الحوثي يستثمر في قضية القدس لكيل المديح لإيران و«حزب الله»

أكد تبعيته للمشروع الخميني وانسلاخه عن محيطه العربي

عبد الملك الحوثي
عبد الملك الحوثي
TT

الحوثي يستثمر في قضية القدس لكيل المديح لإيران و«حزب الله»

عبد الملك الحوثي
عبد الملك الحوثي

يحاول زعيم الميليشيات الحوثية، من وقت لآخر، العثور على ضالته الخطابية بين أتباعه من خلال الاستثمار في القضايا العربية والإسلامية، لجهة الاستمرار في تضليلهم بأن مشروعه الطائفي غايته تحرير القدس واستعادة فلسطين، دون أن يفقده حماسه في هذا الباب استثماره الأهم المتمثل في كيل المديح لإيران و«حزب الله»، باعتبارهما - كما يزعم - الحامل الحقيقي لقضايا الأمة.
وفي هذا السياق، تناسى زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي الكارثة الإنسانية التي جرها على اليمنيين بانقلابه على السلطة الشرعية وانتهاك ميليشياته لمؤسسات الدولة، وقيامها بنهب مقدرات البلاد، داعياً أتباعه للتظاهر أمس في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الجماعة تضامناً - كما يزعم - مع الشعب الفلسطيني، بالتزامن مع حلول الذكرى السنوية الإيرانية لما يعرف بـ«يوم القدس العالمي».
وهي مناسبة اخترعها الخميني، قبل عقود، وحدد آخر جمعة من شهر رمضان كل عام لإحيائها، في سياق الاستثمار السياسي الإيراني للقضايا العربية والإسلامية، ومحاولة إلباسها صبغة طائفية، قبل أن يصبح الاحتفال في هذا اليوم جزءاً من أدبيات كافة الجماعات الطائفية التي جندتها طهران لخدمتها في المنطقة العربية، وفي مقدمها «حزب الله» وجماعة الحوثي.
وفيما شدد زعيم الميليشيات الحوثية في خطابه، عشية المناسبة الخمينية على أهمية التظاهر في صنعاء وصعدة وبقية مناطق وجوده، انتهز الفرصة ليجدد التعبير عن ولائه المكشوف لإيران، وتبعيته لـ«حزب الله»، من خلال عبارات المديح والثناء التي رددها في خطابه، لإقناع أتباعه بأن إيران وحدها هي المنافح عن القضايا العربية والإسلامية.
وعلى وقع الهزائم المتلاحقة التي تتكبدها جماعته الانقلابية أمام القوات اليمنية الشرعية المسنودة بتحالف دعم الشرعية، جاهد الحوثي ليبرر انكسارات ميليشياته، مردداً في هذا السياق مزاعمه المتكررة بأن جماعته تخوض حرباً كونية مع قوى العالم، وفي مقدمها أميركا وإسرائيل. ولكي يجد زعيم الميليشيات الحوثية مبرراً لانسلاخه عن محيطه الإقليمي وهويته العربية، وارتمائه في الحضن الإيراني الفارسي، حرص على سوق مبرر ذي طابع ديني لإقناع أتباعه بصحة منهجه، إذ إن الإسلام، كما يقول، لا يفرق بين الأعراق والإثنيات، وهو قول حق أراد به الحوثي، أكثر من باطل، في سياق تزيين تبعيته للمشروع الطائفي الإيراني، وتجميل معاداته لأبناء جلدته العرب.
وبينما شدد الحوثي في خطابه على أتباعه وميليشياته من أجل تعميم صفة «النفاق» على كل من لا يؤمن بمعتقدات الجماعة وأفكارها الطائفية، أو يدين بالولاء لها، اعتبرها الناشطون اليمنيون في تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، فتوى منه لتكفير كافة فئات المجتمع، ومن شأنها - على حد مخاوفهم - أن تتيح لميليشياته إطلاق يدها لإزهاق المزيد من دماء السكان، ونهب ما تبقى من أموالهم بتهمة معاقبتهم على «النفاق» المزعوم. وفي حين استغل الحوثي هذه المرة الدعوة لاحتشاد جماعته، للتغافل عن حجم الخسائر المهولة التي منيت بها الميليشيات، تحدثت مصادر قبلية عن وصول جثث ما يزيد عن مائتي مجند حوثي، قتلوا في الأيام الأخيرة، وجميعهم ينتسبون لمنطقة واحدة في مديرية همدان شمال العاصمة تدعى «بيت أنعم»، وأغلبهم ممن دفعت بهم الجماعة أخيراً إلى جبهات الساحل الغربي.
وذكرت المصادر أن أغلب القتلى هم من المراهقين وصغار السن الذين استقطبتهم الجماعة الحوثية إلى محارق الموت للدفاع عن وجودها الانقلابي والطائفي، في سياق تشبثها بالسلاح وتماهيها مع الأجندة الإيرانية التوسعية في جنوب الجزيرة العربية، للسيطرة على باب المندب وتهديد طرق الملاحة في البحر الأحمر.
وكشفت المصادر الرسمية للجماعة في اليومين الأخيرين، بشكل غير مقصود، عن حجم الأعداد الكبيرة التي سقطت في صفوف الجماعة من القتلى والجرحى، الذين غصت به مستشفيات صنعاء، وذلك حين سلطت الضوء على عشرات الزيارات التي قام بها قيادات الميليشيات إلى المستشفيات لرفع معنويات الجرحى في أغلب مشافي العاصمة.
وفي الوقت الذي درج فيه زعيم الميليشيات الحوثية على عدم الالتفات لحجم خسائر أتباعه وعناصره، في المعارك العبثية التي يخوضونها من أجل فكرته الطائفية ومشروعه الخميني، كانت مصادر محلية أفادت بأن ضربات لطيران تحالف دعم الشرعية، استهدفت قبل يومين معسكراً سرياً لتدريب مجندي جماعته في منطقة برع الجبلية المتاخمة للساحل الغربي، ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات منهم.
وفي سياق مساعي قادة الجماعة لاستعطاف السكان في محافظة الحديدة، للقتال معهم، أوعزت الميليشيات الحوثية إلى محافظها حسن الهيج للقيام بتحركات متعددة، منها إيهام المواطنين بوجود مخططات لتحسين الأوضاع الخدمية على صعيد الكهرباء ومياه الشرب، ورصف وصيانة وسفلتة الشوارع، فضلاً عن قيام معممي الجماعة بتنفيذ برامج طائفية في عموم مساجد المحافظة من أجل حض السكان على القتال.
وأفاد عدد من المصرفين في مدينة الحديدة لـ«الشرق الأوسط»، بأن قادة الجماعة أمروا شركات الصرافة بدفع تبرعات مالية ضخمة، من أجل استغلالها في حملات الاستقطاب والتحشيد، وهو ما رفضه ملاك محلات الصرافة، واقترحوا بدلاً من ذلك تقديم هذه المبالغ للأسر الفقيرة في المدينة.
إلى ذلك، واصلت الميليشيات الحوثية حملات القمع والاعتقالات في المناطق الخاضعة لها، وذكرت مصادر محلية وأخرى حزبية أن عناصر الجماعة اختطفوا خلال أسبوع العشرات من أبناء مديرات جنوب الحديدة، بتهمة التعاون مع القوات الحكومية والتحالف الداعم لها، عبر رصد وتتبع تحركات الميليشيات وقياداتها.
وفي محافظة تعز، ذكرت مصادر طبية وحقوقية أن أحد الناشطين المعتقلين في سجون الميليشيات الحوثية، فارق الحياة بعد يومين من إطلاق سراحه، متأثراً بتدهور صحته جراء التعذيب الجسدي والنفسي الذي خضع له في سجون الميليشيات على مدار عام كامل.
وأوضحت المصادر أن الناشط في الحزب الاشتراكي، ويدعى أنور الركن، توفي الأربعاء الماضي، بعد يومين فقط من إطلاق سراحه من السجن الحوثي الذي تعرض فيه لأقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، منذ اختطافه شرق تعز، قبل نحو عام.
ومع تصاعد انتهاكات الميليشيات المتنوعة، ومنها أعمال الجباية غير المشروعة لأموال المواطنين والتجار، التي يقابلها اتساع متسارع في حجم الثراء الذي بات الحوثي وقادته يراكمونه من السطو على موارد المؤسسات والشركات الخاضعة لهم، أفادت مصادر قبلية بأن القيادي الحوثي فارس الحباري المعين قبل أيام محافظاً لريمة، بدأ أول خطواته، بعد وصوله للمحافظة، بحض عناصره على جباية أكبر قدر من الأموال، كما فرض على كل منطقة من مناطق المحافظة عبر زعمائها القبليين توفير عدد معين من المجندين، والدفع بهم إلى الحديدة.


مقالات ذات صلة

قلق أوروبي من استمرار اعتقال الحوثيين موظفي الوكالات الأممية

العالم العربي عدد من سفراء الاتحاد الأوروبي خلال لقائهم رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي في زيارة سابقة لعدن (سبأ)

قلق أوروبي من استمرار اعتقال الحوثيين موظفي الوكالات الأممية

قال الاتحاد الأوروبي إن استمرار جماعة الحوثي في احتجاز الموظفين الأمميين والدبلوماسيين في اليمن بشكل تعسفي، يعوق وبشدة القدرة على مساعدة ملايين اليمنيين.

علي ربيع (عدن) عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي حملات تحصين مستمرة تنظمها الحكومة اليمنية والوكالات الأممية والمنظمات الدولية (الأمم المتحدة)

جهود حكومية يمنية وأممية لإنقاذ ملايين الأطفال باللقاحات

تزداد أعداد الإصابات بالأمراض التي يمكن الوقاية منها في اليمن وبخاصة لدى الأطفال، وذلك جراء تبعات الصراع وحرب الحوثيين ضد اللقاحات في مناطق سيطرتهم.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

الولايات المتحدة تعلن تدمير نظام صاروخي للحوثيين

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية تدمير أحد أنظمة الصواريخ الحوثية التي كانت تشكل تهديداً وشيكاً للقوات الأميركية والسفن التجارية في البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي شاحنة نقل ثقيل تعرضت للانقلاب في خط الحديدة - إب (الشرق الأوسط)

سائقو الشاحنات في اليمن يشكون تهالك الطرق ويهددون بالإضراب

هدد العشرات من العاملين اليمنيين في قطاع النقل الثقيل في المناطق الخاضعة لجماعة الحوثيين بتنفيذ إضراب شامل احتجاجاً على التدهور الحاد في الطرق وغياب الصيانة

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي بعد عام من إعلان زعيم الحوثيين التغييرات الجذرية بدأت إجراءات لتغيير الهيكل الإداري للدولة اليمنية (غيتي)

الحوثيون يشكلون هياكل إدارية جديدة لتعزيز قبضتهم الانقلابية

تحت مسمى «التغييرات الجذرية»، تسعى الجماعة الحوثية لاستكمال السيطرة المطلقة على الجهاز الإداري للدولة اليمنية في مناطق سيطرتها وإحلال عناصرها والموالين لها.

وضاح الجليل (عدن)

غوتيريش يندد بضربة المواصي بغزة

آثار القصف الإسرائيلي على المواصي (أ.ف.ب)
آثار القصف الإسرائيلي على المواصي (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يندد بضربة المواصي بغزة

آثار القصف الإسرائيلي على المواصي (أ.ف.ب)
آثار القصف الإسرائيلي على المواصي (أ.ف.ب)

قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوغاريك إن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش ندد بشدة بالغارة الجوية الإسرائيلية التي أسقطت قتلى في منطقة مخصصة للنازحين في جنوب غزة قبل فجر اليوم الثلاثاء.

وأضاف دوغاريك: «استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق المكتظة بالسكان أمر غير مبرر. لقد انتقل الفلسطينيون إلى هذه المنطقة في خان يونس بحثاً عن مأوى وعن الأمان بعد أن تلقوا تعليمات متكررة بذلك من قبل السلطات الإسرائيلية نفسها».

من جانبها، أكدت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة مقتل 19 شخصاً على الأقل تم التعرّف على هوياتهم في القصف الإسرائيلي على المنطقة الإنسانية في المواصي، فجر الثلاثاء.

ووفقاً لـ«رويترز»، قالت الوزارة في بيان: «جيش الاحتلال الإسرائيلي يرتكب مجزرة مروّعة بقصف خيام للنازحين في منطقة المواصي بخان يونس فجر اليوم، حيث وصل منها إلى المستشفيات 19 شهيداً ممن عرفت بياناتهم»، مشيرة إلى أنه «ما زالت هناك جثث في الطرق وتحت الركام لم يصل المسعفون إليها».

وقال الجيش الإسرائيلي إنّ مقاتلاته «قامت بمهاجمة عدد من الإرهابيين البارزين في منظمة حماس كانوا يعملون داخل مجمّع للقيادة والسيطرة مموّه في منطقة إنسانية في خان يونس».

وأكد المتحدّث باسم الجيش أفيخاي أدرعي: «اتّخاذ العديد من الخطوات لتقليل احتمال إصابة المدنيين، بما في ذلك استخدام ذخائر دقيقة ومراقبة جوية ومعلومات استخباراتية إضافية».

وتابع: «هذا مثال آخر على الاستخدام المنهجي من المنظمات الإرهابية في قطاع غزة للسكان والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المناطق الإنسانية، لتنفيذ عمليات إرهابية ضد دولة إسرائيل وقوات جيش الدفاع».

ووصفت «حماس» الاتهامات بأنها «كذبٌ مفضوح، يسعى من خلاله (الجيش) لتبرير هذه الجرائم البشعة»، مكررة نفيها وجود «أيّ من عناصرها بين التجمعات المدنية، أو استخدام هذه الأماكن لأغراض عسكرية».