أكلات الـ«فاميليا» في مطاعم سوهو اللندنية

ديكور لأحد المطعم الجديد على طراز البيسترو الفرنسي والإيطالي
ديكور لأحد المطعم الجديد على طراز البيسترو الفرنسي والإيطالي
TT

أكلات الـ«فاميليا» في مطاعم سوهو اللندنية

ديكور لأحد المطعم الجديد على طراز البيسترو الفرنسي والإيطالي
ديكور لأحد المطعم الجديد على طراز البيسترو الفرنسي والإيطالي

يحمل «40 دين ستريت» عنوانه في اسمه 40 Dean Street؛ فالموضة الحالية السائدة في لندن هي إطلاق عنوان المطعم الجغرافي على اسمه، وهذا المطعم سبق غيره من المطاعم اللندنية في تبني هذه الموجة؛ لأنه ليس جديداً وكان موجوداً بالأصل في منطقة سوهو بوسط لندن وقدّم المأكولات الإيطالية التقليدية على مدى 17 عاماً، وأعيد افتتاحه الشهر الماضي بعد فترة قصيرة من الإغلاق لتغيير الديكور وإعادة هندسة لائحة الطعام مع الحفاظ على الأصالة والنكهة والمذاق والمكون الطازج الذي يلعب الدور الأهم في المطبخ الإيطالي، وعلى رأس هذا كله حافظ المطعم على مبدئه في تقديم الأفضل بأسعار مدروسة وطبيعية؛ لأن بعض الأسعار في مطاعم لندن في أيامنا هذه غير طبيعية، ولا يمكن تفسيرها لأنها غير منطقية، إضافة إلى تقديم المأكولات على طريقة العائلة الإيطالية أو Familia، حيث يعمل في المطبخ أفراد عائلة إيطالية بكاملها.
المطعم يقع، وكما يدل الاسم، في شارع دين ستريت في قلب سوهو النابضة بالحيوية والتي تصنف من بين الأماكن التي تنام قبل بزوغ الفجر في لندن، على عكس باقي الأماكن التي تغلق مطاعمها أبوابها باكراً فيها.
ميزة المطعم أنه يقدم الأطباق الإيطالية على أصولها، لكن بعيداً عن التكلف، الديكور الجديد أشبه بالـ«بيسترو» الإيطالي أو الفرنسي، جلسات مريحة تنقسم ما بين أرائك وكراسي، وطاولات مستديرة وأخرى مربعة، وإنارة تتدلى من السقوفية لتعطي جواً مريحاً.
لائحة الطعام سهلة وغير معقدة تعتمد على الأطباق الأولية Antipasto، مثل الخبز والفوكاشيا التي ينضح منها زيت الزيتون الصافي، وتعبق منها رائحة الزعتر، واللحم المقدد وجبن الموتزاريلا والأرضي شوكي، أو الخرشوف المشوي على الطريقة الإيطالية التقليدية. أما بالنسبة للأطباق الرئيسية، فهي منوعة ما بين الباستا والبيتزا واللحم الأحمر والسمك والدجاج.
جربنا طبق اللينغويني بثمار البحر وصلصة الطماطم وسمك السي باس مع السبانخ، ومن الأطباق اللذيذة الرئيسية الأخرى الجمبري مع صلصة الطماطم مطهو في الفرن والنيوكي مع الفطر البري وجبن الموتزاريلا مع زيت الكمأة. أما بالنسبة للحلوى، فلا يمكن أن تنهي عشاءك أو غداءك في المطعم من دون أن تتذوق نكهة السكر الإيطالي في أطباق التيراميسو أو سوربيه الليمون والبروفيتيرول وكعكة الحامض.
وبحكم موقع المطعم القريب من المسارح، يقدم لائحة طعام تناسب هؤلاء الذين ينوون تناول العشاء الباكر قبل التوجه إلى المسرح، ويمكن اختيار طبقين بسعر 13.90 جنيه إسترليني (نحو 20 دولاراً للشخص الواحد) أو ثلاثة أطباق بسعر 16.90 جنيه إسترليني (نحو أقل من 30 دولاراً).
في الآونة الأخيرة، تحولت بعض مطاعم لندن إلى افتتاح هذا النوع بعدما تبين أن غالبية ذواقة الطعام يفضلون الأكل الجيد بأسعار مناسبة على الأماكن التي تعتمد على الديكور، وطريقة تقديم الطعام الذي يشبه اللوحات الفنية. ففي الواقع، يبحث الزبون عن مكان جيد يأكل فيه ما يطيب له من أطباق دون الحاجة إلى تكبد فاتورة تنسيه طعم الأكل الذي تذوقه، وبالوقت نفسه يمكن أن يقدم الطعام بقالب جيد وغير متكلف، ومكلف، وهذا ما نجح به «40 دين ستريت»؛ لأنه ركز على نوعية الطعام وكميته الكافية التي تفي بإشباع أي شخص، على عكس بعض المطاعم التي تقدم عينات للطعام تكاد تشبه العين حتى تشبه المعدة. يشار إلى أن المطعم يضم مساحة صغيرة في الخارج تتسع لثلاث طاولات.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».