«الشرق الأوسط» في مهرجان كان السينمائي 12 : انتهى «كان»... فحطت سينما المسلسلات

«ديدبول 2» ضد «أفنجرز»... و«صولو» ضدهما معاً

TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان كان السينمائي 12 : انتهى «كان»... فحطت سينما المسلسلات

انتهى مهرجان «كان» بجوائزه وأتاح للهواة الالتفات إلى يوميات حياتهم المعتادة مرّة أخرى، بدأت تتراءى الآن إخفاقات البعض في تسجيل نجاح ما على شاشة أكبر مهرجانات الدنيا في مقابل عودة الحديث عن السينمات التي لا تحتاج لمهرجانات.
- أزقة وحوارات
في أيامه الأخيرة، وبعد أكثر من أسبوع على سلسلة من العروض المضجرة، نهض بمستوى عروضه وإن لم يكن بقيمتها الإجمالية. عرض فيلم نادين لبكي الجديد «كفرناحوم» الموزع بين حسنات وسيئات متساوية. من ناحية هو فيلم جيّـد في مستويات فنية لا تخترق سقف الإجادة، ومن ناحية أخرى هو فيلم يميل للادعاء والفبركة. يكفي تكبير صورة حي صغير ما ومعالجته كومبيوترياً ليبدو كما لو أنّ بيروت كلها عبارة عن أكواخ وزرائب.
هذا ورد في «مليونير العشوائيات» لداني بويد بشكل مقنّع كون أحداثه تقع في مدينة هندية، كل حي منها بحجم مدينة بيروت ذاتها. لكن عند لبكي الصورة مكبّـرة على لا شيء فعلي على الرّغم من أنّها ترجمت شعورها السينمائي بأنّ ذلك هو المطلوب لإيصال رسالة اجتماعية مناسبة.
فيلم «كفرناحوم»، على ذلك، عمل ناجح وشركة صوني كلاسيكس التي اشترت من لبكي فيلمها السابق، تحمّست واشترت حقوق الفيلم لأميركا الشمالية. لكن من بين الأفلام القليلة التي تلته في العروض، عملان آخران لهما الوقع ذاته: جيد في التشكيل وضعيف في المضمون.
أحدهما هو الفيلم التركي «شجرة الإجاص البري» لنوري بيلج شيلان وأحد الزملاء من النّقاد راهن على أنّه سيكون أفضل ما عرضه المهرجان في دورته. لكنّ النتيجة خاوية. دراما حول شاب يؤلف كتاباً (بعنوان الفيلم) وينشره بعد ساعتين ونيف من بدء الفيلم الذي تصل مدة عرضه إلى ثلاث ساعات. ما سبق ذلك هو مشاهد تقع (في معظمها) بالبلدة الصغيرة التي يقطن فيها مع والديه. هو لا يؤمن كثيراً بمستقبله وأقلّ من ذلك بحسنات أبيه والمحور العائلي يزداد ترسخاً مع استمرار الوضع في تكرار لا يؤدي إلى إضافات. مع كم من الحوار يملأ المسامع ولا يتوقف... عشر دقائق حوار... ربع ساعة حوار... وهناك مشهد حسبت دقائقه: 25 دقيقة حوار.
يحق للزّميل تفاؤله لأنّ شيلان كان نجماً من نجوم المهرجان الفرنسي أكثر من مرّة وهناك العديد من المعجبين به، لكن هذه هي ثمار الشجرة التي زرعها في هذه الدورة وكانت بلا طعم.
الفيلم الآخر «الرجل الذي قتل دون كيشوت» للأميركي الذي يعيش ويعمل في بريطانيا تيري غيليام. ردّد قبل العرض وبعده وربما خلاله أنّه أمضى 25 سنة في تحقيقه. عند مطلع الفيلم يذكر ذلك. يتفاءل المرء راغباً في مشاهدة عمل تجاوز كل المعيقات والمصاعب ومنح المخرج وقتاً طيباً لكي يسدّ ثغراته المحتملة. لكنّ غيليام الأمس لا يزال غيليام اليوم: مشاهد معجوقة ومشغولة ببعض الإتقان، لكن لا شيء داخلها (وداخل الفيلم بالتالي)، له روح قادرة على الوصول إلى ما بعد تيري غيليام ذاته.
- إنقاذ الكون
بعيداً عن كان، وفي العاصمة الإنتاجية الأولى هوليوود، لا شيء مما ورد أعلاه يهم. ملايين البشر يؤمون العروض التجارية وموسم الصيف يبدأ بثلاثة أفلام، اثنان منها ينجزان المتوقع من نجاحهما. الثالث سيهبط للعروض في أيام، لكنّ كل التوقعات هي أنّه سيلتهم الفيلمين الآخرين ويتبوأ مركزاً متقدماً بين كل ما سيعرض خلال هذا الموسم.
الثلاثة تنتمي إلى مسلسلات. النوع الذي يمكن لهوليوود المراهنة على أنّه سيملأ جيوب منتجيها بالمال وحب الحياة.
أولها وصولاً إلى الشاشات كان «أفنجرز: حرب أبدية» لأنطوني وجو روسو. انطلق مدوياً: 258 مليون دولار في أسبوعه الأولى. مليار و610 ملايين في عروضه العالمية حتى فجر يوم أمس. هذا يوازي ما أنجزه الجزء السابق «أفنجرز: عصر الترون» سنة 2015 وقريب من الفيلم الأول من السلسلة «ذا أفنجرز» (2012).
حسنة أكيدة في هذا الجزء هو أنّه لا يتعب من تكرار مشاهد القتال وفصول الحروب وبأفضل طريقة لاهثة ممكنة. المخرجان الشقيقان يؤكّدان على جوهر هذا النوع من الأفلام: مشاهد قتال متوالية لا يفصل بينها إلّا التحضير للمعركة التالية. تلك الاستراحات مملوءة بالشخصيات وتنوّعاتها إذ لدينا نحو 16 «سوبرهيرو» كل واحد يريد احتلال ركنه المتميز، ولو أنّ الصّف الأول محجوز لثلاثة منهم هم كابتن أميركا (كريس إيفانز) وثور (كريس همسوورث) وآيرون مان (روبرت داوني جونيور).
غالبية الباقين من مالئي الكراسي في حفل كهذا ومن بينهم توم هولاند وشادويك بوزمان وبندكت كمبرباتش.
المهمّـة كالعادة هي إنقاذ الكون بكامله.
وإذا كنت متابعاً جيداً لسينما الكوارث والرّعب والخيال العلمي والفانتازيا ستلحظ أنّ المهمّـة المذكورة كانت في حدود بلدات وسط أميركية صغيرة في الخمسينات، ثم اتسعت لتشمل مدناً كبيرة. هذا لم يكن كافياً فأصبح التهديد بالدمار والانطلاق للإنقاذ يخص كل الولايات المتحدة. ومع أنّه في كل مرّة يخرج الأبطال منتصرين وقد قضوا على العدو وشرّه، إلّا أنّ الأعداء يعودون وفي البال ما هو أكبر: ها هو كوكب الأرض بأسره في خطر أو عرضة لطوفان أو لنيازك طائشة.
هذا بدوره لم يعد كافياً ومنذ بضعة أعوام والحديث يتناول إنقاذ الكون بأسره. شيء مضحك لكنّه فعلي. 16 بطلاً خارق القوى والقدرات في مقابل شرير كبير واحد (اسمه ثانوس ويؤديه جوش برولِن) ينوي دمار الأرض وما يحيط بها.
- جمهور غير مخلص
بقي «أفنجرز: حرب أبدية» على قمة العروض الأميركية ثلاثة أسابيع ليخلفه هذا الأسبوع «ديدبول 2». الوحيد بين «السوبر هيروز» الذي يوفر، لجانب حركاته القتالية وقدراته الخارقة، بعض الفكاهة والهزل. ليس أنّها تصيب الهدف غالباً، لكنّها تحمل بعض التغييرات بالمقارنة مع الوجوه المكفهرة للأبطال الآخرين.
أنجز الجزء الأول محلياً 363 مليونا و070 ألفا و709 دولارات. وتمتع بإقبال عالمي أودى به إلى أكثر من 783 مليون دولار من الإيرادات. في المقابل ما يزال الجزء الثاني في مطلع عهده وأنجز للآن 425 مليون دولار عالمياً.
ما دفع هذا الناقد لكره الفيلم الأول يدفعه الآن لكره الجزء الثاني: ذلك التباهي بالذات الذي يحوّل بطله (رايان رينولدز) إلى أضحوكة وفزاعة في الوقت ذاته. القدرة على الفذلكة صوراً وحوارات وكمفهوم عام لحياة تبدو عبارة عن اسكتشات قصيرة. الحوارات هي لطشات لسانية بعضها يقصد الضحك وبعضها يقصد الإعلان عن الذات الفردية وكم تستحق إعجاب الجميع بها وبينهم الشخصية الأساسية ذاتها.
هنا مارفل (المؤسسة العملاقة التي وفرت هؤلاء الأبطال على الورق أولاً، والآن تنقلهم إلى الشاشة الكبيرة بأضخم صورة ممكنة) تسخر من نفسها ومن شخصيات أخرى ابتدعتها شركات أخرى (مثل شخصية «رجال إكس» لفوكس) ولا تبالي.
هذا لا بأس به على أساس لا شيء من هذه الأفلام لا يستأهل الضحك عليه، بما فيها هذا الفيلم. وعلى أساس أنّ الجمهور لم يعد مخلصاً لأبطال معينين ولا لمن يمثلهم على الشاشة. لكنّ «ديدبول 2» كما سابقه، قريب الشبه بشخص يلقي نكاتاً لا تثير الضحك ثم يصرّ على تكرارها.
حين وصول «صولو: حكاية من ستار وورز» سينسى الجمهور الكاسح كلا الفيلمين كما ترجح التقديرات. هذا الفيلم ينتمي مثل كل ما ذكرناه من أفلام القوى الخارقة والخيال العلمي إلى مسلسل سينمائي معروف. لكنّه على المتوفر من مسلسلات أخرى، هو الوحيد الذي استند، منذ بدايته، إلى كتابة وتأليف غير مستمدين من حكايات منشورة على نحو أو آخر.
- فعل أمومة
كذلك هو المسلسل الأقدم بينها جميعاً كون جورج لوكاس ابتدع الفيلم الأول في أواخر السبعينات. لكن كما لو كان شجرة باسقة يتم قضم أحد غصونها لزرعه وتحويله إلى شجرة أخرى. فصولو هو شخص واحد من شخصيات «ستار وورز» كان هاريسون فورد مثله سابقاً في الحلقات الثلاث الأولى (وعاد إليه كضيف شرف لاحقاً سنة 2015) والآن يلعب دور هذا المغامر ألدن إرنرايتش.
ألدن من؟ قد تسأل. ألدن إرنرايتش. لا يهم إنّه ليس معروفاً إلّا لمن لاحظه في «مرحى يا قيصر» (2016)، أو في «القواعد لا تطبق» (2016)، فحتى هاريسون فورد لم يكن معروفاً عندما لعب لجانب كاري فيشر ومارك هاميل بطولة «ستار وورز».
ليس أنّ كل الأفلام المعروضة مع مطلع موسم الصيف هي من هذا النوع الجانح صوب الأكشن والمغامرة و«تعالوا لأريكم العجائب»، بل هناك أفلام ذات بطولات إنسانية ويقوم بتمثيلها بشر وليس بيكسلز.
هناك الفيلم التشويقي المتمثل في «اقتحام» (Breaking In) لجيمس ماكتيغ وهو أفضلها: حكاية أم (غبريال يونيون) التي تسعى لاستعادة ابنها المخطوف بكل ما تملكه من عناد وعاطفة أمومة.
هناك الفيلم الكوميدي «حياة الحفل» (Life of the Party) لبن فالكوني حيث - وفي واحدة من تلك الخروقات للعادة - تقرر الأم ماليسا ماكارثي حضور دروس ابنتها الشّابة في الصف ذاته، لأنّها الطريقة التي ستعالج بها الكآبة بعدما تركها زوجها لأخرى.
ثم هناك الفيلم الاحتفائي بالشخصيات التي تجاوزت سنوات منتصف العمر (والبعض يقول سنوات ما بعد ذلك أيضاً)، وهو «نادي الكتاب» وهن أربع ممثلات محدّدات هن جين فوندا (80 سنة)، دايان كيتون (72 سنة)، كانديس برغن (أصغر من كتون بأربعة أشهر) وماري ستينبرغن (65 سنة). لجانب هؤلاء الممثلات بضعة رجال من الذين عاشوا ردحاً على الشاشة أيضاً مثل آندي غارسيا وكريغ ت. نلسون ورتشارد دريفوس وإد بكلي جونيور.

- أفلام موسم الصيف 2018
سبعة أفلام أخرى ذات ضخامة إنتاجية (وضحالة فكرية؟) قادمة في الطريق لتشبع نهم الهواة.
The Incredibles 2
رسوم متحركة من النوع غير البريء عن تلك العائلة التي تعيش في فقاعتها الخاصة مع شخصياتها الغريبة.
Jurassic World‪:‬ Fallen Kingdom
الديناصورات ضد البشر والبشر ضد بعضهم البعض في هذا الجزء الجديد من المسلسل الذي ينتجه ستيفن سبيلبرغ لكل الأعمار.
The First Purge
مرادف للفيلم الناجح The Purge وفيه نظرة على عالم مستقبلي باتت فيه الجريمة معفاة من العقاب.
The Ant‪ - ‬Man and the Wasp
من ابتداعات مارفل العديدة هذا الجزء الثاني من «الرجل النملة» (في كل شيء ما عدا ضخامة الإنتاج). الجزء الأول حقق نجاحاً كبيراً بالطبع.
Skyscraper
هذا ليس جزءاً لشيء لكن من يدري، قد يكون فاتحة. دواين جونسون مقاتل ينتقل من العراق إلى الصّين في مهمة لإنقاذ العالم مرة أخرى.
Mission Impossible‪ - ‬ Fallout
عودة توم كروز (55 سنة) إلى بطولة تلك الحلقات التي يتصدّى فيها لمهام تبدأ مستحيلة ثم تذوب تدريجياً بعد كل مشهد جديد.
Ocean‪’‬s 8
عوض جورج كلوني ومات دامون وبراد بت ودون شيدل، سنشاهد ساندرا بولوك وكايت بلانشت وسارا بولسون وريحانا وهن يخططن للسرقة الكبرى.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».