السودان: وجبات رمضانية من 70 دولة حول العالم

«المارينز» يسدون شارع النيل ويوزعون الدجاج المقلي وليس الدانات

TT

السودان: وجبات رمضانية من 70 دولة حول العالم

يحتفي السودانيون بشهر رمضان ويقيمون ولائم الإفطار في الطرقات فيما يعرف بـ«برش الفطور»، الذي يفطر فيه عادة المارة والفقراء، وهي عادة قديمة، لكن الجديد أنها استقطبت أجانب وسفارات ودولاً للمشاركة في «إفطار الشارع» بغض النظر عن دياناتهم وبلدانهم، مجسدين في ذلك لوحة تسامح ديني واجتماعي فريدة، بل حتى رجال البحرية الأميركية (المارينز) شاركوا السودانيون طقوسهم ووزعوا وجبات رمضانية على المارة، رغم أنف مهنتهم «توزيع الدانات وإطلاق الرصاص».
ونظم «مجلس الصداقة الشعبية العالمية» الأسبوع الماضي «أضخم مائدة إفطار»، قدمت فيها أطعمة رمضانية من أكثر من 70 دولة حول العام، وذلك للتعريف بطقوس رمضان عند شعوب العالم، تحت اسم «رمضان في بلادي»، شارك فيها رسميون وشعبيون ودبلوماسيون وجاليات من قارات العالم المختلفة.
وشهدت الحديقة الدولية «أضخم وجبة منسف أردنية»، وأطعمة رمضانية لشعوب العالم، مثل «الغنجي» الهندية، و«ريندنق» الإندونيسية، و«الزغني» الإثيوبية، و«معجنات» صينية، و«شوربة» كورية، و«عصيدة» من جنوب السودان، و«مندي» من سوريا، و«عصائر» مصرية، إضافة إلى «المديدة» التشادية.
ودرج طاقم السفارة الأميركية في الخرطوم سنوياً على المشاركة في الإفطارات الرمضانية التي تدعوهم لها الأسر السودانية، ومن بين الإفطارات اللافتة التي شارك فيها طاقم السفارة، إفطار في مدينة بورتسودان شرق البلاد، قالت عنه السفارة إنها سعدت بزيارة المدينة بدعوة من السوداني طارق قيلي، نقل موقعها على «فيسبوك» أن الزيارة تدل على أهمية التواصل بين الناس والعمل معاً من أجل مستقبل شعوبنا.
وشارك نائب القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأميركية إرفين ماسينغا في إفطار نظمه من أطلقت عليه «صديق السفارة» عصام الشيخ في الخرطوم، وقال تعليقاً على الإفطار: «يسعدني أن أكون هنا الليلة لمشاركة الإفطار مع أصدقاء عصام الكثيرين، لم ألتقِ بأناس كرماء مثل السودانيين أبداً، وعصام الشيخ مثل هذا في هذه الليلة»، وأضاف: «هذا الترحيب للجميع هنا يمثل أفضل التصوف».
ومن العادات الرمضانية السودانية الشهيرة، قطع الطريق على المارة والسيارات لحظة الأذان، وتعرف بـ«عوج الدرب»، ويوقف خلالها الناس السيارات والمارة لتناول وجبة الإفطار معهم، وهو تقليد أعجب الأميركان في السودان على ما يبدو.
وسألت سفارة الولايات المتحدة الأميركية في الخرطوم على صفحتها على «فيسبوك»: «لماذا يحب الأميركيون رمضان في السودان كثيراً؟!»! وأجابت عنه: «لأنهم يستمتعون بالمشاركة في العادة السودانية الفريدة، في توقيف الغرباء على الطريق والتلويح لأصحاب السيارات لتناول الإفطار بغض النظر عمن هم أو دينهم».
وشاهد المارة موظفي السفارة الأميركية، وبينهم أفراد من مشاة البحرية الأميركية يوم 28 مايو (أيار) الماضي، يوقفون السيارات ويقطعون الطريق ليوزعوا المياه على الصائمين في شارع النيل بالخرطوم، ويدعونهم لتناول الإفطار على الطريقة الأميركية المكون من «الدجاج المقلي مع شرائح البطاطا المقلية وسلطة الكول سلو».
وقالت سفارة واشنطن: «نستمتع كثيراً بأجواء شهر رمضان في السودان، لأنه يمنحنا الفرصة للتواصل مع السودانيين بصورة مباشرة، وخصوصاً أن تبادل الثقافة والطعام والتقاليد يكسر الحواجز وتقوي العلاقات».
وشارك الأميركان في مائدة أحد رجال التصوف السودانيين الشيخ مجتبى الشيخ عبد الرحمن الفوتي بحي «أم بدة» الشعبي، وهي ما وصفتها نشرة صادرة عن السفارة بأنها «تجربة فريدة وإفطار رمضاني طيب»، وتابعت: «شهر رمضان المبارك فرصة لتقوية التواصل والترابط مع العائلة والأصدقاء والأحباب». وقال مدير العلاقات العامة بالسفارة كيث هيوز تعليقاً على الإفطار: «إنه لشرف لي أن أحضر إلى هنا، لأرى كيف يحتفل السودانيون بشهر رمضان، وأشهد كرمهم السخي، وإن هذا التواصل المباشر بين السودانيين والأميركيين، سيساعد في فهم كل من الآخر». وتابع: «هنالك تشابه كبير بين الولايات المتحدة والسودان في التعدد والتنوع». وفي ختام الإفطار أهدى هيوز مضيفه «نسخة مترجمة من القرآن الكريم»، وقدم شرحاً عن كيفية تنظيم الدين للحياة ويبعث رسالة سلام.
واستضافت ضاحية «الكلاكلة» جنوب الخرطوم 15 من موظفي السفارة الأميركية بما فيهم مشاة البحرية (مارينز) في إفطار رمضاني، شارك فيه المستشار السياسي للسفارة بين والاس، الذي قال: «هذا الإفطار فرصة لإظهار تقدير السفارة الأميركية للثقافة السودانية والشعب السوداني»، وتابع: «كان الأكل طيباً، وشكراً لعائلة الضو الهاشمي متمثلة في عباس ومختار، على استقبالهم الحار والضيافة التي لا تنسى».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.