خريطة روسية ـ تركية في تل رفعت مشابهة لخطة منبج

ضمن صفقات لتحديد مناطق النفوذ

TT

خريطة روسية ـ تركية في تل رفعت مشابهة لخطة منبج

اقتربت المفاوضات الروسية - التركية من وضع اللمسات الأخيرة على «خريطة طريق» بشأن مدينة تل رفعت والقرى المحيطة بها في ريف حلب الشمالي، والتي لا تزال تقع تحت سيطرة النظام السوري والميليشيات المرتبطة بإيران وحزب الله اللبناني، وذلك على غرار ما جرى التوصل إليه بخصوص مدينة منبج بين تركيا والولايات المتحدة، بحسب قول مصادر مطلعة.
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» قرب التوصل إلى اتفاق نهائي قبل عيد الفطر يرسم «خريطة طريق» للمدينة، المتنازع عليها بين ضامني مسار أستانة تركيا وإيران، والتي تعهدت أنقرة باستعادتها إلى عهدة سكانها قبل أن تتوقف عملية «غصن الزيتون» التركية
عند حدودها نهاية مارس (آذار) الماضي بوساطة من موسكو أجلت البت بمستقبلها لحين الانتهاء من الانتخابات البرلمانية التركية في 24 الجاري نظراً لحساسية المنطقة التي تعتبر خط دافع متقدما عن بلدتي نبل والزهراء اللتين تقطنهما أغلبية شيعية.
وأوضحت المصادر أن الخريطة تندرج ضمن «صفقة بين الجانبين من المبكر الكشف عن تفاصيلها لكنها تستهدف مبادلة مناطق نفوذ بينهما في حلب وإدلب وتتضمن وقفا شاملا لإطلاق النار فيهما بالإضافة إلى ريفي حماة الشمالي واللاذقية الشمالي في وقت قريب جداً وبموافقة إيران والنظام وفصائل المعارضة المسلحة».
وكشفت أن نقاط الخلاف الروسية والإيرانية حول تل رفعت يجري العمل على حلها للتوصل إلى «صيغة» ترضي طهران الراغبة في الاحتفاظ بها كمنطقة نفوذ مهمة. وقالت بأن انسحاب نقاط المراقبة الروسية من ريف القصير المحاذي للبنان أحد بنود «التوافق» بينهما على ملفات ساخنة في صلبها ملف الجنوب السوري الشائك ومصير محافظة إدلب التي تجري مفاوضات أخرى بشأن رسم ملامح «الحل النهائي» فيها.
ولفتت المصادر إلى أن الخلاف بين طهران ودمشق حول تل رفعت، من ضمن نقاط خلاف كثيرة، جرى تداركه بسرعة من خلال «المشاورات» بين القيادتين العسكريتين في البلدين بعد أن جست الأخيرة نبض الأولى بعملية انسحاب «تكتيكي» جزئي لوحدات حرسها الجمهوري وفرقتها الرابعة منها وإعادة انتشارها نهاية الأسبوع الفائت في بلدتي نبل والزهراء. وأشارت إلى أن الفراغ الذي تركته الوحدات المنسحبة أعيد ملؤه من قبل ميليشيات «الدفاع الوطني» التابعة لبلدتي نبل والزهراء ويشرف على تدريبها وتمويلها حزب الله.
ومن بنود «خريطة طريق» تل رفعت جعلها مع القرى العربية المحيطة بها، التي استولت عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية ثم سلمت بعضها للنظام، منطقة
«منزوعة السلاح» وتحت إشراف أنقرة وموسكو لحين إدارتها من قبل «مجلس محلي» مدني من سكانها وعلى مراحل قد تستمر إلى حين الانتخابات الرئاسية التركية الصيف الجاري، بحسب المصادر التي أشارت إلى أن أنقرة «ضغطت» كي تتسلم فصائل «الجيش الحر» من أبناء المدينة زمام إدارتها لكن موسكو تمسكت برأيها لإنجاح جهودها بـ«إقناع» طهران بجدوى الحل الذي ستنتقل مساعيه إلى مناطق سورية أخرى قد تشمل مدينة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي والتي ما زالت الخلافات مع تركيا لتسليمها إلى الجانب الروسي قائمة لضمان أمن قاعدة حميميم الروسية وسهل الغاب أهم حاضنة النظام وخزانه البشري المهم.
وتتضمن قائمة الخلافات أيضاً بين أنقرة وموسكو تحديد مصير بلدة الشيخ عيسى المجاورة لتل رفعت، والتي تتمسك الأخيرة بإبقائها تحت «وصايتها» على المدى المتوسط عبر شرطتها العسكرية المنتشرة فيها.
وتعتبر حكومة «العدالة والتنمية» التركية تل رفعت من أهم «أولوياتها»، بحسب ما نقل وجهاء من المدينة اجتمعوا مع قيادات من فصائل المعارضة السورية بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان مطلع مايو (أيار) الماضي. وقالت مصادر من «الجيش الحر» حينها بأن تركيا رجحت الحل السلمي على العسكري للتعامل مع مشكلة المدينة التي يعيش الآلاف من مهجريها في مدينة أعزاز وتضغط فصائلها لاستعادتها لأهمية موقعها الذي يربط عفرين بمارع ولرمزيتها بالنسبة للثورة السورية كونها من أوائل المدن التي انتفضت ضد النظام السوري في الشمال السوري.
وآثرت أنقرة عدم الدخول في صراع عسكري حول تل رفعت بعد تعهد موسكو بانسحاب «الوحدات» الكردية منها وتعهدها بحل توافق عليه كل الأطراف بما فيها فصائل «الحر» وسكان المدينة، وسمحت للنظام وميليشياته بالانتشار فيها وإدارة شؤون الأسر التي نزحت من عفرين إليها وإلى القرى المحيطة بها.
أما النظام السوري، يفتقد إلى «الذريعة» التي تمكنه من تمرير الصفقة أمام حاضنته بـ«التفريط» بمدينة ومنطقة مهمة توسع هامش أمان نبل والزهراء ومن دون مقابل مرضي له في المرحلة الراهنة بعد أن خسر عفرين ومنبج ومناطق شاسعة من جبل الأكراد ذي الموقع الاستراتيجي والمطل على سهل الباسوطة والذي يصل ريف حلب الشمالي بريفها الغربي وصولاً إلى أرياف إدلب الشمالية.
إلى ذلك، ذكرت مصادر في تل رفعت لـ«الشرق الأوسط» أن حرق النظام والميليشيات الإيرانية لمنازل المدنيين وأراضيهم وبعض المقرات العسكرية في الأيام الأخيرة في المدينة مؤشر على قرب انسحابها منها في حال نجاح واستمرار الضغوط التركية على طهران ودمشق لتمرير «الصفقة» والإعلان عن خطوطها العريضة لاحقاً.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.