التنظيمات المتطرفة تتصدر البحث على «غوغل»

TT

التنظيمات المتطرفة تتصدر البحث على «غوغل»

كشفت دراسة أميركية حديثة عن أن تنظيم «داعش» الإرهابي والتنظيمات الإرهابية حول العالم تتصدر محرك البحث «غوغل»، وأن الكثير من عمليات البحث تتعلق بمعلومات حول الجماعات الإسلامية «المتشددة». وبينما قال خبراء في الحركات الأصولية بمصر لـ«الشرق الأوسط»: إن «ما تقوم به الجماعات الإرهابية من أعمال عنف تُثير التساؤلات حولها وحول أفكارها وطريقة تكوينها، وهو ما يُثير عند الغرب خصوصاً الشباب حفيظة التعرف على هذه الجماعات التي تتصدر الأحداث في العالم كله»، أكد مراقبون أن الإرهاب بات عابراً للحدود، والغربيون يبحثون عما تقوم به حركات مثل «بوكو حرام» النيجيرية، و«الشباب» الصومالية، و«طالبان» في أفغانستان، فضلاً عن تنظيم «القاعدة». وكان ثلاثة من الباحثين من جامعتي «ديوك» و«كاليفورنيا» قد خلصوا إلى أن بيانات البحث على «غوغل» توفر نظرة فاحصة حول العلاقة بين المشاعر المعادية للمسلمين والمؤيدة لتنظيم «داعش» في الولايات المتحدة الأميركية. وناقش كل من كريستوفر بيل وفريدولين ميرهاوت وبينغ دينغ نتائج الدراسة التي توصلوا إليها، والتي تم نشرها على موقع «ساينتيفيك أدفانسيس» أخيراً.
وأكدت الدراسة أنه في العصر الحديث، ومع تحسن وسائل السفر والتكنولوجيا، أصبح الإرهاب العالمي ظاهرة أكثر تهديداً، وبسبب ذلك سن المسؤولين عن حماية الأشخاص من الإرهاب سياسات وآليات دفاعية تساعدهم في هذه الجهود... وفي بعض الأحيان تتضمن تلك السياسات استهداف جماعات بعينها بسبب الصلة بين الإسلام والجماعات مثل حركة «طالبان» وتنظيم «داعش»؛ ولكن كما تشير الدراسة، يمكن أن يسفر استهداف الجماعات في بلدان مثل الولايات المتحدة الأميركية عن زيادة مستويات التطرف المحلية.
وقال الدكتور خالد الزعفراني، الخبير في شؤون الحركات الأصولية في مصر، إن «ما تقوم به الجماعات الإرهابية من أعمال عنيفة وغريبة وإراقة الدماء تُثير التساؤلات حولها وحول أفكارها وطريقة تكوينها، وهو ما يُثير عند الغرب خصوصاً الشباب حفيظة التعرف على هذه الجماعات التي تتصدر الأحداث في العالم كله».
مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف هذه الجماعات المتطرفة غطت على جماعات الإسلام الحقيقية في العالم التي تمثل المسلمين، وفي أميركا يصلهم ماذا كان يحدث في العراق وسوريا وعمليات الطعن والدهس التي يقوم بها (داعش) في دول كثيرة في العالم، وهي الأحداث ما زالت تمثل علامات استفهام للغرب». وذكرت الدراسة الأميركية أن الباحثين استخدموا البيانات المتاحة على الملأ من استعلامات محرك «غوغل» البحثي.
وتلك الاستعلامات، كما لاحظ الباحثون، يمكن الاستفادة منها من خلال البحث عن جمل مثل «أنا أكره المسلمين»، أو «كيف أنضمّ إلى داعش؟».
وخلص الباحثون إلى تيمة مشتركة وشائعة في مجتمعات الدخل المنخفض، حيث كان هناك الكثير من عمليات البحث المناوئة للمسلمين، كما كان هناك أيضاً الكثير من عمليات البحث من الأشخاص الذين يبحثون عن مزيد من المعلومات حول الجماعات الإسلامية المتشددة. وقال الزعفراني، إن «ما توصلت إليه الدراسة الأميركية مؤشر سيئ، ويدل على أن هناك تقصيراً من المؤسسات الدينية المعتدلة حول العالم، لفضح هذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية، ومؤشر لا بد من الاهتمام به، عبر توضيح أن هذه الجماعات المتطرفة شاذة ولها أهداف سياسية وليست دينية، لخدمة بعض الدول».
وزعم الباحثون أن هذه النتائج تشير إلى أن الأنشطة المعادية للمسلمين مثل التمييز والاستهداف من قبل المسؤولين الحكوميين تسبب دفعاً بدرجة معينة لدى أولئك المستهدفين (أي الذين يبحثون على «غوغل») لأن يتحولوا إلى التطرف ثم الإرهاب. وهم يقترحون أنه إن كان الهدف هو إبطاء أو إيقاف جهود التطرف لدى الأشخاص الذين يعيشون في الولايات المتحدة، فقد تكون هناك حاجة إلى انتهاج مسار آخر. كما أشار الباحثون أيضاً إلى أن الأدلة المستمدة من دراسات أخرى تعكس أن الاستيعاب المجتمعي يميل لأن يؤدي إلى الحد من التطرف.
ويقول المراقبون أيضاً إن «التطرف والإرهاب الإلكتروني انتقل من تنظيمات إلى أخرى تحت مسمى (الجهاد الإلكتروني)، وهناك متطوعون لديهم خبرة في الإنترنت يعملون لحساب تلك الجماعات».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.