انتخابات نائب رئيس مجلس النواب تتجه إلى «معركة ديمقراطية»

TT

انتخابات نائب رئيس مجلس النواب تتجه إلى «معركة ديمقراطية»

تتجه انتخابات نائب رئيس مجلس النواب إلى معركة انتخابية، تتنافس فيها كتلتا «لبنان القوي» المؤيدة لرئيس الجمهورية و«الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) التي ترشح عنها النائب أنيس نصار لهذا الموقع في انتخابات ستجري يوم الأربعاء المقبل، وسط تأكيدات على أن «لا اتفاقات مسبقة بين (القوات) و(التيار الوطني الحر) على تقاسم موقعي نائب رئيس الحكومة ونائب رئيس مجلس النواب بينهما»، وهما موقعان يعودان عُرفاً لطائفة الروم الأرثوذكس.
وسادت أجواء خلال الأسبوع الماضي، أوحت بأن اتفاقاً بين «التيار الوطني الحر» وكتل سياسية أخرى من بينها كتلة الرئيس نبيه بري سيفضي إلى وصول نائب من «كتلة لبنان القوي» إلى موقع نائب رئيس المجلس النيابي، قبل أن تتبدل الأمور، ويدخل مرشح «القوات اللبنانية» أنيس نصار على خط ترشيح نفسه.
وتزامن هذا الترشح مع تضارب في كتلة «لبنان القوي» حول مرشحها لهذا الموقع، ففيما تحدث النائب المنتخب شامل روكز عن اتفاق لترشيح النائب المنتخب إيلي الفرزلي لموقع نائب رئيس مجلس النواب، أكد وزير الخارجية والمغتربين، جبران باسيل، في بيان لمكتبه الإعلامي، أنّ انتخاب رئيس المجلس ونائبه سيحدّد خلال اجتماع تكتّل «لبنان القوي» الثلاثاء المقبل، مضيفاً أنّ «كل ما عدا ذلك، من تحليل أو اجتهاد أو تسريب أو تكهّن أو موقف، يبقى خارج إطار الموقف الرسمي للتكتل». وفي ظل هذا الواقع، حيث لم تتخذ كتلة «لبنان القوي» أي قرار بعد بترشيح أي من نوابها، بات أنيس نصار المرشح المعلن الوحيد للموقع، علماً أن الخيارات لدى «لبنان القوي» تتراوح بين النائب المنتخب إيلي الفرزلي، والنائب المنتخب إلياس بو صعب، كون المرشحين الاثنين يتحدران من طائفة الروم الأرثوذكس.
وفَاتح النائب المنتخب نصار رئيس حزب «القوات» سمير جعجع بنيته الترشح للموقع، كما قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن نصار حصل على مباركة جعجع وتكتل «الجمهورية القوية» لخطوته، وبدأ اتصالات متكئاً على موقف كتلة «الجمهورية القوية» الداعمة له، كما على دعم «المستقبل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي خاض نصار الانتخابات على اللائحة المدعومة من «الاشتراكي».
وإذ رأت المصادر أن الأمور متجهة إلى معركة انتخابية ديمقراطية في جلسة انتخابات نائب الرئيس يوم الأربعاء المقبل، نفت أي اتفاق مسبق مع «التيار الوطني الحر» على أن يكون نائب رئيس مجلس النواب من «لبنان القوي»، بينما يكون نائب رئيس الحكومة من حصة «القوات». وقالت: «لم يتم النقاش على أي تسوية سياسية، ولم تجرَ مفاوضات مسبقة بأن يكون موقع نائب رئيس المجلس أو نائب رئيس الحكومة من حصة أحد حتى الآن». وأكد النائب أنيس نصّار أنه تبلغ دعم ترشيحه لنيابة رئاسة مجلس النواب رسمياً من «تيار المستقبل»، مضيفاً: «أتكئ على دعم (القوات اللبنانية) وحزبي (الكتائب) و(اللقاء الديمقراطي) ونواب مستقلين، والقرار لصندوق الاقتراع». ولفت إلى أن «كتلة القوات اللبنانية أظهرت حضوراً واسعاً على نطاق الوطن فاق كل التوقعات، ومن حقها الطبيعي أن ترشح أحد أعضائها لهذا المنصب بغض النظر عمن هم مرشحون».
في غضون ذلك، وبعد التضارب بشأن الإجماع على ترشيح النائب إيلي الفرزلي من قبل «كتلة لبنان القوي» للموقع، قال الفرزلي إن «الحديث عن فيتو من الرئيس سعد الحريري على اسمي لتولي منصب رئاسة مجلس النواب مرفوض بالشكل»، مشدداً على أن «تكتل لبنان القوي لن يخضع للفيتوات وسيتمسك بأي مرشح يختاره ويترك لصندوق الاقتراع أن يحسم القرار».
ونفى الفرزلي في تصريح وجود انقسامات داخل «تكتل لبنان القوي» حول ترشيحه، وقال إن «تأييد النائب المنتخب شامل روكز لي هو اجتهاد شخصي مشكور، لكنني وإياه ننتمي لتكتل سيحدد موقفه الثلاثاء المقبل».
وتجري انتخابات رئيس جديد لمجلس النواب يوم الأربعاء المقبل ويترأسها رئيس السن في المجلس الذي سيكون النائب والوزير الأسبق ميشال المر، بعدها تجري انتخابات نائب لرئيس مجلس النواب.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.