السيسي يؤكد وحدة المصير بين مصر والسودان

السيسي يستقبل وزير الخارجية السوداني في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
السيسي يستقبل وزير الخارجية السوداني في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

السيسي يؤكد وحدة المصير بين مصر والسودان

السيسي يستقبل وزير الخارجية السوداني في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
السيسي يستقبل وزير الخارجية السوداني في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وحدة المسار والمصير والخصوصية التي تجمع بين مصر والسودان. جاء ذلك خلال استقباله أمس الدكتور الدرديري محمد أحمد وزير خارجية السودان، فور وصوله للقاهرة، بحضور سامح شكري وزير الخارجية المصري، وعباس كامل القائم بأعمال رئيس المخابرات العامة، بالإضافة إلى سفير السودان في القاهرة.
وخلال المباحثات اتفق على انعقاد اللجنة العليا المشتركة برئاسة البشير والسيسي في الخرطوم خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وانعقاد لجنة التشاور السياسي شهرياً، وكذلك التشاور بشأن انعقاد اللجنة التساعية.
وقال السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن وزير الخارجية السوداني أكد حرصه أن تكون أول زيارة خارجية له بعد توليه مهام منصبه إلى مصر، في ضوء اعتزاز السودان بعلاقاتها التاريخية مع مصر وحرصها على مواصلة تعزيز هذه العلاقات في جميع المجالات ومواصلة التنسيق والتشاور بين الجانبين إزاء مختلف القضايا.
وأضاف المتحدث أن الرئيس السيسي أعرب عن ثقته في أن تشهد الفترة المقبلة استمراراً للزخم في علاقات الدولتين على المستويات المختلفة، من أجل البناء على ما تحقق على مستوى علاقات الدولتين في كافة المجالات، وأكد قناعة مصر الراسخة بمحورية واستراتيجية العلاقات بين البلدين، فضلاً عن الروابط الأخوية ووحدة المسار والمصير، كما رحب بتفعيل الاتصالات بين البلدين وزيادة مستويات التنسيق والتشاور في كافة المجالات.
وذكر السفير راضي أنه تم خلال اللقاء التباحث حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتفعيل أوجه التعاون المشترك في مختلف المجالات، كما تم استعراض مستجدات عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك قال وزير الخارجية المصري إن استقبال الرئيس السيسي وزير خارجية السودان فور وصوله القاهرة، يعكس مدى العلاقة القوية بين البلدين، ويأتي استمراراً لما اتفق عليه الرئيسان السيسي والبشير بشأن تكثيف التواصل على كافة المستويات.
وأضاف أن العلاقات المصرية السودانية مقدسة ولا ينبغي المساس بها، وهو ما أكد عليه أيضا نظيره السوداني وقال إن «علاقة شعبي البلدين خط أحمر».
ونوه شكري إلى أنه اتفق على عقد اجتماع شهري بين وزيري خارجية البلدين للتشاور واستكشاف مجالات التعاون وإزالة أي معوقات في المشاريع المشتركة والتنسيق في القضايا الإقليمية والدولية والأمنية.
وأضاف أنه اتفق على تفعيل اللجنة الرباعية واللجنة العسكرية والتحضير للحدث المهم وهو لقاء القمة بين رئيسي البلدين في الخرطوم خلال شهر أكتوبر المقبل، وقال إن لقاءه أمس تطرق إلى التطورات في ليبيا وجنوب السودان وسد النهضة والعلاقة الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان، وكشف عن اتفاق في الرؤية حول كل ما تم مناقشته، إلا أنهما اعترفا معا بوجود بعض الاختلافات وليس الخلافات في بعض الأمور، وشدد على اتفاق الجانبين للخروج بتوافق بما يخدم العلاقة الحيوية بين البلدين.
بدوره قال وزير الخارجية السوداني إن لقاءه الرئيس السيسي كان حميميا ووديا للغاية، وإنه لمس من خلاله الوصول بالعلاقات إلى أفضل مستوى من خلال الضوابط والأسس التي لا يمكن اختراقها، وشدد الوزير السوداني على أنه لا تراجع عن أهمية العلاقة الخاصة مع مصر.
وردا على سؤال حول مستقبل العلاقة ومفاوضات سد النهضة قال الوزير السوداني «هذا الموضع يتم التعامل معه من خلال اللجنة التساعية ولقاء القمة الثلاثي وهناك مرجعية اتفاق عام 1959 بين مصر والسودان والذي حدد كيفية تعاون البلدين مع دول المصب واعترف بوجود صعوبات وتحديات إلا أنه أكد أن المفاوضات قطعت شوطا إيجابيا ويمكن تذليل ما تبقى منها من خلال آلية التفاوض الجديدة».
وحول اتفاقيات جديدة خلال القمة المرتقبة بين رئيسي مصر والسودان، أوضح الدرديري أنه يتم حاليا مراجعة الاتفاقيات السابقة وعندما يتم إنجاز ما تم الاتفاق إليه سوف ننتقل إلى توقيع المزيد من الاتفاقيات.
وحول تجاوز أزمة المسلسل التلفزيوني الذي اعترضت عليه الخرطوم قال وزير الخارجية السوداني إن «هناك اتفاقا بأن يلتزم الجميع بما لا يفرض أوضاعا سالبة على العلاقات»، وشدد على أن علاقة الشعوب ببعضها خط أحمر لا يجب تجاوزه وقد تم تجاوز هذا الموضوع، واتفق على عدم تكراره.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.