الحوثيون يستبقون هزيمتهم في الحديدة بتفخيخ الميناء ونهب الممتلكات

بعضهم هرّبوا عائلاتهم استعداداً للفرار وآخرون فتحوا قنوات اتصال مع «الشرعية» طلباً للأمان

قائد القوات المشتركة الأمير الفريق ركن فهد بن تركي خلال تواجده في منطقة العمليات قبالة الحدود السعودية - اليمنية حيث يشرف ميدانياً على المواجهات مع الميليشيات (واس)
قائد القوات المشتركة الأمير الفريق ركن فهد بن تركي خلال تواجده في منطقة العمليات قبالة الحدود السعودية - اليمنية حيث يشرف ميدانياً على المواجهات مع الميليشيات (واس)
TT

الحوثيون يستبقون هزيمتهم في الحديدة بتفخيخ الميناء ونهب الممتلكات

قائد القوات المشتركة الأمير الفريق ركن فهد بن تركي خلال تواجده في منطقة العمليات قبالة الحدود السعودية - اليمنية حيث يشرف ميدانياً على المواجهات مع الميليشيات (واس)
قائد القوات المشتركة الأمير الفريق ركن فهد بن تركي خلال تواجده في منطقة العمليات قبالة الحدود السعودية - اليمنية حيث يشرف ميدانياً على المواجهات مع الميليشيات (واس)

اشتدت أمس المعارك بين القوات اليمنية المشتركة المسنودة بتحالف دعم الشرعية، والميليشيات الحوثية، على امتداد يناهز 60 كيلومتراً بمحاذاة الساحل الغربي الواقع جنوب الحديدة. وفي حين تتقدم القوات باتجاه مطار المدينة شمالا، تواصل تقدمها شرقا لحماية ظهرها من أي التفاف، واستكمال تحرير مراكز مديريات التحيتا وزبيد والجراحي والحسينية وبيت الفقيه والدريهمي.
وأفادت مصادر محلية وعسكرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» بأن الميليشيات الحوثية استبقت تحرير المدينة بتفخيخ الميناء ونهب المرافق الحكومية، في الوقت الذي دفعت فيه بالمئات من عناصرها من صنعاء وعمران والمحويت وحجة وريمة وذمار للانتحار دفاعا عن الحديدة ومديرياتها الجنوبية التي توشك أن تكون محررة بالكامل.
وذكرت المصادر أن وحدات القوات المشتركة وجهت ضربات موجعة للميليشيات، بالتزامن مع ضربات جوية لطيران التحالف وعمليات مكثفة لمروحيات الأباتشي، ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات من المتمردين، وإجبار غالبية التعزيزات التي تحاول الاقتراب من خط النار في الأطراف الجنوبية لمدينة الحديدة على الفرار.
وتمكنت الدفاعات الجوية لقوات تحالف دعم الشرعية من تدمير 6 صواريخ باليستية أطلقها في وقت مبكر أمس عناصر الميليشيات دفعة واحدة على معسكرات لقوات الشرعية في مديرية الخوخة الساحلية الواقعة شمال مدينة المخا، في حين استهدف طيران التحالف ثكنات للجماعة وأهدافا عسكرية جنوب صنعاء وجنوبها الشرقي، كما امتدت الضربات إلى مواقع ومعسكرات حوثية في إب وتعز.
وفي الوقت الذي يرى فيه المراقبون للشأن اليمني أن معركة استعادة الحديدة ستكون نقطة فارقة في الحرب ضد الجماعة الانقلابية وتسريع حسم المعركة النهائية معها، بدأت أمس تداعياتها تصل إلى العاصمة صنعاء؛ إذ أدى الذعر من احتمال توقف إمدادات الوقود عبر ميناء الحديدة إلى تدافع السكان بسياراتهم للتزود بالوقود، في ظل قيام الميليشيات بإغلاق أغلب المحطات.
وكان مسؤولون في الحكومة اليمنية الشرعية صرحوا في وقت سابق بأن الحكومة لديها خطة فورية لإعادة العمل في ميناء الحديدة ومطارها بمجرد تحريرهما من قبضة الميليشيات الحوثية، وهي رسالة من جانب الشرعية لطمأنة السكان في صنعاء وبقية المناطق التي تعتمد بشكل أساسي على الواردات التي يستقبلها ميناء الحديدة.
وتظهر الخريطة العملياتية للمعارك التي اشتدت منذ يومين عقب التوغل المباغت والسريع للقوات المشتركة المسنودة من تحالف دعم الشرعية، من مديرية التحيتا جنوبا باتجاه الحديدة، شمالا، وصولا إلى مشارف مطارها، أن السهل الساحلي الذي يتراوح عرضه من شاطئ البحر وحتى الجبال بين 30 - 40 كيلومترا، بات مشطورا إلى شقين، يقع الشق الغربي منه المحاذي للبحر في قبضة القوات المشتركة التي تواصل التقدم منه شرقا من أكثر من محور، بالتزامن مع تقدمها شمالا نحو الحديدة.
وتسعى القوات المؤلفة من «ألوية العمالقة الجنوبية» و«ألوية حراس الجمهورية (المقاومة الوطنية)» و«ألوية المقاومة التهامية»، من خلال التقدم شرقا إلى السيطرة على مراكز مديريات التحيتا وزبيد والجراحي والحسينية، وبيت الفقيه والدريهمي.
ولا تزال جيوب الميليشيات الحوثية تتحصن بالمباني والمساكن والمزارع في مراكز المديريات، في ظل وجود إمدادات تصل إليها عبر طريق الحديدة - إب، التي تمر من منطقة الجراحي شرقا مرورا بمديريتي جبل راس، والعدين، فضلا عن الإمدادات التي تصل عبر الطرق الرابطة للحديدة مع كل من صنعاء وحجة والمحويت وذمار.
وبحسب تقديرات مراقبين عسكريين، فستتمكن القوات اليمنية المشتركة، من قطع غالبية خطوط الإمداد المتجهة إلى الشطر الشرقي من الساحل الغربي، إذا نجحت في التقدم للسيطرة على الحسينية والجراحي وبيت الفقيه، في حين ستبقى بعض الطرق الأخرى من شمال الحديدة مفتوحة، خصوصا التي تربطها مع عمران وحجة والمحويت، ولن تتوقف إلا مع تحرير المدينة ومواصلة التقدم للسيطرة على الطريق القادمة من حجة وعمران.
وتسبب التقدم المباغت للقوات المشتركة نحو الحديدة في إثارة حالة واسعة من الهلع في صفوف الميليشيات، ما أجبر زعميها عبد الملك الحوثي على استشعار هزيمته الوشيكة، وقيامه بتوجيه خطاب، يتوسل فيه إلى القبائل للدفاع عن الحديدة، ويحذر أنصاره من التهاون والتقصير ويحضهم على الحشد والتدافع نحو الجبهات للقتال. وبحسب ما أفادت مصادر محلية في مدينة الحديدة، بدأ قادة الميليشيات في الفرار وتهريب عائلاتهم نحو صعدة وصنعاء، كما شرعوا في بيع ممتلكاتهم ونهب المقرات الحكومية، وتفخيخها، تحسبا لدخول القوات المشتركة إلى المدينة ومينائها، في حين أعلنوا مزادا لبيع كل الآلات والسيارات العامة والخاصة الموجودة في الميناء.
وعلى وقع حالة الذعر التي اجتاحت صفوف الميليشيات، أفادت مصادر حزبية في المدينة لـ«الشرق الأوسط» بأن كثيرا من القيادات المحلية التي كانت خاضعة للجماعة بدأت فتح قنوات اتصال مع القوات المشتركة من أجل طلب الأمان، في حين بدأ السكان بتنفيذ هجمات خاطفة ضد عربات الجماعة المارة في شوارع المدينة. وبينما تحاول الجماعة الحوثية الاستماتة دون خسارة الحديدة ومينائها وبقية مناطق الساحل الغربي الذي يشكل لها المنفذ البحري للحصول على الأسلحة الإيرانية المهربة ويتيح لها تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، واصل قادتها المحليون في صنعاء وذمار وعمران والمحويت التحرك الميداني وإقامة الأمسيات والاجتماعات مع رجال القبائل والسكان أملا في حشد مزيد من المجندين. وتزامنت التحركات الحوثية للحشد في المحافظات، مع استمرار الجماعة في الدفع بالمئات من عناصرها في صنعاء لجبهة الساحل الغربي، بمعية إمدادات أسلحة وذخيرة، في الوقت الذي تواترت فيه الأنباء عن رصد السكان خروج ناقلات من شمال العاصمة تحمل نحو 15 دبابة كانت الجماعة تخبئها في مخازن سرية؛ إذ يرجح المراقبون، أنها تحاول نقلها إلى الساحل الغربي أو إلى صعدة. وطبقا لما أفاد به سكان في العاصمة صنعاء، فقد خرجت عربات حوثية مزودة بمكبرات صوت تجوب الشوارع الرئيسية للحض على التوجه إلى جبهات القتال، في ظل انتشار أمني وتكثيف لنقاط التفتيش، خوفا من اندلاع أي أعمال مناهضة للوجود الحوثي.
وفي خط مواز لعملية التحشيد، واصلت الميليشيات أعمال الجباية غير القانونية وتحصيل الإتاوات، والتشديد على السكان لدفع زكاة الفطر وزكاة الأموال، بعد أن ضاعفت قدرها بزيادة الثلث عن كل عام، وأنشأت هيئة خاصة بجبايتها في سياق تشريعها غير القانوني لما يسمي «الخُمْس»، وهو فرض نسبة 20 في المائة من أموال الزكاة ومن عائدات الثروات الطبيعية المستخرجة من البر والبحر لزعيم الجماعة وسلالته.
وفي هذا السياق، أصدر رئيس مجلس حكم الجماعة مهدي المشاط قرارات بتعيين قيادات من أتباعه الطائفيين على رأس الهيئة المنشأة من قبل الجماعة لجباية أموال الزكاة وتحصيل الخمس لصالح زعيمها الحوثي والمنتمين إلى سلالته.
ولم يظهر الرئيس الجديد لمجلس حكم الميليشيات، للعلن منذ نحو أسبوعين، في ظل إحاطة تحركاته وكبار القادة المقربين من زعيم الجماعة، بالسرية خشية اصطيادهم من قبل طيران التحالف، على غرار ما حدث مع الرئيس السابق لمجلس حكم الجماعة صالح الصماد، الذي قتل قبل نحو 6 أسابيع في مدينة الحديدة.
وفي حين يتوقع المراقبون العسكريون أن تتمكن القوات المشتركة من حسم المعركة في الحديدة وأريافها الشمالية والجنوبية قريباً، فإنهم يتوقعون أن تتواصل العمليات العسكرية على الساحل الغربي وصولا إلى التحامها مع القوات المرابطة شمال غربي محافظة حجة في مديرية ميدي، حيث تقدر المسافة إليها من الحديدة بنحو 160 كيلومترا.
وتعد الألغام الحوثية المزروعة بكثافة في طول الساحل وعرضه، أكبر عائق أمام تقدم القوات المشتركة، وأكبر مصدر لتهديد المدنيين؛ إذ أفادت مصادر طبية وعسكرية بأن 15 مدنيا على الأقل بينهم نساء وأطفال قتلوا في الأيام الثلاثة الماضية، جراء انفجار للألغام في مديرية الدريهمي جنوب الحديدة.
وكانت قوات الشرعية وألوية المقاومة تمركزت، يوم الاثنين، في مناطق الطائف والكويزي وغليفقة بمديرية الدريهمي، على بعد نحو 15 كيلومترا من مطار الحديدة، في ظل سعيها للسيطرة على مناطق الشجيرة والنخيلة والتقدم للمطار والأطراف الجنوبية للمدينة.
وتحاول الميليشيات الحوثية، بحسب مصادر عسكرية، أن تستعين بالتعزيزات المتدفقة من صنعاء وعمران وحجة وذمار والمحويت للتوغل غربا من مناطق تمركزها في زبيد أو بيت الفقيه أو الجراحي أو الحسينية، باتجاه شاطئ البحر، لتطوق القوات المشتركة المتقدمة نحو الحديدة، غير أن القوات تنبهت لهذه النقطة عبر قيامها بفتح جبهات استباقية موازية للجبهة المتقدمة شمالا.
وذكرت المصادر الرسمية أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، تابع تطورات المعارك في الساحل الغربي، خلال اتصال مع محافظ الحديدة الحسن طاهر؛ إذ أشاد هادي، كما أوردت وكالة «سبأ»، بـ«الجهود المضاعفة التي تبذل من قبل الجميع لوحدة الصف وتحقيق غايات وتطلعات الشعب في إلحاق الهزيمة بإيران ومشروعها الدخيل في اليمن والمنطقة عبر أدواتها وأذرعها من الميليشيات الحوثية». وحض هادي محافظه في الحديدة على «مزيد من الجهود والتنسيق لاستكمال التحرير والتطهير وحسن إدارة المديريات والمناطق المحررة لما من شأنه عودة الأمن والخدمات والحريّة للمواطنين»، في حين أكد المحافظ أن الحديدة «أضحت على موعد قريب مع التحرير وتطهير مناطقها كافة من درن الميليشيات الحوثية المارقة».
ويتوقع مراقبون أن تقوم الميليشيات الحوثية بالانسحاب من الساحل الغربي، بعد خسارتها الوشيكة للحديدة، باتجاه المناطق الجبلية المتاخمة، اعتقادا منها، كما لمح إليه زعيمها في خطابه الانهزامي الأخير، بأن التضاريس الوعرة ستكون إلى جانبها، لإعاقة أي تقدم للقوات الشرعية من جهة الغرب، نحو صنعاء وذمار وإب وحجة والمحويت وريمة.


مقالات ذات صلة

البحرية الأميركية تعتقل معترضي «سنترال بارك»

المشرق العربي تُحذر الحكومة اليمنية من خطورة تهديد الحوثيين للملاحة (إكس)

البحرية الأميركية تعتقل معترضي «سنترال بارك»

اتهمت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) الحوثيين أمس بإطلاق صاروخين باليستيين صوب مدمرتها «يو إس إس مايسون» في خليج عدن، إثر استجابة البحرية الأميركية لنداء.

علي ربيع (عدن) علي بردى (نيويورك)
العالم العربي وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك خلال لقائه المبعوث الأممي لليمن أمس لبحث جهود السلام في اليمن (سبأ)

حراك إقليمي ودولي لإنجاح خريطة السلام في اليمن

تحركات مكثفة في جهود السلام التي تقودها السعودية تتمحور حول خريطة السلام بعد إجراء تعديلات وملاحظات عليها من الجانبين.

عبد الهادي حبتور (الرياض) «الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي المبعوث الأميركي الخاص لليمن تيم ليندركينغ (رويترز)

المبعوث الأميركي لليمن إلى جولة خليجية لدفع جهود السلام

قالت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم الثلاثاء، إن المبعوث الخاص لليمن تيم ليندركينغ سيتوجه إلى الخليج هذا الأسبوع لدفع جهود السلام في البلاد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال زيارته الأخيرة إلى لندن (الأمم المتحدة)

غروندبرغ يبحث في إيران السلام اليمني

وسط تصعيد الجماعة الحوثية ميدانياً، لا سيما في جبهات محافظة تعز، أنهى مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ زيارة إلى طهران، ضمن مساعيه للضغط على الجماعة.

علي ربيع (عدن) «الشرق الأوسط» ( طهران)
صورة جوية لمستشفى عدن العام ومركز القلب الذي خدم أكثر من 200 ألف مراجع حتى الآن منذ تشغيله (الشرق الأوسط)

مستشفى عدن العام ومركز القلب يحتفل بمرور عام على تشغيله

احتفل مستشفى عدن العام ومركز القلب، بمرور عام على بدء مشروع تشغيل وإدارة المستشفى العام ومركز القلب في محافظة عدن، حيث يعد مشروعاً حيوياً استفاد منه أكثر من…

«الشرق الأوسط» (عدن)

الأمم المتحدة تدعو لتحرك «لا رجعة فيه» نحو حل الدولتين

الأمم المتحدة تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك نحو حل الدولتين (أ.ب)
الأمم المتحدة تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك نحو حل الدولتين (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تدعو لتحرك «لا رجعة فيه» نحو حل الدولتين

الأمم المتحدة تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك نحو حل الدولتين (أ.ب)
الأمم المتحدة تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك نحو حل الدولتين (أ.ب)

دعت الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، المجتمع الدولي إلى التحرك نحو حل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، قائلة إن القدس يجب أن تكون عاصمة للدولتين.

وبحسب «رويترز»، قالت تاتيانا فالوفايا المديرة العامة لمكتب الأمم المتحدة في جنيف في كلمة كتبها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «مضى وقت طويل منذ كان علينا التحرك بطريقة حازمة ولا رجعة فيها نحو حل الدولتين، على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي». وأضافت أن هذا يعني «تعايش إسرائيل وفلسطين جنبا إلى جنب في سلام وأمن مع أن تصبح القدس عاصمة للدولتين».

وتتزامن هذه التعليقات مع يوم الأمم المتحدة العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي تحتفل به سنويا. ويحيي اليوم ذكرى موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على خطة لتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وجعل القدس تحت الحكم الدولي.

وتزايدت الدعوات لحل الدولتين في أعقاب الهجمات على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) التي قتل فيها مسلحون من حركة حماس 1200 شخص واحتجزوا 240 رهينة. وأدى الهجوم إلى قصف إسرائيلي عنيف وهجوم بري على غزة التي تحكمها حماس، ما أسفر عن مقتل أكثر من 15 ألفا وفقا لبيانات السلطات الصحية الفلسطينية في القطاع المكتظ بالسكان.

ومن شأن اتفاق الدولتين أن ينشئ دولة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب إسرائيل. وتقول إسرائيل إن الدولة الفلسطينية يجب أن تكون منزوعة السلاح حتى لا تهدد أمنها.

ويريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم. وتقول إسرائيل إن القدس يجب أن تظل عاصمتها «الأبدية غير القابلة للتقسيم».

وقال إبراهيم خريشة، المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة في جنيف، إن الصراع الحالي كان بمثابة نداء استيقاظ للمجتمع الدولي لدعم حل الدولتين. وأضاف أن «حل الدولتين صعب بعد الاستيطان الإسرائيلي وتقليص الأراضي، لكنه لا يزال ممكنا إذا توافرت الإرادة». وتابع: «هذه هي اللحظة المناسبة، وهذا أمر جيد لإسرائيل بالمناسبة، إذا لم يقبلوا الفكرة، فسيكون الأوان قد فات بالنسبة لهم، وليس بالنسبة لنا».


مصر تطالب بوقف دائم وغير مشروط لإطلاق النار في غزة

فلسطينيون يخبزون إلى جوار منازلهم المدمَّرة في قطاع غزة خلال وقف إطلاق النار المؤقت بين «حماس» وإسرائيل (أ.ب)
فلسطينيون يخبزون إلى جوار منازلهم المدمَّرة في قطاع غزة خلال وقف إطلاق النار المؤقت بين «حماس» وإسرائيل (أ.ب)
TT

مصر تطالب بوقف دائم وغير مشروط لإطلاق النار في غزة

فلسطينيون يخبزون إلى جوار منازلهم المدمَّرة في قطاع غزة خلال وقف إطلاق النار المؤقت بين «حماس» وإسرائيل (أ.ب)
فلسطينيون يخبزون إلى جوار منازلهم المدمَّرة في قطاع غزة خلال وقف إطلاق النار المؤقت بين «حماس» وإسرائيل (أ.ب)

طالبت مصر اليوم (الأربعاء)، بالوقف الدائم وغير المشروط لإطلاق النار في قطاع غزة حقناً لدماء الأبرياء، وتوفير المساعدات الإغاثية والإنسانية اللازمة بشكل كافٍ ومستدام للتعامل مع المأساة الإنسانية غير المسبوقة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر، في بيان نشرته اليوم وزارة الخارجية على صفحتها بموقع «فيسبوك» بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، المجتمع الدولي إلى «التحرك الجاد والحازم لوقف الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية وكامل الأرض الفلسطينية المُحتلة، ورفع الظلم والمعاناة عن أبناء الشعب الفلسطيني».

وأكدت مصر «حكومة وشعباً، من واقع مسؤوليتها التاريخية وتضامنها العروبي والتزامها الدائم بالشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، دعمها الدائم وغير المحدود للشعب الفلسطيني في الدفاع عن قضيته بوصفها القضية الأولى للأمة العربية».

وشددت على أن «ثوابت الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية لم ولن تتغير، وأن التزامها بمسؤوليتها إزاء القضية الفلسطينية التزام أصيل، تبذل في سبيله كل غالٍ ونفيس حتى ينال الشعب الفلسطيني الشقيق حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة».

وأشارت مصر إلى أن «الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا من خلال تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين ومقررات الشرعية الدولية ذات الصلة، وهو الأمر الذي يقتضي تكاتف المجتمع الدولي بكل جدية لإنفاذ حل الدولتين وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة المتواصلة الأراضي على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».

وتُذكِّر مصر «المجتمع الدولي في هذا اليوم، بشعب صامد يعاني منذ أكثر من سبعين عاماً ويلات الاحتلال والقتل والقمع والعزلة، يستحق أن تتكاتف معه جميع دول العالم وشعوبها في هذه اللحظات الدقيقة، وأن يقف المجتمع الدولي داعماً له في مطالبه العادلة والمشروعة، وحقه في إقامة دولته المستقلة».


لا سلوى في الهدنة لنازحي غزة

عاد أهل غزة إلى بيوتهم التي تحولت إلى كومة من الأنقاض (أ.ب)
عاد أهل غزة إلى بيوتهم التي تحولت إلى كومة من الأنقاض (أ.ب)
TT

لا سلوى في الهدنة لنازحي غزة

عاد أهل غزة إلى بيوتهم التي تحولت إلى كومة من الأنقاض (أ.ب)
عاد أهل غزة إلى بيوتهم التي تحولت إلى كومة من الأنقاض (أ.ب)

يواجه سكان غزة صعوبات شديدة لتدبير حياتهم اليومية رغم توقف صوت المدافع والطائرات الحربية بعد الهدنة المؤقتة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل.

ووفق تقرير لـ«رويترز»، ينقل النازحون من سكان غزة عبوات ثقيلة من المياه عبر شوارع موحلة، ويبحثون وسط الأنقاض عن ملابس، ويعتصرهم الألم والحزن على ذويهم الذين فقدوهم، ويتحسرون على المنازل التي دكها القصف الإسرائيلي.

وفي محطة مياه في خان يونس بجنوب قطاع غزة، الثلاثاء، ملأ أشخاص حاويات بلاستيكية ونقلوها إلى منازلهم أو ملاجئهم باستخدام عربات تجرها الحمير أو يجرونها هم أنفسهم بقوة سواعدهم أو بالدراجات، وعربات تسوق، وعربات يدوية أو حتى باستخدام كرسي متحرك.

وقال رامي الرزق، النازح مع عائلته من منزلهم في مدينة غزة، إنهم يجدون مشقة شديدة كل يوم للحصول على المياه منذ خروجهم من ديارهم وحتى الآن حتى بعد وقف إطلاق النار.

والآن، وقد دخل وقف القتال بين إسرائيل و«حماس» يومه الخامس، سُمح لعدد كبير من شاحنات المساعدات بالدخول إلى غزة من مصر، لكن الاحتياجات الإنسانية هائلة جداً لدرجة أن كثيرين من سكان غزة لم يشعروا بتأثير يذكر.

وقال معاذ حمدان الذي كان ينتظر في محطة مياه إنه لا فارق بين هدنة أو لا هدنة، فما زالوا بلا كهرباء ولا ماء ولا أي شيء من ضروريات الحياة الأساسية.

وأمطرت السماء، وتقاطر سيل من الصغار والكبار عبر الوحل وبرك المياه إلى محطة المياه. وكان البحث عن الماء هو النشاط الرئيسي الذي يمكن رؤيته في الشوارع.

وفي منطقة أخرى في خان يونس، عادت مريم أبو رجيلة إلى منزلها، الذي حولته غارة جوية إسرائيلية إلى أنقاض، للبحث عن ملابس لأطفالها. وتلجأ الأسرة الآن مع عدد كبير آخر من الأشخاص في غرفة دراسية في إحدى المدارس.

وقالت مريم إن الحرب خربت منزلها وعصفت بأحلامها. وأضافت أن هدنة الأيام الأربعة قصيرة جداً وأنهم يتحسرون على أنفسهم ثم يعودون أدراجهم.

ذكريات مؤلمة

في منطقة أخرى من البلدة، سار ياسر أبو شمالة فوق كومة من الأنقاض كانت ذات يوم بيته الذي يسكنه مع أقارب قال إن أكثر من 30 منهم قتلوا، ومنهم والداه وأخواته وإخوته وبنات وأبناء إخوته وأبناء عمومته.

ومضى يقول إنه عاد إلى هنا لأن ابن عمه ما زال تحت الأنقاض، ولم يتمكن أحد من إخراجه، وأيضاً ليستعيد الذكريات المؤلمة.

وذكر أبو شمالة أنه نجا لأنه يعيش هو وزوجته وأطفالهما الخمسة في مبنى آخر. وعكف يلتقط كتلاً من الأنقاض ويلقيها جانباً، فظهرت دمية أطفال ممزقة بين الأنقاض.

وقال إنه يريد استنقاذ ما في المنزل من أدوات، لكنه يعجز عن التنقيب وسط الأنقاض؛ لأن هذا يتطلب معدات وآلات لا تتوافر معه.

وتساءل عن نفع الهدنة إذا لم يتمكنوا من رفع الأنقاض، والبحث عن جميع المفقودين، وتكريم الموتى منهم بالدفن.

واندلعت الحرب بعد هجوم لـ«حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) تمخض عن مقتل 1200 شخص واقتياد 240 رهينة إلى غزة، وفقاً للأرقام الإسرائيلية.

وردت إسرائيل بقصف جوي وتوغل بري على غزة أودى بحياة أكثر من 15 ألف شخص، نحو 40 بالمائة منهم أطفال، وفقاً لمسؤولي الصحة في غزة.

وقال أحمد النجار، وهو أحد سكان خان يونس، إن هدنة الأيام الأربعة لن تكفي لتسكين الألم حتى إن كانت 40 يوماً أو 4 سنوات.


الحوثيون يعتقلون موالين لهم بتهمة سرقة إمدادات الجبهات

عناصر حوثيون في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
عناصر حوثيون في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

الحوثيون يعتقلون موالين لهم بتهمة سرقة إمدادات الجبهات

عناصر حوثيون في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
عناصر حوثيون في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)

لم تكتفِ الجماعة الحوثية بارتكابها جرائم خطف واعتقال المدنيين بمناطق سيطرتها؛ بل وسّعت ذلك ليشمل مئات المقربين منها، بينهم عناصر أوكلت إليهم مهام الإشراف المباشر على توزيع وإيصال مختلف الإمدادات لمقاتليها في الجبهات.

وفي هذا السياق، أفادت مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، بأن أجهزة الجماعة الأمنية شنت حملات تعقب وملاحقة طالت بالخطف والاعتقال عناصر ومشرفين تابعين للجماعة في مناطق متفرقة في صنعاء ومحافظة إب، بعد أن وجهت لهم تهماً بالسطو على إمدادات غذائية كانت مخصصة للجبهات.

قيادات حوثية تزور مراكز اعتقال في محافظة إب اليمنية (فيسبوك)

وفي حين أكدت المصادر اعتقال الجماعة وإخفاءها القسري أكثر من 450 مشرفاً وعنصراً يعملون في توزيع وإيصال الإمدادات للجبهات، طالب عدد من أقارب المعتقلين في صنعاء وإب بالكشف عن مصير ذويهم.

شكاوى أقارب المعتقلين

شكَت 4 أسر يمنية في أحياء السنينة ودار سلم في العاصمة المختطفة صنعاء، وفي العدين، وجبلة بمحافظة إب، لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار اعتقال الجماعة الحوثية أقارب لهم بتهم ملفقة، من بينها السطو على الإمدادات.

وأوضحت أسرة معتقل من مديرية العدين في إب أن ابنها المكنّى «أبو كنان» لا يزال معتقلاً منذ نحو عامين في سجن خاضع للحوثيين بمدينة إب عاصمة المحافظة؛ حيث تم اعتقاله عقب حملة أمنية أسفرت عن اختطافه من أمام منزله بمنطقة عردن بضواحي المدينة.

وأبدت الأسرة ندمها لترك ابنها البالغ من العمر 32 عاماً لكي يلتحق بصفوف الجماعة؛ حيث تعرض في أوقات سابقة لإصابات خلال مشاركته في معارك الجماعة، وصولاً إلى توليه مهمة إيصال الإمدادات إلى جبهات الجماعة بمحافظة الضالع.

ويؤكد «جمال» -وهو اسم مستعار لأحد أقارب مخطوف آخر في سجون الجماعة في إب- لـ«الشرق الأوسط»، تجاهل قادة الجماعة بالمحافظة المناشدات المتكررة للإفراج عنه؛ حيث بررت ذلك التجاهل بزعم إخضاعه «للتأديب» حتى ينال جزاءه جراء مصادرته كميات من الإمدادات المخصصة للجبهات.

شابان يمنيان على متن دراجة نارية في أحد شوارع إب اليمنية (الشرق الأوسط)

وحمّل «جمال» زعيم الانقلابيين عبد الملك الحوثي، وعدداً من قادته كامل المسؤولية عن جريمة إخفاء قريبه، وعلى رأس المسؤولين القيادي هادي محمد الكحلاني المنتحل لصفة مدير أمن إب، وهو الحارس الشخصي السابق لزعيم الجماعة، إضافة إلى حميد الرازحي المعين بمنصب نائب مدير أمن إب، والقياديين يوسف القاسمي وعبد الباري الطالبي المسؤولين عن إدارة معظم السجون الحوثية.

وتساءل بالقول: «كيف يمكن لهذه الجماعة التي نهبت مؤسسات الدولة وسرقت الطعام من أفواه الجائعين، وحرمت الموظفين من رواتبهم، وأجبرت السكان على دفع الإتاوات، أن توجه اليوم اتهاماتها للغير بالسطو والسرقة».

وتستمر الجماعة الحوثية في استخدام آلاف المدنيين بمناطق سيطرتها كضحايا مغرر بهم، للانضمام إلى صفوفها والالتحاق بالقتال في جبهاتها، ثم تقوم بعد ذلك بالاستغناء عنهم، إما بتصفيتهم وإما بالزج بهم في سجونها، بناء على حجج وذرائع متعددة.

ومنذ اجتياح الجماعة صنعاء وفرض سيطرتها على محافظة إب، استخدمت سجون مخابراتها كمعتقلات خاصة؛ حيث نقلت إليها مئات المختطفين؛ من سياسيين وإعلاميين وناشطين، واستخدمت فيها شتى صنوف التعذيب الوحشي.

اتهامات بتعذيب السجناء

وثّق تقرير حقوقي يمني حديث نحو 1700 حالة تعذيب تعرض لها معتقلون داخل سجون الجماعة في السنوات الماضية.

وذكرت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات» أن فريق الرصد التابع لها تمكن من توثيق أكثر من 1716 حالة تعذيب لمختطفين داخل معتقلات الجماعة، مؤكدة أن أكثر من 421 شخصاً قُتلوا جراء التعذيب الذي تعرضوا له خلال فترة احتجازهم.

أحد الشوارع الفرعية وسط مدينة إب اليمنية (الشرق الأوسط)

وقالت الشبكة إنها رصت أخيراً وفاة جندي في الجيش اليمني يدعى محمد أحمد وهبان (21 عاماً) ينحدر من محافظة عمران، بصورة غامضة داخل السجن؛ حيث تم العثور عليه مشنوقاً داخل الزنزانة بالسجن الحربي في صنعاء بعد 3 أعوام من احتجازه.

وجاءت هذه الجريمة بعد عام على إصدار ما تسمى المحكمة العسكرية الابتدائية الخاضعة للجماعة، حكماً في 15 أغسطس (آب) 2022، بإعدام الجندي وهبان رمياً بالرصاص.

ودعت الشبكة «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» والمنظمات الدولية والمحلية المعنية بحقوق الإنسان، لإجراء تحقيق شفاف في جرائم قتل وتعذيب الأسرى والمختطفين والمحتجزين قسراً في معتقلات الحوثيين.


رابع يمني يفارق الحياة في سجون الحوثيين خلال شهر

تتعرّض اليمنيات في مناطق سيطرة الحوثيين لأنواع الانتهاكات كافة (إ.ب.أ)
تتعرّض اليمنيات في مناطق سيطرة الحوثيين لأنواع الانتهاكات كافة (إ.ب.أ)
TT

رابع يمني يفارق الحياة في سجون الحوثيين خلال شهر

تتعرّض اليمنيات في مناطق سيطرة الحوثيين لأنواع الانتهاكات كافة (إ.ب.أ)
تتعرّض اليمنيات في مناطق سيطرة الحوثيين لأنواع الانتهاكات كافة (إ.ب.أ)

فارق الحياة رابع معتقل يمني في سجون الحوثيين؛ نتيجة التعذيب خلال شهر واحد، في حين أكدت الحكومة اليمنية أن الجماعة اعتقلت وأخفت قسراً نحو 1800 امرأة منذ انقلابها على الشرعية، بينهن ناشطات وإعلاميات، وأن المئات منهن لا يزلن في المعتقلات.

ووفق مصادر حقوقية يمنية فإن أحد أفراد الجيش الذي وقع أسيراً في يد الحوثيين، ويدعى ينوف البتينة، فارق الحياة؛ نتيجة التعذيب في أحد السجون في صنعاء بعد 3 سنوات على وقوعه في الأسر خلال المواجهات في غرب محافظة مأرب.

جندي يمني تعرّض للإخفاء 3 أعوام قبل أن يطلب الحوثيون من أسرته تسلُّم جثته (هيئة الأسرى في اليمن)

وظل البتينة - بحسب المصادر- مخفياً قسراً طوال هذه السنوات قبل أن يُطلب من أسرته الحضور لتسلّم جثته، وهو من منتسبي المنطقة العسكرية السابعة، ورفضت المصادر ادعاءات الحوثيين بأن الوفاة كانت طبيعية، واتهمت الجماعة بتعذيبه مثلما حصل مع سجناء سابقين.

في السياق نفسه، دعت «الهيئة اليمنية الوطنية للأسرى والمختطفين»، اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى زيارة سجون الحوثيين، والاطلاع على أوضاع الأسرى والمختطفين المدنيين والناشطين في تلك السجون، واتهمت الحوثيين بممارسة تعذيب ممنهج وتصفية الأسرى. وأكدت أن ذلك يستوجب تشكيل لجنة تحقيق دولية «لإيقاف مثل هذه الجرائم ومحاسبة ومعاقبة مرتكبيها».

المنظمة طالبت مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، بالضغط على الحوثيين لاحترام القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وعلى وجه الخصوص اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب، التي تحظر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، خصوصاً القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب.

انتهاكات ضد النساء

على صعيد متصل بانتهاكات الحوثيين، أكدت الحكومة اليمنية، على لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، أن النساء المغيبات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، يتعرضن لممارسات قمعية وجرائم وانتهاكات ممنهجة منذ عام 2014 منها القتل، والاختطاف، والإخفاء القسري، والتعذيب، والاغتصاب، والتهجير، وسياسات الإفقار والتجويع، إلى جانب القيود التي فُرضت على تحركاتهن.

مطالبة يمنية بتشكيل لجنة تحقيق دولية في جرائم التعذيب في سجون الحوثيين (هيئة الأسرى في اليمن)

واتهم الوزير اليمني الحوثيين باختطاف المئات من النساء من منازلهن، ومقار أعمالهن، والشوارع العامة، ونقاط التفتيش، واقتيادتهن للمعتقلات والسجون السرية. وقال إن الجماعة منعت النساء من الوصول لخدمات الصحة الإنجابية تحديداً، التي تحدد النسل، وقيدت حركة المرأة وعملها وحريتها في التنقل بين المحافظات إلا بمحرم (قريب من الذكور).

واستعرض الإرياني نماذج من مأساة اليمنيات في مناطق سيطرة الحوثيين، كما حدث مع الفنانة وعارضة الأزياء انتصار الحمادي، والقيادية فاطمة العرولي الخبيرة في حقوق الإنسان، فضلاً عن مأساة أسماء العميسي المخطوفة منذ 2016.

ونقلت المصادر الرسمية عن وزير الإعلام اليمني قوله إن عدد النساء المحتجزات قسراً في معتقلات الحوثيين منذ الانقلاب بلغ نحو 1800 امرأة، بينهن حقوقيات وإعلاميات وصحافيات وناشطات.

وأكد الإرياني أن المئات منهن لا يزلن خلف القضبان، حيث تم توزيعهن بين السجن المركزي في صنعاء ومعتقلات سرية (وفلل، وعمارات، وشقق) استحدثتها الميليشيات الحوثية في العاصمة المختطفة ومحافظات حجة، وصعدة، وذمار، وعمران.

تعذيب المختطفات

وفق تقرير صادر عن «تحالف من أجل السلام في اليمن» ارتكب الحوثيون أكثر من 1893 واقعة اختطاف وتعذيب واغتصاب ضد النساء خلال الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 2017 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2022، من بينها اختطاف 504 نساء إلى السجن المركزي بصنعاء، و204 فتيات قاصرات، و283 حالة إخفاء قسري في سجون سرية. كما أصدروا 193 حكماً غير قانوني بتهمتَي التجسس والخيانة، كما سجل التقرير 4 حالات انتحار وقتل تحت التعذيب؛ بينهن أسماء الجربي، وفاطمة المطري، ومحاولات انتحار فاشلة لعشرات المعتقلات من بينهن نجوين العدوفي، وأمة العظيم العصيمي.

تشارك المرأة اليمنية في مناطق سيطرة الحكومة بفاعلية في الأنشطة السياسية والثقافية كلها (سبأ)

ودعا وزير الإعلام اليمني منظمات حقوق الإنسان والدفاع عن قضايا المرأة ومناهضة العنف ضد النساء إلى «الاضطلاع بدورها في إيقاف الانتهاكات الحوثية المستمرة بحق النساء اليمنيات، التي تشكّل جرائم حرب وجرائم مرتكبة ضد الإنسانية، وانتهاكاً صارخاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية القضاء على أشكال التمييز العنصري كافة ضد المرأة».

وطالب الإرياني المجتمع الدولي بممارسة ضغوط حقيقية على ميليشيات الحوثي لإجبارها وبشكل فوري على إطلاق المختطفات والمخفيات قسراً جميعهن في معتقلاتها غير القانونية، واللاتي يعشن أوضاعاً مأساوية جراء ظروف الاعتقال والمعاملة المهينة والقاسية، والحرمان من الرعاية الصحية وأبسط مقومات الحياة.

كما شدد على ضرورة ملاحقة الحوثيين المتورطين في الجرائم والانتهاكات التي طالت النساء اليمنيات، والعمل على إدراج الجماعة وقياداتها ضمن قوائم الإرهاب الدولية.


قراصنة «سنترال بارك» في قبضة «المارينز» الأميركي

استولى مجهولون يعتقد أنهم على صلة بالحوثيين على الناقلة «سنترال بارك» قبل تحريرها (أ.ب)
استولى مجهولون يعتقد أنهم على صلة بالحوثيين على الناقلة «سنترال بارك» قبل تحريرها (أ.ب)
TT

قراصنة «سنترال بارك» في قبضة «المارينز» الأميركي

استولى مجهولون يعتقد أنهم على صلة بالحوثيين على الناقلة «سنترال بارك» قبل تحريرها (أ.ب)
استولى مجهولون يعتقد أنهم على صلة بالحوثيين على الناقلة «سنترال بارك» قبل تحريرها (أ.ب)

انتهت مغامرة القراصنة الذين حاولوا اختطاف الناقلة الدولية «سنترال بارك» من خليج عدن، بوقوعهم في قبضة «المارينز» الأميركي، حيث يجري التحقيق معهم، فيما اتهمت الحكومة اليمنية الحوثيين بالوقوف وراء العملية الفاشلة التي رافقها إطلاق صاروخين باليستيين لاستهداف مدمرة الإنقاذ الأميركية.

ولاذت الجماعة الحوثية بالصمت إزاء عملية القرصنة الفاشلة، كما نفت إيران مسؤوليتها عنها، في حين استنكرت الحكومة اليمنية العملية واتهمت الجماعة بالوقوف خلفها تنفيذا لأجندة طهران. وقالت الحكومة اليمنية في بيان لخارجيتها إنها تستنكر أعمال القرصنة البحرية التي تنفذها ميليشيات الحوثي الإرهابية بدعم من النظام الإيراني، والتي كان آخرها حادث اختطاف سفينة النفط «سنترال بارك» في المياه الإقليمية اليمنية، الذي يأتي امتداداً لأعمال التخريب والتهديدات الحوثية للملاحة الدولية منذ سيطرة هذه الميليشيات على مقدرات الدولة اليمنية؛ وفق ما ذكره البيان.

تزعم جماعة الحوثي أنها تقرصن السفن في البحر الأحمر نصرة للفلسطينيين في غزة (إكس)

وأشار البيان إلى أن الحكومة اليمنية حذرت مرارا من «خطورة الميليشيا الحوثية الإرهابية وأجندتها المرتبطة بمصالح ومشاريع التخريب الإيرانية في المنطقة». وأكد أن هذه الأعمال «لا تمت بأي صلة للقضية الفلسطينية، ولا تخدم نضالات الشعب الفلسطيني، إذ إن الجماعة التي أوغلت في قتل وتعذيب الشعب اليمني لا يمكن أن تكون نصيرا للقضايا العادلة».

صاروخان حوثيان

وكان الجيش الأميركي أعلن أن صاروخين باليستيين انطلقا من المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن في اتجاه المدمرة الأميركية «يو إس إس مايسون» في خليج عدن، على أثر استجابة البحرية الأميركية لنداء استغاثة من السفينة التجارية «سنترال بارك» التي استولى عليها مسلحون.

وربط المسؤولون الأميركيون بين هذا الحادث والاعتداءات التي نفذها الحوثيون ضد إسرائيل ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة، في ظل مخاوف في المنطقة من احتمال اتساع نطاق الحرب بين إسرائيل و«حماس». وأعلنت القيادة المركزية الأميركية في بيان أن الناقلة التجارية كانت تحمل شحنة من حامض الفوسفوريك عندما طلب طاقمها المساعدة إثر «التعرض لهجوم من جهة مجهولة».

تحمل الناقلة المحررة شحنة من حمض الفوسفوريك (إكس)

واستجابت المدمرة التي تحمل صواريخ موجهة والسفن المرافقة لها من قوة عمل مكافحة القرصنة التي تعمل في خليج عدن وقبالة سواحل الصومال، لنداء المساعدة و«طالبت بإطلاق السفينة». وأضافت أنه مع وصول البحرية الأميركية «نزل خمسة مسلحين من السفينة وحاولوا الفرار عبر قاربهم الصغير»، موضحة أن المدمرة الأميركية «طاردت المهاجمين مما أدى إلى استسلامهم في نهاية المطاف».

ولم تحدد البحرية الأميركية هوية المهاجمين. ولفتت إلى أنه بعد ساعات، (في الساعة 1:41 فجر الاثنين بالتوقيت المحلي)، وفيما كانت «يو إس إس مايسون» تنجز مهمة إنقاذ «سنترال بارك»، انطلق صاروخان باليستيان من مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن «في اتجاه الموقع العام» للمدمرة الأميركية وكذلك السفينة التجارية. وأضاف بيان القيادة المركزية أن «الصاروخين سقطا في خليج عدن على بعد نحو عشرة أميال بحرية من السفينتين»، وأنه لم تقع أضرار أو إصابات في السفينتين.

وأفاد بيان أصدرته شركة «زودياك ماريتايم»، التي تدير «سنترال بارك» بأن الناقلة التي ترفع العلم الليبيري «آمنة»، مضيفة أن «جميع أفراد الطاقم والسفينة والبضائع لم يصابوا بأذى». ونقلت وسائل إعلام أميركية أن الناقلة لها روابط بشركة يملكها إسرائيليون، مدرجة «زودياك ماريتايم» بصفتها تابعة لشركة «عوفير غلوبال» الخاصة بالملياردير الإسرائيلي إيال عوفر، رغم تأكيد الناطقة باسم «زودياك ماريتايم» جاني جارفينن أن «زودياك ليست مملوكة لشركة عوفير غلوبال».

تحذر الحكومة اليمنية من خطورة تهديد الحوثيين للملاحة (إكس)

أمن الممرات البحرية

وقال قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال إريك كوريلا الأحد إن أمن المجال البحري «ضروري للاستقرار الإقليمي»، مضيفاً «سنواصل العمل مع الحلفاء والشركاء لضمان سلامة وأمن ممرات الشحن الدولية». و«مايسون» جزء من المجموعة الهجومية التابعة لحاملة الطائرات «دوايت دي أيزنهاور» التي أمر الرئيس بايدن بإرسالها إلى المنطقة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وكانت القيادة المركزية أفادت عبر منصة «أكس» أيضاً بأن مجموعة حاملة الطائرات هذه أكملت في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) عبور مضيق هرمز لدخول مياه الخليج العربي، بينما تواصل المجموعة الهجومية دعم مهمات القيادة المركزية. وأضافت أنه «أثناء وجودها في الخليج العربي، تقوم المجموعة بدوريات لضمان حرية الملاحة في الممرات المائية الدولية الرئيسية مع دعم متطلبات القيادة المركزية الأميركية في كل أنحاء المنطقة».

ويرافق حاملة الطائرات طراد الصواريخ الموجهة «يو إس إس بحر الفلبين» ومدمرتا الصواريخ الموجهة «يو إس إس غرافلي» و«يو إس إس ستيثيم» والفرقاطة الفرنسية «لانغدوك». ولم تعلن القوات الأميركية عن هوية المهاجمين الخمسة الذين تم اعتقالهم، كما أن الجماعة الحوثية لم تعلق رسمياً على محاولة القرصنة الأخيرة وإطلاق الصواريخ باتجاه المدمرة الأميركية، إلا أن أحد المتحدثين باسمها وصف في حديث لقناة فرنسية ناطقة بالعربية، ما حدث بـ«أنه مسرحية أميركية». ويعتقد أن الجماعة الحوثية دبّرت للهجوم على الناقلة، حيث كانت تطمح إلى اقتيادها عنوة إلى ميناء الحديدة، وأنها قامت بمساندة الخاطفين أثناء ملاحقتهم من القوات الأميركية بإطلاق الصواريخ الباليستية.

ونفت طهران على لسان المتحدث باسم خارجيتها ناصر كنعاني، أن يكون لها أي دور في الهجمات الأخيرة على السفن المرتبطة بإسرائيل، بما في ذلك الهجوم على الناقلة «سنترال بارك». ورأت إيران على لسان كنعاني نفسه، أن هذه الهجمات «رد فعل طبيعي على الوجود الأميركي في المنطقة»، وهو ما يفهم منه تشجيع الجماعات المرتبطة بها لتنفيذ مزيد من العمليات.


تحوّلات السياسة الأوروبية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن

تجاهل تقرير الخبراء الكثير من انتهاكات الجماعة الحوثية مثيراً ردود فعل غاضبة من الحكومة اليمنية والتحالف (رويترز)
تجاهل تقرير الخبراء الكثير من انتهاكات الجماعة الحوثية مثيراً ردود فعل غاضبة من الحكومة اليمنية والتحالف (رويترز)
TT

تحوّلات السياسة الأوروبية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن

تجاهل تقرير الخبراء الكثير من انتهاكات الجماعة الحوثية مثيراً ردود فعل غاضبة من الحكومة اليمنية والتحالف (رويترز)
تجاهل تقرير الخبراء الكثير من انتهاكات الجماعة الحوثية مثيراً ردود فعل غاضبة من الحكومة اليمنية والتحالف (رويترز)

رغم تمسك الاتحاد الأوروبي باعتماد المسار السياسي لحل الأزمة اليمنية والتزامه بدعم الشرعية اليمنية، فإن تعاطيه مع الملف الحقوقي في اليمن شهد تحولات ارتبطت بابتزاز دول تحالف دعم الشرعية ومحاولات الحصول على مكاسب اقتصادية وأمنية كما تفيد به دراسة يمنية، إذ غلب على مواقف دول الاتحاد التناقض وعدم الحياد.

وخلصت الدراسة التي أعدها «مركز اليمن والخليج للدراسات» إلى أن السياسات الأوروبية المزدوجة تجاه انتهاكات القانون الدولي الحقوقي والقانون الدولي الإنساني، تتغير من بلد إلى آخر حسب طبيعة المصالح والمقاربات الاستراتيجية لدول الاتحاد الأوروبي، وليس لصالح الضحايا المدنيين.

تحظى تقارير اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان بإشادة أممية (إعلام حكومي)

وطبقاً لذلك جرى استخدام الملف الحقوقي لابتزاز السعودية والإمارات، قبل أن تجري المقايضة بملف الانتهاكات مقابل تحسين العلاقات مع دول الخليج لتأمين مصادر بديلة للطاقة الروسية.

وارتبط الموقف الأوروبي من الانتهاكات في اليمن بدرجة رئيسية بالموقف السياسي من الحرب الدائرة في البلاد والفاعلين المحليين والإقليميين فيها، فبينما أعلنت فرنسا، ومعها بريطانيا التي كانت لا تزال عضواً في الاتحاد حينها، تأييدهما لسلطة الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، والعمليات العسكرية للتحالف في اليمن، وحق السعودية في الدفاع عن نفسها؛ كانت مواقف باقي دول الاتحاد مغايرة، وفق ما تقوله الدراسة.

وقالت الدراسة إن بقية دول الاتحاد الأوروبي استخدمت الملف الحقوقي استخداماً سياسياً بامتياز، حيث من النادر جداً المطالبة بلجان تحقيق دولية خلال الأيام الأولى لاندلاع الصراعات والحروب بشقيها الداخلي والدولي، إذ جرى لمرة واحدة فقط تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق في غزة عام 2000 رغم امتداد الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي لأكثر من 70 عاماً.

كما لم تدعُ اللجنة الدولية لحقوق الإنسان، قبل تحولها إلى مجلس حقوق الإنسان، إلى اجتماع واحد في أثناء الغزو الأميركي البريطاني للعراق، ولم تشكل لجنة تحقيق على الرغم من مقتل أكثر من مليون عراقي، إلا أنه كان ثمة إصرار أوروبي على فرض الولاية الدولية للتحقيق في اليمن، مقابل انتهاج هذه الدول سياسة مغايرة كلياً في سوريا، ووضعت الأولوية للمخاوف الأمنية بدلاً من حقوق الإنسان.

توظيف سياسي وابتزاز

حيثيات دول المجموعة العربية الرافضة لتشكيل آلية تحقيق دولية استندت إلى أن المطالبة المستعجلة بالمساءلة في ظل استمرار الحرب هو نوع من الابتزاز، وأن تلك المساعي المحمومة أثارت التوجس من أن الهدف النهائي منها الضغط لإيقاف التدخل العربي المساند للشرعية وترك الحكومة اليمنية فريسة سهلة للحوثيين.

قاطعت الحكومة اليمنية فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين ومنعته من دخول البلاد (إكس)

أما اليمن الذي لا يملك مقعداً في مجلس حقوق الإنسان، فرفض القرار تمسكاً بالسيادة الوطنية، وبالآليات المحلية لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان، ومن ضمنها اللجنة الوطنية للتحقيق في ادّعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، والتي صدر قرار من الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بتأسيسها، وتقدمت المجموعة العربية بمشروع قرار لإسنادها ودعمها فنياً ولوجيستياً لتتناسب أعمالها مع المعايير الدولية، بينما رفضت المجموعة الأوروبية ذلك، وادَّعت عدم حياد اللجنة الوطنية.

لاحقاً جرى التوافق على مشروع قرار موحد تضمّن الغايتين النهائيتين لمضمون المشروعين، إذ جرى التوافق على تشكيل فريق للخبراء بدلاً من لجنة للتحقيق، وعلى أن يبدأ التحقيق من عام 2014، أي منذ اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء، على أن يدرَج القرار تحت البند العاشر المخصص لدعم الدول تقنياً بدلاً من البند الثاني المخصص للتحقيق في انتهاكات الدول.

إلا أن الإصرار الأوروبي على التوظيف السياسي لملف الانتهاكات حال دون نشوء تعاون بنّاء بين فريق الخبراء البارزين واللجنة الوطنية للتحقيق في الانتهاكات، بدءاً من اختيار الفريق للعاصمة اللبنانية بيروت مقراً لأعماله لكونها تقع تحت هيمنة «حزب الله» وإيران، وهو ما يعني إمكانية التأثير في عمل الفريق، حسب اعتراض اليمن ودول التحالف.

الأمم المتحدة في جنيف حيث مقر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (رويترز)

وتلا ذلك صدور تقرير ردّت عليه الحكومة اليمنية بتجاوز الفريق الولاية القانونية الممنوحة له من مجلس حقوق الإنسان، قبل أن تعلن مقاطعته ومنعه من دخول أراضيها، في حين اتهمه تحالف دعم الشرعية بتضمين مغالطات وتجاهل أسباب النزاع والتغاضي عن ممارسات الجماعة الحوثية ودور إيران في دعمها.

نجاح الآلية الوطنية

ويرى وزير حقوق الإنسان اليمني السابق محمد عسكر، أنه في ظل النزاعات المسلحة يجري تسييس كل شيء، وفي اليمن جرى تسييس الملف الحقوقي، الأمر الذي حاولت معه الحكومة اليمنية بمعية كل من نعتتهم بالشرفاء، سواء في المجتمع المدني أو الحكومة أو الأطراف الخارجية النأي بهذا الملف عن الاستقطابات، والتركيز على الاعتبارات الإنسانية لكل يمني من أي مكان كان، وبغضّ النظر عن مصدر الانتهاك والطرف الذي ارتكبه.

ويقول عسكر لـ«الشرق الأوسط» إنه، وخلال فترة ولايته، جرى دعم وتعزيز الآلية الوطنية ودعم استقلالها بعد أن فشلت الأطراف السياسية قبل الحرب في إنجاز هذه اللجنة رغم وجود قرار الإنشاء السابق للحرب، متأسفاً لتأخر تشكيلها لترى النور خلال الحرب، لتصبح تجربة قوية جداً فريدة في الإقليم بشكل عام.

ونوّه عسكر إلى أن النزاع المسلح في اليمن كان من النزاعات التي تم فيها تدمير مؤسسات الدولة بشكل كبير من خلال الاستيلاء عليها من التمرد الحوثي، ما يعني أن الحكومة كانت لديها مؤسسات ضعيفة للغاية لا تقوى على أن تقوم بعمليات الحماية لحقوق الإنسان.

سعت المجموعة الأوروبية في مجلس حقوق الإنسان إلى إنشاء آلية دولية للتحقيق في الانتهاكات في اليمن بصورة عاجلة (أ.ب)

من جهته يرى المستشار القانوني هاني الأسودي أن المجموعة الأوروبية تفتقر إلى التأثير في باقي المجموعات الجغرافية في مجلس حقوق الإنسان، إذ تحتل المجموعة الأوروبية بقسميها الشرقي والغربي 13 مقعداً فقط من إجمالي مقاعد مجلس حقوق الإنسان البالغ 47 مقعداً، وهي تواجه اختلافات عميقة مع باقي المجموعات خصوصاً منذ الحرب الروسية - الأوكرانية.

ويؤكد الأسودي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» ضعف ثقة الدول أعضاء مجلس حقوق الإنسان في جدوى إنشاء آلية دولية في اليمن بخاصة في ظل وجود آلية وطنية قادرة على الوصول إلى الضحايا بشكل أفضل ومستمر، خصوصاً أنها تعرض تقاريرها بشكل سنوي على المفوضية السامية لحقوق الإنسان التي بدورها تقوم بتلخيصه للدول أعضاء المجلس.

وحسب الأسودي، وهو رئيس مركز «حقي» لدعم الحقوق والحريات في جنيف، تحظى تلك التقارير التي تشهد تطوراً سنوياً ملحوظاً في المنهجية وآليات الوصول؛ بإشادة من المفوضية ذاتها ومن أعضاء المجلس، وهو ما افتقرت إليه الآلية الدولية السابقة المتمثلة في فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن، والذي لم يستطع دخول اليمن واكتفى بجمع تقارير منظمات المجتمع المدني واجتزائها، وإجراء بعض اللقاءات عن طريق الاتصالات المسموعة والمرئية مع عدد محدود من الضحايا والشهود.


إسرائيل تقول إنها اقترحت على «حماس» «خيار» تمديد الهدنة

من داخل مراكز «الأونروا» (رويترز)
من داخل مراكز «الأونروا» (رويترز)
TT

إسرائيل تقول إنها اقترحت على «حماس» «خيار» تمديد الهدنة

من داخل مراكز «الأونروا» (رويترز)
من داخل مراكز «الأونروا» (رويترز)

أعلنت الحكومة الإسرائيلية، الاثنين، أنها قدمت «خياراً» لحركة «حماس» في قطاع غزة لتمديد الهدنة في قطاع غزة التي من المقرر أن تنتهي صباح الثلاثاء، وفق متحدث حكومي إسرائيلي.

وقال المتحدث باسم الحكومة إيلون ليفي للصحافيين: «نرغب في استقبال 50 رهينة إضافية لما بعد هذه الليلة، في طريقنا لإعادة الجميع».


بيانات حكومية: نصف أطفال اليمن لم يلتحقوا بالمدارس

تحسن طفيف في معدل وفيات الأطفال والخدمات الصحية في اليمن (الأمم المتحدة)
تحسن طفيف في معدل وفيات الأطفال والخدمات الصحية في اليمن (الأمم المتحدة)
TT

بيانات حكومية: نصف أطفال اليمن لم يلتحقوا بالمدارس

تحسن طفيف في معدل وفيات الأطفال والخدمات الصحية في اليمن (الأمم المتحدة)
تحسن طفيف في معدل وفيات الأطفال والخدمات الصحية في اليمن (الأمم المتحدة)

أظهرت نتائج أول مسح حكومي يُجْرى في اليمن منذ بداية الحرب التي أشعلها الحوثيون أن نصف أطفال البلاد لم يلتحقوا بالمدارس، وأن نصف الملتحقين يتسربون من مراحل التعليم الأساسي والثانوي، ومع ذلك بينت النتائج تحسناً طفيفاً في معدل وفيات الأطفال والحصول على مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي.

هذه النتائج جاءت وفق المسح العنقودي متعدد المؤشرات الذي نفذه الجهاز اليمني المركزي للإحصاء بالتعاون مع الأمم المتحدة في كل أنحاء البلاد، حيث ركز على تقييم الظروف المعيشية للنساء والفتيات والفتيان بغرض توجيه السياسات والبرامج، وخطط التنمية الوطنية والدولية.

طفل يجلب المياه لأسرته في مديرية باجل غرب اليمن (رويترز)

بيانات المسح أفادت بأنه - نتيجة الاضطراب الذي عطل التعليم - كان نصف الأطفال فقط في سن الالتحاق بالمدرسة مسجلين في الصف الأول الابتدائي، في حين بلغ معدل إتمام الدراسة في المرحلة الأساسية 53 في المائة فقط، و37 في المائة للمرحلة الثانوية.

مقياس حاسم

المسح الذي دعمته منظمة «اليونيسف» يقيس التقدم المحرز في المجالات الحيوية للتنمية البشرية، بما في ذلك الصحة والتغذية والتعليم والمياه والصرف الصحي، وأظهرت نتائجه تحسناً هامشياً في كثير من المجالات على مدى العقد الماضي وهي وفق المنظمة علامة على أن المساعدات الإنسانية ساعدت في الحفاظ على نظام تقديم الخدمات، واستمرت في الحفاظ على سبل عيش الناس على الرغم من الصراع الذي دمر الاقتصاد، وحطم النظام الاجتماعي.

وقال بيتر هوكينز، ممثل «اليونيسف» في اليمن، إن المسح العنقودي متعدد المؤشرات سيكون بمثابة مقياس حاسم لتقييم التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة مع تعزيز الإدماج الاجتماعي للأشخاص الأكثر ضعفاً، وأكد أن البيانات عالية الجودة أمر حيوي للتخطيط الفعال، وتحديد الأولويات لتعزيز الجهود الإنسانية والسلام والتعافي والتنمية.

يعاني نصف الأطفال اليمنيين دون الخامسة من التقزم أو سوء التغذية (الأمم المتحدة)

وأظهرت نتائج المسح تحسناً طفيفاً في معدل وفيات الأطفال، حيث انخفض معدل وفيات الرضع من 39 إلى 35 لكل 1000، وانخفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة من 44 إلى 41 لكل 1000، بسبب التحسن المتواضع في مجال الخدمات الصحية للأمهات والأطفال حديثي الولادة، بما في ذلك الرعاية السابقة للولادة التي يقدمها العاملون الصحيون المهرة وعمليات الولادة التي تجريها القابلات الماهرات.

ووفق تلك النتائج ظلت تغذية الأطفال وانعدام الأمن الغذائي للأسر مصدر قلق رئيسي، حيث يعاني 49 في المائة من الأطفال دون سن الخامسة من التقزم أو سوء التغذية المزمن، ويعاني 17 في المائة من الأطفال من الهزال أو سوء التغذية الحاد. وقد عانى 75 في المائة من الأسر من انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر الـ 12 الماضية.

الحماية والوصول للمياه

على الرغم من أن المسح أشار إلى تحسن في الوصول إلى مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي، فإن البيانات تظهر أن 6 فقط من كل 10 أفراد من أفراد الأسرة لديهم مياه شرب متوافرة بكميات كافية، و4 فقط من أصل 10 أفراد من أفراد الأسرة لديهم إمكانية الوصول إلى مصادر المياه داخل مبانيهم.

وفي مجال الحماية، وجد أن 29 في المائة فقط من الأطفال دون سن الخامسة مسجلون لدى السلطات المدنية (حاصلين على شهادة ميلاد)، بينما يشارك 16 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 سنة في عمالة الأطفال.

نصف طلاب اليمن يتسربون من مراحل التعليم (الأمم المتحدة)

وذكرت «اليونيسف» أنها قدمت الدعم الفني للمسح الذي غطى نحو 2000 أسرة، ونُفِّذ بين يوليو (تموز) 2022 ومايو (أيار) 2023، ووصفت نتائجه بأنها أكبر مصدر بيانات فردي لتوليد معلومات إحصائية عن النساء والفتيات والفتيان على المستويين دون الوطني والريفي الحضري، في 22 محافظة في البلاد.

وبينت المنظمة الأممية أن فرق العدادات المدربات تدريباً خاصاً سافرن في جميع أنحاء البلاد لإجراء مقابلات مع أرباب الأسر والنساء والأطفال (أقل من 5 سنوات و5 - 17 سنة) باستخدام 4 استبيانات مختلفة، وكجزء من العملية، أجريت سلسلة من التدريبات لموظفي منظمات المجتمع المدني لتعزيز القدرة المؤسسية للمنظمة الإحصائية.


الحوثيون يستهدفون مدمرة أميركية بصاروخين باليستيين في خليج عدن

من عملية احتجاز لسفينة نفذتها الجماعة الحوثية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
من عملية احتجاز لسفينة نفذتها الجماعة الحوثية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يستهدفون مدمرة أميركية بصاروخين باليستيين في خليج عدن

من عملية احتجاز لسفينة نفذتها الجماعة الحوثية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
من عملية احتجاز لسفينة نفذتها الجماعة الحوثية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

قالت القيادة المركزي الأميركية، اليوم الاثنين، إن صاروخين باليستيين أطلقا باتجاه إحدى مدمراتها بعد أن اعتقلت خمسة أشخاص حاولوا اختطاف ناقلة تجارية، لكن الصاروخين سقطا على بعد عشرة أميال من المدمرة.
وذكرت القيادة المركزية في بيان نشرته عبر منصة (إكس) أن المدمرة الأميركية كانت قد تلقت نداء استغاثة من الناقلة التجارية بعد تعرضها لهجوم من "كيان مجهول". وأوضحت أن خمسة مسلحين كانوا يحتجزون الناقلة حاولوا الفرار بعد وصول القوات لكنهم استسلموا في النهاية، مؤكدة أن طاقم السفينة التجارية آمن.
وقالت إن الصاروخين الباليستيين أطلقا من مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن تجاه المدمرة الأميركية لكنهما سقطا في خليج عدن.
ونقلت عن قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا القول "سنواصل العمل مع الحلفاء والشركاء لضمان أمن وسلامة الممرات البحرية الدولية... الأمن البحري ضروري للاستقرار الإقليمي".
وكانت شبكة (فوكس نيوز) الأميركية ذكرت في وقت سابق اليوم أن الناقلة تديرها شركة مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي وأنها كانت ترفع علم ليبيريا وتحمل على متنها شحنة من حمض الفسفوريك أمس الأحد قبالة سواحل اليمن. ونقلت الشبكة عن متحدث باسم شركة زودياك المالكة، ومقرها لندن، أن الناقلة تعرضت لهجوم على يد "من يشتبه أنهم قراصنة" أثناء عبورها الممر الدولي الموصى به على بعد نحو 54 ميلا بحريا من سواحل الصومال.
وأوضحت الشبكة أن المسلحين الخمسة استولوا على الناقلة بعد الصعود على متنها وحاولوا اقتحام الغرفة الآمنة لها لكنهم فشلوا وغادروها وألقي القبض عليهم أثناء عودتهم لشواطئ اليمن. وأشارت إلى أن الجيش الأميركي أطلق طلقات تحذيرية أثناء مطاردته للمسلحين الخمسة بينما كانت طائرة هليكوبتر تحلق فوقهم.
وذكرت أن المدمرة الحربية الأميركية التي لاحقتهم تلقت دعما من مدمرة يابانية أثناء العملية، مضيفة أن المسلحين الخمسة يخضعون لاستجواب من قبل الجيش الأميركي بموجب سلطات مكافحة القرصنة.
ونقلت الشبكة الأميركية عن شركة زودياك أن الناقلة وطاقمها بالكامل بخير وأن الشحنة لم يلحق بها أذى.