محافظ حضرموت: إيران وراء عمليات تخريب... وتحرير الحديدة يعني نهاية الحوثيين

البحسني قال لـ {الشرق الأوسط} إن العلاقة مع التحالف ستستمر وهي ضمانة لبناء يمن جديد ومستقر

اللواء فرج سالمين البحسني في مكتبه في المكلا  («الشرق الأوسط»)
اللواء فرج سالمين البحسني في مكتبه في المكلا («الشرق الأوسط»)
TT
20

محافظ حضرموت: إيران وراء عمليات تخريب... وتحرير الحديدة يعني نهاية الحوثيين

اللواء فرج سالمين البحسني في مكتبه في المكلا  («الشرق الأوسط»)
اللواء فرج سالمين البحسني في مكتبه في المكلا («الشرق الأوسط»)

أكد محافظ حضرموت، اللواء فرج سالمين البحسني، أن العلاقة مع التحالف العربي لإعادة الشرعية إلى اليمن: «لن تنتهي بانتهاء الحرب الدائرة بل ستزداد رسوخاً وقوة»، مبيناً أن البلاد بحاجة إلى «مارشال اقتصادي»، وأن هذه العلاقة هي الضمانة لبناء يمن جديد ومستقر.
واتهم المحافظ إيران ومن خلفها الميليشيات الحوثية الانقلابية، وعناصر تنظيم القاعدة الإرهابي، بمحاولة زعزعة أمن المحافظة عبر دفع عناصرها المخربة لإحداث قلاقل لإشغال الناس، مشدداً على أن أبناء المحافظة لن يفرطوا بالنجاحات الأمنية والاستقرار الأمني الذي حصل في حضرموت مهما كان الثمن. وأشاد البحسني بنجاحات الجيش والتحالف العربي في الساحل الغربي وتضييق الخناق في صعدة، مشيراً إلى أن تحرير الحديدة سيجعل الحوثيين محاصرين في مواقع جبلية محدودة وسيضطرون إلى الاستسلام. وذكر البحسني في حوار مع «الشرق الوسط»، أن ميناء المكلا مرفق مهم وحيوي، ومن خلاله ستتم مساعدة آل محافظات المحررة وغير المحررة، فيما يتعلق بإمدادات الأغذية والمواد الطبية والمحروقات وغيرها. وأشار إلى أن ميناء المكلا، لم يعط أي اهتمام خلال السنوات الماضية، وظل مهملاً، ولم يتم تطويره، وإمكاناته باتت ضعيفة جداً.
- ضعنا في صورة الأحداث بعد المظاهرات التي وقعت في المكلا واستياء الناس من تردي الخدمات؟
ـ نعم، خلال اليومين الماضيين قام مواطنون بالتعبير عن استيائهم من تردي الخدمات، وبخاصة الكهرباء، ونحن نعتبر هذا حقاً مشروعاً للمواطن، نحن قريبون من هموم المواطنين ونعمل قصارى جهدنا في سبيل توفير الحد المقبول من الخدمات، وبخاصة في ظل ظروف رمضان والصيف. وقد اتخذنا إجراءات كثيرة للتخفيف عن المواطنين، لكن ركب الموجة عناصر مخربة اكتشفت على حقيقتها.
- كيف تعاملتم مع الوضع؟
- في اليوم الأول، تعاملنا بعقلانية وقمنا بحماية المواطنين للتعبير عن أنفسهم بشكل سلمي، ثم خرجنا للميدان كقادة وإداريين وعسكريين لسماع مطالبهم بشكل مباشر ولم نجد من العقلاء بين هذه المجاميع، بل وجدنا أطفالاً أعمارهم بين 15 - 18 سنة من دون فهم أو إدراك جلبوا بعض إطارات السيارات وأشعلوها في بعض المواقع.
- بم تفسرون وجود هؤلاء الأطفال، وهل يقف خلفهم جهة ما؟
ـ بالتأكيد، هناك جهة مخربة لا يحلو لها ما يحدث في حضرموت من نجاحات واستقرار أمني أرادت تخريب الأجواء واندست ودفعت بشباب مراهقين ودفعت لهم المال وهم عاطلون عن العمل.
- من هذه الجهة؟
ـ هي جهة عدائية لها علاقة بإيران. فقد رصدنا معلومات وعناصر تم القبض عليهم منذ بداية الأزمة. كما رصدنا مكالمات تؤكد هذه المعلومات سننشرها للناس قريباً للتعرف على حقيقتهم.
- ماذا عن الحلول لمشكلة الكهرباء؟
ـ أعيد وأذكّر بأنه كانت لدينا مشكلة توفر الوقود للكهرباء من مازوت وديزل، وقد عملنا قدر الإمكان لتوفير الوقود بالشكل المطلوب بل بأكثر من المطلوب، لكن مع اشتداد الحرارة اتضح أن الطاقة المنتجة أقل من المطلوب، فالمطلوب 170 ميغا، ونحن ننتج حالياً 140 ميغا، إلى جانب حدوث بعض الأعطال في بعض المحطات، كذلك محطات الطاقة المشتراة لم تجر الصيانة الدورية بسبب عدم تسلمهم مستحقاتهم، لكننا اتخذنا إجراءات وتواصلنا مع الرئيس المشير عبد ربه منصور هادي الذي وجه بدفع مبلغ للشركة لتقوم بصيانة المحطة، كما قمنا بترميم بعض المحطات الصغيرة التابعة للمؤسسة الحكومية في خلف والمنورة، وقمنا أيضاً بإعادة مولد في محطة الريان سيدخل الخدمة الليلة (الأربعاء)، ونجهز محطة جديدة شرق المكلا في الريدة وقصيعر وقد وصل الخبراء عبر مطار سيئون وستدخل العمل خلال يومين، كل هذه الجهود ستعدل الوضع بالنسبة للتيار الكهربائي بإذن الله.
- هل تعتقدون أن هناك جهات أو أشخاصاً يتعمدون تعطيل الخدمات وربما محاولة استنساخ وضع محافظة عدن؟
ـ نعم... وقد قلت ذلك أكثر من مرة. نحن في حالة حرب... والإرهاب وإن هزم في المعركة العسكرية هزيمة نكراء وتم إبعاده عن حدود حضرموت، سيعود عبر أساليب مختلفة. أيضاً الانقلابيون الحوثيون لهم عناصر ويلجأون إلى أساليب تخريبية عندما يرون نموذجاً للاستقرار والأمن والتنمية. يريدون إشغال الناس وخلق القلاقل، وهذه العناصر مرصودة بالنسبة لنا.
- هل ترون دعم الحكومة المركزية كافياً لمحافظة حضرموت؟
ـ دعم الحكومة ليس بالشكل المطلوب أو المناسب. نحن نطلب منها تحمل مسؤوليتها في مسألة الكهرباء فهذا موضوع سيادي، ولا يمكن للسلطة المحلية تأمينها بمفردها. كما نريد من الحكومة وضع معالجات لقضايا أساسية مثل مرتبات الموظفين والعسكريين والأمنيين وكل ما له علاقة بخدمة الناس من صحة ومياه وتعليم. هذه أمور أساسية على الحكومة في أسوأ الحالات ألا تتخلى عنها، كذلك نطالب الحكومة أن تلتف إلى مطالب المناطق المحررة وأن تساعد السلطات المحلية وألا تضعها في موقف حرج أمام مواطنيها.
- أين وصلتم حتى الآن في ملف القضاء على الإرهاب في المحافظة؟
ـ حضرموت ضربت مثلاً قياسياً في دحر الإرهاب. الجميع في الداخل والخارج يعلم ذلك جيداً، فالانتصار في معركة الإرهاب مروراً بتثبيت الأمن والاستقرار في حضرموت، وصولاً إلى النجاحات الأخيرة، تعتبر ضربة قاصمة لأي جماعة إرهابية. تم تطهير وادي المسيني. وبعد الاحتفال بمناسبة الذكرى الثانية للتحرير في أبريل (نيسان) الماضي قمنا بالانتشار في المديريات الموجودة في الهضبة دوعن، عمد، رخيه، الضليعة، هذا الانتشار أمّن لنا قوة أمنية وعسكرية على كافة مديريات المحافظة؛ لذلك نؤكد انتهاء تواجد أي تجمع لعناصر الإرهاب القاعدة في أي منطقة من هذه المناطق وإلى الأبد بإذن الله، يتبقى خلايا نائمة لأفراد من شخصين إلى ثلاثة، وهذا قد يوجد في أي دولة.
- ماذا عن عمل ميناء المكلا، ودوره في استقبال المساعدات الإنسانية؟
ـ ميناء المكلا مرفق مهم وحيوي، ومن خلاله يقع على حضرموت مسؤولية مساعدة محافظات محررة عدة وغير محررة فيما يتعلق بإمدادات الأغذية والمواد الطبية والمحروقات وغيرها، ويجب أن يعرف الجميع أن ميناء المكلا لم يعطَ أي اهتمام خلال السنوات الماضية، وظل مهملاً ومتراجعاً كثيراً عن الموانئ المجاورة ولم يتطور، وإمكاناته ضعيفة جداً؛ لذلك طلبنا من التحالف العربي بقيادة السعودية مساعدتنا برافعة وأمور كثيرة أخرى في الميناء، وتلقينا وعداً بقرب وصول هذه الرافعة، ونتمنى أن يتحسن الوضع بوصولها.
- ماذا عن مساعدات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لمحافظة حضرموت؟
ـ مركز الملك سلمان للإغاثة مساعداته مستمرة. وهم على تواصل معنا لمواجهة أي ظرف طارئ مثل الإعصار الأخير الذي تعرضت له المنطقة واستعدادهم لتقديم مساعدات عاجلة في حال حدث أي أضرار، وهناك متطلبات كثيرة قدمناها للمركز ونتوقع الاستجابة لها في القريب العاجل.
- تتابعون ما يحصل في الحديدة وصعدة من تقدم نوعي للشرعية، وبحكم خبرتكم العسكرية كيف يمكن قراءة ذلك وأثره على نهاية الميليشيات الانقلابية الحوثية؟
ـ لا شك أن عملية الساحل الغربي وتضييق الخناق في صعدة تشير إلى المستوى المتقدم الذي وصلت إليه قوات الشرعية المدعومة من قوات التحالف. وفي حال فقدت الميليشيات مدينة الحديدة، أعتقد أنهم سيفقدون كل شيء، وسيكونون محاصرين في مواقع جبلية محدودة ويضطرون إلى الاستسلام.
- مع مؤشرات قرب انتهاء الحرب، ما نظرتك لمستقبل اليمن والقضية الجنوبية وطرق حلها؟
ـ في الواقع أن كل عاقل ومنصف ومن يريد الخير لمستقبل البلد يعرف أن هذه الحرب خلقت واقعاً جديداً، ولا يمكن العودة للمفاهيم والنظام القديم. لذلك؛ ستوضع القضية الجنوبية بقوة على الطاولة وسيصغي الناس لها لأن في ذلك حلولاً مستديمة للمستقبل، أما تجاوزها والقفز عليها فلا يخدم أبداً استقرار اليمن في المستقبل.
أعتقد أن العالم والمحيط في دول التحالف يدركون ذلك، وأهل اليمن أيضاَ يفهمون أن المخرج الرئيسي سيكون ما توصلت إليه نتائج هذه الحرب وكيفية البناء عليه وتجنب مشكلات الماضي التي كانت نتيجة تجاوزات وظلم للناس بشكل جماعي.
- كيف ستكون العلاقات مع التحالف بعد الحرب؟
- لا يعني أنه بانتهاء الحرب ستنتهي علاقتنا بدول التحالف، بالعكس ستترسخ؛ فنحن في حاجة إلى تنمية ومارشال اقتصادي جديد في اليمن. لذلك؛ علاقاتنا الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية ستظل وثيقة مع دول التحالف وستستمر وستكون الضمانة لبناء يمن جديد مستقر.
- كيف تنظر لحملة «البلسم» الثانية لعلاج مرضى القلب في المكلا؟
ـ حملة منظمة البلسم الدولية التي جُل أطبائها من السعودية، عظيمة وفريدة. وأعتقد أنها من أفضل ما تم تقديمه في العمل الإنساني لليمن في هذه الظروف... فريق على قدر كبير من المهنية والقدرة على إجراء عمليات معقدة وصعبة في القلب لا يتم إجراؤها إلا في دول متطورة. وها نحن نقوم بها في المكلا، هذا عمل عظيم يشكر عليه الفريق وتشكر عليه السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، ونشكر الشعب السعودي على دعمهم ومساندتهم لنا، هذه العمليات تجرى لمواطنين من مختلف محافظات اليمن، كان الناس يموتون لعدم قدرتهم على السفر، فجاء الفريق وأنقذ حياة مئات الناس.
- مركز أمراض القلب الخيري يحتاج إلى دعم السلطة المحلية إلى جانب اعتماده على أهل الخير والمنظمات، ما الدعم الذي ستقدمونه للمركز؟
ـ نعتبر المركز مهماً جداً وسيدعم من السلطة المحلية في المستقبل، وقد تحدثت معهم عن أملنا بأن يكون المركز من أكبر المراكز في المحافظة ومستعدون للمساعدة والحديث مع الشركات لتقديم الدعم له، كما نطلب من دول التحالف تقديم العون للمركز، خصوصاً في مثل هذه الظروف، وبخاصة مركز الملك سلمان الذي يمكنه تقديم مساعدة لتطوير هذا المركز.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يحكمون قبضتهم على المساجد في رمضان

العالم العربي عناصر حوثيون يفترشون أرضية أحد المساجد في إحدى ليالي رمضان (إكس)

الحوثيون يحكمون قبضتهم على المساجد في رمضان

تسعى الجماعة الحوثية للسيطرة المطلقة على المساجد في مناطق سيطرتها، وتحويلها إلى مقار لتنظيم فعاليات خاصة بها بدلاً عن صلاة التراويح التي تمنع السكان من أدائها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)

خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
TT
20

خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)

برغم فشل غالبية مشاريع خدمة التوصيل في العاصمة اليمنية صنعاء بسبب غلاء المعيشة، فإن الطلب عليها لم يتوقف، ويستمر مئات الشباب في تقديمها خصوصاً في شهر رمضان، وتشهد الشوارع المزدحمة قبيل مغرب كل يوم سباقاً مع الوقت يخوضه الشباب العاملون في هذه الخدمة، معرضين حياتهم للخطر.

وغالباً ما تتسبب الدراجات النارية بالكثير من الحوادث المرورية في شوارع صنعاء، ويرفع العاملون في خدمة التوصيل منسوب هذه الحوادث نتيجة رغبتهم في توصيل أكبر عدد من الطلبات لزيادة مداخيلهم، والاستجابة لإلحاح زبائنهم المطالبين بسرعة وصول الوجبات من المطاعم ومستلزمات الوجبات المنزلية من الأسواق.

ويذكر عمار سعيد، وهو عامل توصيل على دراجة هوائية، أن عمله في هذه المهنة يتطلب هدوء أعصاب وتركيزاً شديداً وقدرة على الصبر والتحمل.

ويبين سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية زبائنه يطلبون وصول الطعام بأقصى سرعة، ويستعجلونه خلال تنقلاته بإلحاح شديد وتذمر، ما قد يفقده التركيز أثناء قيادة دراجته، وكثيراً ما يكون مضطراً لتوصيل أكثر من طلب في الوقت نفسه في اتجاهات مختلفة.

عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)
عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)

وكانت خدمة التوصيل في العاصمة صنعاء ومدن أخرى قد شهدت ازدهاراً كبيراً منذ 5 أعوام بسبب حائجة كورونا (كوفيد 19) وما تسببت به من عزوف عن الاختلاط والخروج من المنازل، وهو ما دفع بعدد من المستثمرين إلى إنشاء شركات توصيل تستخدم تطبيقات على الهواتف المحمولة.

ويكشف مقيمون في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنه، وبرغم إيقاف العديد من شركات التوصيل نشاطها وتسريح العاملين فيها خلال الأعوام الماضية، فإن الخدمة ذاتها لم تتوقف، بل تشهد تزايداً نسبياً من خلال طلب العائلات والأفراد لها من شبان يتعاملون معهم باستمرار، إلى جانب توظيف المطاعم الكبيرة لعمال توصيل.

ثراء غير متوقع

يستغرب الكثير من المتابعين للوضع في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ظهور وانتشار خدمة التوصيل، في حين يعاني غالبية السكان من أوضاع معيشية صعبة ومعقدة، ولا يملكون القدرة على شراء الطعام من المطاعم، ناهيك عن دفع المزيد من الأموال مقابل خدمة توصيله.

المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)
المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)

وبحسب هؤلاء، فإن العاصمة صنعاء تشهد اتساع رقعة البطالة وإغلاق العديد من الشركات التجارية وهروب أصحاب الأموال والاستثمارات، ولم يتبقَّ فيها إلا من لا يستطيع المغادرة لعدم مقدرته على ذلك، أو من لا يخشى على نفسه وممتلكاته من ممارسات الجماعة الحوثية.

إلا أن الباحث الاقتصادي اليمني عادل شمسان يشير إلى أن الإقبال على طلب خدمة التوصيل يأتي بسبب نشوء فئة واسعة تمكنت من الإثراء مستفيدة من الانقلاب والحرب، وهي الفئة التي تسيطر مظاهر ثرائها على المشهد في صنعاء من خلال ظهور أنواع جديدة من السيارات الفارهة والقصور الكبيرة وزيادة النشاط العمراني، مقابل اتساع دائرة الفقر والفاقة.

ويوضح شمسان لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الفئة الجديدة نشأت من خلال أعمال النهب المنظم، أو العشوائي، لموارد المؤسسات العامة وأعمال الجباية والإتاوات المفروضة على غالبية السكان، وابتزاز الشركات التجارية ورجال الأعمال والمستثمرين، وتكوين طبقة من المستثمرين الطفيليين الذين سعوا للإثراء من خلال الأموال المنهوبة أو بالشراكة الإجبارية مع أصحاب رؤوس الأموال.

شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)
شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)

ويرى مراقبون للشأن اليمني في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية أن هناك فئة أخرى تمكنت من الإثراء من خلال العمل أو النشاط في تقديم المساعدات الإغاثية، سواء مع المنظمات الدولية والأممية أو المحلية، وهو النشاط الذي يشهد فساداً واسعاً بحسب العديد من التقارير.

أطعمة جديدة

يعدّ انتشار خدمة التوصيل في صنعاء أمراً لافتاً، كون الأوضاع المعيشية فيها لا تؤهل لذلك، إلى جانب أن المطاعم الشعبية منتشرة في كل الشوارع والأحياء وبالقرب من جميع المساكن تقريباً، في حين يفضل غالبية السكان إعداد الطعام في المنازل.

تقول لبنى عقلان، وهي طبيبة أسنان، إنها وحتى سنوات قليلة مضت، لم تكن تطلب هذه الخدمة كما هي عليها الآن، وكانت تكتفي بالاتصال الهاتفي إلى الكافتيريا الموجودة في نفس البناية التي تقع فيها عيادتها لطلب الطعام، فيقوم أحد العاملين بإيصاله خلال دقائق معدودة.

انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)
انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)

لكن الأعوام الأخيرة شهدت، بحسب حديث عقلان لـ«الشرق الأوسط»، افتتاح مطاعم تقدم وجبات جديدة ومميزة، وهو ما يغري بطلب إيصالها بسبب ازدحام أوقات العمل وعدم القدرة على التنقل إليها والعودة بسرعة.

أما عصام شرف، وهو اسم مستعار لمعلم فيزياء في إحدى كبريات مدارس العاصمة صنعاء، فيلفت إلى أن طلبات توصيل الطعام تعدّ رفاهية لا يحصل عليها سوى من يملكون القدرة على ذلك، وقد حظي بها بسبب عملها في تقديم الدروس الخصوصية.

الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)
الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)

ووفق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإن الطلاب الذين يقدم لهم الدروس الخصوصية، وغالبيتهم من عائلات ثرية، يطلبون الطعام لهم وله خلال جلسات الدراسة، فيحصل على وجبات لم يكن يفكر حتى بها بسبب أسعارها المرتفعة، وأحياناً يأخذ ما تبقى منها لعائلته في المنزل.

وتساعد مشاريع إعداد الطعام بالمنازل في استمرار خدمة التوصيل، حيث يعتمد أصحاب هذه المشاريع، وأغلبهم من النساء، على شبان يعملون على دراجات نارية أو هوائية في توصيل الطعام إلى الزبائن.