بيانات رسمية تشير إلى تعافي الاقتصاد الروسي رغم العقوبات

موسكو تهدد بتدابير مضادة للرسوم الأميركية

TT

بيانات رسمية تشير إلى تعافي الاقتصاد الروسي رغم العقوبات

أشارت بيانات شهرية جديدة نشرتها أمس هيئة الإحصاءات الاتحادية الروسية، إلى أن الاقتصاد الروسي يواصل تعافيه، على الرغم من عقوبات مؤلمة فرضتها الولايات المتحدة على روسيا مطلع أبريل (نيسان) الماضي. ونُشرت تلك البيانات بالتزامن مع إعلان واحد من أكبر المصارف الروسية التراجع عن خطة التوسع في السوق الخارجية بسبب العقوبات الغربية، وهو السبب ذاته الذي دفع بمصرف كبير آخر إلى التوقف عن تقديم مزيد من القروض لرجل الأعمال الروسي أوليغ ديريباسكا، المسيطر على أسهم شركة «روسال» الروسية العملاقة لإنتاج الألمنيوم.
وفي سياق متصل، أبلغت روسيا منظمة التجارة العالمية بحجم خسائرها الناجمة عن سياسات دونالد ترمب الحمائية، والرسوم التي فرضها على واردات الصلب والألمنيوم، وقالت إنها ستتخذ تدابير ضد صادرات أميركية للتعويض عن تلك الخسائر.
وقالت موسكو إن رفع الرسوم على صادرات الصلب الروسية إلى الولايات المتحدة حتى 25 في المائة، وعلى الألمنيوم الروسي حتى 10 في المائة، قد يلحق بالشركات الروسية خسائر تصل لنحو 237 مليون دولار، وحذرت من أن روسيا ستتخذ إجراءات للتعويض عن تلك المبالغ عبر فرض قيود على صادرات أميركية إلى السوق الروسية. ولم تكشف عن طبيعة تلك الإجراءات، لكن يُتوقع أن تكون على شكل فرض رسوم جمركية إضافية عليها.
وعلى المستوى الداخلي، أظهرت بيانات نشرتها أمس هيئة الإحصاءات الفيدرالية الروسية أن مبيعات التجزئة، وهي المقياس الرئيسي لطلب المستهلكين، ارتفعت 2.4 في المائة على أساس سنوي في أبريل الماضي، بعد زيادة بلغت 2.0 في المائة في مارس (آذار) الماضي. وزادت الاستثمارات في رأس المال الأساسي، وهو المحرك الآخر الأكثر أهمية، بنسبة 3.6 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من العام الحالي، مقابل ارتفاع لم يزد على 1.4 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي. وارتفعت الأجور الحقيقية 7.8 في المائة على أساس سنوي في أبريل، متجاوزة توقعات المحللين التي كانت تشير إلى زيادة قدرها 5.9 في المائة. وتؤكد بيانات هيئة الإحصاءات الفيدرالية، أن معدل البطالة تراجع في الوقت نفسه إلى 4.9 في المائة في أبريل، وهو أدنى مستوى منذ أغسطس (آب) 2017.
ورأت شركة «كابيتال إيكونوميكس» للبحوث في مذكرة أن «أحدث بيانات النشاط الاقتصادي تشير إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي تسارع إلى نحو 1.5 في المائة على أساس سنوي في بداية الربع الثاني من العام الحالي».
ووفقا للبنك المركزي، فإنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الروسي هذا العام بما يتراوح بين 1.5 و2.0 في المائة بعد أن سجل نموا بلغ 1.5 في المائة في 2017. ويتوقع خبراء اقتصاديون روس أن تواصل الأجور الحقيقية ارتفاعها خلال شهر مايو (أيار) الحالي مع بدء العمل بقرار رفع الحد الأدنى للأجور في روسيا حتى مستوى «حد الكفاف».
ويرى مراقبون أن بيانات هيئة الإحصاءات الروسية تدل على أن العقوبات الأميركية ضد روسيا في مطلع أبريل لم يكن لها تأثير فوري يذكر على العوامل الأساسية للاقتصاد، وأن الاقتصاد الروسي يظهر تعافيا مع استقرار الروبل تدريجيا، وبقاء الأسعار العالمية للسلع الأولية مواتية لاقتصاد يعتمد على صادرات الطاقة والمواد الخام.
وكان سعر الروبل الروسي تراجع أمام الدولار على خلفية العقوبات، وهبط من 57 حتى ما دون 61 روبل لكل دولار، ولم يتمكن حتى الآن من استعادة خسارته، وما زال عند مستويات 61 - 62 روبل أمام الدولار الأميركي. كما بلغت خسائر الشركات الروسية وكبار رجال الأعمال الذين طالتهم تلك العقوبات نحو 16 مليار دولار أميركي.
إلا أن العقوبات الغربية السابقة؛ الأميركية والأوروبية، ما زالت تؤثر على نشاط المؤسسات الروسية حتى اليوم؛ إذ أعلن مصرف «سبير بنك» وهو من أكبر المصارف الروسية، عن توقف العمل بموجب «استراتيجية التوسع الدولي»، بسبب العقوبات، الأمر الذي دفعه إلى بيع فرع له في تركيا. وقال غيرمان غريف، مدير المصرف، في تصريحات أمس إن «(سبير بنك) مضطر للأسف للتخلي عن استراتيجية التوسع». وكان المصرف ِأعلن منذ أيام عن بيع 99.85 في المائة من أسهم «دينيز بنك» وهو فرع تابع له في السوق التركية، وكشف أنه وقع صفقة بهذا الخصوص مع «بنك الإمارات دبي الوطني» بقيمة 14.906 مليار ليرة تركية، أي نحو 3.2 مليار دولار أميركي، وقال غريف إن «سبير بنك» مضطر لبيع «دينيز بنك» التركي بسبب العقوبات الأوروبية.
في السياق ذاته، أكد مصرف «في تي بي» الروسي أنه توقف عن منح قروض للملياردير أوليغ ديريباسكا، والشركات التابعة له. وقال آندريه كوستين، مدير «في تي بي» إن «مصرفنا لا يقدم أموالا جديدة لديريباسكا، ولا يجري أي عمليات مع شركة (روسال) وغيرها من شركات تابعة له»، وأضاف: «ننتظر قرار مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (تابع لوزارة الخزانة الأميركية). هذا ما يجب أن نفعله».
وكانت الولايات المتحدة أدرجت ديريباسكا وشركات يسيطر عليها على قائمة عقوبات جديدة ضد روسيا أعلنت عنها في مطلع أبريل الماضي، وتسببت تلك العقوبات في هبوط أسهم شركة «روسال» الروسية الكبرى للألمنيوم التي يسيطر ديريباسكا على الحصة المتحكمة من أسهمها، وتأثرت كذلك شركات أخرى يسيطر عليها. وللتخفيف من تلك الخسائر، وإلغاء العقوبات بحق تلك الشركات، يستعد الملياردير الروسي للتخلي عن حصته من الأسهم. ومنحته الولايات المتحدة في البداية مهلة حتى 5 يونيو (حزيران) المقبل ليقوم بهذه الخطوة، ومن ثم وافقت على تمديد المهلة حتى 23 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، كي يتمكن من نقل حصته من الأسهم في شركات «روسال» ومجموعة «غاز»، وغيرهما، إلى شخصيات أخرى، وبعد ذلك فقط ستلغي وزارة الخزانة الأميركية العقوبات ضد تلك الشركات.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.