تسعى كندا المضيفة لاجتماع مجموعة السبع لتشكيل جبهة معارضة موحدة لتعريفات ترمب على الألمنيوم والصلب والسيارات وغيرها من الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة. وتراقب الأسواق المالية تلك الاجتماعات بكثير من القلق والتوتر خصوصاً بعد أن تراجعت مؤشرات الأسهم الأوروبية في جميع القطاعات بعد أسبوع من المكاسب القوية التي أحدثتها بيانات الوظائف الأميركية القوية، بينما يشير الخبراء والمحللون الاقتصاديون إلى مخاطر كبيرة حول تلك السياسات الأميركية وما يمكن أن تؤدي إليه من تداعيات.
ويقول جوشوا ميلتزر الباحث في برنامج الاقتصاد العالمي والتنمية بمعهد «بروكينغز» بواشنطن والخبير في قانون التجارة والسياسة الدولية واتفاقيات التجارة، إن الأمور ستزداد سوءاً بطريقة ما في اجتماعات مجموعة السبع العظام في كندا، وهذا الأمر لن يكون مفاجئاً، بسبب عدم تمديد الإعفاءات المتعلقة بالتعريفات الأميركية على واردات الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك. وأضاف «أعتقد أن ترمب يستخدم هذه التعريفات الجمركية كعصا لدفع الآخرين للقيام بما يريد، ومن الواضح أنه لن ينجح في ذلك وبصفة خاصة ليس مع الاتحاد الأوروبي».
ويبدي ميلتزر اندهاشه من تعاملات إدارة ترمب مع كل من كندا والمكسيك في سياق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) والتي يبدو أنها كانت تسير على ما يرام، في محاولةٍ للوفاء بالموعد النهائي الذي حدده رئيس مجلس النواب بول رايان، للتوصل إلى اتفاق تجاري يوافق عليه الكونغرس. «وكان هناك بعض التقدم وما يقوم به الرئيس ترمب بفرض تعريفة جمركية على كندا والمكسيك يشير إلى أنه توصل إلى نتيجة مفادها أنها طريقة عادلة للخروج من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية وإذا كان الأمر هكذا، فإننا سنواجه فترة من السياسة الصعبة والركود».
ويشير جيفري جيرتز، المحلل الذي يعمل في برنامج الاقتصاد العالمي والتنمية بمعهد «بروكينغز»، إلى أن التعريفات ستكون محور نقاشات اجتماعات المجموعة كما كانت محور نقاشات آخر اجتماع لوزراء المالية. وهناك استياء كبير من الولايات المتحدة، خصوصاً أن إدارة ترمب بررت هذه التعريفات بمبرر الأمن القومي. «الكنديون مستاؤون من فكرة أنهم في نظر إدارة ترمب يهددون الأمن القومي للولايات المتحدة ويرون أن هذا موقف سخيف ويتجاوز بكثير الآثار الاقتصادية الفعلية لهذه التعريفات». ويضيف جيرتز: «لا أعتقد أننا سنحل هذه المشكلة التجارية في هذه الاجتماعات، لكني أعتقد أنه في نهاية المطاف ستحدث تسوية تفاوضية، لكن الأمر سيستغرق وقتاً أطول مما لدينا في الوقت الحالي».
ويؤكد الخبير الاقتصادي بمعهد «بروكينغز» أن السؤال الكبير على أجندة الاجتماعات سيكون حول العلاقات التجارية الصينية. مضيفاً: «على المجموعة أن تعمل معاً للتوصل إلى استراتيجية مشتركة تجاه الصين وأعتقد أن الاتحاد الأوروبي وكندا متعبان للغاية من الاضطرار إلى التعامل مع التوترات التجارية الأميركية بدلاً من التركيز على ما يتعلق بمسألة التجارة الصينية».
وتشير سامانثا غروس الزميلة بمعهد «بروكينغز» والمتخصصة في الطاقة والمناخ، إلى أن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يريد أن يتجنب عزلة الولايات المتحدة عن المجموعة مثلما رأينا في الاجتماع الأخير للمجموعة في إيطاليا مع امتناع الولايات المتحدة عن المشاركة في البيان بشأن تغير المناخ. ومجموعة السبع لديها الكثير من الاهتمامات المشتركة للطاقة خصوصاً حول الغاز الطبيعي مع توسع الولايات المتحدة في إنتاجها من الغاز الطبيعي وتصديره». وتتوقع جروس أن تكون هناك نقاشات صعبة حول قضايا الطاقة، وتقول: «أعتقد أنه لن تتعمق نقاشات المجموعة في قضايا الطاقة والمناخ في ضوء التحديات التي يواجهها الكنديون في وطنهم».
فيما يشير توماس رايت كبير الباحثين ببرنامج النظام الدولي بمعهد «بروكينغز»، إلى دور اليابان وحرص الرئيس ترمب على أن يأخذ في الاعتبار مصالح اليابان مع تحضيره للقمة مع كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية، وهو الموضوع الأهم على جدول أعماله، وهناك قلق كبير لدى شينزو آبي، رئيس الوزراء الياباني حول ذلك.
ويقول إدوارد ألدن الباحث بمجلس العلاقات الخارجية بواشنطن والمتخصص في القدرة التنافسية الاقتصادية الأميركية وقضايا التجارة، إنه سيتعين على قادة المجموعة الدخول في مفاوضات صعبة لإيجاد توازن جديد يسمح للتجارة العالمية بالمضيّ قدماً لأن البديل هو التورط في نزاع تجاري متصاعد ومدمر اقتصادياً. ويقول: «لقد حان الوقت لقادة العالم أن يقبلوا الوضع بعد أن تم تجاهل جميع السيناريوهات الأكثر تفاؤلاً حول كيفية تجنب حرب تجارية خصوصاً أن عدداً من مستشاري ترمب الذين كانت لديهم قدرة على معارضته رحلوا وحل محلهم رجال أقل ميلاً في التصدي لترمب». ويضيف ألدن: «لقد تم فرض تعريفات على واردات الألمنيوم في أول يونيو (حزيران) بذريعة مزيفة، أن الأمر يتعلق بالأمن القومي الأميركي، ولذا هناك توقعات أن تتخذ الدول الأوروبية وكندا والمكسيك إجراءات انتقامية ضد الولايات المتحدة تستهدف مليارات الدولارات من الصادرات الزراعية الأميركية مما يمهد الطريق لتصعيد التعريفات المتبادلة».
ويؤكد الباحث الاقتصادي أنه من الأفضل أن نبدأ بالاعتراف بأن ترمب قد خرق النظام، بنفس الطريقة التي فعلها ريتشارد نيكسون عام 1971 عندما تخلى عن ارتباط الدولار بالذهب وأصدر قراراً بفرض نسبة 10% على جميع الواردات، بما في ذلك الواردات من كندا والمكسيك، وقد أدى قرار نيكسون (في ذلك الوقت) إلى سلسلة من المفاوضات الصعبة التي أدت إلى قيام ألمانيا واليابان وغيرها من الاقتصادات الرئيسية بتعزيز قيمة عملاتها للمساعدة في إعادة التوازن في الميزان التجاري الأميركي. ويخشى ألدن أنه إذا بقي الحال كما هو عليه فإنه لن يكون لدى حلفاء الولايات المتحدة خيار سوى الرد بقوة، واستهداف المنتجات التي تضر بقاعدة ترمب الانتخابية. فقد ظلت الأسواق المالية حتى الآن هادئة في مواجهة التهديدات التجارية المتصاعدة إلا أن الضغط المتصاعد بما يؤدي مؤقتاً إلى عمليات بيع في «وول ستريت» قد يكون ما يلزم لجعل الرئيس يدرك أن سياساته التجارية تأتي بتكلفة. ويضيف: «السيناريو الأكثر احتمالاً هو أن قادة مجموعة السبع الآخرين يأملون في أن ينتظروا رحيل ترمب عام 2020 عندما يتولى رئيس جديد منصبه. ولكن مهما كانت الاستراتيجية التي يتبعونها، فإن ترمب يقوم بالضبط بما وعد به منذ فترة طويلة، ويجب على بقية العالم أن تجد الآن طريقة للتعايش معه».
خبراء يعتقدون أن القمة لن تخرج بحل للخلاف التجاري بل بـ «تسوية تفاوضية»
قالوا إن ترمب يقوم بما وعد به ويجب على بقية العالم التعايش معه

خبراء يعتقدون أن القمة لن تخرج بحل للخلاف التجاري بل بـ «تسوية تفاوضية»

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة