فوانيس العصر المملوكي تزين متحف الفن الإسلامي بالقاهرة

يعد فانوس رمضان أحد المظاهر الشعبية في مصر، وهو أيضا واحد من الفنون الفلكلورية التي نالت اهتمام الفنانين والدارسين والمؤرخين. وتطوّرت أشكالها وأحجامها عبر التاريخ والخامات التي تصنع منها، وعلى الرّغم من الحداثة التي لاحقت صناعته، فإنه استطاع الصمود وحافظ على بعض أشكاله التقليدية.
في القاهرة، تحديداً في «متحف الفن الإسلامي» أكبر متحف إسلامي فني في العالم، توجد نماذج أثرية مختلفة من الفوانيس، تحتفظ بتألقها بين ما يزيد على مائة ألف قطعة أثرية متنوعة من الفنون الإسلامية يضمّها المتحف بين جنباته.
يقول الدكتور علاء الدين محمود، المشرف على إدارة البحث العلمي في المتحف: «تنوّعت طرز الفوانيس فكان منها المربع والمستطيل والهرمي والمخروطي والمضلع والمقبب وذو السلاسل والجواسق والأهلة، والمتحف الإسلامي في القاهرة يحتفظ بأكثر من فانوس مaن المعدن ذي الشكل الهرمي معظمها يرجع إلى فترة السلطان قايتباي». مضيفاً: «يذكر الدكتور حسن نور في كتابه (الزجاج الإسلامي)، أنّ الفانوس كلمة إغريقية تشير لإحدى أدوات الإضاءة، وهي طرز كثير منها ما يحمل في اليد للسير في الطرقات ليلاً، ومنها ما يصنع خصيصاً لتعلق بجنبات الشوارع، ومما يذكر في ذلك أنّ الغرب الأوروبي اعترف بأنّ المسلمين هم أول من اخترع مصابيح الشوارع».
وقال محمود: «تصنع الفوانيس بكل طرزها في الغالب من الزجاج الشفاف أو الملون مع دخول مواد أخرى صلبة قوية في أطرها وهيكلها كالمعادن والجص وغيره، وتحتفظ كثير من الجمعيات الأهلية والمتاحف الإثنوغرافية وغيرها من المتاحف العالمية كالمتحف الإسلامي بالقاهرة، ومتحف بستان بطهران في إيران بكثير من الفوانيس».
ويستطرد: «استمرت صناعة الفوانيس حيث كانت موضع مساجلة بين الأدباء والشعراء يتبارون في وصفه بخيال رائق في العصر الأيوبي، وكان للمماليك احتفال كبير عند استقبال رمضان حيث يخرج قاضي القضاة والمحتسب لرؤية الهلال من منارة مدرسة السلطان المنصور قلاوون بالنحاسين، وبعدها يخرج قاضي القضاة في موكبه تحف به الفوانيس بالشموع والمشاعل حتى يصل إلى داره ثم تتفرق الطوائف إلى أحيائها معلنة الصيام».
أمّا عن أبرز مقتنيات متحف الفن الإسلامي من الفوانيس، فيوضح سامي عباس، مدير مركز معلومات المتحف لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك تنور نحاس أصفر ذا سبعة أدوار لوضع القرايات (قناديل الإضاءة) يعود للعصر المملوكي وتحديدا سنة 909 من الهجرة في عهد الملك الأشرف قنصوه الغوري، وأعلاه شرفات وهلال بخوذة عليها كتابة وثماني علاقات محنية إلى الخارج، وهو يوجد في القاعة 13 بالمتحف». ويضيف: «يضم المتحف أيضاً تنورا من النحاس باسم السلطان حسن، يعود إلى القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي)، وتعتبر هذه التنانير من أضخم منتجات الإضاءة المعروفة والمصنعة في عصر المماليك، ودامت حتى القرن السادس عشر، والتنور مثمن الشكل ويحمل الجزء الأوسط منه كتابات باسم السلطان الناصر حسن وألقابه، وقد أُدرجت المصابيح الزجاجية على أربعة مستويات منه، وقد نُقل هذا التنور إلى متحف الفن الإسلامي من مجموعة السلطان حسن التي تضمّ مسجداً ومدرسة وضريحا». ويتابع: «كذلك يوجد فانوس من النحاس باسم السلطان المملوكي قايتباي يعود إلى القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي)، وهذا الفانوس ذو شكل هرمي، وقد زُخرف كل ضلع من أضلاعه بشكل بخاري، وبأسفل الفانوس أماكن لوضع القرايات، ويُزينه كتابات بخط النسخ تتضمن اسم السلطان المملوكي الأشرف أبو النصر قايتباي، وقد نُقلت هذه التحفة إلى متحف الفن الإسلامي من مسجد خوند أصلباي زوجة السلطان قايتباي في محافظة الفيوم».