المغرب يتجه لحماية القدرة الشرائية للمواطنين

رداً على حملة مقاطعة أضرت بالحكومة

TT

المغرب يتجه لحماية القدرة الشرائية للمواطنين

أعلنت الحكومة المغربية أنها تتجه نحو مراجعة قانون تحرير الأسعار والمنافسة، تفاعلاً مع تداعيات حملة المقاطعة غير المسبوقة، التي استهدفت منتجات 3 علامات تجارية أساسية في البلاد، وأكدت أنها ستتخذ خطوات عملية لحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
وقال مصطفى الخلفي، الوزير المنتدب المكلف العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن «قضيتنا هي دعم وحماية القدرة الشرائية للمواطنين، ومن بين الآليات المتاحة الآلية القانونية». وأضاف الخلفي في لقاء صحافي عقب نهاية اجتماع المجلس الحكومي، أمس، خلال تفاعله مع أسئلة الصحافيين: «نعم نتجه لمراجعة قانون تحرير الأسعار والمنافسة»، معلنا أن الحكومة تدرس الموضوع، وتعي الحاجة لاعتماد حلول عملية في هذا المجال.
أما بخصوص مراجعة وتسقيف أسعار المحروقات، فيبدو أن حكومة سعد الدين العثماني ما زالت لم تحسم بعد القرارات التي ستتخذها، حيث أكد الخلفي أن الحكومة واعية بالإشكالات التي تطرحها أسعار المحروقات قبل تقرير مجلس النواب، موضحا أنها تعمل على تدارس الملف من أجل اعتماد الحلول العملية فيه.
وأشار الخلفي إلى أن وزارة الشؤون العامة والحكامة منكبّة على الموضوع، وتعمل على إعداد دراسة مقارنة لعدد من التجارب المماثلة، نافيا أن تكون الحكومة قد حسمت أي قرار بشأن هذا الملف. وأردف قائلا: «قرار مجلس الحكومة ما زال موضوع دراسة، وعندنا توجه لاتخاذ حلول عملية للإشكالية التي يطرحها الموضوع»، مبرزا أن تقرير اللجنة الاستطلاعية البرلمانية له مساره من الناحية المؤسساتية، وأن الحكومة ستدرس التوصيات التي سيخرج بها من أجل التفاعل معها.
وبخصوص الإجراءات التي شرعت في اتخاذها شركة الحليب الفرنسية «سنترال»، التي أوقفت شراء الحليب من عدد من الفلاحين الصغار، وسرحت 900 عامل نتيجة الخسائر التي تكبدتها بسبب حملة المقاطعة، عبر الخلفي عن انشغال الحكومة بالموضوع ومتابعته عن كثب. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة في هذا السياق: «لا يمكن إلا أن نكون معنيين بأوضاع الفلاحين الصغار، ونحن نتابع الموضوع وندرس كل التطورات»، عادّاً أن هذا الموضوع «ليس بالسهل، وواعون بالتحديات التي يطرحها علينا في الحكومة».
ولفت الخلفي إلى أن هناك اتصالات «أجراها العثماني مع القطاعات المعنية، وقد تلقينا طلبا من البرلمان من أجل عقد اجتماع حول الموضوع»، وذلك في إشارة إلى الحساسية التي يحظى بها الموضوع.
يذكر أن حملة المقاطعة، التي تعيشها البلاد منذ 20 أبريل (نيسان) الماضي، لاقت نجاحا كبيرا، وأثارت موجة من الردود المتباينة داخل الساحة الوطنية، حيث أضرت بالحكومة وبصورة الاقتصاد الوطني، وألحقت خسائر مادية كبيرة بالشركات التي استهدفتها، وهي: شركة توزيع المحروقات «أفريقيا غاز»، التي يملكها وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش، وشركة إنتاج المياه المعدنية المعبأة «سيدي علي»، التي تملكها الرئيسة السابقة للاتحاد العام للمقاولات بالمغرب مريم بنصالح، بالإضافة إلى شركة الحليب الفرنسية «سنترال دانون» لإنتاج الحليب ومشتقاته.
وفي موضوع منفصل، قال الخلفي إن الحكومة تتابع باهتمام كبير موضوع تعرض العاملات المغربيات في حقول جني الفراولة بإسبانيا للتحرش والاستغلال الجنسي، مؤكدا أن كرامة العاملات «خط أحمر».
وأضاف الخلفي أن «هناك عملية تواصل مكثفة تجري بشأن الموضوع، ولا يمكن إلا اتخاذ الإجراءات اللازمة من طرف القطاع الوصي»، مبرزا أن التطورات التي أعلن عنها في إسبانيا تبين أن هنالك «متابعة دقيقة بما يحقق الإنصاف وصيانة الكرامة، وضمان الحقوق المنصوص عليها في القوانين الدولية».
من جهة أخرى، أعلن الخلفي رفض الحكومة التقرير الأميركي حول الحريات الدينية بالمغرب، عادّاً أنه مبني على معطيات غير علمية وغير دقيقة، وقال إن حصول تضييق على الحرية الدينية «مجرد ادعاءات»، مؤكدا أن المغرب «بلد يتميز بالحرية الدينية، والتقرير مخالف للواقع». كما أشار إلى أن اللجنة الوزارية المختصة بدراسة التقارير الدولية «ستعمل على دراسة هذا التقرير من أجل إعداد جواب حول هذا الأمر».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.