الميليشيات تقتل معتقلاً في صنعاء وتُهجِّر عشرات الأسر في تعز

TT

الميليشيات تقتل معتقلاً في صنعاء وتُهجِّر عشرات الأسر في تعز

في الوقت الذي كشف فيه الناجون من سجون الميليشيات الحوثية حجم التعذيب النفسي والجسدي الذي تعرضوا له، أفادت مصادر طبية وحقوقية في صنعاء، بأن معتقلا لدى الجماعة توفي نتيجة تعرضه للتعذيب الجسدي، وأن الميليشيات زوّرت سبب وفاته وزعمت أنه أصيب بالكوليرا.
وكشفت مصادر موالية لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء، أول من أمس، أن الشاب المتوفى يدعى محمد محمد غراب، وينتمي إلى محافظة إب، وأنه توفي في سجن الأمن السياسي (المخابرات) الخاضع للميليشيات الحوثية، بسبب التعذيب الذي وقع تحت طائلته.
وذكرت المصادر أن الجماعة الحوثية أبلغت أقارب الشاب بوفاته، وطلبت منهم الحضور لتسلم جثته، والتوقيع على محضر يفيد بأن الشاب توفي جراء إصابته بمرض الكوليرا، وذلك في مسعى من عناصر الميليشيات من أجل تزوير سبب وفاته.
وتأتي وفاة الشاب المختطف غراب، بعد أيام من وفاة المعتقل صادق الحيدري، جراء تعذيبه العنيف في معتقل للميليشيات بمحافظة ذمار، ما تسبب في إصابته بنزف في الدماغ أدى إلى وفاته في أحد المشافي التي نقل إليها في مدينة ذمار. وتشير إحصائيات حقوقية يمنية إلى أن نحو 150 مختطفا على الأقل لدى الميليشيات الحوثية، قتلوا تحت التعذيب في سجون الجماعة، منذ بدء اجتياح صنعاء في 2016.
وفي سياق الاستماع إلى شهادات الناجين من معتقلات الميليشيات، نظمت منظمة «رابطة أمهات المعتقلين» في مدينة مأرب، أول من أمس، جلسة اجتماع لثلاثة من ضحايا التعذيب النفسي والجسدي، بعدما أفرج عنهم أخيرا من سجون الميليشيات.
وتحدث في جلسة الاستماع الناجون وهم يحيى الهيج، ومعاذ الشميري، وعبد الهادي الشامي؛ إذ كشفوا عن صنوف مروعة من التعذيب الجسدي والنفسي، تقوم بها عناصر الميليشيات ضد المعتقلين في سجونهم، ومنها أساليب الحرق بالنار، ونزع الأظافر، والحبس في زنزانة مع الثعابين، واستعمال المثقاب الكهربائي.
وفي السياق ذاته، دعت «رابطة أمهات المعتقلين»، وهي منظمة حقوقية يمنية، كافة الجهات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، من أجل الوقوف مع قضايا المختطفين، والضغط على الميليشيات الحوثية للإفراج عن المئات من القابعين في سجونها.
وكان الفريق الميداني لـ«مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان» (منظمة حقوقية يمنية مقرها تعز) قد رصد حدوث 155 انتهاكا طالت مدنيين في محافظة تعز، خلال أبريل (نيسان) الماضي، حيث وثق الفريق مقتل 35 مدنيا، بينهم طفلان وامرأتان برصاص وقذائف الميليشيات الحوثية. وذكر المركز الحقوقي في تقريره الشهري، أن ميليشيات الحوثي قامت بتهجير 33 أسرة قسرا، من قرية الزعيف في منطقة بلاد الوافي الواقعة في مديرية جبل حبشي، كما تسببت في نزوح 11 أسرة من منطقة الحيمة، في مديرية التعزية شمال شرقي تعز. وأفاد التقرير بأن الميليشيات الحوثية استخدمت المدنيين دروعا بشرية أثناء مواجهاتها مع عناصر المقاومة، في مزارع قرية شقب، بمنطقة الحيمة نفسها، حيث اقتادت مواطنين ونساء وأطفالا في 18 أبريل، وأجبرتهم على المشي أمامهم كدروع بشرية، بحيث يتقدمون وسط المزارع، وحتى لا يتم استهدافهم ممن يقاومون تقدمهم.


مقالات ذات صلة

جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

العالم العربي الجماعة الحوثية استحدثت مراكز تحصيل جمركية على عدد من الطرقات داخل البلاد (إعلام حوثي)

جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

يشكو المسافرون بين المحافظات بمناطق سيطرة الجماعة الحوثية من مصادرة أمتعتهم وأدويتهم، وفرض جبايات عليها، في ظل نقص شديد في الأدوية وغلائها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي الجماعة الحوثية هدّدت كل من يرفض الاحتفال بذكرى سيطرتها على صنعاء بالعقاب (أ.ب)

توجه حوثي لاتهام مختطفي احتفالات الثورة بالخيانة والعمالة

تواصل الجماعة الحوثية اختطاف آلاف السكان بسبب دعواتهم للاحتفال بذكرى الثورة اليمنية، وسط نوايا مبيتة لمحاكمتهم بتهمة الخيانة والعمالة

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي أرشيفية للقاذفة الاستراتيجية الخفيّة «بي-2»

قاذفات «بي-2» الأميركية تنفذ 5 ضربات على مخازن أسلحة للحوثيين في اليمن

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنّ الولايات المتّحدة شنّت ليل الأربعاء غارات جوية بواسطة قاذفات استراتيجية خفيّة من طراز «بي-2» على منشآت حوثية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي رئيس الوزراء اليمني ووزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

التزام بريطاني بدعم إصلاحات الحكومة اليمنية لمواجهة التحديات

أكدت المملكة المتحدة التزامها بدعم الحكومة اليمنية وجهودها الخاصة بعملية الإصلاح، بما في ذلك مواجهة التحديات المتعلقة بتقديم الخدمات وبما يحقق السلام والازدهار.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي وزير الدفاع اليمني الفريق ركن محسن الداعري (الشرق الأوسط)

وزير الدفاع اليمني: الحوثيون لن يتوقفوا حتى لو انتهت الحرب

استبعد وزير الدفاع اليمني، الفريق ركن محسن الداعري، أن تتوقف العمليات الحوثية ضد سفن الملاحة في البحرين الأحمر والعربي بمجرد توقف حرب غزة، متهماً الجماعة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«وثيقة الإيمان في عالَم متغير» تؤكد مركزية الدين في ازدهار الحضارات

رابطة العالم الإسلامي تبنّت مبادرة بإنشاء مرصد دولي لمواجهة شبهات الإلحاد (الشرق الأوسط)
رابطة العالم الإسلامي تبنّت مبادرة بإنشاء مرصد دولي لمواجهة شبهات الإلحاد (الشرق الأوسط)
TT

«وثيقة الإيمان في عالَم متغير» تؤكد مركزية الدين في ازدهار الحضارات

رابطة العالم الإسلامي تبنّت مبادرة بإنشاء مرصد دولي لمواجهة شبهات الإلحاد (الشرق الأوسط)
رابطة العالم الإسلامي تبنّت مبادرة بإنشاء مرصد دولي لمواجهة شبهات الإلحاد (الشرق الأوسط)

أكدت الوثيقة العالمية الصادرة عن أعضاء المؤتمر الدولي «الإيمان في عالم متغيّر» مركزية الدين في قيام الحضارات وازدهارها، وأثره في صياغة أفكار المجتمعات وتقويمها، وقدرته على مواجهة المشكلات ومعالجتها، محذرين من أنَّ تهميش دوره في الاهتداء الروحي والإرشاد العقلي يفتح الباب واسعاً أمام مظاهر الفوضى الأخلاقية، والسلوكيات المنحرفة والإباحية المهينة، ويضع العالم أمام حالة غير مسبوقة من التردي الأخلاقي والانحلال القيمي.

واختتم المؤتمر أعماله، الأربعاء، في العاصمة المغربية الرباط، وسطَ مشاركة واسعة من شخصياتٍ دينيّةٍ وفكريّةٍ عالمية، بإصدار الوثيقة التي حملت اسمه، واسترشدت بـ«وثيقة مكة المكرمة»، وتضمَّنت الإعلان عن تأسيس «المرصد الدولي لدلائل الإيمان ومواجهة الشبهات» كهيئة إنسانية متخصصة، تهتم بترسيخ مبادئ الإيمان وتعزيز قيمها الأخلاقية، مع رصد الشبهات المثارة والأجندات المشبوهة للفوضى التحررية، والعدمية الإلحادية، والعبثية المجتمعية.

وثيقة المؤتمر أكدت أثر الدين في صياغة أفكار المجتمعات وتقويمها (الشرق الأوسط)

ويُتوقع أن يقوم المرصد بالمهام المسندة إليه عبر كتابات مستوعبة وندوات متخصصة، يُستكتب لها ذوو التميز والإجادة، وتوظّف لإنجاح أهدافها وإيصال رسالتها «الوسائل الرقمية والإعلامية الحديثة»، وينشر عن أعمالها ومنجزاتها تقرير سنوي باللغتين العربية والإنجليزية، لتكون مرجع اهتداء فكري ومعلم إرشاد إيماني، تساعد الإنسان على التعامل الأقوم مع المستجدات المتسارعة والمتغيرات الكبرى في وطنه وعالمه.

وشدّد المؤتمِرون على أنَّ القيم الأخلاقية تستند إلى الفطرة الإنسانية، وتتأكد بالرسالات الإلهية، وتبقى على الدوام أصلاً مشتركاً ومرتكزاً ثابتاً وإطاراً جامعاً تنبع منه الأفكار المستنيرة والأطروحات الرشيدة في مسيرة الحضارة والتقدم، لافتين إلى أنه بقدر رسوخ تلك القيم في الوجدان الإنساني يتحقق الأمن والوئام المجتمعي.

المشاركون أكدوا أن تهميش الدين يفتح الباب واسعاً أمام مظاهر الفوضى الأخلاقية والسلوكيات المنحرفة (الشرق الأوسط)

وأوضحوا أنَّ الإنسان هو محور الرسالات الإلهية، فضّله الله على سائر المخلوقات، وسخَّر له الأرض؛ ليؤدي مهمة الاستخلاف في إصلاحها وعمارتها، واستدامة بنائها ونمائها، والمحافظة على مواردها وثرواتها، ليَسعد الجميع بحياة طيبة كريمة، ويتمكنوا من عبادة خالقهم، داعين إلى حِفظ كرامة الإنسان وصيانة حقوقه وحرياته المشروعة، والاعتراف به وجوداً وحضارة، أياً كانت هويته الدينية والوطنية والإثنية، واعتباره أخاً مشاركاً في بناء المجتمع وتنميته.

وأكد المؤتمرون في الوثيقة على مسؤولية القيادات الدينية والفكرية والمجتمعية حول العالم في استثمار الإرث الإنساني المشترك، للحفاظ على المكتسبات الحضارية المتراكمة عبر التاريخ والتصدي للظواهر السلبية التي أفرزتها العولمة، واحتواء الآثار المدمرة التي سبّبتها الجوائح والأوبئة والحروب.

المشاركون أكدوا مسؤولية القيادات الدينية والفكرية في استثمار الإرث الإنساني المشترك للحفاظ على المكتسبات الحضارية (الشرق الأوسط)

ونوّهوا إلى أنَّ التعاون والتكامل بين المكونات الدينية المختلفة واستثمار مشتركاتها المتعددة هو المسار الأنجح لصياغة الأطُر الفكرية الرشيدة للتحصين من مخاطر السلوك المتطرف، وتحييد خطاب الكراهية، وتفكيك نظريات الصدام والصراع.

وحثّ المشاركون في المؤتمر على الرقي بالعمل الإنساني والسموّ به على جميع مظاهر التحيّز والتعصب والتسييس، ليكون عملاً صالحاً ينفع الناس بلا تمييز أو تفريق، مع العمل على إرساء الأخوة الإنسانية بإقامة المشاريع الإغاثية والتنموية حول العالم، والتمسك بها وتطويرها، ضمن أبعاد عالمية وشراكات استراتيجية مثمرة تخدم الإنسانية، وترسي دعائم الوئام والسلام، وتحقق للبشرية الرخاء والاستقرار.

وشدَّدوا في الوثيقة على التزام المنهجية العلمية الرصينة في تفسير النصوص، وفهم الحقائق الدينية، وتوضيح المصطلحات والمفاهيم الفكرية وتنزيلها على المستجدات العصرية، بما يحقق مقاصد الدين في حفظ الضروريات، وتحقيق التوازن والاعتدال.

وأكد المؤتمرون أنَّ تعزيز العلاقة بين الدين والعلم أمرٌ جوهري؛ يتجلى به التكامل بين الإيمان والحياة وبين المعرفة والفلسفة، لمواجهة انحرافات الإلحاد العدمي والفكر المادي الذي يُقصي الروحانيات والقيم عن دورها المركزي، وصولاً إلى رؤية تبرز مكانة الإنسان ودوره في الكون، وتضع الطبيعة في سياقها الصحي، وتجسد أهمية الإيمان في التوصل إلى معاني وجودنا على هذا الكوكب وأهدافه.

المؤتمرون عدّوا تعزيز العلاقة بين الدين والعلم أمراً جوهريّاً لمواجهة انحرافات الإلحاد العدمي (الشرق الأوسط)

وأشاروا إلى أنَّ الحوار بين الأديان والثقافات قيمة عليا؛ تساهم في بناء جسور التواصل بين الشعوب، وتفتح أبواب التعارف وتداول المعارف وتوسيع المفاهيم والاحترام المتبادل، ما يرسخ العلاقات الإنسانية على أسس من التعاون والتسامح ويعزز من قدرة المجتمعات على مواجهة تحديات العصر بروح منفتحة ومقتنعة.

وأوضح المشاركون أنَّ التكنولوجيا والتقدم العلمي والذكاء الاصطناعي وسائل رئيسة في تشكيل الفكر والوعي والرقي بسلوك المجتمعات، وتتصدر لرسم معظم ملامح المستقبل المادي والمعرفي للأجيال القادمة، مشدّدين على أهمية المسارعة إلى استغلالها، والمبادرة إلى الاهتمام بتطوير وسائل التربية الدينية وتجديد طُرقها لتتلاءم مع العصر الرقمي والتطورات المتسارعة، وتنجح في بناء جيل قادر على فهم العالم المحيط به من منظور إيماني راسخ ومتجدد.

وأكدوا على أنَّ التضامن بين الشعوب هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات العالمية الكبرى؛ كالتغير المناخي وهدر الموارد وشحّها وحماية البيئة والمحافظة على الثروات الطبيعية، وهو واجب ديني وأخلاقي لا يتحقق إلا بتعاون الجميع في تعزيز الوعي البيئي وتهذيب السلوكيات المستدامة واستشعار المسؤولية.

المؤتمرون عدّوا التضامن بين الشعوب السبيل الأمثل لمواجهة التحديات العالمية الكبرى (الشرق الأوسط)

كما أكدوا على أنَّ المرأة في إطارها الإيماني مصدر نور وإشعاع حضاري لها الحظ الأكبر في غرس ثوابت الدين ومكارم الخلق الحميد، منبّهين إلى أنه من الواجب حراسة دورها الرئيس في الأسرة ورعايتها وتربية الناشئة والعناية بها، وترسيخ التآلف والانسجام بينها، وتحصين الأجيال الصاعدة من فوضى المشاعر واضطراب الأفكار.

وتعهّد المؤتمرون بالاحتفاء بمضامين الوثيقة، والاهتمام بتعزيزها في صروحهم العلمية ومنابرهم الإعلامية ومجتمعاتهم الوطنية، بما يتماشى مع الأنظمة السارية والقوانين الدولية، داعين جميع الجهات العلمية والشخصيات المجتمعية والمؤسسات الوطنية لدعمها وتأييدها، ومشددين على أن «معنى الإيمان بالله يختلف باختلاف الأديان والأفكار، والحوار فيه له مقام آخر»، وينصبّ هذا المؤتمر على مواجهة الأفكار العدمية الإلحادية.