أولى ثمار مركز استهداف تمويل الإرهاب... ضربة أخرى ضد شبكة إيران

بن صقر: التفريق بين جناحي «حزب الله» العسكري والسياسي غير منطقي

TT

أولى ثمار مركز استهداف تمويل الإرهاب... ضربة أخرى ضد شبكة إيران

مثلت العقوبات الأخيرة المفروضة على شخصيات وكيانات تابعة لتنظيم «حزب الله» أولى ثمار مركز استهداف تمويل الإرهاب بعد نحو عام على تأسيسه في 21 مايو (أيار) 2017 في العاصمة السعودية الرياض، كما تأتي العقوبات عقب أيام من انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي الإيراني.
وصنفت السعودية خمسة أعضاء تابعين لمجلس شورى «حزب الله»، على رأسهم حسن نصر الله، ونائبه نعيم قاسم، ومحمد يزبك، وحسين خليل، وإبراهيم أمين السيد. إلى جانب خمسة آخرين لارتباطهم بأنشطة داعمة لتنظيم «حزب الله» هم طلال حميه، وعلي يوسف شراره، ومجموعة سبيكترم «الطيف»، وحسن إبراهيمي، وشركة ماهر للتجارة والمقاولات.
ويرى الدكتور عبد العزيز بن عثمان بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث أن القيادة السعودية وحلفاءها أدركوا حقيقة أساسية مضمونها أنه لا يمكن محاربة سياسة إيران التدخلية والتوسيعية المزعزعة والمهددة للأمن والاستقرار الإقليمي دون التعامل البناء والحاسم مع عملاء طهران من الميليشيات المسلحة التي تم زرعها في أرجاء العالم العربي كأداة لتنفيذ السياسة الإيرانية.
وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الميليشيات هي مجرد تنظيمات إرهابية، لا تختلف في جوهرها أو مضمونها أو أسلوب عملها أو أهدافها عن أي مجموعة إرهابية أخرى، فلا يوجد أي فارق بين (حزب الله) أو عصائب أهل الحق وغيرها وتنظيم القاعدة و(داعش)».
وبحسب البيان السعودي جاء قرار التصنيف بالشراكة مع الولايات المتحدة الرئيس المشارك لمركز استهداف تمويل الإرهاب، وجميع الدول الأعضاء في مركز استهداف تمويل الإرهاب، وكانت دول الخليج والجامعة العربية صنفت في عام 2016، تنظيم «حزب الله» إرهابيا. كما أن الاتحاد الأوروبي منذ 2013، يعتبر الجناح العسكري لـ«حزب الله» منظمة إرهابية.
وأكدت السعودية أنها ستواصل بالشراكة مع حلفائها في مركز استهداف تمويل الإرهاب العمل على وقف تأثير «حزب الله» وإيران المزعزع للاستقرار في المنطقة من خلال استهداف قادتهم. مبينة أن «حزب الله» منظمة إرهابية عالمية لا يفرق قادته بين جناحيه العسكري والسياسي، رافضة التمييز الخاطئ بين ما يسمى «حزب الله الجناح السياسي» وأنشطته الإرهابية والعسكرية.
ويعبر الدكتور بن صقر عن استغرابه من طرح الاتحاد الأوروبي غير الواقعي، الذي حاول التفريق بين جناح «حزب الله» العسكري وجناح «حزب الله» السياسي، وقام بإدراج الجناح العسكري فقط ضمن قائمة الإرهاب، وتابع: «هذا التفريق أو الفصل النظري بين ما هو عسكري وما هو سياسي في تنظيم واحد متكامل لم يكن له وجود حقيقي على أرض الواقع».
وأردف: «(حزب الله) هو ميليشيا عسكرية تمارس جميع أنواع الأعمال والجرائم الإرهابية من خطف واغتيال وتفجير وابتزاز وغيرها، والتنظيم السياسي ليس إلا غطاء لحماية ومنح الشرعية، وموقف السعودية اتجاه سياسة محاربة الإرهاب واضح لا لبس فيه، وهو إن كنا جادين في مهمة مكافحة الإرهاب فعلينا محاربة جميع التنظيمات الإرهابية دون استثناء أو انتقائية، بغض النظر عن انتمائها العقائدي أو الأطراف الداعمة لها أو الغطاء الذي تتستر به».
وأوضح أن الموقف السعودي أثمر في إقناع المجتمع الدولي بالتخلي عن السياسة الانتقائية وتسمية «حزب الله»، وبقية الميليشيات الطائفية المسلحة التابعة لإيران بأسمائها وصفاتها الحقيقية، والاعتراف بكونها مجرد تنظيمات إرهابية لا تقل خطراً على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي من أي تنظيم إرهابي آخر.
وتعد السعودية رأس الحربة في الإقليم الذي يجابه «حزب الله» على أصعدة عدة، ففي بيان سابق في عام 2013 قالت فيه وزارة الداخلية إنها «ستواصل مكافحتها للأنشطة الإرهابية لحزب الله بجميع الأدوات المتاحة، كما ستستمر في العمل مع الشركاء في أنحاء العالم بشكل ينبئ عن أنه لا ينبغي السكوت من أي دولة على ميليشيات (حزب الله) وأنشطته المتطرفة»، وكان ذلك واقعا اليوم، بعد تتابع إعلانات سعودية بفرض العقوبات على قياديين من «حزب الله» ذراع إيران في لبنان في إطار مساعي السعودية في وضع حد لتجاوزات طهران وتصاعد نفوذها في المنطقة التي باتت تشكل تهديدا كبيرا لدول الخليج بصفة عامة.



نداء مشترك أميركي-أوروبي-عربي «لوقف مؤقت لإطلاق النار» في لبنان

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)
TT

نداء مشترك أميركي-أوروبي-عربي «لوقف مؤقت لإطلاق النار» في لبنان

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)

أصدرت الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية، الأربعاء، نداء مشتركا لإرساء "وقف مؤقت لإطلاق النار" في لبنان حيث يهدّد النزاع الدائر بين إسرائيل وحزب الله بجرّ المنطقة إلى حرب واسعة النطاق.
وقال الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك "لقد عملنا معا في الأيام الأخيرة على دعوة مشتركة لوقف مؤقت لإطلاق النار لمنح الدبلوماسية فرصة للنجاح وتجنّب مزيد من التصعيد عبر الحدود"، مشيرين إلى أنّ "البيان الذي تفاوضنا عليه بات الآن يحظى بتأييد كلّ من الولايات المتّحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر".

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو كشف خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، الأربعاء، عن اقتراح مشترك مع الولايات المتحدة لإرساء وقف لإطلاق النار لمدة 21 يوما في لبنان لمنع تطور النزاع الراهن بين إسرائيل وحزب الله إلى حرب شاملة.

وقال بارو خلال الجلسة التي عُقدت بطلب من بلاده إنّه "في الأيام الأخيرة، عملنا مع شركائنا الأميركيين على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 21 يوما لإفساح المجال أمام المفاوضات". وأضاف أنّ هذا المقترح "سيتم الإعلان عنه سريعا ونحن نعوّل على قبول الطرفين به".

وشدّد الوزير الفرنسي على أنّ اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله "ليس حتميا" بشرط أن تنخرط كل الأطراف "بحزم" في إيجاد حلّ سلمي للنزاع. وحذّر بارو من أنّ "الوضع في لبنان اليوم يهدّد بالوصول إلى نقطة اللاعودة". وأضاف أنّ "التوترات بين حزب الله وإسرائيل اليوم تهدّد بدفع المنطقة إلى صراع شامل لا يمكن التكهن بعواقبه". وإذ ذكّر الوزير الفرنسي بأنّ لبنان يعاني منذ ما قبل التصعيد الراهن من حالة "ضعف كبيرة" بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية التي يتخبط فيها، حذّر من أنّه في حال اندلعت فيه "حرب فهو لن يتعافى منها".

ويبدو الوضع الحالي بين حزب الله وإسرائيل وكأنه وصل إلى طريق مسدود، إذ يشترط الحزب المسلح المدعوم من إيران وقف الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة لكي يوقف هجماته على الدولة العبرية التي تشترط من جهتها انسحابه بعيدا عن حدودها لكي توقف هجماتها ضدّه.وفي كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، قال الوزير الفرنسي "فلنستفد من وجود العديد من القادة في نيويورك لفرض حلّ دبلوماسي وكسر دائرة العنف". وتأتي هذه المبادرة الفرنسية-الأميركية بعد مباحثات مكثفة جرت على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وبعد لقاء ثنائي بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وأعلن البيت الأبيض أنّ بايدن التقى ماكرون في نيويورك "لمناقشة الجهود الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني ومنع حرب أوسع نطاقا". وأتى هذا اللقاء بعدما حذّر بايدن من أنّ اندلاع "حرب شاملة" في الشرق الأوسط هي "أمر محتمل"، بينما دعا ماكرون "إسرائيل إلى وقف التصعيد في لبنان وحزب الله إلى وقف إطلاق النار".

وقال الرئيس الفرنسي من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة "نحضّ إسرائيل على وقف هذا التصعيد في لبنان، ونحضّ حزب الله على وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل. نحضّ كل من يزوّد (حزب الله) الوسائل اللازمة للقيام بذلك على التوقف"، معتبرا في الوقت نفسه أنّه لا يمكن للدولة العبرية "أن توسّع عملياتها في لبنان من دون عواقب". وشدّد ماكرون في كلمته على أنّه "لا يمكن أن تكون هناك حرب في لبنان".

وتزامنت هذه التحذيرات مع إعلان الجيش الإسرائيلي الأربعاء أنّه يستعد لشنّ هجوم برّي محتمل على لبنان لضرب حزب الله الذي يزيد يوما تلو الآخر وتيرة قصفه للأراضي الإسرائيلية. والأربعاء اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية صاروخا بالستيا أطلقه حزب الله باتجاه تل أبيب، في سابقة من نوعها منذ بدء النزاع بين الطرفين قبل حوالى عام، إذ لم يسبق للحزب المدعوم من إيران أن قصف الدولة العبرية بصاروخ بالستي كما أنها المرة الأولى التي يوجّه فيها نيرانه إلى تل أبيب.

وفي مستهلّ جلسة مجلس الأمن، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنّ التصعيد الراهن بين إسرائيل وحزب الله "يفتح أبواب الجحيم في لبنان"، مؤكدا أنّ "الجهود الدبلوماسية تكثفت للتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار".

من ناحيته، حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قبيل بدء الاجتماع من أنّ الشرق الأوسط "على شفير كارثة شاملة"، مؤكدا أنّ بلاده ستدعم لبنان "بكل الوسائل". بالمقابل، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون إنّ الدولة العبرية تفضّل استخدام القنوات الدبلوماسية لتأمين حدودها الشمالية مع لبنان، لكنها ستستخدم "كل الوسائل المتاحة" إذا فشلت الدبلوماسية في التوصل إلى اتفاق مع حزب الله.