ارتياح في سيناء بعد تخفيف إجراءات أمنية صاحبت الحرب على الإرهاب

تضمنت فتح محطات الوقود وطريق السفر جزئياً

أحد شوارع العريش الرئيسية وقد بدأت السيارات في السير بعد فتح محطات الوقود («الشرق الأوسط»)
أحد شوارع العريش الرئيسية وقد بدأت السيارات في السير بعد فتح محطات الوقود («الشرق الأوسط»)
TT

ارتياح في سيناء بعد تخفيف إجراءات أمنية صاحبت الحرب على الإرهاب

أحد شوارع العريش الرئيسية وقد بدأت السيارات في السير بعد فتح محطات الوقود («الشرق الأوسط»)
أحد شوارع العريش الرئيسية وقد بدأت السيارات في السير بعد فتح محطات الوقود («الشرق الأوسط»)

بوجهٍ باسم غادر المواطن السيناوي يحيى سالم، محطة وقود السيارات «شمس»، في مدينة العريش شمال سيناء. ابتسامة الأربعيني يحيى كانت دلالة سعادة على تمكنه من تموين سيارته الخاصة بالبنزين بعد توقف استمر قرابة 4 شهور، لم يتمكن خلالها هو وكل أهالي شمال سيناء من الحصول على الوقود لتموين سياراتهم، إثر إغلاق محطات الوقود المصاحب لإجراءات اتخذتها الدولة المصرية لمحاربة الجماعات الإرهابية المنتشرة هناك.
وخففت الحكومة المصرية خلال الأسبوع الجاري جزئيا من إجراءات صاحبت العمليات الأمنية الدائرة حاليا، ومنها فتح محطات وقود تم إغلاقها أمام الأهالي، وفتح طريق السفر من شمال سيناء لبقية المحافظات بعد توقفه، والسماح للحالات العاجلة والإنسانية والمرضى بالخروج بتنسيقات مسبقة.
وتشهد شمال سيناء عملية أمنية موسعة منذ التاسع من فبراير (شباط) الماضي، أطلقتها قوات الجيش والشرطة لتطهير شمال ووسط سيناء من المتشددين والعناصر الإجرامية أيضاً. وتعرف العملية بـ«المجابهة الشاملة... سيناء 2018». وتحولت محافظة شمال سيناء الحدودية إلى بؤرة إرهابية مشتعلة منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة «الإخوان»، التي تعتبرها مصر تنظيماً إرهابياً، وينشط فيها تنظيم «ولاية سيناء» الذي بايع «داعش» الإرهابي عام 2014.
وقال السيناوي يحيى سالم لـ«الشرق الأوسط»، بعد تيقنه من حصوله على المقرر له من الوقود، إنه كغيره من الأهالي فوجئ صباح 9 فبراير الماضي بقرار إغلاق محطات الوقود. وطوال هذه الفترة، كان يعاني من صعوبة التنقل، حتى سمح لحافلات نقل عام، ثم سيارات الأجرة بالتموين لتنقل الأهالي داخل المدينة.
وأشار إلى أنه يملك سيارة، ومقدار ما حصل عليه من الوقود 20 لتراً، وسبق دخوله المحطة المرور بكردون أمني محكم على أبوابه وتفتيش دقيق لسيارته ومراجعة أوراق ملكيتها له من قوات الجيش التي تنظم وتراقب الحركة، ثم قام موظف مدني بتسجيل بيانات سيارته، وأعطى إشارة للشخص المسؤول بتعبئة الوقود وفقا للأسعار الدارجة رسميا.
سعادة يحيى قابلتها حالة من العبوس على وجه سامح علي، صاحب سيارة خاصة كان ينتظر في طابور طويل يلتف في شوارع جانبية للوصول لماكينة التعبئة في محطة «قطامش»، وهي إحدى محطات الوقود وسط مدينة العريش.
يقول سامح لـ«الشرق الأوسط» إن الأهالي بمجرد السماح لهم بتموين سيارتهم أقبلوا بكثافة على المحطات، وامتدت الطوابير الطويلة لمسافات طويلة لا تقل مدة قطعها عن 5 ساعات، وهو أمر مرهق، وأردف «لكنها في كل الأحوال حل أفضل، وكل مواطن يريد اللحاق خشية تغيير الإجراءات».
إجراء فتح محطات الوقود أمام الأهالي أوضح حيثياته فتحي راشد، وكيل وزارة التموين بشمال سيناء، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إنه «ثالث إجراء يتم اتخاذه فيما يخص الوقود منذ فبراير الماضي، بدأت بمنح حصص محددة لسيارات النقل العام، ثم قرار السماح لسيارات الأجرة الخاصة التي تعمل بالغاز الطبيعي بالتعبئة، وأخيرا السماح للمواطنين أصحاب السيارات الخاصة بتعبئة مركباتهم بمقدار 20 لترا، و30 لترا لسيارات الربع نقل والميكروباصات».
وجاء القرار ضمن سلسلة قرارات أعلنها محافظ شمال سيناء اللواء السيد عبد الفتاح حرحور، يوم الأحد الماضي، والتي تتضمن أيضا فتح طريق السفر أمام الأهالي لخارج المحافظة يومين أسبوعيا، وبحث مشكلات الفئات المتضررة بسبب الحرب على الإرهاب.
وقال محافظ شمال سيناء إنه يتم التنسيق مع القوات المسلحة والشرطة بهدف إضافة مزيد من التيسيرات وتحقيق مطالب المواطنين، مؤكدا أن الدولة لن تدخر وسعا لتقديم أي مساعدة لأبناء شمال سيناء أو تحقيق مطالبهم أو تعويضهم عما عانوه خلال الفترات الماضية.
شيرين السيد محمود، سيدة سيناوية اعتادت على السفر كل شهر للقاهرة من العريش لمراجعة طبيبها بخصوص أمر طبي يخصها، قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها سعيدة كونها ستتمكن من «السفر بشكل طبيعي ومن دون التقدم بأوراق تُبيّن سبب سفري، ثم استقلال حافلات نقل عام ترهقني ومن يرافقني في طول سيرها». وأضافت أنها وغيرها من كثير من الأهالي عانوا في التنقل من وإلى شمال سيناء، وأن القرار الأخير سيخفف عنها. وأردفت: «إنهم يقدرون أسباب هذه القرارات، وقدرنا أننا نعيش في منطقة تشهد حربا على الإرهاب، وعلينا أن نتحمل».
ونال أهالي قريتين جنوب مركز الشيخ زويد بشمال سيناء، نصيبا من التيسيرات بتشغيل جزئي لطريق تربطهم بمدينة الشيخ زويد، بعد إغلاقها، وإعادة تشغيل شبكات التيار الكهربائي، ونقل إمدادات غذائية ومياه لهم. وبحسب المواطن محمد سالم، فإن قريتي «الجورة وأبو العراج» الواقعتين في مناطق جنوب مدينة الشيخ وهي مناطق تشهد ملاحقات متواصلة من الجيش لعناصر إرهابية، عانت خلال الشهور السابقة، من إغلاق الطرق الموصلة إليها، وكان الأهالي يسيرون مسافات تتراوح ما بين 10 إلى 15 كيلومترا للوصول لأقرب مدينة سيرا على الأقدام أو على ظهور الدواب. وسمحت الجهات الأمنية هذا الأسبوع بدخول سيارات تحمل إمدادات غذائية إليهم، بعضها معونات من الحكومة وأخرى بضائع للتجار لبيعها، وكذلك فناطيس نقل مياه لملء خزاناتهم، وتشغيل خطوط كهرباء تغذي هذه المناطق بعد انقطاعها لنحو شهرين متواصلين، والتي يحتاجها الأهالي إضافة للإنارة لتشغيل آبار مياه يستخدمونها في الزراعة والشرب.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.