متطوعات سعوديات في الحرم المكّي يخدمن ضيوف المسجد الحرام وزواره

يتكلّمن أربع لغات ويشاركن في إدارة الكوارث

فريق السلام التطوعي في مكة المكرمة
فريق السلام التطوعي في مكة المكرمة
TT

متطوعات سعوديات في الحرم المكّي يخدمن ضيوف المسجد الحرام وزواره

فريق السلام التطوعي في مكة المكرمة
فريق السلام التطوعي في مكة المكرمة

يشارك فريق سعودي من المتطوعين والمتطوعات ضمن فريق السّلام التطوعي المنتشر في جنبات المسجد الحرام وساحاته، ويقوم بمهام متعددة وبلغات مختلفة في مساعدة المعتمرين وتطبيبهم وإرشادهم إلى جميع مناطق السعودية ومدنها.
وعن تأسيس الفريق والهدف منه قالت عضو الفريق الدكتورة هيا الجوهر، إنّه تأسس في عام 2014، وإيماناً بأن فريق السلام التطوعي لا بد أن يجمع الكوادر والطّاقات البشرية السعودية التي تتحرك في الأزمات وتُساعد المحتاجين والمتضررين، مبينةً أنّ من ضمن الأهداف الجوهرية ترسيخ ثقافة التّطوّع والعمل لما من شأنه رفعة هذا البلد المعطاء الذي سخّر الغالي والنفيس للمواطنين والزوار وضيوف الرحمن.
وعن فكرة تأسيس فريق السّلام وعدد المتطوعات فيه أشارت الجوهر إلى أهمية خلق جيل جديد يعمل جنباً إلى جنب مع الجهات الرّسمية تطوعاً، للحفاظ على حياة المواطن والمقيم وصحّتهما في الظروف الصّعبة والتّجمعات، مثل أوقات الحج والعمرة، وأوقات السيول والكوارث، مفيدة أنّ غريزة وحب العمل التطوعي مغروسة في ثقافة الأجيال الصاعدة، ويأتي موسم الحج والعمرة بمثابة ممارسة حقيقية في الخدمة وتسخير الطاقات من أجلهم.
وأضافت الجوهر أنّه حال انضمام المتطوعة للفريق، فإنها تُعرض لكشف طبي للوقوف على وضعها الصّحي، كما يعمل لهن مسح أمني للتأكد من خلو صحيفتها، ثم تُمنح بطاقة من الدفاع المدني، وتخضع لدورات تدريبية تباعاً في الإسعافات الأولية وإدارة الحشود ودورات في الأمن والسلامة، والإخلاء أثناء الكوارث والحرائق.
بدورها أفادت إحدى متطوعات الفريق، بأنّ النتائج كانت مذهلة أثناء مشاركة المتطوعين والمتطوعات في العمل في الأوقات الحرجة والصعبة، وبرهنت تلك الكفاءات السعودية على علو همتها، وقدرتها على تأطير الجهود وتوجيه إمكانياتها بالشكل الحقيقي، مشيرة إلى أن من أهم المكاسب الحقيقية التي عمل بها فريق السلام التطوعي مع الشركاء، هي الانسجام التام نحو الهدف الأسمى في خدمة المعتمرين من مختلف الجنسيات والأعمار، وإرشاد التائهين وعلاجهم ميدانياً والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لمواصلة علاجهم.
ومن جدة، أوضحت عضو الفريق مي الجهني أنّ عددهم وصل 1150 متطوعاً ومتطوعة والعدد في زيادة، مشيرة إلى أن تركيز الفريق الحالي في مكة المكرمة يتمحور حول تقديم الإسعافات الأولية والثانوية وإدارة الحشود وإجلاء المصابين إن وجدت إصابات.
وعن كيفية قضاء اليوم التطوعي في التعامل مع المعتمرين أبانت الجهني أنّ الفريق التطوعي يباشر وبشكل يومي العمل في نقاط موزعين عليها على شكل فرق إسعافية وإدارة حشود في نقاط معينة حُدّدت بناء على كثافة المعتمرين، فهناك أكثر من 20 نقطة يُوزّع المتطوعون عليها.
وعن مساهمة فريق السلام في تقوية العمل التّطوعي وزيادة ثقافته بين السعوديات أوضحت الجهني أنّه يندرج نحو استقطاب الراغبين بالعمل التطوعي من مختلف التخصصات من عمر 18 سنة، وتأهيلهم وتدريبهم مجاناً من خلال مدربين أكفاء من داخل الفريق حتى يصبحوا قادرين على تقديم الخدمات والمهام المطلوبة منهم على الوجه المطلوب.
بدورها أبانت رهام الحربي عضو فريق مشارك من ينبع، أنّ عمل السيدات الميداني يوضح بصورة حية قدرة وشجاعة وكفاءة المرأة السعودية في مواجهة التحديات والصّعاب وكسر النّمطية الاعتيادية في المعالجة، وتطوير الأسس والطرائق الكفيلة بإثراء العمل التطوعي وترسيخه على أكمل وجه وباختلاف الأساليب الكفيلة بتحقيق النجاح.
وزادت الحربي قائلة: «أمّا من ناحية الحالات الإسعافية، فكثير منها تكون بسبب إهمال المعتمرين أخذ أدويتهم مع ما يتعرضون له من مجهود خلال تأدية المناسك، وقد اكتشفنا حالات مرضية لم يكن صاحبها يعرف بها، وحوّلناها إلى العيادات المنتشرة قرب الحرم لمباشرة حالاتهم».
وعن التّعامل مع المعتمرين في التخاطب واللغات المستخدمة، أوضحت الحربي أنّ هناك مترجمين من نفس الفريق مُدرَبين ومؤهَلين على ذلك، حيث إن الفريق يتعامل بـ4 لغات، الإنجليزية والفارسية والأوردو والفرنسية، وهم مرافقون للفرق الموزعة في الحرم.



«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.