إنه الخوف يا صاحبي

إنه الخوف يا صاحبي
TT

إنه الخوف يا صاحبي

إنه الخوف يا صاحبي

حدثني صاحبي المنفي قال:
لا أخفي عليك. إني أعاني من مرض عضال منذ أربعين سنة بالتمام والكمال. كنت أتصور حين تركت جمهورية الخوف خلفي أني شفيت منه تماماً. لكني كنت على خطأ عظيم. أنت تعلم أني أعيش في بلد أوروبي، كرمني ومنحني الخبز والسقف ومعهما الأمان وجنسية يحلم بها ملايين البشر في جمهوريات الخوف. لكني ما زلت أعاني من ذلك المرض اللعين. ما أن أرى شرطياً في الشارع، وهو نادر الحدوث، حتى ترتعد فرائصي، وترتجف ساقاي، وتزبد شفتاي. وتزداد هذه الأعراض شدة في المطارات، دخولاً وخروجاً، وكأني أحمل في جيوبي كل ممنوعات الدنيا. لا أعني المطارات العربية، كما قد تتوهم، وإلا لكان الأمر طبيعياً لا يستأهل الشكوى أو يثير العجب، كما يحصل لآلاف البشر المساكين ما عدا المختومين.
ألا تكفي أربعون سنة لأشعر بأن لا شيء يهددني هنا؟ لا تقل إني واهم. أعرف ذلك حق المعرفة. أعرف أن لا أحد يجرؤ، حتى أعتى شرطي، على رفع إصبعه في وجهي. ما أن وطأت قدماي مطار هذا البلد، وأنا لا أحمل من وطني الذي كان سوى حقيبة صغيرة بالكاد تتسع لملابسي، ولم تكن في جيوبي حتى ورقة صفراء تقول إنني من هناك. لكن هذا البلد صدقني من دون أن أقسم بأغلظ الأيمان. أدركت حينها أنني إنسان... إنسان عن حق وحقيق. لم أصدق ذلك بداية الأمر. لكن مع مرور الأيام، تيقنت من حقيقتي الإنسانية. والآن، وبعد كل السنوات الطويلة، أعرف تمام المعرفة، وبشكل مطلق، أنني محمي في هذا البلد، لا فرق بيني، أنا الدخيل، وبين الملكة. ولكني لا أشعر بذلك. صدقني، لا أشعر بذلك. أدرك هذه الحقيقة في رأسي فقط. فهناك، في أعمق أعماقي، يسكن هذا الخوف اللعين. كنت أتصور أني سأهتف يوماً في هذا البلد الأمين، كما تمنى نيكوس كازانتزاكي أن يهتف عالياً في شوارع فيينا أو فضاء كريت: أنا لا أخاف شيئاً، إذن أنا حر. لكنه هتاف مؤجل حتى إشعار آخر كما يبدو. وبالمناسبة، هل كان كازانتزاكي لا يخاف حقاً؟ أم كان يتوهم ذلك؟ لماذا لا يكتب جماعتك عن هذا الخوف؟ ألأنهم خائفون؟ آه، كم حلمت أن أفعل ما فعله «دميان» هرمان هيسه حين رمى أخيراً بخوفه، كما يرمي المرء ورقة مهترئة في كيس القمامة.
رغبة حمقاء كانت تحفر في جوفي، ولا تزال، أن أصحو يوماً ما خفيفاً، وأهتف أنا لا أخاف فأنا حر.
هتاف موؤود كان يخنقني منذ دبيبي على شوارع تلك المدينة البعيدة جداً، حيث تهتز المسدسات على أكفال أجسام غليظة بملابس مدنية، وكأنها تؤدي رقصة الموت الأخيرة أمامي. أصارحك، ما زلت خائفاً يا صديقي. ويبدو أني سأحمل هذا الخوف اللعين كما أحمل اسمي ولوني وجلدي، حتى يقضي الله أمراً كان مقضياً. لا أملك حيلة لتغيير هذا الوضع. أعترف لك بعجزي.
نسيت أن أقول لك، أو إنني حرفت كلامي قليلاً. لم يخرج من حنجرة كازانتزاكي هتافه الذي ظل يحلم به طوال حياته العريضة. تحقق ذلك بعد موته. لقد أوصى الأحياء أن يكتبوا على شاهدة قبره:
أنا لا أخاف إذن أنا حر.



الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)
الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)
TT

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)
الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح. وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث لأنه يدفعنا إلى «إزالة أي تهديدات» وتحقيق أهدافنا، وفقاً لصحيفة «التلغراف».

وأوضح الأكاديمي، وهو أستاذ في علم الأعصاب والنوم في مستشفى كينغز كوليدج في لندن، أن الغضب يمكن أن يخدم «غرضاً مفيداً للغاية» ويمكّن من تحقيق نتائج أكثر ملاءمة.

وفي حديثه ضمن بودكاست Instant Genius، قال الدكتور ليشزينر إن هرمون التستوستيرون يلعب دوراً رئيساً في ذلك، حيث يستجيب الهرمون - الذي تشير بعض الدراسات إلى أنه مرتبط بالعدوانية والغضب - للنجاح.

وتابع «لذا، إذا فزت في رياضة، على سبيل المثال - حتى لو فزت في الشطرنج الذي لا يُعرف بشكل خاص أنه مرتبط بكميات هائلة من العاطفة - فإن هرمون التستوستيرون يرتفع... تقول إحدى النظريات إن هرمون التستوستيرون مهم بشكل أساسي للرجال على وجه الخصوص لتحقيق النجاح».

«شعور مهم»

وحتى في العالم الحديث، لا يزال الغضب يشكل حافزاً مهماً للنجاح، بحسب ليشزينر، الذي أوضح «إذا أعطيت الناس لغزاً صعباً للغاية لحله، وجعلتهم غاضبين قبل أن تقدم لهم هذا اللغز، فمن المرجح أن يعملوا عليه لفترة أطول، وقد يجدون فعلياً حلاً له... لذا، فإن الغضب هو في الأساس عاطفة مهمة تدفعنا إلى إزالة أي تهديدات من هدفنا النهائي».

وأشار إلى أن المشكلة في المجتمعات البشرية تكمن في «تحول الغضب إلى عدوان».

لكن الغضب ليس العاطفة الوحيدة المعرضة لخطر التسبب في الضرر، حيث لاحظ أن مشاعر أخرى مثل الشهوة أو الشراهة، قادرة على خلق مشكلات أيضاً. وتابع «كلها تخدم غرضاً مفيداً للغاية، ولكن عندما تسوء الأمور، فإنها تخلق مشكلات».

ولكن بخلاف ذلك، إذا استُخدمت باعتدال، أكد الدكتور أن هذه الأنواع من المشاعر قد يكون لها بعض «المزايا التطورية».