قوات الاحتلال ترفع حالة التأهب لمواجهة «مليونية القدس»

حشود متوقعة في القطاع و{شد رحال} إلى الأقصى... ومنشورات إسرائيلية تحذر

TT

قوات الاحتلال ترفع حالة التأهب لمواجهة «مليونية القدس»

رفع الجيش الإسرائيلي حالة التأهب في الضفة الغربية وقطاع غزة، في الجمعة الأخيرة من رمضان، استعدادا لتصعيد محتمل، في اليوم الذي أعلنه الفلسطينيون يوما لنصرة القدس في ذكرى احتلالها.
وقال الجيش الإسرائيلي، إنه سيدفع بمزيد من قواته بما فيهم القناصة إلى حدود القطاع، وسينشر مزيدا من بطاريات القبة الحديدية، كما سينشر وحدات خاصة وقوات حماية لتأمين المستوطنات من الداخل.
وأرسل قائد المنطقة الجنوبية، إيال زامير، وهو يسلم القيادة أمس إلى الجنرال هرتسي هليفي، رسالة إلى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، تبلغهم أنه سيقوم بتفعيل كامل القوة العسكرية، إذا أرادت خلق واقع أمني غير مستقر. وقال زامير محذرا: «من الأفضل لـ(حماس) وباقي المنظمات الإرهابية في قطاع غزة، ألا يخطئوا أو يفسرونا بشكل خاطئ، لن نقبل بواقع أمني غير مستقر. فإذا فرض علينا، سنقوم بتفعيل كامل قوتنا العسكرية ونحن جاهزون لذلك، وسيدفع العدو ثمناً باهظاً».
وأكد المسؤول الجديد هليفي أنه مستعد للتصعيد.
وجاءت تحذيرات زامير وهليفي، في وقت ألقت فيه الطائرات الإسرائيلية بيانات على قطاع غزة، حذرت فيها المواطنين من مغبة المشاركة في مظاهرات اليوم على امتداد الحدود. وجاء فيها: «يا أهل قطاع غزة، العاقل من يأخذ في الحسبان، سلفا، نتائج أعماله، ويرجح لصالح العمل الذي مصلحته مقدمة على مفسدته. وإذا قستم ذلك على موضوع الاقتراب من الجدار أو تجاوزه، لاستنتجتم أن هذا العمل خاسر وضار. لذلك من الأفضل لمصلحتكم أنتم ألا تساهموا في المظاهرات العنيفة على الجدار، وألا تتجاوزوه، وألا تدعوا (حماس) تجعلكم مطية لمصالحها الفئوية الضيقة التي تقف من ورائها إيران الشيعية المتطلعة لإشعال النار في المنطقة لمصلحتها الطائفية. يليق بكم ألا تسمحوا لـ(حماس) بجعلكم رهائن بيدها، لكسب رصيدها السياسي على حساب مصلحة أهل غزة ومستقبلهم عامة والشباب خاصة. من باب سدّ الذريعة، لا للاشتراك في المظاهرات والفوضى مما يعرض حياتكم للخطر».
وحاولت إسرائيل القول في البيانات الملقاة تلك، إن هذا اليوم (مليونية القدس) معد لصالح إيران. واتهم المنسق الإسرائيلي الجديد، كميل أبو ركن، حركة حماس بـ«بيع القطاع لإيران». وقال إن الحركة اختارت اليوم الجمعة متزامنا مع يوم القدس الذي تحييه إيران.
ويفترض أن يتظاهر آلاف الفلسطينيين اليوم في قطاع غزة، استجابة لدعوة الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، التي دعت إلى أوسع مشاركة شعبية في «مليونية القدس»، في الذكرى الـ51 لاحتلالها في الخامس من حزيران 1967.
ويحيى الفلسطينيون في كل عام ذكرى احتلال الضفة الغربية، بمظاهرات ومسيرات، مع تأكيدات على ضرورة إنهاء الاحتلال.
ويتوقع الجيش الإسرائيلي أن تشهد المسيرات على حدود القطاع أحداث عنف كبيرة. ويقدرون في الجيش، أن تكون أحداث اليوم صعبة. ويستعد الجيش أيضاً لسيناريو يتجدد فيه إطلاق الصواريخ من غزة.
وهذه الاستعدادات شملت أيضا تدهورا متوقعا في الضفة الغربية. وأعلنت الشرطة الإسرائيلية حالة الاستنفار في مدينة القدس، ودفعت مزيدا من القوات إليها. وهي تخشى من حدوث مواجهات بعد صلاة الجمعة بسبب تدفق فلسطينيين من الضفة ومن الداخل.
وسيحاول الجيش الإسرائيلي منع أي تدفق محتمل، إلا للذين تنطبق عليهم شروط محددة. وقالت مصادره إنه سيعزز من انتشار قواته في مناطق التماس بالضفة الغربية.
وتأتي الاستعدادات ردا على دعوات فلسطينية رسمية وشعبية، لشد الرحال نحو المسجد الأقصى.
ودعت حركة حماس إلى الزحف الهادر نحو القدس في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان. وأكدت الحركة في بيان ضرورة جعل صلاة الجمعة في المسجد الأقصى تجسيداً فعلياً لـ«مليونية القدس».
وأضافت: «ليعلم المحتل الغاصب أن ذكرى النكسة الـ51 هو يوم تجديد البيعة لحماية مدينة القدس». ودعت الحركة كل من يجد صعوبة في الوصول إلى المسجد الأقصى، للصلاة في أقرب نقطة يمكن الوصول إليها على حواجز الاحتلال المنتشرة حول القدس، وإرسال رسالة للاحتلال، بأن لا أحد يمكن أن يزيل حب القدس والأقصى من قلوب الشعب الفلسطيني.
وساد المسجد الأقصى أمس توتر بسبب مواجهات في المكان. واتهم مدير المسجد، عمر الكسواني، القوات الإسرائيلية باقتحام المسجد بصحبة مستوطنين. وقال إن القوات الإسرائيلية سمحت لعشرات المتطرفين باقتحام المسجد أمس، فيما يعتكف فلسطينيون في العشر الأواخر من رمضان. وأضاف: «إن قوات الاحتلال حاصرت المصلين الصائمين في المسجد القبلي، بالتزامن مع اقتحامات المستوطنين للمسجد». وحمل الكسواني شرطة الاحتلال مسؤولية أي تداعيات مترتبة على استفزاز المصلين. واستنكر السماح لمتطرفين باقتحام المسجد خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، فذلك لم يكن يجري في سنوات سابقة.
وردت الشرطة الإسرائيلية متهمة الفلسطينيين داخل الأقصى بمهاجمة سياح. وقالت إن سائحا أصيب بصورة طفيفة نتيجة إلقاء الفلسطينيين حجارة وكراسي وأغراضا أخرى عليهم، كما جرح شرطي بشكل طفيف بعد أن أصابه حجر.
وتزامن التوتر في الأقصى مع مواجهات عنيفة في قرية النبي صالح في رام الله، وكذلك في مدينة نابلس، ما أدى إلى إصابة جندي إسرائيلي، واعتقال فلسطينيين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم