السودان: مقتل وجرح العشرات في قتال بمنطقة «جبل مرة» بدارفور

نزوح الآلاف بسبب القتال بين القوات الحكومية وعناصر متمردة

TT

السودان: مقتل وجرح العشرات في قتال بمنطقة «جبل مرة» بدارفور

حملت الحكومة السودانية «حركة مسلحة» المسؤولية عن تجدد القتال في جبل مرة بإقليم دارفور، الذي راح ضحيته عشرات القتلى والجرحى، وأدى لتشريد الآلاف في أحدث عمليات قتال يشهدها الإقليم المضطرب.
وقال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، الهادي آدم، في تصريحات أمس، إن «خلايا نائمة خطيرة» تتبع حركة «تحرير السودان» جناح عبد الواحد محمد نور، تسببت في أحداث منطقة «دربات» بجبل مرة، ما دفع قوات الأمن للعمل على ضبطها وتقديمها للمحاكمة.
ومنذ أيام تجري مواجهات بين القوات الحكومية وقوات حركة «تحرير السودان – عبد الواحد»، في مناطق متفرقة بجبل مرة، على الرغم من وقف إطلاق النار المعلن بين الطرفين منذ أشهر، ما أدى لمقتل وتشريد العشرات، وتجدد عمليات النزوح في عدة مناطق بجبل مرة.
بدوره، طلب الممثل الخاص المشترك للبعثة الأممية المختلطة لحفظ السلام في دارفور، المعروفة اختصاراً بـ«يوناميد» جيريمايا ماما بولو، من طرفي النزاع، ضبط النفس، في وقت تتردد فيه معلومات عن حشود عسكرية كبيرة تتأهب للهجوم على متمردين في منطقة جبل مرة.
وبحسب البيان أبدى الرجل قلقه من تجدد المواجهات بين القوات الحكومية وعناصر من حركة «تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد محمد نور، وحث الطرفين على مراعاة تأثير تجدد تلك المواجهات على السكان المدنيين.
وذكر البيان أن العمليات أدت لموجة نزوح جديدة، قال عنها المسؤول الأممي: «نحن نأسف على الأخص لموجة النزوح الجديدة، وحرق عدد من القرى كقرية قوبو وكاوارا وكيمنتنغ بجنوب دارفور، إضافة إلى قرى أخرى بمحلية روكرو بوسط دارفور».
وتعليقاً على تجدد القتال في جبل مرة، استطرد آدم: «الخلايا النائمة تتحين الأحداث وتستغلها، ولا يوجد أمن مطلق، المجرمون ينفذون من بعض الثغرات». وبحسب رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، فإن المناوشات بين القوات المسلحة وتلك المجموعات أدت لنزوح جديد بين المواطنين، بيد أنه قطع بأن القوات المسلحة ملتزمة بوقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس عمر البشير، ما عدا حالات الدفاع عن النفس.
وفي رده على مسألة مستعجلة طالبت بها نائبة في البرلمان أمس، وصف وزير الدولة بوزارة الدفاع «المناوشات» الأخيرة بأنها كانت ضد «خلايا نائمة» تابعة لحركة عبد الواحد محمد نور، وأنها مسؤولية تنفذها وزارة الدفاع، وذلك بحسب صحيفة «تاق نيوز» السودانية المستقلة على الإنترنت.
وتذكر تقارير غير رسمية أن تجدد العمليات القتالية أخيراً، أدى لنزوح أكثر من 15 ألف مواطن بجبل مرة، هرباً من هجمات متوقعة من القوات الحكومية على المناطق التي تسيطر عليها قوات حركة عبد الواحد نور بجبل مرة.
ومنعت سلطات البرلمان الصحافيين من تغطية إجابة وزارة الدفاع على القضية المستعجلة، بيد أن الموقع المستقل نسب إلى مصادر أن المسؤول العسكري أقر في الجلسة بمقتل وجرح 76 شخصاً، بينهم 25 عسكرياً و51 مدنياً، في المعارك مع «الخلايا النائمة» في عدة مناطق من جبل مرة.
وجرت العمليات الأخيرة على الرغم من القرار الذي أصدره الرئيس عمر البشير في مارس (آذار) الماضي، بتمديد وقف إطلاق النار مع قوات التمرد في إقليم دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، لثلاثة أشهر تنتهي في يونيو (حزيران) المقبل، ومن جانبها أعلنت الحركات المسلحة المتمردة في تلك المناطق إعلاناً مماثلاً بوقف إطلاق النار.
واشتعلت المعارك في إقليم دارفور عام 2003، على خلفية رفع حركات متمردة السلاح بوجه القوات الحكومية، ثم اندلع قتال آخر في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق في 2011، بعد انفصال جنوب السودان، وتطالب الحركات المتمردة بوقف ما تسميه «التهميش» الذي يمارسه المركز في الخرطوم على المناطق الطرفية في البلاد، والاعتراف بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في تلك المناطق.
وهدأت الأوضاع في مناطق العمليات طوال أشهر، إلا من عمليات متفرقة هنا وهناك، ما أدى للاتفاق على استراتيجية تقليص وجود بعثة حفظ السلام الأممية في الإقليم، بيد أن أحداث «جبل مرة» الأخيرة تعد «أخطر» خرق لوقف إطلاق النار منذ إعلانه.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.