رمضان المغتربين في مصر فرصة للتقارب واستعادة دفء الوطن

الخصوصية التي تتّسم بها أجواء شهر رمضان في مصر تبهر السائحين وأعضاء الجاليات الأجنبية المقيمين في القاهرة، لكنّها تُثير حنين المغتربين لبلادهم، وهو ما يدفعهم إلى مزيد من التقارب، وتتبادل العائلات الزيارات الاجتماعية ودعوات الإفطار وسهرات السحور التي يحيون فيها عاداتهم الوطنية، فتمتد موائد الطعام التي تتجاور فيها أطباق بلادهم مع الأطعمة المصرية. وتشكل سهرات السمر في المنازل والمقاهي فرصة لاستعادة ذكريات الحياة الطبيعية قبل الحرب وتبادل أخبار الأصدقاء، ولا يتوقّف التقارب عند حدود أبناء الوطن، بل يمتد إلى اللاجئين من جنسيات أخرى، فالعائلات السورية تتبادل الزيارات مع عائلات يمنية وسودانية وليبية.
مدينة السادس من أكتوبر في محافظة الجيزة تشكّل أحد أكبر تجمعات اللاجئين السوريين، وهو ما يفتح آفاقاً مختلفة لتواصل العائلات بحكم التقارب السكني والجيرة والمعاناة المشتركة.
تقول إلهام حسن حوى، وهي سيدة سوريا لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «مدينة السادس من أكتوبر تحوي عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين وهو ما يسهّل التواصل بيننا، ويزداد هذا التواصل في شهر رمضان، لأنّ معظم العائلات السورية بطبيعة الحال تشعر بالغربة وافتقاد دفء الوطن وجو العائلة، فنتبادل دعوات الإفطار والسّحور التي تمتد فيها جلسات السمر وتبادل الأحاديث والأخبار عن الوطن والأصدقاء».
الرّغبة في تعويض دفء الوطن لا تتوقف عند حدود التواصل مع أبناء البلد والأصدقاء، بل تمتد إلى جنسيات مختلفة بحكم التجاور في مبنى سكني واحد يسكنه لاجئون من جنسيات أخرى.
فرودس محمد سالم، لاجئة يمنية، ولدت في مدينة تعز، لكنّها كانت تعيش في العاصمة صنعاء وقت اندلاع الحرب، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «تبادل دعوات الإفطار والسّحور لا تتوقف عند العائلات اليمنية، لكنّنا نحرص على التواصل مع العائلات السورية الذين يعيشون بالمبنى السكني نفسه في مدينة السادس من أكتوبر، فنتبادل الزّيارات والأطعمة والسهرات، فأجواء رمضان في مصر تتشابه إلى حد ما مع اليمن، وهو ما يثير حنيننا للوطن أكثر». وتضيف: «عندما نجتمع مع جيراننا من العائلات السورية على مأدبة الإفطار، نتشارك طهي الطعام لتتكوّن المائدة من أطعمة يمنية وسورية بجانب الأطباق المصرية».
الأحياء الشعبية التاريخية المصرية لها عبق خاص يضفي على أجواء رمضان خصوصية أكبر، وتجذب الأجواء الروحانية كثيرا من المصريين والأجانب، لزيارة هذه الأحياء، وبطبيعة الحال يمتد تأثير هذه الخصوصية إلى اللاجئين الذين يعيشون فيها، فتمتزج عادات بلادهم مع العادات المصرية.
تقول تهاني الهندي، لاجئة سورية، تعيش في حي السيدة زينب التاريخي بجنوب القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «رمضان في مصر له سحر خاص في كل مكان، لكنّه أكثر اختلافاً في الأحياء التاريخية، وهو أمرٌ على الرّغم من جماله، لكنّه يثير الشجون أكثر، ويفجر مشاعر الحنين للوطن، لكن اندماجنا في المجتمع المصري يعوضنا كثيرا، حيث نتبادل دعوات الإفطار والزيارات مع عائلات سوريا أخرى، وكذلك مع عائلات مصرية من الجيران».
من جانبه، يقول فهد العريقي، رئيس مجلس أعيان الجالية اليمنية في مصر، لـ«الشرق الأوسط»: «قبل الحرب عشت فترات متفاوتة في معظم الدول العربية، ووجدت أنّ أجواء رمضان تتشابه في ثلاث دول هي مصر واليمن والسعودية، ومن بين هذه التشابهات وجود تكافل اجتماعي أكبر في رمضان، وهو ما يشكل فرصة لكثير من اللاجئين لحل بعض مشكلاتهم، حيث يتم تبادل الأخبار خلال دعوات الإفطار وسهرات السمر، فيعرف البعض أنّ أحدهم لديه مشكلة ما، سواء تتعلق بالعلاج أو مصروفات مدارس وغيرها، فيسارع القادرون للمساعدة.