«عشم» مسلسل يروي حكايات المغتربين السودانيين في الخليج

واجه انتقادات آيديولوجية وحظي بأعلى مشاهدة

لقطة من «عشم»
لقطة من «عشم»
TT

«عشم» مسلسل يروي حكايات المغتربين السودانيين في الخليج

لقطة من «عشم»
لقطة من «عشم»

منذ حلقته الأولى، أثار ويثير مسلسل «عشم» الرمضاني الذي تبثه فضائية «سودانية 24» ضجة كبيرة، وهو دراما تلفزيونية تناولت قضايا وهموم «المهاجرين السودانيين»، وفي دول الخليج العربية على وجه التخصيص.
وعلى الرغم من إجماع النقاد على فرادته وجرأته، فقد واجه انتقادات عنيفة للأزياء، ووصفها البعض بأنها «عارية وغير محتشمة»، وهي انتقادات اعتبرت من قبل مهتمين مجرد «تنطع آيديولوجي»، حاول توظيف «العادات والتقاليد المحلية» لخدمة آيديولوجيته وليس خدمة الفن.
وحظي «عشم» بمشاهدة عالية، لتناوله لشريحة أبناء السودانيين الذين يعيشون في دول الخليج العربي، مثيراً عدداً من الأسئلة والقضايا التي تهم هذه الشريحة في قالب درامي لافت، وبأداء وتمثيل جعلا منه «مسلسلاً» يستحق المشاهدة.
ويرى الناقد والدرامي السر السيد، أن «عشم» حقق ما سماه نوعاً من «الإضافة والاختراق» مقارنة بالدراما السودانية السائدة، وذلك يرجع إلى طرحه لـ«قضية المغتربين السودانيين» المهمة، يقول: «هذه القضية رغم أهميتها، لم تتناولها الدراما السودانية من قبل بهذا العمق».
ويتابع: «المسلسل تناول قضية المغتربين والمشكلات التي تواجههم، في العمل، والحياة الأسرية بين الزوج والزوجة، وبين الأبناء وعلى وجه الخصوص البنات، وما يتعلق بتأخر سن زواجهن، وعلاقة المغتربين بأسرهم في السودان»، ويؤكد: «هذا موضوع جديد وحيوي، ينطلق من دور المغترب في العمل الوطني».
ويقطع السيد بدور المسلسل في إعادة تماسك المغتربين، بحكايته لقصتهم، ويشير إلى ما أطلق عليه «فعاليتهم في المكان الذي يعيشون فيه»، ويضيف: «المسلسل يؤكد أن السودانيين فاعلون في المجتمعات المضيفة»، ويدلل على ذلك بمشاركة ممثلين ومواطنين من تلك البلدان في المسلسل، ويتابع: «لقد أتاحوا للمسلسل شوارعهم ومكاتبهم، وخبرات بعضهم في التمثيل، ما يؤكد تعايش السودانيين مع مجتمع تلك البلدان».
ويحمد السيد للمسلسل أنه وضع حداً لـ«التكلف» وعدم التلقائية التي تتسم بها معظم الدراما السودانية، يقول: «التمثيل في هذا المسلسل كان تلقائياً وبلا تكلف، ويجمع على ذلك معظم المشاهدين»، ويتابع: «إضافة إلى تلقائيته فإن المسلسل حظي بثراء مشهدي، عكس ثقافتنا وحياتنا بصورة غير مسبوقة».
وشنَّ السيد هجوماً عنيفاً على منتقدي المسلسل، وأزياء الممثلين والممثلات ومن وصفوها بـ«العارية وغير المحتشمة»، وقال: «الحديث حول الأزياء مجرد نوع من التنطع والادعاء الآيديولوجي»، وأضاف: «للأسف التنطع والادعاءات الآيديولوجية لم تعد وقفاً على الإسلاميين، بل إن كثيرين تبنوها مزايدة».
ويقطع السيد بأن الأزياء في المسلسل لا تخالف التقاليد والعادات السودانية، و«هي عبارة عن الثوب، الإسكيرت والبلوز، والفستان، والعباية، وهي موجودة في أعراف وتقاليد السودانيين»، ويتابع: «أعرافنا وتقاليدنا لا تواجه مشكلة مع المسلسل، إلا إذا كانت هناك أعراف جديدة حلّت في البلاد بعد سيادة الزي الإسلامي، لا توجد في هذا المسلسل مشاهد تعرٍّ أو إغراء».
ويرى السيد أن مسلسل عشم تجربة درامية جيدة، يتوجب الاهتمام بها وتشجيعها وتطويرها، ولتأكيد وجهة نظره هذه يقول: «أثارته لنقاش كثيف في الفضائيات والقنوات الدولية والمحلية، دلالة على أهميته، وخرقه لمعهود الدراما السودانية التي في الغالب تنتهي سيرتها بنهاية عرضها».
ولقيت أزياء الممثلات والممثلين، ولهجتهم المتأثرة بلهجات البلدان التي نشأوا فيها وتأثرهم بثقافاتها، انتقادات عنيفة من قبل بعض المشاهدين الذين ألفوا أزياء تمثيلية «معسمة» لا تمكن من التمثيل - كأن تكون الزوجة محجبة في غرفة نومها - وعلى الرغم من الانتقادات فإن «عشم» حظي بأعلى مشاهدة بين الأعمال السودانية.
ويقول الصحافي أحمد خليل، وهو من متابعي المسلسل، إن «عشم» قفزة في صناعة الدراما في السودان، بتلقائيته، وفنياته، ويعالج مشكلة حقيقية تواجه السودانيين في المغتربات، تحقيق طموحاتهم وفشلهم في ذلك، نظرة الأسرة للمغتربين باعتبارهم يعيشون على ظهر «تلة فلوس».
ويصف تأثر الممثلين بعادات وتقاليد البلدان التي نشأوا فيها بأنه طبيعي، ولا يفترض أن يكون مثار نقد، ويتابع: «ناقش قضايا المهاجرين بشفافية، وبقوالب أداء مميز»، ويرى خليل أن انتقاد الأزياء العادية في المسلسل بأنه تركيز على «أزياء النساء» يحاول التعمية على ما ترتديه السودانيات في صالات الأفراح والمناسبات، ويضيف: «قدم لنا المسلسل الجمال، بديكور بديع، وأداء رابع، واحترافية التصوير، ودليل نجاحه ما أثاره من اهتمام ولغط بل ونقد»، ويتابع: «حرصت على مشاهدة حلقاته من البداية، أعجبني الحوار، والديكور والانتقال من مشهد لآخر».
مسلسل «عشم» الذي أثار كل هذه الضجة دراما سودانية، من إنتاج «أسامة الكاف» صورت مشاهده في مدينة جدة السعودية، من إخراج محمد كمال.
عرضت أجزاؤه الأولى على «يوتيوب»، وشارك في بطولته ممثلون معظمهم لا تجارب تمثيلية سابقة لهم، ومن بينهم عبير الشيخ، إبراهيم ناجي، حسن كسلا، الطيب علي، وممثلون سعوديون، وممثل لبناني، واستخدمت فيه اللهجات السودانية والسعودية واللبنانية.



الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.