«ذا ليبانيز بايكري» يتفنن بالمنقوشة ويعتز بها

بعد نجاحه في لبنان يفتح أول فرع له في قلب «كوفنت غاردن»

TT

«ذا ليبانيز بايكري» يتفنن بالمنقوشة ويعتز بها

المطبخ اللبناني من بين أكثر المطابخ العالمية شهرة في أوروبا، بسبب تنوع أطباقه وتوفر ما يناسب النباتيين، وتنتشر في لندن عدة مطاعم لبنانية في وسط العاصمة وعند تخومها، كما تنتشر المخابز عند أطراف المدينة، وغالباً ما تكون تابعة لمطعم ما، إلا أن نجاح الفرن اللبناني (The Lebanese Bakery) في منطقة الأشرفية بلبنان، شجع صاحبيه الأخوين سامر وبسام شمعون، وهما بالأصل من منطقة دير القمر، لافتتاح أول فرع لمخبزهما خارج لبنان، واختارا عنواناً مميزاً في قلب منطقة «كوفنت غاردن» Covent Garden الشهيرة بانتشار المسارح والمتاحف والمعارض الفنية فيها.
ويقع المخبز الذي يذكرك ديكوره من الخارج بالمخابز الفرنسية؛ حيث تظلل نوافذه ومدخله ستائر سوداء تحمل اسم المخبز بالعربية والإنجليزية، في «راسيل ستريت». وفتح أبوابه منذ أسبوعين بحضور صاحبيه.
والتقت «الشرق الأوسط» بسامر شمعون الذي تحدث بشغف عن مشروعه اللندني الجديد، مستهلاً كلامه بأن خلفيته لا تمت للأكل بصلة، فهو درس في لندن الهندسة المعمارية، ويعمل في بيروت - إلى جانب إشرافه على المخبز - في مكتب هندسة، وعمل في السابق مع المعمارية الراحلة زها حديد. وعن هذا الشغف والتناقض في المهنة، قال سامر: «أنا أعشق الطعام اللبناني؛ خاصة المنقوشة التي تعتبر من أساسيات المطبخ اللبناني، حيث إنها متجذرة فيه وترضي النباتيين، ويمكن تناولها كفطور وفي أي وقت من أوقات النهار، كما أن خيارنا وقع على لندن لنفتتح أول فرع للمخبز خارج لبنان؛ لأن لندن تعتبر من بين أهم عواصم الطعام في العالم».
ويقول بسام الذي يعمل في مجال بيع العقارات، ويقف وراء كثير من المشروعات الكبرى في لبنان ولندن، إنه يملك شغف أخيه سامر نفسه، ويعتقد أن المنقوشة هي بمثابة إرث وطني لبناني، وراية تستحق أن ترفع في أوروبا والعالم لبساطتها ونكهتها اللذيذة.
عند دخولك إلى المخبز تشعر بالعصرية، فهذا المخبز لا يشبه باقي المخابز اللبنانية، وأهم ميزة هو أنه يفتح أبوابه من الساعة الثامنة صباحاً حتى التاسعة مساء، وهذا يعني أن المخبز ليس مخصصاً للفطور فقط، وتتنوع مخبوزاته لتتناسب مع الغداء والعشاء.
كما أن الديكور الداخلي يحمل في طياته لمسات هندسية جميلة، وهذا يترجمه تخصص سامر في هذا المجال، وأبرز ما يميز المخبز هو الفرن المصنوع من الحديد الصلب، ويحمل اسم «المخبز» بالحرف العربي الجميل، وسلال من القش توضع فيها المخبوزات، ولائحة الطعام عصرية جداً، تم التركيز فيها على المكونات التقليدية والعصرية معاً. وما يميز المناقيش العجينة التي يقول سامر عنها إنها تتميز بجودة عالية، نسبة للدقيق الذي يستخدم فيها، كما تستخدم مكونات أخرى كالزعتر الأخضر الذي يؤتى به من شركة تستورده من إيطاليا.
وبالإضافة إلى النكهات المالحة، مثل الزعتر الأخضر فوق الزعتر اليابس المخلوط مع زيت الزيتون والطماطم، هناك نكهات حلوة أيضاً، وأكثرها مبيعاً في المخبز هي: منقوشة الدبس مع الطحينة، ومنقوشة شوكولاتة نوتيلا.
في لندن يسيطر حالياً على مشهد الطعام التشديد على فترة الفطور، وقد يكون «ذا ليبانيز بايكري» قد اختار الوقت المناسب لتعريف الأوروبيين أكثر على الفطور اللبناني بطريقة عصرية.
ويقدم المخبز أيضاً مختلف أنواع العصائر الطازجة، ولبن العيران الذي يحضر في المخبز، بالإضافة إلى القهوة التركية وعدة أنواع من الشاي.

- جربنا
منقوشة زعتر على زعتر
منقوشة مع جبن القشقوان
منقوشة مع بيض مقلي
منقوشة مع جبن عكاوي ودبس الرمان


مقالات ذات صلة

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».