تأليف الحكومة اللبنانية ينطلق رسمياً اليوم... و«جردة حساب» بين نصر الله وباسيل

مصادر ترجّح مساواة حصتي «التيار» و«القوات» وإبقاء توزيع الحقائب السيادية على حاله

TT

تأليف الحكومة اللبنانية ينطلق رسمياً اليوم... و«جردة حساب» بين نصر الله وباسيل

يستأنف اليوم، الحراك السياسي لتأليف الحكومة، بعد ركود لأيام نتيجة مغادرة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى السعودية، في وقت برز لقاء بين وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل مع أمين عام حزب الله حسن نصر الله، حيث تم البحث في تشكيل الحكومة وفي العلاقة بين الطرفين خلال المرحلة الأخيرة.
وكشفت مصادر مطلعة على اللقاء، أنه وإضافة إلى القضايا السياسية العامة، كان البحث في تحالفات باسيل الانتخابية ومواقفه التي لم تكن تحظى برضا حزب الله، وتحديدا تلك المتعلقة برئيس مجلس النواب نبيه بري. وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أنه «جرى تقييم وجرد للمرحلة السابقة، أين أخطأ باسيل وأين أصاب، بحيث كان تبريره أن كل ما حصل هو لزوم الحملات الانتخابية، وأن الأمور ستعود إلى نصابها من دون أن تؤثر على الاتفاق بين الطرفين». ولفتت المصادر إلى «أن أولى الإشارات كانت في انتخابات رئاسة مجلس النواب بتصويت عدد من نواب «التيار» لصالح الرئيس نبيه بري، إضافة إلى تراجع حدة مواقفه بعد السادس من مايو (أيار) الماضي».
في موازاة ذلك، وعلى خط تأليف الحكومة أكدت مصادر الحريري لـ«الشرق الأوسط»، عدم حصول أي جديد على خط مشاورات التأليف باستثناء بعض الاتصالات بين الأفرقاء السياسيين التي لم تصل إلى نتائج نهائية، على أن تنطلق الاتصالات الرسمية التي سيتولاها الحريري اليوم بعد عودته إلى بيروت، مستبعدة في الوقت عينه التوصل إلى حسم خلال أيام.
في المقابل، قالت مصادر مطلعة على لقاء باسيل – نصر الله، أن العقد المطلبية في طريقها إلى الحل، وأهمها المتمثلة بعقدة «القوات» الذي يطالب بالمساواة بينه وبين «التيار»، والعقدة الدرزية التي يتمسك رئيس الحزب الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط أن تكون من حصته بأكملها. وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن حل هاتين العقدتين سيكون عبر التأكيد على حصة رئيس الجمهورية التي ستضم درزيا قد يكون رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، ومنح «القوات» عدد الوزراء نفسه الذي سيحصل عليه «التيار»، وهو الأمر الذي تطالب به «القوات» مع تأكيدها على حق الرئيس بالحصول على حصة، بحسب ما يقول، مسؤول الإعلام والتواصل، شارل جبور.
ورجّحت المصادر المطلعة على لقاء باسيل – نصر الله، التوجه إلى إبقاء توزيع الحقائب السيادية كما هي اليوم، أي المالية لـ«حركة أمل» و«الداخلية» لـ«تيار المستقبل» و«الدفاع» من حصة رئيس الجمهورية والخارجية لـ«التيار الوطني الحر»، بينما لفتت إلى أن مطلب الحزب هو الحصول على إحدى أبرز الوزارات «الثقيلة»، وهي الطاقة أو الصحة أو الأشغال أو التربية.
وفي حين يذكّر جبور أن المخرج في الحكومة السابقة كان بحصول «القوات» على نائب رئاسة الحكومة بعد تعذّر حصولها على حقيبة سيادية، أثنى على ما جاء في بيان اللقاء الثنائي بين باسيل ونصر الله، لجهة المطالبة بتسريع «تأليف الحكومة وأهمية تشكيلها بالسرعة اللازمة بما يتطابق مع المعايير الميثاقية والدستورية والديمقراطية والمنسجمة مع نتائج الانتخابات الأخيرة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «هذا حرفيا ما نطالب به بعد نتائج الانتخابات التي أفرزت ثنائية مسيحية ديمقراطية لا بد من الالتزام بها في الحكومة، لكن المشكلة هي في محاولة باسيل الحديث عن حصة رئيس الجمهورية في محاولة لتقليص وتحديد حجم القوات في الحكومة، وهو ما رفضناه، في وقت نؤكد على أننا لم ولن نرفض حصة الرئيس الوزارية».
وكان قد صدر عن اللجنة المركزية في «التيار الوطني الحر» بيان أعلنت فيه عن عقد اجتماع مطول بين نصر الله وباسيل في حضور مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا، مشيرة إلى أنه تمّ التطرّق فيه إلى كافة الأوضاع السياسية المحلية والخارجية، وجرى فيه تقييم للانتخابات النيابية الأخيرة ونتائجها مع أخذ كافة العبر الإيجابية والسلبية منها، إضافة إلى موضوع النازحين السوريين ومقاومة الفساد وإعطائها الأولوية القصوى في العمل النيابي والحكومي القريب. ولفت البيان إلى أنه «جرى الاتفاق على تصوّر أوّلي مشترك لموضوع محاربة الفساد وعلى كيفية اعتماد آلية مشتركة لاحقة لذلك، وكذلك بحث موضوع تأليف الحكومة وأهمية تشكيلها بالسرعة اللازمة بما يتطابق مع المعايير الميثاقية والدستورية والديمقراطية والمنسجمة مع نتائج الانتخابات الأخيرة».
وأوضحت المصادر المطلعة على اللقاء، أن موضوع مكافحة الفساد أخذ حيزا كبيرا من المباحثات، مشددة على أن نصر الله أبلغ باسيل تمسكه بالسياسة التي سبق أن أعلن عنها في هذا الإطار، ورفضه لأي صفقات بالتراضي، من أي جهة أو جهات أتت، على أن تخضع كل الأمور للمراقبة والمتابعة، لافتة إلى أنه كان توافق بين الطرفين على هذا الموضوع خاصة في ظل تأكيد كل الأطراف على السياسة نفسها.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.