الميليشيات الحوثية تفرض أمسيات طائفية لاستقطاب المجندين

يمنيون يتفقدون «مسابح» في أحد شوارع صنعاء أمس (إ.ب.أ)
يمنيون يتفقدون «مسابح» في أحد شوارع صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

الميليشيات الحوثية تفرض أمسيات طائفية لاستقطاب المجندين

يمنيون يتفقدون «مسابح» في أحد شوارع صنعاء أمس (إ.ب.أ)
يمنيون يتفقدون «مسابح» في أحد شوارع صنعاء أمس (إ.ب.أ)

دفعت الهزائم التي تتلقاها الميليشيات الحوثية في جبهات القتال المختلفة، وما نجم عن ذلك من تناقص في عدد عناصرها، إلى تكثيف تحركاتها في العاصمة صنعاء وبقية مناطق سيطرتها لاستجداء المجندين، عبر مشرفي الجماعة في الأحياء والمديريات والقرى.
وفي هذا السياق، أفاد عدد من أعيان الأحياء في صنعاء وعقال الحارات لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة الحوثية نشرت مشرفيها المحليين لإقامة أمسيات رمضانية طائفية على مستوى الأحياء والمربعات السكنية، وأمرتهم بحشد أكبر قدر من المواطنين من أجل الحضور للاستماع إلى البرنامج الحوثي المعد في سياق سعي الجماعة إلى استقطاب المجندين.
وقالت المصادر، إن مشرفي الجماعة، أخطروا عقال الحارات وأعيان الأحياء في أول أيام رمضان بالحضور إلى الأماكن المحددة لعقد اللقاءات الطائفية، والتي عادة ما تكون في منازل أشخاص حوثيين أو في مقرات تابعة للجماعة.
وذكرت المصادر أن عناصر الميليشيات شددوا على الأعيان في الأحياء والمربعات السكنية على ضرورة حشد أكبر قدر من الشباب والسكان للحضور، وهددوا المتقاعسين بمعاقبتهم، واعتقالهم باعتبارهم من المناهضين للجماعة والمتعاونين مع الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها.
وعن طبيعة البرنامج الحوثي الذي تتضمنه الأمسيات الطائفية التي تقام بعد صلاة العشاء وتستمر لساعات، أفادت المصادر أنها تتضمن محاضرة مطولة للمشرف الحوثي تزين القتال مع جماعته، إلى جانب مقاطع صوتية لزعيم الجماعة، يعقبها قراءة المشرف أجزاء مختارة من الملازم الطائفية المنسوبة لمؤسس الجماعة حسين الحوثي، في حين يتخلل فقرات الأمسية ترديد جماعي لشعارات الميليشيات الطائفية وصرختها الخمينية.
وأكدت المصادر في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن مشرفي الجماعة طلبوا من الحاضرين حشد أكبر عدد من المجندين خلال شهر رمضان، باعتبار ذلك - على حد زعمهم - فريضة دينية أهم من الصلاة والصيام وبقية أركان الإسلام». وبحسب ما أكدته المصادر التي حضرت الأمسيات الحوثية، طلب مشرفو الجماعة من أعيان الحارات والأحياء، الالتزام باستقطاب 10 مجندين على الأقل، من كل مربع سكني، تمهيدا للزج بهم في جبهات القتال. وكشفت المصادر بأن عناصر الجماعة الحوثية أبلغوا الحاضرين بأنهم بصدد إنشاء عدد من الألوية القتالية تحت اسم «ألوية الصماد» نسبة إلى رئيس مجلس حكم الجماعة الصريع، صالح الصماد، الذي تحاول الميليشيات تصويره في ثوب البطل والرمز الوطني، الذي يجب الاقتصاص لمقتله.
في غضون ذلك، أفادت المصادر بأن عناصر الجماعة الحوثية، اعتقلوا عددا من الأعيان والناشطين، الذين رفضوا حضور الأمسيات الطائفية، واقتادوهم إلى سجونهم السرية، إضافة إلى قيامهم باعتقال عدد من أئمة المساجد الذين فتحوا مكبرات الصوت أثناء صلاة التراويح.
وعلى رغم التشديد الحوثي لإجبار السكان على حضور أمسياتهم الطائفية، أفادت المصادر بأن نسبة الاستجابة للحضور، كانت متدنية جدا، إذ رفض أغلب السكان الانصياع لرغبة الميليشيات التي تحاول أن تخضعهم لخطابها الطائفي وأفكارها المستمدة من الملازم الخمينية.
ورجح مراقبون لـ«الشرق الأوسط» أن إقدام الميليشيات على إقامة مثل هذه اللقاءات الطائفية خلال ليالي رمضان، في سياق البحث عن مجندين جدد، تعكس حجم الاستنزاف الكبير الذي أصاب صفوف الجماعة في جبهات القتال، بخاصة في جبهة الساحل الغربي، وجبهات صعدة. وفي الوقت الذي تصاعد فيه منسوب الهلع في أوساط قادة الجماعة الحوثية، جراء الانكسارات التي باتت تتعاقب على صفوفها، أفادت مصادر أمنية مناهضة للجماعة، بأن عناصرها في الأحياء والقرى أعدوا لوائح بأسماء الأشخاص والناشطين غير الخاضعين لها، وشددوا من عملية الرقابة عليهم، تحسبا لأي أنشطة معادية من قبلهم.
وذكرت مصادر حقوقية في محافظة ذمار (100 كم جنوب صنعاء) بأن عناصر الميليشيات الحوثية داهموا هذا الأسبوع سكنا طلابيا واعتقلوا خمسة من طلبة الجامعة ينتمون إلى محافظة تعز، وقاموا بالاعتداء عليهم بأعقاب البنادق قبل أن يتم اقتيادهم إلى أحد المعتقلات السرية بتهمة التحريض على حكم الميليشيات.
وفي غضون ذلك، أفادت المصادر الرسمية للجماعة، بأن عناصرها في مديرية التعزية شمالي مدينة تعز، ألقوا القبض على معلم في أحد المدارس، زعمت الجماعة أنه من أخطر المناهضين لها، من خلال تبنيه استقطاب المجندين إلى صفوف القوات الحكومية، وتقاضيه أموالا لقاء هذه المهمة.
وفي ظل المخاوف المتصاعدة، في أوساط قادة الجماعة من وجود اختراقات في صفوفها وتسلل أشخاص مناهضين لها إلى مناطق سيطرتها في صنعاء وبقية المناطق، شددت الميليشيات التابعة لها من عمليات التفتيش والتدقيق في هويات المسافرين، القادمين إلى صنعاء، وإلى بقية المدن الخاضعة لها.
وبحسب ما أفاد به مسافرون وصلوا إلى صنعاء عبر حافلات النقل الجماعي القادمة من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، شملت الإجراءات الحوثية استجواب الركاب وتفتيش أمتعتهم، كما شملت إخضاع النساء المسافرات للتفتيش والتحقق من الهوية عبر مجندات حوثيات ممن أصبحن يعرفن بـ«الزينبيات».
وفي سياق التشديد الحوثي نفسه على المسافرين، أفاد موظفون في صنعاء، بأن الميليشيات الحوثية، اتخذت قرارا بمنع أي موظف يحاول الذهاب إلى مدينة عدن، من أجل أن يحصل على راتبه من قبل الحكومة الشرعية.
وبحسب ما أفاد به موظفون لـ«الشرق الأوسط» فإن نقاط التفتيش الحوثية حالت دون مغادرة العشرات من المعلمين والموظفين في القطاعات الحكومية الذين حاولوا السفر إلى عدن، بعد أن ضاقت بهم سبل العيش جراء توقف الجماعة عن دفع رواتبهم منذ نحو 19 شهرا.
يشار إلى أن الأوضاع المعيشية للسكان في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، بلغت تدهورا غير مسبوق، جراء توقف الرواتب وارتفاع أسعار السلع، واستمرار الجماعة في فرض الإتاوات على التجار، ورفع أسعار الوقود، وإضافة المزيد من الرسوم الضريبية والجمركية على السلع.
وكانت الميليشيات الحوثية، منعت دخول شحنة طبية إلى مدينة إب تتبع مركز غسيل لمرضى الكلى، وأصرت على دفع رسوم جمركية مقابل السماح بوصولها.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.