غارات واسعة على غزة ورشقات صواريخ على إسرائيل تنذر بحرب جديدة

تل أبيب تتهم {الجهاد}... و{حماس} تؤكد مشاركتها... والقاهرة تسعى لوقف التصعيد

الدخان يتصاعد من مناطق في غزة تعرضت لغارات إسرائيلية أمس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من مناطق في غزة تعرضت لغارات إسرائيلية أمس (أ.ف.ب)
TT

غارات واسعة على غزة ورشقات صواريخ على إسرائيل تنذر بحرب جديدة

الدخان يتصاعد من مناطق في غزة تعرضت لغارات إسرائيلية أمس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من مناطق في غزة تعرضت لغارات إسرائيلية أمس (أ.ف.ب)

دمرت إسرائيل نفقا تابعا لحركة حماس وقصفت 35 هدفا في 7 مواقع في قطاع غزة، ردا على إطلاق قذائف هاون وصواريخ من القطاع باتجاه مستوطنات قريبة، في أعنف وأوسع تصعيد منذ حرب 2014.
وعاش القطاع أمس، وكذلك سكان المستوطنات القريبة، واحدا من أيام الحرب الحقيقية.
وأغارت القوات الإسرائيلية على حوالي 35 موقعا في القطاع، تابعة لحركتي حماس، التي اتهمتها إسرائيل بإطلاق القذائف والصواريخ ردا على مقتل 3 من عناصرها قبل أيام. فيما هاجم الفلسطينيون بلدات ومستوطنات إسرائيلية بحوالي 50 قذيفة هاون وصواريخ، في 3 مرات على الأقل.
وجاء الهجوم الإسرائيلي بعد قليل من تشديد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على الرد بقوة على صواريخ القطاع، وتهديده: «كل من يحاول الاعتداء علينا سيدفع الثمن باهظا».
وحمل نتنياهو حركة حماس المسؤولية عن منع الهجمات الصاروخية من غزة. وقال إن إسرائيل تنظر بخطورة إلى «الهجمات» التي شنت من قبل حماس والجهاد، واصفا ما حدث بـ«هجوم قاس تعرضت له إسرائيل».
وهاجم الجيش الإسرائيلي قطاع غزة بعد إطلاق الجهاد الإسلامي، حوالي 30 قذيفة «هاون»، تجاه مستوطنات غلاف غزة، قبل أن تتمكن منظومة القبة الحديدية من اعتراض بعضها، فيما سقط بعضها فوق «سديروت»، ثم وسع هجماته بعد اجتماع أمني موسع.
وجاء في بيان للجيش الإسرائيلي أنه استهدف «6 مواقع عسكرية بما فيها مخازن أسلحة وأهداف بحرية ومقرات» مضيفا: خلال الغارات تم إحباط نفق إرهابي هجومي تابع لمنظمة حماس الإرهابية في منطقة معبر كرم شالوم. والحديث يدور عن نفق ينطلق من قطاع غزة ويخترق الأراضي المصرية ومن ثم يجتاز إلى داخل الأراضي الإسرائيلية. النفق مخصص «لأغراض إرهابية» ولنقل وسائل قتالية إلى مصر.
واتهم الجيش الاسرائيلي، حركة الجهاد الإسلامي بإطلاق القذائف والصواريخ، ردا على مقتل 3 من عناصرها في قصف إسرائيلي قبل أيام، لكن الجهاد أصدرت بيانا مشتركا مع حركة حماس، قالتا فيه إنهما شريكتان في الهجمات، وإن «القصف بالقصف والدم بالدم» و«الخيارات مفتوحة».
وتابع: «ينظر الجيش ببالغ الخطورة لما حدث ويعتبر منظمة حماس الإرهابية مسؤولة عن كل ما يحدث في قطاع غزة أو ينطلق منه».
وبعد القصف، أطلقت الفصائل الفلسطينية رشقة صواريخ من قطاع غزة، بينها «غراد» الذي استخدم لأول مرة منذ حرب 2014، واستهدف «أوفاكيم»، لكن القبة الحديدة أسقطته، وبعد ساعات أطلقت صواريخ تجاه مجمع اشمول، فيما كانت المدفعية الإسرائيلية تقصف مواقع للفصائل.
وقال فوزي برهوم، الناطق باسم حماس: إن إطلاق القذائف من غزة «رد طبيعي على جرائم الاحتلال».
وأكد برهوم أن الاحتلال الإسرائيلي يتحمل المسؤولية الكاملة عن أي تصعيد مقبل.
ووفق تقديرات الجيش الإسرائيلي فإن القيود التي فرضت على إطلاق الصواريخ والهجمات ضد إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة لم تكن موجودة هذه المرة، وعلى الرغم من ذلك، فإن حماس غير معنية بتدهور الأوضاع أكثر، وسيجري اختبار ذلك على الأرض.
ويرى مسؤولون أمنيون أن الكرة في ملعب حماس، وأن الأيام القريبة قد تكون هادئة أو خطيرة أكثر.
وتقول الجهات الاستخباراتية في إسرائيل إن حماس وافقت على أن تطلق الجهاد الإسلامي النيران وحتى إنها مسؤولة عنه، إذ تحظى كلتا المنظمتين بدعم إيراني.
وبحسب التقديرات فإن الجهاد الإسلامي قد أطلقت القذائف ردا على مقتل ثلاثة من عناصرها في القصف الإسرائيلي قبل أيام.
ودافعت حركة الجهاد الإسلامي عن قرارها، بالقول إن كرامة الفلسطيني أغلى ما نملك. وقال مسؤول المكتب الإعلامي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، داود شهاب: «إن دماء أبناء شعبنا ليست رخيصة حتى يستبيحها الإرهابيون دونما رادع».
ومع التصعيد الكبير الذي ينذر باشتعال حرب، وتصريحات لوزير الاستخبارات يسرائيل كاتس، بأن إسرائيل أقرب للحرب من أي وقت مضى، دخلت مصر على الخط وضغطت باتجاه نزع فتيل الانفجار.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن القاهرة اتصلت بقادة حماس والجهاد وإسرائيل من أجل تجنيب القطاع ويلات حرب جديدة. وبحسب المصادر: «أبدت إسرائيل وحماس عدم رغبة في التصعيد». وهذا ما أكده جنرال في الجيش الإسرائيلي، أعلن بعد ظهر أمس، أن الأحداث لن تتدهور إلى حرب.
وكان سكان البلدات اليهودية المحيطة بقطاع غزة، قد أكدوا أن الأحداث التي وقعت أمس، كانت الأشد خطورة منذ حرب 2014. وقد استدعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قادة الجيش والمؤسسة الأمنية، لجلسة مشاورات عاجلة في مكتبه في مدينة القدس الغربية، فيما طالب أعضاء كنيست من أحزاب اليمين، جيش الاحتلال بـ«رد غير مسبوق» على قصف المقاومة للمستوطنات.
وأعلن نتنياهو أن «إسرائيل تنظر ببالغ الخطورة إلى الهجمات التي شنتها عليها وعلى بلداتها حركتا حماس والجهاد الإسلامي الإرهابيتان من قطاع غزة».
وعقد وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، جلسة طارئة للقيادات الأمنية، قام الطيران الحربي الإسرائيلي في أعقابها بتنفيذ سلسلة غارات على مواقع لحركتي حماس والجهاد في قطاع غزة. لكن مصادر في الجيش الإسرائيلي قالت إنه «معني برد عنيف ولكن لا يؤدي إلى مواجهات مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي».
وذكرت مصادر أخرى أن «الأجهزة الأمنية تتبنى موقفا مفاده أنه يجب تأجيل المواجهة الواسعة النطاق مع قطاع غزة، إلى حين استكمال الحاجز تحت الأرض، لتعطيل الأنفاق الهجومية لحماس والجهاد الإسلامي».
وقال عضو المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، زئيف إلكين، من كتلة «الليكود»، إن إطلاق قذائف الهاون باتجاه المستوطنات المحيطة بقطاع غزة «يلزم برد شديد من قبل الجيش الإسرائيلي». وأضاف: «يجب الرد بشكل مؤلم، والحفاظ على معادلة الردع». فـ«في الشرق الأوسط يحترمون من يعرف كيف يرد الضربة بشكل مؤلم». من جهته كتب وزير المعارف ورئيس «البيت اليهودي» وعضو المجلس الوزاري المصغر، نفتالي بينيت، في تغريدة على «تويتر» متوجها إلى من ينتقد إسرائيل، بادعاء أن قذيفة هاون أطلقت من قطاع غزة سقطت في حضانة أطفال. وقال رئيس الكنيست، يولي إدلشتاين، إن إطلاق قذائف هاون هو خط أحمر خطير، مضيفا أن إسرائيل لن تسمح بتعريض سكان المستوطنات المحيطة بقطاع غزة للخطر. وقال وزير الداخلية، أريه درعي، في حديث إذاعي، إن «إسرائيل سترد، ولكن ليس بقصف مدفعي عشوائي، وإنما على أكثر المواقع إيلاما». وكتب رئيس كتلة «يش عتيد» المعارضة، يائير لبيد، في حسابه على «تويتر»، إن «الهجوم على مستوطنات غلاف غزة لن يكون بدون رد، وسترد قوات الأمن بالشدة المطلوبة». وقالت وزيرة الخارجية السابقة وعضو الكنيست تسيبي ليفني (كتلة المعسكر الصهيوني) المعارضة، إن حركة حماس تتحمل المسؤولية عما يحصل في قطاع غزة بدون أي علاقة بهوية التنظيم الذي أطلق النار. وبحسبها فإن المطلوب هو «استراتيجية واضحة، وليس تكتيكات من جولة إلى جولة». وأضافت، على الحكومة الإسرائيلية أن تعمل سوية مع المجتمع الدولي من أجل نزع الأسلحة من قطاع غزة وإنهاء سيطرة حركة حماس. وقال وزير الأمن السابق وعضو الكنيست، عمير بيرتس، إن إطلاق قذائف الهاون يعتبر تصعيدا غير مسبوق، منذ الحرب الأخيرة صيف العام 2014. وأضاف، على الجيش الإسرائيلي أن يرد بشدة أكبر من السابق، بغض النظر عما إذا كان الحديث عن حركة حماس أم الجهاد الإسلامي. وبحسبه، فإن حماس هي من تتحمل المسؤولية ويجب أن تدفع الثمن.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.