وزير خارجية الجزائر في مالي لإنقاذ «اتفاق السلام»

بعد ملاحظات سلبية من الأمم المتحدة حول آليات تنفيذ بنوده

TT

وزير خارجية الجزائر في مالي لإنقاذ «اتفاق السلام»

يجري عبد القادر مساهل، وزير خارجية الجزائر، في مالي منذ ثلاثة أيام اجتماعات ماراثونية مع مسؤولين بالحكومة، وقادة المعارضة المسلحة بهدف إنقاذ «اتفاق السلام»، الذي وقعت عليه الأطراف المتنازعة في 15 يونيو (حزيران) 2015.
وتترأس الجزائر «لجنة متابعة تنفيذ الاتفاق»، لكنها تواجه منذ ثلاث سنوات صعوبات كبيرة في إلزام المعارضة بالوفاء بوعودها.
ويأتي تنقل مساهل إلى باماكو، إثر ملاحظات سلبية صدرت عن الأمم المتحدة بخصوص الاتفاق، إذ ذكرت في أحدث تقاريرها بأنه لم يحرز تقدماً لافتاً بسبب عدم تقيد الأطراف بتعهداتها، خصوصاً ما يتعلق بتخلي المعارضة عن سلاحها.
وقال مصدر حكومي جزائري، لـ«الشرق الأوسط» إن مساهل «شدد في كل لقاءاته بمالي على أن الإخلال بالتعهدات الواردة في الاتفاق يصب في مصلحة الجماعات المتطرفة، التي تستغل الصراع بين الحكومة والمعارضة لتنفيذ أجندتها، المتمثلة في بناء قاعدة خلفية (للجهاديين) في شمال مالي، وما يترتب عن ذلك من تهديد مباشر لكل المنطقة وأوروبا أيضا».
والتقى مساهل خلال زيارته رئيس البلاد إبراهيم بوبكر كايتا، ورئيس الوزراء سوميلو بوباي مايغا، وبعض قادة «تنسيقية حركات أزواد»، التي تضم ثلاث مجموعات أساسية في تمرد الطوارق على الحكومية، هي «الحركة الوطنية لتحرير أزواد»، و«المجلس الأعلى لوحدة أزواد»، و«حركة أزواد العربية». وتعد «حركة تحرير أزواد» أكثر تنظيمات المعارضة المسلحة تشددا في مسألة عدم التخلي عن السلاح، كما ترفض مغادرة معاقلها بمدن الشمال الرئيسية، مثل غاوو وكيدال وتومبوكتو التي شهدت خلال السنوات الأخيرة مناوشات بالسلاح بين الجيش النظامي والمسلحين.
وتوجد مؤشرات مقلقة بالنسبة الجزائر كوسيط في الأزمة، توحي بعودة الصراع إلى مرحلة ما قبل تنفيذ الاتفاق، حيث اتهمت الحكومة جماعات المعارضة بـ«التحالف مع الإرهابيين لتهديد أمن البلاد». ويأتي على رأس هؤلاء الإرهابيين إياد آغ غالي، زعيم «أنصار الدين»، وهو طرقي من شمال البلاد.
وينص الاتفاق على إنشاء مجالس محلية ذات صلاحيات واسعة ومنتخبة بالاقتراع العام والمباشر، لكن دون استقلال ذاتي في شمال البلاد أو نظام اتحادي. ولا يتضمن الاتفاق اعترافا بتسمية «أزواد»، التي يطلقها المتمردون على شمال مالي، ما يلبي مطالب حكومة باماكو. كما ينص على دمج المقاتلين الطوارق ضمن قوة أمنية خاصة بالشمال، وتمثيل أفضل لسكان الشمال في مؤسسات الدولة. وقد كان البند الأكثر استعجالاً، حسب الوثيقة، إخلاء المعارضة لمواقعها العسكرية لصالح الجيش النظامي، على أن يبدأ مباشرة بعدها بشن حملات عسكرية ضد المتطرفين، الذين ينتمون لعدة جماعات مسلحة. غير أنه لم يتجسد أي بند من بنود الاتفاق، وهو ما يثير حفيظة الجزائر.
ويرأس «لجنة متابعة الاتفاق» الدبلوماسي الجزائري أحمد بوطاش، الذي يعاني الكثير من أجل التقريب بين وجهات نظر المعارضة والحكومة. ويضع «الملف المالي» الدبلوماسية الجزائرية على المحك، خاصة وأنها تسعى منذ ثلاث سنوات إلى تسويقه على أنه من «نجاحات سياسة المصالحة في الجزائر». ولهذا فهي تعتبر أي فشل في تحقيق السلم في مالي، والمصالحة بين فرقائه، بمثابة فشل لـ«الجارة الكبيرة» التي تريد لعب دورين في وقت واحد بالمنطقة جنوب الصحراء: ريادة مجهود محاربة الإرهاب، وهو دور تنافسه فيه فرنسا بقوة، ونشر الاستقرار والأمن، انطلاقا من قناعة لدى الجزائريين بأنهم يملكون باعا طويلا في تسوية النزاعات الإقليمية، خاصة في أفريقيا.
وكان يفترض أن يشهد شهر أبريل (نيسان) الماضي قيام «قوة عسكرية مشتركة»، تضم خمسة آلاف جندي من بلدان الساحل، هدفها تعقب أثر المتشددين، وخصوصا في شمال مالي الحدودي مع الجزائر. غير أن المشروع، الذي رحب به مجلس الأمن الدولي وكان من اقتراح باريس، تأخر إطلاقه بسبب عدم وصول التمويلات التي تعهد بها الاتحاد الأوروبي.
يشار إلى أن مجلس الأمن رفض منح «القوة المشتركة» تفويضا أممياً، وذلك بسبب قلق واشنطن من الالتزامات المالية، التي قد تترتب على الأمم المتحدة جراء ذلك، والتي تتحمل الولايات المتحدة جزءا هاما منها.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.