحد المطاعم الشهيرة، لـ«الشرق الأوسط»: «يمثل وقت الإفطار تحدياً كبيراً بالنسبة لنا، فالجميع يريد طعامه وقت انطلاق المدفع، لذلك فإنّ الوقت الحرج يستغرق بين 45 دقيقة ونحو الساعة قبيل أذان المغرب، وأيضاً لا يجب أن نوصل الوجبات إلى الزبائن مبكراً، فالحد الأقصى أن تصل إلى العميل قبيل الإفطار بنصف ساعة، وليس أبكر من ذلك، فنبدأ بإرسال الطلبات البعيدة أولاً ثم الأقرب، كما نبدأ بتوصيل وجبات المجموعات الكبيرة، سواء موظفين في شركة يفطرون في مقر عملهم، أو طلبات يومية يطلبها بعض الزبائن لتوزيعها على المحتاجين، لكن مهما كانت استراتيجيتنا جيدة، فإنّ نجاحها يتوقف دائماً على مهارات عمّال التوصيل».
عندما ينطلق مدفع الإفطار، يكون الجميع حول موائدهم سواء في المنازل أو المطاعم، لكنّ الأمر مختلف بالنسبة لعمال توصيل الطلبات، فلا يمكنهم تناول إفطارهم إلا بعد إيصال كل الطلبات، فخلال وقت الذروة عند أذان المغرب يكتفون بتناول كوب عصير ثم ينطلقون لاستكمال رحلاتهم لتوصيل الوجبات، ويجتمعون بعد انطلاق المدفع بأكثر من ساعة ليتناولوا إفطارهم في مائدة جماعية بالمطعم، وهو مشهد يتكرر وقت السحور.
وفي كثير من الأحيان يحدث ارتباك كبير بسبب كثرة الطلبات وقت الإفطار، فتضطر المطاعم إلى الاستعانة بموظفيها وعمالها الذين يقومون بوظائف أخرى للمساهمة في إنقاذ الموقف والمساعدة في توصيل الطلبات.
يقول أحمد مصطفى (28 سنة): «منذ سنوات كنت أعمل في توصيل الطلبات، وتدرجت في الترقية حتى شغلت وظيفة مراجع لمحتوى حقائب الطلبات، حيث أراجع محتوى كل حقيبة للتأكد من أنّ الطّلب كامل ولا ينقصه شيء قبل توزيعه، لكن إذا حدث أي ارتباك بسبب كثرة الطلبات وقت الإفطار، أعود للمساعدة في توصيل الطلبات لإنقاذ الموقف».