رفع سقف {حزب الله} لوزاراته... بين الهروب إلى الأمام و«مكافحة الفساد»

سكرية: حان وقت الالتفات إلى الداخل... وقاطيشا: التفاف على الضغوط

ناشطة تعرض مركباً من عبوات مياه بلاستيكية في ميناء بيبلوس شمال بيروت للفت الانتباه إلى تلوث البيئة (أ.ف.ب)
ناشطة تعرض مركباً من عبوات مياه بلاستيكية في ميناء بيبلوس شمال بيروت للفت الانتباه إلى تلوث البيئة (أ.ف.ب)
TT

رفع سقف {حزب الله} لوزاراته... بين الهروب إلى الأمام و«مكافحة الفساد»

ناشطة تعرض مركباً من عبوات مياه بلاستيكية في ميناء بيبلوس شمال بيروت للفت الانتباه إلى تلوث البيئة (أ.ف.ب)
ناشطة تعرض مركباً من عبوات مياه بلاستيكية في ميناء بيبلوس شمال بيروت للفت الانتباه إلى تلوث البيئة (أ.ف.ب)

في خضم السباق الوزاري الذي انطلق باكرا حتى قبل تسمية رئيس للحكومة برز الحديث عن مطالب جديدة لـ«حزب الله»، عبر سعيه لتسلّم حقائب سياسية وخدماتية بعدما كانت مشاركته بالحكومة تقتصر منذ العام 2005 على وزارات توصف بـ«العادية».
أسئلة عدة بدأت تطرح حول قرار الحزب بتغيير سياسته خاصة في ظل الظروف الإقليمية والدولية الحالية، إذ في حين يربط معارضوه هذا التبدّل بالعقوبات المتزايدة عليه وكان آخرها تلك التي طالت أبرز قياداته إضافة إلى الضغوط التي يتعرض لها من قبل بيئته، يؤكد ممثلوه أنه لا علاقة لهذا القرار بأي عوامل خارجية بل محض داخلية، وتحديدا بضرورة المساهمة في محاربة الفساد الذي بات مستشريا في مؤسسات الدولة من دون نفي أهمية الالتفات إلى المطالب الشعبية في المناطق المحسوبة عليه، وعلى رأسها بعلبك الهرمل في البقاع التي تعتبر من أكثر المناطق فقرا وتهميشا.
ويصف النائب المنتخب عن «حزب القوات اللبنانية» وهبي قاطيشا مطالب الحزب الوزارية بـ«الهروب إلى الأمام» في ظل الضغوط التي يتعرض لها ومن خلفه إيران، فيما يؤكد النائب في كتلة «حزب الله» الوليد سكرية أنه وبعدما كان الحزب متفرغا لمقاومة إسرائيل ومحاربة التنظيمات الإرهابية طوال السنوات الماضية، حان الوقت للمشاركة فعليا في العملية السياسية في الداخل اللبناني عبر وزارات أساسية غير تلك التي كان يتولاها للمساهمة في الإصلاح والإنماء، معتبرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «منطقة بعلبك الهرمل التي تعاني من التهميش والحرمان خير مثال على هذا الوضع الذي ينطبق على مناطق عدة أخرى والتي تتطلب جهودا لمكافحة الفوضى الأمنية نتيجة غياب الدولة، وبالتالي من الطبيعي أن يطالب حزب الله بوزارة خدماتية مثل الطاقة أو الأشغال العامة ليقوم بهذه المهمة وعدم الاكتفاء بوزارات على غرار تلك التي يتولاها اليوم، منها الشباب والرياضة والصناعة».
وكان لافتا في الفترة الأخيرة وتحديدا منذ بدء الحملات الانتخابية، الأصوات المعترضة على الحزب وسياسته وتحديدا في البقاع الذي يعتبر خزان الحزب الذي يمده بالمقاتلين. وقد بدا هذا الأمر واضحا من خلال تعامل الحزب وقياداته مع الانتخابات النيابية في بعلبك - الهرمل، بحيث حرص نصر الله في إطلالاته المتتالية التركيز على عنوان الإنماء ومحاربة الفساد متعهدا بمتابعته شخصيا ومعلنا كذلك فصل النيابة عن الوزارة ليقوم كل مسؤول بمهمته.
ورغم أن حزب الله كان ممثلا في البرلمان اللبناني منذ نحو 26 عاما ومشاركا في الحكومة منذ العام 2005. إلا أن سكرية يذكّر، أن حزب الله كان متفرغا لمحاربة إسرائيل قبل العام 2000 وفي العام 2005 وأنه شارك في الحكومة على وقع الأزمة الناتجة عن اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وبعد ذلك كان منهمكا في قتال التنظيمات الإرهابية، مضيفا: «أما اليوم فحان وقت الالتفات إلى الداخل والقضايا الاجتماعية التي تعاني منها بيئته كما مناطق أخرى، وبالتالي فإن مهمته لن تكون مقتصرة على منطقة دون أخرى بل سيعمل للمساهمة في وضع خطة شاملة، انطلاقا مما سبق أن أعلنه أمين عام حزب الله حسن نصر الله حول برنامج مكافحة الهدر والفساد». ويشدّد «هناك سياسة جديدة ونهج مختلف سيعتمده حزب الله إذا كان موجودا على طاولة الحكومة أم لم يكن».
في المقابل، يرفض قاطيشا التبريرات التي يقدمها «حزب الله» معتبرا أنه في وقت كان (الحزب) يقول بأنه يحارب الإرهابيين كان هو من ساهم في تهريبهم من الحدود اللبنانية إلى سوريا في حافلات مكيفة أما فيما يتعلق بعدم مشاركته في السلطة، يضيف قاطيشا لـ«الشرق الأوسط» منذ نحو 30 عاما وهو ممثل في البرلمان وفي الحكومة منذ العام 2005 حيث كان وزراؤه مشاركين في كل القرارات التي تتطلب موافقة في مجلس الوزراء، وبالتالي إعطاء تبريرات اليوم لرفع سقف مطالبه ليست إلا هروبا إلى الأمام من العقوبات المتزايدة عليه وعلى إيران والتي يتوقع أن تتضاعف في المرحلة المقبلة إضافة إلى تململ بيئته التي لم يقدّم لها إلا الشهداء وبدأت عائلاتها ترفع الصوت اعتراضا. ويوضح «لذا بدل أن يزيد مطالبه ويعقّد تشكيل الحكومة من مصلحة الحزب تسهيل التشكيل، لكن يبدو واضحا أن هذا التغيير ناتج عن تبدل الموقف الدولي بحيث سيجد نفسه شيئا فشيئا يفقد السند الخارجي المتمثل بإيران وبات يبحث عن سند داخلي في الحكومة يؤمن له ولأعماله المظلة».
ويعتبر قاطيشا أن المسؤولية اليوم حول دور حزب الله ملقاة على رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف الذي بات مؤكدا أنه سيكون سعد الحريري، معتبرا أن «دخول الحزب بقوة إلى الحكومة من شأنه تعقيد المهمة والوضع اللبناني إلا إذا قرّر تغيير سياسته لصالح المصلحة اللبنانية وليس الإيرانية، لأن الاستمرار بسياسته الحالية ستؤدي به وبلبنان إلى المجهول والانتحار». ويضيف «في الحرب الإسرائيلية عام 2006 قال أمين عام الحزب حسن نصر الله لو كان يعلم رد الفعل الإسرائيلي لما أقدم على خطف عناصرها، لكنه اليوم يعلم جيدا أن الأمور ذاهبة إلى التصعيد وعليه تفادي الخطر لمصلحته ومصلحة لبنان».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.