أحياء في مكة المكرمة تخاطب المعتمرين بثقافاتهم

مطاعم لكل الجنسيات وشركات إعاشة تتنافس لخدمتهم

أحياء في مكة المكرمة  تخاطب المعتمرين بثقافاتهم
TT

أحياء في مكة المكرمة تخاطب المعتمرين بثقافاتهم

أحياء في مكة المكرمة  تخاطب المعتمرين بثقافاتهم

يحرص غالبية المعتمرين على الوجود في أحياء محددة بمكة المكرمة خلال موسم العمرة، حيث توفر لهم برامج العمرة الخدمات اللوجيستية التي تتناسب مع ثقافاتهم مثل المطاعم والمخابز وحتى البقالات.
الموروث التاريخي للمعتمرين في سكنهم بمكة المكرمة ليس وليد اللحظة، بل اعتاد المعتمرون اختيار الأماكن والتعاقد مع شركات الإعاشة والتموين القريبة ضمن بوفيهات مفتوحة لوجبتي الإفطار والسحور في برنامج غذائي كامل، ويذهبون إلى الحرم عن طريق النقل التردّدي في أوقات معينة.
وأوضح مروان شعبان رئيس لجنة الحج والعمرة في غرفة مكة للتجارة والصناعة، أنّ المعتمرين توارثوا هذه العادة ولكل فئة منهم عمقها الثقافي والاقتصادي من ذلك، فالآسيويون على سبيل المثال يفضلون حي المسفلة لتنوع الخدمات بها، كما كانت حارة الباب سابقا التي تضمّ شارعاً تجاريّاً حيويّاً تجد فيه كل الخدمات. وأضاف شعبان لـ«الشرق الأوسط»، أنّ الأتراك يفضّلون السكن في شارع الملك فهد بمنطقة الششة وبداية حي العزيزية الشهير المتاخم لمشعر منى، ويحبون ممارسة طقوسهم في المأكل والمشرب والنقل، وكل برامجهم تشمل الأكل والنقل، وهذا الأمر ينبثق عن ثقافة الأتراك الذين يبحثون عن فنادق أفضل بسعر أقل، ويدفعون الفارق في النقل، إضافة إلى أنّهم يعتمدون على النقل في الحافلات والقطارات في بلدانهم ويسعون للوصول إلى أماكن غير مكتظة بالناس.
وأوضح أنّ الأوروبيين والأميركيين والأستراليين لا يأتون على شكل مجاميع، لذا يفضّلون السكن في المناطق المحيطة بالحرم، ويحرص بعضهم على السكن في فنادق خمس نجوم، والبعض الآخر في فنادق أقل تصنيفاً، ويعتمدون على برامج ذاتية وتنقلات متنوعة، بينما يتوجه الأردنيون والفلسطينيون إلى منطقة محبس الجن مع حرصهم على عملية التفويج بشكل أكثر تنظيماً.
ولفت شعبان إلى أنّ دول المغرب العربي تحرص على السّكن حول الحرم ولا تفضل الخروج من المنطقة المركزية حتى ولو كان سعر الفندق أقل تكلفة، مؤكداً أنّ هذه الثقافة لم تتغيّر منذ عقود، إذ إنّ أغلب الجنسيات تحرص على المكوث في الحرم وتأدية الصلوات به، بينما يفضّل الخليجيون السكن حول الحرم في فنادق ممتازة وينخرطون في برامج قليلة المدة بعضها لا تتجاوز ليلتين أو ثلاث.
وتنتشر في منطقة العزيزية بقالات متخصصة ببيع التموينات الإندونيسية والتركية والباكستانية، جنباً إلى جنب مع مطاعم جزائرية وتركية وطاجيكية وإندونيسية ويمنية وبخارية، حيث تجتمع الأذواق كافة لتلبية متطلبات تلك الجنسيات. عبد الله الزهراني صاحب شركة إعاشة متخصصة في تقديم الأغذية للمعتمرين الأتراك في منطقة العزيزية، تحدّث عن اشتراطات محدّدة يطلبها المعتمرون الأتراك الذين يتعاقدون مع شركات الإعاشة والتموين بتوفير الخدمات كافة بجودة عالية، وهذا الأمر فتح باب المنافسة بين شركات الإعاشة لتقديم خدمات أفضل في موسمي الحج والعمرة.

الفنادق في العزيزية



المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.