الحريري ـ جنبلاط نحو مرحلة جديدة والاختبار في الحكومة والبرلمان

لقاء «بيت الوسط» أسس لعلاقة «مختلفة» بعد تباينات

TT

الحريري ـ جنبلاط نحو مرحلة جديدة والاختبار في الحكومة والبرلمان

يبدو أن العلاقة بين رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عادت إلى طبيعتها، بعد التباينات التي بلغت حدّ التراشق الإعلامي والسجالات المتبادلة. ولقد ساهم اللقاء الذي جمع الرجلين بداية الأسبوع في منزل الحريري في «بيت الوسط» بتبديد الالتباسات التي شابت علاقتهما إبان الانتخابات النيابية وبعدها، وكانت أولى إشاراتها بتسمية «اللقاء الديمقراطي» التي يرأسها نجله تيمور الحريري رئيساً للحكومة الجديدة.
ولكن، في المقابل، يبقى حسم الذهاب إلى تحالف سياسي جديد بين الحريري وجنبلاط، رهناً بتشكيل الحكومة والحصّة التي ينالها الحزب التقدمي الاشتراكي فيها، إضافة إلى موقع نواب الطرفين في المجلس النيابي. ومن جانب الحريري، أعلن عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق الدكتور مصطفى علوش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العلاقة التي نشأت تاريخياً بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري والنائب جنبلاط، ما زالت تحكم علاقة الأخير مع الرئيس سعد الحريري». وتابع أن «تغريدات وتصريحات جنبلاط تجعل المرء يعتقد بأن الأمور ذهبت مرحلة اللاعودة، لكن الرئيس الحريري حريص على استمرار العلاقة، وعدم قطع شعرة التواصل والتلاقي بينهما، وإن كانت هناك بعض المواقف المثيرة للاستغراب والتساؤل». وكان جنبلاط قال رداً على سؤال عن تغريداته التي وتّرت العلاقة مع رئيس الحكومة، خصوصاً لجهة معالجة ملف الكهرباء، «(تويتر) هو المزعج، والرئيس الحريري قدم لي تفسيراً منطقياً وموضوعياً، لأنني لم أفهم من الصحف ماذا حصل، وقد فسر لي الرئيس الحريري الأمر، خصوصاً فيما يتعلق بمحطات الكهرباء في دير عمار والجية والزهراني».
في أي حال، يحاول الطرفان البناء على إيجابية اللقاء الأخير والاتصالات القائمة على مستوى قيادتي الطرفين. وفي هذا الصدد اعتبر رامي الريس، مفوّض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تحالف الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار (المستقبل) يعود لسنوات طويلة، ومنذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهذا التحالف أثبت متانته في فترات حرجة جداً». ورأى أن «التباين قد يظهر من حين إلى آخر بين فريقين سياسيين وهذا أمر طبيعي، لأن التطابق مستحيل في هكذا حالات». ومن ثم، أكد الريس أنه بعد الانتخابات «هناك مرحلة جديدة من التعاطي، ومن الطبيعي أن تكون العلاقة مع الرئيس سعد الحريري قوية ومتينة، وأن يسمّيه نواب اللقاء الديمقراطي رئيساً للحكومة الجديدة، وأن تشكّل حكومة تراعي الأوزان والأحجام». وأردف مشدداً على «ضرورة أن تنكب كل الأطراف على حماية اتفاق الطائف وعدم الدخول في أي مسار يضعف هذا الاتفاق، ويفترض بنا جميعاً أن نقوي دعائمه، لأن (الطائف) يحمي التوازنات الدقيقة في البلاد، وبقدر ما تلتقي حوله كلّ القوى، بقدر ما يتحقق التوافق الوطني».
ما يُذكر أن التباين بين الحريري وجنبلاط بلغ ذروته، غداة الاحتفال الشعبي الحاشد الذي أقامه الحريري في وسط بيروت بعنوان «احتفال النصر» (بالانتخابات النيابية)، حيث غرّد الزعيم الدرزي متهكماً «أما وقد انتهت الانتخابات... غريب كيف أن بعض الخاسرين يدّعون النصر، والبعض الآخر يلجأ إلى الضجيج الإعلامي بدل احترام القانون». ما استدعى رداً من الحريري قال فيه «يا ريت يا وليد بيك تحلّ عن تيار (المستقبل) شوي، وألا تحمله مسؤولية مشاكلك مع الآخرين».
وعزا مصطفى علوش مواقف جنبلاط إلى أن الأخير «يزين الأمور بناء على مصلحته». وتابع: «الآن نحن أمام مرحلة جديدة، وما يهمّ النائب جنبلاط واقع تمثيله الحزبي في الحكومة الجديدة، ولننتظر ما هي مطالبه وقدرة الحريري على الاستجابة لها». وفي حين لم يحسم الحزب التقدمي الاشتراكي تموضعه الجديد داخل الحكم، رأى علوش أن «الاصطفافات الجديدة لم تظهر بعد، لكن الحلف الطبيعي شبه الواضح سيكون بين تيار (المستقبل) و(القوات اللبنانية) وحزب (الكتائب) والمستقلين».
وشدد على أن «الكتلة التي يمثلها رئيس الجمهورية ميشال عون (تكتل لبنان القوي ويضمّ 28 نائباً)، هي القادرة على قلب التوازنات من مكان إلى آخر»، لافتاً إلى أن «الضغوط القادمة على لبنان تجعل رئيس الجمهورية في موقع الوسط والاعتدال، بدلاً من الذهاب إلى تحالف مع (حزب الله)».
أما الريس فقال إن «الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار (المستقبل) لا يزالان يتمسكان بالعناوين السيادية التي تحمي اتفاق الطائف، ولا تغطي أياً من الأطراف يحاول خرق هذا الاتفاق». واستطرد أن الانتخابات «خلطت الأوراق بسبب القانون الهجين، لكن الاختبار سيكون مع بداية ولاية المجلس النيابي»، معتبراً أن «الحديث عن أحلاف جديدة سابق لأوانه وهي رهن التطورات والمواقف». وشدد على أهمية «اعتماد مقاربات جديدة قائمة على الشفافية في حلّ الأزمات الاقتصادية، وألا تكون هناك علامات استفهام حول بعض المناقصات».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.